خبر وتعليق سواء أكانت مؤامرة سياسية أم لا، فإن العدالة في قضية أنور لم تأخذ مجراها الحقيقي
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
في العاشر من شباط 2015، وجدت المحكمة العليا في ماليزيا أنور إبراهيم زعيم المعارضة في حزب عدالة الشعب الماليزي مذنباً بعد إدانته بممارسة اللواط. وينتظر أنور إبراهيم حكما بالسجن لمدة خمس سنوات من قبل محكمة الاستئناف، التي انقلبت في آذار الماضي على قرار المحكمة العليا بتبرئته من تهمة ممارسة اللواط مع مساعده السابق، سيف البخاري. ونتيجة لهذه الإدانة، فقد أنور الزعيم الفعلي لائتلاف المعارضة (PKR) مقعده في البرلمان. وهذه هي المرة الثانية التي يجد فيها أنور نفسه مذنبا بالتهمة ذاتها. فقد كانت القضية الأولى ضده عام 1998 بعد أن أُقيل من الحكومة، ثم اتهم بعدها بممارسة اللواط مع سائق زوجته السابق، عزيزان عبد بكر لكنه بُرِّئ بأغلبية 2 إلى 1 من قبل المحكمة الاتحادية عام 2004. وهذا القرار الأخير لم يؤدِّ إلى انتقادات لاذعة في الداخل الماليزي فحسب، بل إلى "انزعاج" من قبل المجتمع الدولي. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، برناديت ميهان بأن "الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل كبيرة من هذه الإدانة، خاصة بعد أن وُجد أنور بريئا منذ البداية". وأكدت سويسرا أيضا بأنها سترفع قضية أنور في اجتماع هيئة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف.
التعليق:
لقد أثارت إدانة أنور إبراهيم بممارسة اللواط أسئلة عديدة حول وجود مؤامرة سياسية ضده. وزعم بعض المحللين بل أكدوا بأن هذه المؤامرة حقيقة مؤكدة. فمنذ أول مرة أُدين فيها أنور عام 1998، دارت التكهنات حول كون كل ما جرى مع أنور ما هو إلا جزء من مخطط للحزب الحاكم (المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة) لتدمير حياته السياسية. إن الحقيقة في هذه القضية بعيدة المنال، لكن الواضح هو أن مثل هذه الإدانات ساهمت ولا تزال في تضاؤل مستمر لثقة الجمهور بالنظام القضائي الماليزي. والواقع يُظهر بأن هذه الأزمة في النظام القضائي هي حلقة من سلسلة مؤسفة من كوارث عديدة حلت بالبلاد. وتتجلى أسوأ كارثة في النظام الحكومي بذاته الذي يعتبر شكلا من أشكال الأنظمة الطاغوتية الموروثة من بريطانيا، والتي تتبنى بالطبع قوانين تتناقض مع الإسلام. فماليزيا تتبنى ما يُعرف بالثنائية التشريعية التي تقسم المحاكم إلى مدنية وشرعية. لكن أيا من المحكمتين لا تستند إلى أحكام الشريعة على الرغم من المسمى فكلتاهما قائمتان على القوانين الوضعية التي تتناقض بالطبع مع أحكام الإسلام وتعاليمه. هذه هي الديمقراطية التي تجعل السيادة للشعب حيث توضع القوانين من قبل البشر بناء على الأغلبية. وفي هذا النظام الديمقراطي جُعلت أحكام البشر الوضعية فوق أحكام الله تعالى رغم ما بينه الله تعالى لنا في القرآن الكريم: ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 36]
إن هذه الهيمنة المستمرة للإرث الاستعماري الكافر تُعد وسيلة لإطالة أمد الاستعمار الغربي في ماليزيا، الأمر الذي ينعكس وبشكل واضح على الطريقة التي يفكر بها حكام هذا البلد ويتصرفون من خلالها. وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: «لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة» أخرجه أحمد
واليوم بعد أن انتقضت عروة الخلافة، انتقضت بعدها عُرىً كثيرة، عروة بعد عروة، بما فيها تلك المتعلقة بأمور القضاء.
وفي مثل هكذا حالة مثيرة للجدل فيما يتعلق بقضية اللواط التي شغلت الرأي العام، فإنه من الواضح أن العدالة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق. فقد اتهم أنور دون أن يشهد أي أحد ضده. ومن ناحية أخرى فقد اعترف سيف البخاري بتورطه بهذا الفعل دون أن يجبره أحد عليه لكنه لم يتعرض للعقوبة أبدا. والناظر لملابسات هذه المحاكمة التي تولتها محكمة علمانية ولم تقم على أي أسس شرعية يرى كيف عوقب أنور دون وجود شاهد ذي مصداقية ضده في حين أطلق سراح المشارك في هذه الجريمة. وسواء أكانت مؤامرة أم لا، فإن العدالة لم تأخذ مجراها الحقيقي. إذ كيف للعدالة أن تكون وحكم الله في الأرض غائب؟؟!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد - ماليزيا