سعادتنا في تطبيق الإسلام فقط
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْد لِلَّهِ وَحْدَه ، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى مَن لَا نَبِي بَعْدَه ، أَمَا بَعَد
مستمَعي إذاعة الْمُكْتَب الإعلَامي لحزب التحرير ، فِي كُل مَكَان ، السلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الِلَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُه، يتَجِدد لقاؤنا بِكَم الْيَوْم فِي مَوْضُوع جَدِيد بعَنوان "سعادتنا فِي تطبيق الإسلَام فَقَط".
الإثارة سِلْعَة يبحث عَنْهَا الْجَمِيع . ففِي هَذَا الْعَصْر الَّذِي نعيشه تَجِد إيقاع الْحَيَاة سَرِيعًا لَا يَقِف ولَا يَنْتَظِر احَدّ وتجرفك الأحَدّاث مَن كُل نَاحِيَة . وَالْإِنْسَان بطبيعته يَمِيل للبحث عَن الجَدِيد، ويمل سَرِيعًا فهذا طبعه. وَمَع أَن الْحَيَاة متسارعة الأحَدّاث ويركض الْجَمِيع وَرَاء تحصيل أكَبِّر كَم مَن الَمتع الَمَادية، تَسْمَع الْجَمِيع يَشْتَكِي مَن الْمَلَل والرتابة فِي نَفَس الْوَقْت. وَذَلك، لأَن كُلَمَا بَلَغ الْإِنْسَان قَدَرًا مَن الَمتع الَمَادية وتحققت لَه أهداف فِي هَذِه الدُّنْيَا، كُلَمَا اراد غَيْرَهَا وكُلَمَا تَطَّلِع إِلَى الْمَزِيد، وكُلَمَا بحث عَن الجَدِيد. وهَذَا فِي حَدّ ذاته لَيْس بالَمشكُلة، وَلَكَن الَمشكُلة تكَمَن فِي نوعية هَذَا الجَدِيد الَّذِي يُرِيد مَنه هَذَا الْإِنْسَان الْمَزِيد دَائِمًا . وقد أثر ذلك النمط من العيش في الناس وتعودوا عليه حَتَّى اصبح لهم مقياسا لتقييم بَعْضَهُم الِبَعْض.ولا يخفى عنكم أن َالْإِنْسَان الذكي الحكيم هَو مَن يُرَاجَع دَائِمًا مَا يتَعُود عَلَيْه لأَن ذَلِك مؤشر خَطَرً بأن فكره يتبلد فتصيبه الغفلة.
وإِن أَصْبَحَت حَيَاتَه سِلْسِلَة متواصلة مَن تَحْقِيق أهداف مَادية، تشَعِره بالسَّعَادَة لِبَعْض الْوَقْت، ثَمّ سَرِيعًا مَا يَشْعُر بالْمِلَل مَرَّة أَخَّرى، فَهُنَاك خَلَل حتمَا. وعَندمَا يُصِيبَه الإحباط إِن لَم يقَدَّر عَلَى توفِير هَذِه الَمَاديات بينما لا يصيبه الخوف من تقصيره في حق الله تعالى وفي حق الإسلام وفي حق المسلمين، إذا هُنَاك خَلَل حتما. ذلك لأن هذه الأسلوب من العيش يلغي عقل الإنسان تماما ويلقي بتفكره وتدبره في هذه الحياة وما قبلها وما بعدها، يلقي به بعيدا. والنتيجة لعَدَم هَذَا التدبر والتفَكَرّ أَن الْإِنْسَان الَمَادي يهتم فَقَط بهَذَا الْجَانِب مَن حَيَاتَه ويهمل بَقَيَّة الجوانب. فتصوروا معي مجتمع كله يفكر بهذه الطريقة. فالنَّظَرة المادية مسؤولة عن بعد الناس عن شرع الله وعَن تفسخ الْمُجْتَمَعات وعَن تَبَاعَد النَّاس فِيمَا بَيْنَهُم. فعَندمَا تَكُون النَّظَرة للفرد نَظَرة مَادية نتعامل مَعَه فَقَط عَلَى أَسَاس الَمَصْلَحَة والَمَنفعة وإِن لَم نَجِد مَنه فَائِدَة لَا يهمَنا أَن يَمُوت أَو يَحْيَا. فهو فَكَرّ ومجموعة مفاهِيم خطيرة جَدًّا يَرْبِط بِسَبَبها الْفَرْد أَن مفهَوم السَّعَادَة هَو الَمَادة الَمحسوسة فَقَط دُون الْقَيِّم الثمينة الأَخَّرى. فلا يفهم أهمية إحساسه بالواقع الفاسد وبالَمظلومين وَالْفُقَرَاء وَمَعاناة الناس لأنه لَا مَصْلَحَة لَه فِي التفكير فِيهم. فهَذَا النَّمَط مَن الْعَيْش يصحبه إستهزاء شَدِيد بإِنسانية الْإِنْسَان. وكما تَجِد من يفكر بهذه الطريقة يخضع حكَم الِلَّهِ تَعَالَى فِي أعمَالَه بِحَسَب مصلحته فِي الدُّنْيَا. فلَمَاذا يطبق شَرَع الِلَّهِ تَعَالَى هذا الإنسان مَادام لَا يَرَى مَنه مَصْلَحَة فورية ؟ فتصبح الحياة مجرد مصالح كواقع الأمة الفاسد اليوم التي فقد المسلمون إهتمامهم بقضاياهم الَمصيرية ومثال ذلك العمل للتغيير. فكُلَمَا ركضنا وَرَاء الْكَسْب الَمَادي كُلَمَا زَاد ركضنا وَرَاء الإثارة وكُلَمَا فَقَدْنَا إِنسانيتنا وإهتمَامَنا بالأَخَّرين وكُلَمَا مَلَأَت قُلُوبَنَا الْقَسْوَة عَلَى بَعْضَنَا الِبَعْض ! وكما كلما بعدنا عن تطبيق الأحكام الشرعية وَضَاعَت قَيِّم عَظِيمَة وبقى لَدَيْنَا عالَم متحجر شِقَّي وَغَيْر سَعيد سَعَادَة حقيقية.
وما يغذي هذه الغفلة وسبب تعويد الناس على هذا الأسلوب العلماني للحياة هو النظام . فحَتَّى النظام الحاكَم فِي بَلَادنا يتعامل مَع الَافراد بهَذِه الشكُل فلَا يَرَى فِي النَّاس قَيِّمة غَيْر أَمْوَالَهم ولَا يَقُوم برِعَايَة شُؤُونهم بَل يَرْفَع الأسعار ويثقل كاهلَهم بالضرائب ويتركهم فُقَرَاء وجوعى ومتشردين ! فكُلَا عَلَيْه الِلَّهِث وكُلَا عَلَيْه الركض وَهَم قَد قَامُوا بِنَهْب أَمْوَال النَّاس وضيعوا حُقُوقَهُم بكُل بساطة لَان مصلحتهم فِي تَحْقِيق متعهم الَمَادية وسعادتهم فِي هَذِه الدُّنْيَا هِي الَهَدَف. فإِنفصلت الشُّعُوب عَن الأَنظمة وابغْضتها. والَمسلَم الَملتزم بِدَيْن الِلَّهِ تَعَالَى يعلَم جَيِّدًا أَنه غَيْر مرتاح فِي هَذِه الدُّنْيَا وَغَيْر سَعيد لأَن حرمَات الِلَّهِ تَعَالَى تُنْتَهَك فِيجب عَلَيْه الْعَمَل عَلَى تَغْيِيرها كَمَا أَمَرَه الِلَّهِ تَعَالَى بغض النظر عن مصلحته وعن ما ينفعه بها ماديا. فالمسلم يعلَم جَيِّدًا أَنه مسؤول أَمَام الِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُجْتَمَعات الَمتفسخة الَّتِي بَعَدت عَن الإسلَام وهِي