خبر وتعليق الحريات والقيم الليبرالية العلمانية تضطهد المرأة الأفغانية (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
في الخامس والعشرين من شباط 2015، ذكرت وكالة فرانس برس (AFP) خبرا بعنوان "نجمات أفغانيات يتحدَّيْن ضغوطات رجال الدين". وقد ذكر التقرير بأن المغنية البالغة من العمر 29 عاما هي إحدى المحكَّمات في البرنامج العالمي المشهور "the voice" الذي أُطلق في كابول في شهر أيار الماضي والذي جذب على الفور جماهير ضخمة وجمعا من النقاد الغاضبين. ولاعتبارها رمزا لتحرر النساء في بلد إسلامي محافظ جدا فقد تعرضت أريانة لتهديدات بالقتل وتعيش حاليا في خوف دائم من التعرض للاختطاف من قبل متطرفين دينيين. وحيث يتم تصوير العرض خارج كابول لقناة تولو التلفزيونية الخاصة، يقف الحراس المسلحون بالرشاشات والذين يفوق عددهم عدد المتسابقين على أهبة الاستعداد للدفاع عن المشاركين. وقد صرحت أريانة لوكالة فرانس برس قائلة: "أنا هنا لأحدث فرقا في حياة النساء"، وأضافت قائلة "أريد أن تتمع النساء بحقوقهن، فيتحدثن بحرية ويمشين بحرية ويذهبن للتسوق متى أرَدْن"، "أنا لا أقول إن عليهن أن ينزعن عنهن ثيابهن، أو أن يُزلن أوشحة رؤوسهن. الحرية هي أن تكون قادرا على العيش كإنسان"، "أن أتعرض للاختطاف هو أمر أتوقعه في كل وقت، يتمنى الواحد الموت على أن يتعرض للاختطاف، لذلك أنا لا أخرج كثيرا". وقد تعرضت بينافشا إحدى الممثلات الشابات الأفغانيات للطعن حتى الموت العام الماضي، كما أعلن مؤخرا بعض المتشددين الدينيين الجهاد ضد العروض والمهرجانات الشعبية القائمة على الأغاني الغربية مثل "إكس فاكتور" و"أراب آيدول". وقد دعا أحد النواب لحظر هذه البرامج واصفا إياها بأنها "مبتذلة ومنتهكة للحرمات".
التعليق:
شهدت نساء أفغانستان عقودا من الحرب في بيوتهن وقراهن ومنازلهن، ما أسفر عن قتل أهلهن وأقاربهن منذ عام 1979. ثم بعد غزو أمريكا وحلفائها لأفغانستان عام 2001، كانت النساء والأطفال الفئة الأكثر تضررا في المجتمع، عندما تعرضوا لوابل من القصف العنيف والقنابل الانشطارية، وكل ذلك باسم الحرية والديمقراطية وحقوق المرأة وتمكينها وتحقيق التقدم في البلاد. واليوم وبعد 14 عاما من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، أصبحت النساء الأفغانيات الأكثر عرضة للاستهداف، مع انعدام الحماية الجادة لحياتهن وأعراضهن وأموالهن. ولم تقدم سنوات الحكم الإمبريالية هذه والعيش في ظل ما يسمى الديمقراطية والحريات إلا مزيدا من البؤس والشقاء لهن. والملاحظ أن القوى الليبرالية العلمانية الغربية تحاول إظهار النساء الأفغانيات على أنهن ضحايا لعادات وممارسات إسلامية كوجوب الحجاب وحرمة الاختلاط بين الرجال والنساء وضوابط الفصل بينهم، وكذلك اشتراط وجود "المحرم" للمرأة عند سفرها لمسافة تزيد عن يوم وليلة. ومع ذلك كله فإن السؤال الذي يطرح الآن هو أنه وفي ظل حكم الولايات المتحدة للبلاد، فإن أيا من هذه الممارسات قد أُجبرت النساء على فعلها بل إن أهل أفغانستان التزموا طوعا لا جبرا بأحكام الإسلام المتعلقة بالنظام الاجتماعي، فلماذا إذن لم تغير القيم الليبرالية والعلمانية التي أُجبرت النساء الأفغانيات على بلعها في حالهن ولم تنقذهن مما هن فيه؟ وتقوم وسائل الإعلام الغربية كذلك بالتعاون مع المحتل وبنشوة واضحة بربط الممارسات القبلية غير الإسلامية مثل قتل النساء بمجرد الشبهة أو لخروج المرأة من المنزل بالأحكام الإسلامية، بل وتُحاكم وسائل الإعلام تلك الإسلامَ فيما يتعلق بأحكامه المتعلقة بالمرأة. وتجري هذه المحاكمة مع تجاهل تام لحقيقة أن النظام الذي تعيش في ظله المرأة الأفغانية هو كل ما خطر على بال أحد إلا أن يكون إسلاميا.
إن لأفغانستان تاريخا طويلا في العيش تحت ظل الإسلام وحكمه يعود إلى القرن السابع الميلادي، والذي فيه طُبِّق الإسلام بأنظمته التعليمية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها تطبيقا كاملا شاملا. وقد ضمنت هذه الأحكام حماية المرأة من العادات غير الإسلامية الظالمة المقيتة، وكذلك كل سلوك إجرامي يُتعدى فيه على حدود الله تعالى. وفي الحقيقة، فإن أول حاكم أفغاني حاول إدخال الأفكار الغربية ونشرها في البلاد كان الملك أمان الله خان الذي اعتلى عرش السلطة بعد أن انعتق الشعب الأفغاني بجهاده في سبيل الله من ربقة الاحتلال الإنجليزي عام 1919م. فقد زار أمان الله أوروبا عام 1927م وبعد جولة دامت سبعة أشهر عاد إلى أفغانستان وهو يحمل في جعبته خطة لعلمنة و"تحديث" البلاد، فحظر الحجاب وفتح المؤسسات التعليمية المشتركة ودعا المعلمين الألمان لتعليم الفتيات في كابول. كما أصدر أوامر بمنع تعدد الزوجات للمسؤولين وإلغاء زواج القاصرات وكذلك تحديد سن الزواج القانوني بما بين 18 و24 عاما. هذه الإجراءات وغيرها قوبلت برفض شديد وعدم تقبل من قبل النساء الأفغانيات كونها تتناقض وبشكل واضح سافر مع تعاليم الإسلام وأوامر الله تعالى.
لقد أصبحت نساء أفغانستان اليوم ضحايا الحريات في ظل النظام الليبرالي الرأسمالي الذي انتهك عرضهن باسم حرية التعبير وذلك عندما جعل منهن سلعة ودمية تستخدم كما المتاع في الإعلانات والمسرحيات والعروض الموسيقية. لقد أصبحت نساء أفغانستان المسلمات ضحية للحرية الشخصية التي أعطت الجناة والمجرمين الحق في تحقيق رغباتهم ونزواتهم الحقيرة كلما وكيفما أرادوا. وإلى جانب ذلك كله عاشت النساء في بلاد الإسلام هذه في ذل جلبته لهن الولايات المتحدة وحلفاؤها تحت ما يُسمى زورا "الحرب على الإرهاب" فعشن في ظل فقر مدقع مع أسرهن وأطفالهن مع انعدام تام للمرافق الصحية بل لمياه شرب نظيفة. فأي شيء جلبه المحتل العلماني الليبرالي لنساء أفغانستان غير إعداد البرامج التلفزيونية البذيئة الفاحشة والتطبيق الشاذ الكاذب القديم الجديد لما يسمونه زورا وبهتانا "تمكين المرأة"؟ إن الحقيقة الواضحة هي أن النموذج الغربي قد فشل ليس في أفغانستان فحسب بل في العالم كله، وإن البديل الناجع الوحيد هو واحد لا غير، ذاك الذي يملك خبرة 1300 عام في حماية حياة وعرض وكرامة وملكيات المرأة. وبلا شك فإن النظام الذي ستُحل به كل مشاكل البشرية هو نظام من عند خالق عظيم، إنه نظام الخلافة على منهاج النبوة. فبه تُعالج مشاكل رجال ونساء أفغانستان، كما أنه لا يضمن توفير الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب وملبس وعلاج وتعليم للنساء فحسب، بل يوفر كل الفرص لهن ليتفوقن ويُبدعن في أي مجال من مجالات الحياة التي يرغبن فيها، دون أن يكون في ذلك أي إساءة لأنوثتهن بل بتعامل راقٍ معهن على أنهن كما الرجال في فكرهن وإبداعهن.
وفي كتاب الله تعالى، يعاتب الله الرجال الذين يضطهدون النساء ويهينونهن ويسيؤون معاملتهن فيقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 19]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عمارة طاهر
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير