الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

كيف نبني وكيف نهدم - بمن نقتدي

بسم الله الرحمن الرحيم

     يبحث الإنسان دوما عن من يقتدي به، فالإنسان بطبعه ضعيف فيبحث عن دعم، يبحث عن من هو أقوى منه ليزيد من قوته، وهذا شعور طبيعي يشعر به الإنسان وينبع عن غريزة التدين التي فطره الخالق عز وجل عليها، فهذه الغريزة تدفع المرء للشعور بالنقص والعجز وللبحث عن من يرعاه ويحل له مشاكله الحياتية، ويكون من يقتدى به رمزا لمن يقتدي به، يرسم له طريق حياته وكيف يعيشها، فيظهر ذلك في شكل تقليد الآراء والأفعال. فمثلا الطفل يقلد والديه وإخوانه ومن يقابلهم، والصبي والصبية يقلدون أصدقاءهم، والكبار من حولهم، ويقلدون من يتابعون من نجوم الرسوم المتحركة على التلفاز، واليوم يقلد كثير من الشباب والفتيات ممثلات وممثلين ولاعبي كرة القدم ولاعبي رياضات مختلفة، ومغنيات ومغنيين، يقلدونهم لدرجة أن يلبسوا مثلهم ويتصرفوا مثلهم وينبهرون بتحركاتهم ، أي فعليا ، يجعلون من هذه الشخصيات مصدرا لتنظيم أسلوب حياتهم ومعالجة كل مشكلاتهم ، فيتتبعون أخبارهم الشخصية ويفرحون لهم ومعهم ويحزنون لهم وعليهم، ويثقون بهم ثقة عمياء، فكل ما يقولونه هو الصحيح ولا يقبل النقاش. وهذه المشاعر الفياضة النابعة من غريزة التدين لا بد لها من توجيه للطريق الصحيح، وهذا التوجيه يكون بتحكيم العقل. وإلا تتحول المشاعر هذه في حقيقتها لتقليد أعمي لذلك الشخص القدوة وحبه الشديد لشخصه هو ، لدرجة تغاضي من يتبعه عن أفكاره الخاطئة، كما ذكرنا في المثل الأن ، فالنتيجة أن يلجأ المرء إلي ذلك النموذج بدلا عن الله تعالى وذلك أقرب لعبادة الشخص والعياذ بالله جل وعلا. وفي ذلك إشباع خاطئ لغريزة التدين، تجعل المرء غير سعيد ولا مطمئن.

     وأسوء أنواع القدوة تلك التي يقتدي فيها الإنسان المسلم بالكافر، فكيف نفسر انبهار المسلمين بالكفار؟ وكيف نرضى بتقليد المسلمين للكفار في أسلوب حياتهم؟ فصارت المسلمات يلبسن مثلهم ويعشن بأفكارهم، من تحرر وعصرية، وصار يحترمهم كثير من الشباب وينبهرون بهم، وباتوا يسافرون للعيش الكريم في بلادهم، أو كما يظنون ، بل ويعتبرونها فرصة ذهبية. وقد وصل هذا الانبهار والإقتداء بالغرب الكافر لدرجة أن المسلمين قد تخلوا عن الإسلام وعن أحكامه الشرعية بحجة التجديد والوسطية والاعتدال - فهذا عصر العولمة - لدرجة أنهم نسوا تاريخهم الإسلامي المشرق، ونسوا أنهم أحفاد السلطان عبد الحميد وصلاح الدين الأيوبي، رحمهم الله تعالى، واتبعوا الغرب حتى دخلوا جحر ضب. فصار المجتمع ينادي بمثل ما ينادي الغرب كحرية المرأة ونظام الحكم العلماني من ديموقراطية وتعددية، وأصبح الذي يقلد أهل الفواحش عصريا ومواكبا وناهضا، والذي يقلد أهل الإسلام والدين الذي اختاره الله تعالى للبشر، صار متخلفا ورجعيا ومنعزلا عن المجتمع. وذلك واضح اليوم في خط سير العالم الذي تحكمه هذه الأنظمة الظالمة، والتي تطلق أفكارا مسمومة على الأمة الإسلامية عبر إعلامها الفاسد المفسد، فروجت للقدوة الطالحة وعتمت على القدوة الصالحة، فجعلت من الفاحشة نجومية وأخبارا مهمة ينتظرها الناس، وجعلت من الشخصيات الصالحة، التي تدعو لدين الله تعالى، شخصيات مملة، تشعرك بالكآبة. فاختلط الحابل بالنابل، واختلطت الأمور على الناس وانقلبت الموازين، فابتلينا بشباب يعيشون في فراغ فكري شديد وخطير، أكبر همهم الماديات والمتع الفانية، فلا تهمهم قضايا أمتهم المصيرية ولا ينشغلون بها، وبعدوا عن عبادة الله تعالى ، ومع كل ذلك فهم غير سعداء وتائهون في هذه الدنيا.وحب الشخصيات الغربية العلمانية التي تتبع شهواتها في أسلوب حياتها الهمجي،وتقليد النماذج التي تحدثنا عنها من قبل ، يؤدي إلى ما نجده اليوم من مجتمعات مفككة ومتدنية وغير ناهضة. فالتحضر والتقدم والنهضة لا تكمن في التكنولوجيا والعمارات العالية والسيارات الفارهة، ولا تكون بسفور المرأة وتبرجها وبمساواتها مع الرجال، فذلك نهدمه، ونبني فيه أن النهضة الحقيقية إنما تكون نهضة فكرية قوية ترتقي بالإنسان، تحفظ له دينه وعقله وعرضه وماله وحياته، فلا بد أن نبني عند المسلم المفاهيم النقية التي يدرك من خلالها من يختار له كقدوة وذلك بربط أسلوب حياته بعقيدته، فيجب على المؤمن أن لا ينخدع بالقشور، فالإعلام يروج لأسلوب حياة الكفار وكأنها الجنة على الأرض، ولنعالج ذلك يجب أن نهدم انبهار المسلم بالغرب الكافر ، الذي يعادي الله وسورله ، ويجب رسم خط واضح بين الحق ولاباطل ،فالحق حق، والباطل باطل ، لا يختلطان كما لا يختلك الحليب والدم. وفي الرجوع إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أفضل بناء، فالتأسي يكون بالرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، في أفعاله وفي أقواله، وذلك بتطبيق الأحكام الشرعية، وبناء علاقة قوية مع تاريخ الأمة الإسلامية العريق، وبناء الانبهار بالشخصيات الإسلامية القوية التي غيرت العالم ونهضت به، فهم من يستحقون أن نتعلم منهم ونقلدهم ونحترمهم، ونبني عند المسلم ضرورة ربط غايته في حياته بمواقفهم العظيمة وليس بأحداث سطحية، فذلك له الأثر الكبير في توجيه المرء للطريق المستقيم، وإشباع غريزة التدين بالطريقة الصحيحة فيكون مطمئنا سعيدا، فإذا بنينا التزامه بالشرع وكل ما يتعلق بالدين والأحكام الشرعية وحبه للمسلمين ، والبحث عن ثقافة الإسلام والانبهار بها فقط كما تستحق، فإن هذا البناء هو ما يشبع شعور النقص عنده، فيلجأ إلى الله تعالى في كل الأوقات، ويعبد حينئذ ،الله تعالى وحده ولا يلجأ إلى عبادة البشر.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع