الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

قضايا مصيرية في حياة الأمة الإسلامية - الولاء والبراء في الإسلام - ح5

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمد الشاكرين, والعاقبة  للمـتقين, ولا عدوان إلا  على الظـالمين, والصلاة  والسلام على المبعوث رحمة  للعالمين, وعلى آله وصحبـه الطـيبين الطـاهـرين, ومن اهــتـدى بـهديـه, واستن بسنــته, وسار على دربـه, ودعا بـدعوتـه إلى يوم  الدين , واجعلنـا معهم, واحشرنـا في زمرتـهم, بـرحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:قـال الله تعالى في محكـم  كتـابـه وهو أصدق القـائلين: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل }الممتحنة1.

وقـال تعالى: ]{ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165) إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167)}البقرة.

إخوة  الإيمان :

 في الآيات الكريمة السابقة من سورة البقرة, ذكــر لنـا الله سبحانـه وتعالى صنــفا  من الناس  بـلغـت بهـم الجهالة , والطـمع في حطام الدنيا الزائل , أن يتـخذوا من دون  الله أندادا , أي أصـنـاما  ورؤساء وقادة ، يعظـمونـهم ويخـضعون لهم, ويحبونـهم كـحب المؤمنين لله , ولكن حب المؤمنين لله أشـد من حب المشركين للأنداد. وحين يعاين هؤلاء المشركـون العذاب الشـديد الذي أعده الله لهم بـسبب موالاتهم لغـير الله, يتـبرأ  الرؤساء  من الأتــباع , ويتـمنى الأتـباع  لـو أن لـهم رجعة  إلى الدنيا, ليـتـبرءوا من رؤسائهـم, في هذا اليوم العصيب, ولكن الله سبحانـه وتعالى, كما أراهم شدة  عذابـه, كذلك يريهـم أعمالـهم القبيحة  نـدامات شديدة , وحسرات تـتـردد في صدورهم كأنـها شرر الجحيم , وليس لهم سيبل إلى الخروج  من النـار , بـل هم في عذاب سرمدي, وشقاء أبدي.

 هذا هو المصير الأخروي لمن يوالي غـير الله تبارك وتعالى, وهنـاك مصير آخر سيـئ  ينتظرهم في الدنيا, فالدنيا لا يبــقـى حالـها على ما هو عليه فالأيام دول, والنـعم فيها لا تدوم لأحد.وبنـاء عـليه, فـإن قضية  الولاء والبراء  تـعد من أهم  القضايا المصيرية, وموضوعها من الموضوعات التي لها مساس بالعقيدة.  وعن  البراء  بن عازب ــ رضي الله عنه ــ عن  النـبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أوثــق عرى الإيمان  أن تـحب في الله, وتـبغض في الله ".وقال ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ: " من أحب في الله, وأبغض في الله, ووالـى في الله, وعادى في الله, فإنما تـنال ولاية  الله بذلك, ولن يجـد عبد طـعم الإيمان  وإن كـثـرت صلاتـه وصومه  حتى يكـون كذلك".

 إخوة  الإيمان:

 المسلم يحب الله ورسولـه, ويحب أحبـاب الله وأحباب رسوله, فينصرهم ويؤيدهم, ويكره أعداء الله, وأعداء رسوله الذين يصدون عن سبيل الله, ويبغـونـها عوجا , فـيـقـاتلهم, ولا يعطي الولاء لهم بـحال من الأحوال , بل يعطي ولاءه الخالص لله ولرسوله ولجماعة المؤمنين, ويعلن إنخلاعه من الكــفر  وأهـله, والجاهلية وحماتها, ويتـبرأ من الكافرين وأعوانهـم, كما تـبرأ منهم الله ورسولـه.  لقد حذ رنا الله تبارك وتعالى من موالاة أعداء  الله ورسوله من اليهود والنـصارى, وأخبرنـا أن من يتـولــهم من المسلمين, يصبـح كافرا  مثـلـهم. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين }المائدة51

  إن موالاة  المؤمنين, والبراءة  من الكافرين هما من ملـة إبراهيم والذين معه, الذين أمرنـا الله بالاقتداء والتـأسي بـهـم، قال تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده .....}الممتحنة4 طوقـد أرشدنـا الله سبحانه وتعالى إلى من تـجـب علينـا موالاتـه واتـبـاعه، قال جل من قائل :{إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }المائدة55.وهـناك العديد من الآيات التي تـحرم على المؤمنين موالاة  الكـفـار عموما , ولـو كانـوا من أقرب النـاس المـقربين إلينا، منها قـولـه تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولـئك هم الظالمون }التوبة23 .ولقد ضرب لنـا رسولـنـا الكريم أمثـلة  رائعة  حين تـبرأ من قـومه وعشيرته, وأقرب  المقربين إليه ممن رفـضوا الإسلام, كما ضرب الأنبياء السابقـون أروع  الأمثـلـة في البراءة من الكـفـار , فـهذا إبراهيم عليه السلام يتـبرأ من أبيه, قال الله تعالى في حقـه:{ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه... }التوبة114 .وهذا نوح عليه السلام يأمره ربه أن يـتـبرأ من ولـده؛ لأنـه كان مع الكافرين، قال تعالى: {ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين (45) قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين (46)}هود

 وهذا أبـو عبيدة ــ عامر بن الجراح ــ في معركـة بدر , يقتــل أباه الكافر بنـفسه, وعلـم النـاس أن كــل الروابـط تتلاشى وتزول أمام رابطة العقيدة, وأن رابطة  العقيدة الإسلامية هي أقوى الروابط على الإطلاق . 

 

فأين نحن من ذلك؟

  وفي الختام إخوة الإيمان نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل ولايتنا فيمن خافه واتقاه وجعل في الحق رضاه.اللهم امنـحـنـا القـوة , فـلا نخشى أحدا  دونــك, ولا نـخاف أحدا  سواك.اللهم أنـا نسألــك حـبـك, وحب من يحبـك, وحبــا  يقربـنا إلى حبـك...

 اللهم اجعـلنـا سلما  لأوليائك, حربا  لأعدائك, نحب بحبـك من أحبــك, ونعادي بعداوتـك من عاداك, وتـوفــنـا وأنت راض  عنـا.

 والسلام عليكـم ورحمة  الله  وبركاته.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع