تلخيص كتاب سرعة البديهة الحلْقةُ الرابعةَ
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
المشكلة:
المشكلة الآن ليست كيف نوجد التفكير، فإن التفكير موجود عند الناس فطرة بشكل طبيعي، يبقى موضوع المعلومات السابقة، وموضوع وجود الواقع الذي ينقله الإحساس إلى الدماغ.
أما الوقائع فهي كثيرة ومتوفرة، فأولا بفضل الحياة، ذلك أن المعلومات السابقة التي تفسر هذا الواقع ثرة وكثيرة، واستعمالها أمر متوفر ومتيسر، فالتفكير موجود ولا يسبب ذلك أية مشكلة، بل المشكلة كلها هو الاستعمار الغربي، ذلك أن الغرب وقد عرف من دراسته ووعيه أن التفكير موجود فصار همه أن يعطله، أو كيف يجعله غير منتج.
فالمشكلة هي أن التفكير أصبح ضاراً، فالإنسان غير الغربي يفكر ولكنه يسرف في التفكير ويفرط فيه، فنشأ عن ذلك أمران: أحدهما: أنه صار يفكر في الآليات يفلسفها، فيخرج هذه الأشياء عن طبيعتها، هذا في الماديات وكذلك في المعنويات، فالضرر في التفكير هنا إنما أتى من شموله وجعله يشمل كل شيء، ويشمل مما تشمله الآليات. أما الثاني، فهو أن شمول التفكير كل شيء، شمل ما شمل سرعة البديهة، أو أوجد فيما أوجد التفكير البطيء، وهو الأصل، وهو الذي تبلور الذوق عليه، وما دام كذلك فإن كل شيء لا بد له من الدراسة والتمحيص، لذلك صارت سرعة البديهة مكروهة.
فالمشكلة هي كيف نزيل الضرر عن هذا التفكير؟ والجواب على ذلك هو أولا وقبل كل شيء أن نعرف أن الغرب هو عدو، وأن أفكاره، جميع أفكاره، فيها شك، فالشك في كل ما أتى من الغرب هو الأصل، لذلك فإن الخطوة الأولى التي يجب أن نخطوها هي الشك في الغرب، وفي كل ما يصدّره لنا، حتى لو كان يصدّره لنفسه، لأنه قد يضحي بنفسه في سبيل تضليلنا.
فلا بد أن نشك في هذا الحث على التفكير، فلماذا يحث عليه وهو - أي التفكير- أمر طبيعي وفطري في الإنسان؟ إن المراد من الحثّ قدسية التفكير، وجعله غاية، وتجريده من العاطفة، مع أن الإنسان هو عقل وعاطفة، إلا أن قائد المسيرة هو العقل وليس العاطفة، ومتى وصلنا إلى ذلك عرفنا القصد من حثه على التفكير، ففوتنا عليه غرضه، ولم ننبذ العاطفة والمشاعر، بل أبقيناها، ولكن جعلنا مكانها حيث هي.
وناحية أخرى من حثه على التفكير ومن جعله شاملا هو أن نفكر في كل شيء، وهذا يعني أن نفكر في كل شيء تفكيرا بطيئا، وبالتالي إلى ترك سرعة البديهة، وحينئذ تقع المشاكل السريعة، فلا نستطيع حلها، ونفوت الفرص النادرة. أما شمول التفكير، فإنه علاوة على كونه يذهب سرعة البديهة، فإنه كذلك يجعل التفكير الآلي أو الفلسفة الآلية محل بحث.
لذلك كانت المشكلة ليست في التفكير، بل المشكلة هي إزالة الضرر عن التفكير، وذلك بجعله تفكيراً عاديا يسرع حين يحتاج الأمر إلى السرعة، مثل سرعة البديهة، ويبطئ حين يحتاج الأمر إلى إبطاء مثل معنى العقل.