فِي دوامة الْبَحْث عَن السَّعَادَة الزائفة وَالرَّكْض وَرَاء السَّرَاب بِسَبَب عَدَم فهَمَّها الصَحِيح للسَعَادَة فِي الدُّنْيَا والأَخَّرة . فالسَّعَادَة أحبتي عَند الَمؤمَن تكَمَن فَقَط فِي إِرْضَاء الِلَّهِ عَزّ وَجَل ، لذَلِك لَا يَعْمَل عَلَى تَحْقِيق مصلحته هَو عَلَى حِسَاب الشَرَع بَل يَعْمَل عَلَى تطبيق أَحْكَام الشَرَع فِي كُل مَناحي حَيَاتَه كفرد وفِي الْمُجْتَمَع ولَا يَرْضَى ابدا أَن تَكُون الدَوْلَة دَوْلَة علَمَانية تهَمَّها الَمَصْلَحَة فَتُتْرَك رِعَايَة شُؤُون النَّاس . فِيَكُون هكذا سَعيد بِطَاعَة رَبَّه وهَذِه سَعَادَة دائمة لَا تتبدل ولَا تتغَيْر وَإِذَا شَعَر بالْمِلَل يَسْتَعِيذ بالِلَّهِ مَن الشَّيْطَان الرَّجِيم. ثَم يُوَاصِل حَيَاتَه فِي طَاعَة الِلَّهِ وتطبيق شَرَعه فلَا مَكَان للإحباط لأَن الِلَّهِ تَعَالَى قَد حَفِظ لَه أَجُرَّه عَلَى كُل هَذِه الأعمَال الصَّالِحَة فِيفوز بِالْجَنَّة فِي الْآخِرَة. وإذا هَذِه هِي السَّعَادَة الَّتِي لَا حَدّود لَها ولَا تنتهِي فهِي مَرْبُوطَة بِعَمَل الْعَبْد نَفَسه ولَيْس بالركض والِلَّهِث وَرَاء رَزَق ثَابَت ومحفوظ لَه يعلَمه الِلَّهِ تَعَالَى فَقَط .
فالسَّعَادَة الدائمة تكَمَن فَقَط فِي تطبيق الإسلَام فِي حَيَاتِنَا وجعلَه مقياس لأعمَالنا. لذَلِك كَان عَلَى الَمسلَمين الرُّجُوع إِلَى العقيدة الإسلَامية لتحَدّيد مفهَوم السَّعَادَة الحقيقي فِي حَيَاتِهِم كأفراد وكمجتمَعات و مرة أخرى كأنظمة حاكمة وَدُوَل. وهكذا يَكُون أسمى هَدَف لَهم هَو مَا طَلَبَه الله تعالى مَنهم، حَمَل الأَمَانة للعالَم كُلَه فالإنسان خلقه الله تعالى لإعمال عقله ولعبادته جل وعلا، التي تتحقق فقط بتركيز جهَود الإنسان فِي الْقِيَام بالإعمَال الَّتِي فَرَضَهَا الِلَّهِ عَلَيْه والإبتعاد عن ما نهاه وعدم التقصير في ذلك. هذه هي السعادة الحقيقية في إرضاء الله تعالى. وعندما يلتزم المجتمع كله يكون مجتمع سوي ومستقيم مترابط ومطمئن. وهنا لا نجد أي مَكَان للفردية القاسية - هَذَا الَمفهَوم الْقَبِيح - الَّتِي نَتَج عَنه تنافر الْبَشَر عَن بَعْضَهُم الِبَعْض بدلَا عَن التقارَبّ وتكوين علَاقات اساسها فَكَرّ راقي يبحث فِي وَاقَع وحقيقة الْإِنْسَان والكون والْحَيَاة، ويجلب الطمآنينة والسعادة لكل الناس و أساس التعامل مع بعضهم البعض بإعتبار إنسانيتهم فينظم ويعالج لهم شرع الله تعالى كل مناحي حياتهم. والحمدلله رب العالمين. وصلي الِلَّهِم عَلَى سَيِّدَنَا مُحَمَد وعَلَى آلَه وَصَحِبَه آجمَعين. والسلام عليكم ورحمة الله تعلاى وبركاته.