مع الحديث - لو كنتم كما تكونون عندي
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
عن حنظلة الكاتب التميمي الأسيدي قال
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا الجنة والنار حتى كأنا رأي العين فقمت إلى أهلي وولدي فضحكت ولعبت قال فذكرت الذي كنا فيه فخرجت فلقيت أبا بكر فقلت نافقت نافقت فقال أبو بكر إنا لنفعله فذهب حنظلة فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا حنظلة لو كنتم كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم أو على طرقكم يا حنظلة ساعة وساعة ,جاء في شرح سنن ابن ماجه للسندي قوله ( نافقت) أي تغير حالي بحيث لا ينبغي الغفلة عنهما لمن آمن بهما فالغفلة عنهما تشبه أن تكون من الإنكار الباطني لوجودها وبالجملة فقد اشتبه عليه وجود الإيمان بهما في قلبه بلا شك وعده نفاقا وبهذا ظهر أن الشك في الإيمان ليس بمكفر وإنما الشك في المؤمن به هو المكفر
قوله ( لو كنتم كما تكونون)
نبههم على أن الحضور لا يدوم عادة وعدمه لا يضر في وجود الإيمان في القلب والغفلة إنما تنافي الحضور فلا يلزم منها عدم الإيمان؛ ساعة يكون الحضور لينتظم به أمر الدين وساعة تكون الغفلة لينتظم بها أمر الدين والمعاش وفي كل منهما رحمة على العباد .
مستمعينا الكرام:
يؤكد الحديث الشريف الذي بين أيدينا أمورا عدة، منها:
أولا: أن مفهوم (ساعة وساعة) لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بما يفهمه البعض بأنه ساعة لك وساعة لربك. فمن المفروغ منه أن حياة المسلم كلها لله عز وجل، كما قال تعالى معلما عباده أن يقولوا ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين )
فليس في حياة المسلم شيء لغير الله لأن الله (اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) فباع المسلمون جميعا ما يملكون ثمنا للجنة، نعم قد تكون في حياة المسلم ساعة يقظة وساعة غفلة، وساعة قوة وساعة ضعف، وساعة قرب وساعة بعد، ولكن سرعان ما يتذكر ويتبصر؛ فيدفع الغفلة ويقوي الضعف، ويفر إلى الله، قال الله تعالى: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون
وجاء في الحديث الشريف : ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )
ثانيا: أن الوعظ والإرشاد لا يكفي لوحده لأن يكون طريقا في بناء الشخصيات وتغيير السلوك. فالجنة والنار والترهيب والترغيب كل من الإسلام. ولكن يجب أن لا يغفل علماؤنا وحملة الدعوة أن لا غنى أيضا عن الأفكار والمفاهيم الإسلامية التي يحتاج لها كل مسلم في حياته اليومية والتي تؤثر في سلوكه تأثيرا منتجا ومركزا. فعلى المسلم بالإضافة إلى وعيه على نعيم الجنة وعذاب الآخرة، أن يعي مثلا حقيقة الصراع بين الإسلام والكفر ويعي حقيقة الديمقراطية والعلمانية والرأسمالية ويعي حقيقة العقيدة الإسلامية من كونها عقيدة روحية وسياسية ويعي أن الإسلام جاء ليطبق ويعي أن لا تطبيق للإسلام إلا بدولة ويعي أسباب تأخرنا وسبيل نهضتنا.
قال تعالى:
(محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما )
وقال تعالى: (كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون )
مستمعينا الكرام والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .