الجمعة، 18 صَفر 1446هـ| 2024/08/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الموقف الأمريكي من الملف النووي الإيراني

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فسر العديد من المراقبين قرار باراك اوباما  المتعلق بإلغاء نشر الدرع الصاروخي في كل من بولندا وجمهورية التشيك على أنّه أخيراً أبدت أمريكا جدية في تحسين علاقتها مع روسيا، وقد وردت تصريحات عديدة من أعضاء في إدارة اوباما أُطلق عليها "النظرة التكيفية المرحلية" لسياسة الإدارة الأمريكية في تدفئة العلاقات الروسية الأمريكية. إلا أنّه في تصريح لوزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس نُشر في صحيفة النيويورك تايمز استنكر وصف البعض للخطة الجديدة بأنها "انحراف على شكل تنازل لروسيا" وأضاف بأنّ من شأن الخطة الجديدة تدعيم الأمن الأوروبي حيث قال "إننا نحسن من مشروع الدفاع الصاروخي في أوروبا ولم نتخل عنه"

بعيداً عن المشادة الكلامية حول مدى فاعلية "النظرة التكيفية المرحلية" فإنّ للمراقب العام أن يلاحظ أنّ أمريكا معنية بتحسين علاقاتها مع إيران وليس مع روسيا. فالتقليل من مدى خطورة الصواريخ الحديثة الإيرانية يبرهن على ميول أمريكا لتطبيع العلاقات الإيرانية الأمريكية. وقد قال روبرت جيتس "وردتنا معلومات استخباراتية مفادها أنّ تطور الصواريخ البالستية الإيرانية القصيرة والمتوسطة المدى في الفترة الأخيرة قد تسارع... وقدرة تهديد الصواريخ الإيرانية عابرة القارات تراجعت أكثر مما كانت عليه عام 2006" وقد ورد هذا التصريح ضمن سياق الحديث عن الترسانة العسكرية الإيرانية من قبل الرسميين الأمريكان كلما اقتضت الضرورة لذلك. ففي فترة حكم إدارة بوش قامت "دائرة تخمين الاستخبارات الوطنيِ NIE" بتوقع أن تكون إيران قادرة على إنتاج القنبلة النووية بين عام 2010-2015، وهو ما كان له الأثر القوي على دولة يهود في دفعها لوضع خطة لضرب إيران، إلا أنّ ذلك لم يحصل لأنّه قوبل باستهتار الرسميين في دولة يهود. وفي أواخر العام الماضي رفضت أمريكا بيع إسرائيل قنابل حديثة مخصصة للمخابئ المحصنة وقللت من شأن تدريبات الطيران الإسرائيلي في البحر الأبيض المتوسط.

إنّ ضعف دعم أمريكا لأقرب حلفائها (إسرائيل) في موضوع الخطر الإيراني يدلل على أنّ نوايا أمريكا تجاه إيران ليست سيئة على الإطلاق.

ليونة الموقف الأمريكي تجاه إيران ظهر جلياً مع حليف آخر لها (بريطانيا) حينما تم احتجاز بحّاريها من قبل خفر السواحل الإيراني حيث كان موقف أمريكا مختلفاً لأنّها كانت تظن أنّ بريطانيا افتعلت الحادث لتبرير هجوم على إيران. وكذلك الموقف الأمريكي الذي جاء فاتراً في تأييد الموقف الأوروبي الداعم للمظاهرات على نتائج الانتخابات الإيرانية بقصد الإطاحة بالنظام الإيراني.

فباستطاعة كل مراقب أن يلاحظ أنّ أمريكا توفرت لها الفرص الكثيرة المناسبة للمبادرة بتغيير النظام في إيران -وهو الرغبة التي يصرح به السياسيون في واشنطن- إلا أنّها لم تقدم على ذلك، بل إنّ ردود فعلها إما أنّها كانت تقف صامتة لا تحرك ساكناً أو أنها تستخدم الأساليب الدبلوماسية لتهدئة التوترات. والاستثناء الوحيد هو الخطابات النارية الموجودة في كلّ مكان في أروقة واشنطن التي تثبت لقارئ المشهد السياسي بأنّ كلا البلدين يعملان كالأوباش لتقوية الهجمة الأمريكية على المنطقة.

إنّ اعتماد أمريكا على إيران لتمكينها من أفغانستان والعراق ولبنان أثمن من أن تسمح لحليفها المقرب من توجيه ضربة طائشة لطهران.

لقد وفر تضخيم الإعلام للتهديد النووي الإيراني لأمريكا غطاءً لتقوية علاقاتها العسكرية مع دولة يهود ودول الخليج. هذا إلى جانب تزويد أمريكا بغطاء لتبرير مشروع الدرع الصاروخي وتدعيم فكرة الانتشار النووي في الشرق الأوسط تحت ذريعة الأغراض السلمية في ظل مباحثاتها مع روسيا لتخفيض ترسانتها النووية. لذلك من الصعب أن تفضح أمريكا تحالفها مع إيران كي تتجنب تنافسها مع روسيا والصين وأوروبا، لأنها تريد أن تتحكم بنفط الشرق الأوسط الرخيص.

كل ما تقدم يقودنا للمباحثات النووية الحالية بين إيران والدول الست الكبرى. فلن تصل هذه المباحثات إلى نتيجة إلا إذا أدركت أمريكا بأنّها لن تتمكن من تحقيق أهدافها الإستراتيجية في المنطقة وأنّ عملاءها في إيران عاجزون عن تنفيذ مخططاتها، حينها فقط ستنهي أمريكا مسألة السلاح النووي الإيراني، أو ستسمح لإيران بالاحتفاظ به ضمن مراقبة شديدة عليه.

عابد مصطفى

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع