خبر وتعليق الوصول إلى السلطة ليس بالقوة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
تظاهر آلاف اليمنيين الأربعاء 2015/02/11م في محافظات عديدة، لإحياء الذكرى الرابعة للثورة اليمنية، بينما كثف جماعة مسلحي الحوثي انتشارهم، وبخاصة في صنعاء، في محاولة منهم لمنع المظاهرات التي تندد باستيلائهم على مفاصل الدولة، ورفضاً للإعلان الدستوري الذي أعلنت عنه جماعة الحوثي، ولاقى رفضاً واسعاً، محلياً وإقليمياً ودولياً. وقد اجتاحت المظاهرات كلاً من مدينة صنعاء وتعز جنوب غرب اليمن ومدينة إب وسط اليمن، كما أصيب بعض المتظاهرين في مدينة البيضاء.
التعليق:
قامت حركة (أنصار الله) أو ما يسمى بالحوثيين بأعمال عسكرية ممنهجة اجتاحت فيها عديداً من مدن يمنية، إلى أن دخلت العاصمة صنعاء، وحاصرت منزل رئيس الجمهورية بعد استقالته. ثم خرجت بإعلان دستوري جعل منها الحاكم الفعلي في البلاد. لقد تم هذا العمل على بحور من دماء الذين أعلنوا معارضتهم لهذا العمل، وحجتهم في ذلك أن الحكم في البلاد فاسد وهم غير ممثلين فيه.
إن الوصول إلى السلطة عبر القوة والمحافظة على السلطة بالقوة ليس في اليمن فحسب، بل إننا نشاهد القتل اليومي ولأكثر من أربع سنوات وبدون أية رحمة في سوريا وليبيا ومصر... وما من دولة في بلاد المسلمين إلا ونجد أن القوة هي العامل الحاسم في التغيير أو المحافظة على السلطة فيها، وكأن القوة والسلطة أصبحتا أمراً واحداً، بينما لا نجد هذا الأمر في ما يسمى بالدول المتقدمة، فرئيس هيئة الأركان الأمريكي يتربع على كرسي أكبر قوة موجودة في العالم، ولكن لا يفكر يوماً في الاستيلاء على السلطة بالقوة، وإذا فعل ذلك فإنه لا يرسل قوة للقبض عليه، إنما يرسل له طبيب أمراض نفسية وأن حاله لا تدل على أن عقله سليم، وذلك لسبب بسيط جداً هو أن هناك فكرة متعلقة بالحكم وكيفية لتداول السلطة متفقاً عليها، يعتقد بصحتها جميع أبناء الأمة الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرهم من الأمم التي يتم الوصول إلى الحكم فيها بشكل سلس وهادئ.
أما الحكام في بلاد المسلمين، فإما أن يصلوا إلى الحكم بالقوة أو بالتوارث عمن وصل إلى الحكم بالقوة، وبالتالي فهم محتاجون إلى القوة للمحافظة على السلطة، فيكون البطش والكبت وتكميم الأفواه والسجن هي الأساليب التي يتعامل بها هؤلاء الحكام مع شعوبهم، وذلك لأمر بسيط أيضاً، هو غياب فكر متفق عليه يعتقد صحته الناسُ يوصل إلى الحكم، فالشعوب ترى أنها صاحبة السلطة الفعلية، وأهل القوة يرون أنهم أصحاب السلطة، وهنا يظهر التنازع فيحسم عن طريق القوة.
إن الإسلام ومنذ مئات السنين قد وضع طريقة واضحة المعالم، ثابتة بالنصوص التي يعتقد بصحتها كل أبناء الأمة كطريقة للوصول إلى السلطة تمنع التناحر والتنازع. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ»، بل إن فكرة التنازع قد وضع الإسلام لها حلاً، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «منْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ». فمتى تحقن دماء المسلمين، ونجعل أمر الحكم سهلاً وسلساً، فلا يتم ذلك بالرجوع إلى مجلس الأمن كما تطالب المعارضة اليمنية، ولا بالتقوّي بالدول الأخرى كما تفعل المعارضة السورية، ولا باللجوء إلى القبيلة أو الجهة كما يفعل المسلمون في ليبيا، بل بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فنجد البلسم الشافي. فإلى مبدأ الإسلام العظيم، وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ندعوكم أيها المسلمون.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس/ حسب الله النور