مع الحديث الشريف - من كانت الأخرة همه
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
عن أنس بن مالك قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَه) ُجاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قوله (همه) أي قصده ونيته . وفي المشكاة من كانت نيته طلب الآخرة
(جعل الله غناه في قلبه) أي جعله قانعا بالكفاف والكفاية كي لا يتعب في طلب الزيادة
(وجمع له شمله) أي أموره المتفرقة بأن جعله مجموع الخاطر بتهيئة أسبابه من حيث لا يشعر به
(وأتته الدنيا) أي ما قدر وقسم له منها
(وهي راغمة) أي ذليلة حقيرة تابعة له لا يحتاج في طلبها إلى سعي كثير بل تأتيه هينة لينة على رغم أنفها وأنف أربابها
(ومن كانت الدنيا همه)
وفي المشكاة : ومن كانت نيته طلب الدنيا
(جعل الله فقره بين عينيه) أي جنس الاحتياج إلى الخلق كالأمر المحسوم منصوبا بين عينيه
(وفرق عليه شمله) أي أموره المجتمعة
(ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له) أي وهو راغم , فلا يأتيه ما يطلب من الزيادة على رغم أنفه وأنف أصحابه
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمل الله عنه سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كل ما أهمه، وفرغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكله إلى نفسه ..... " .
لقد أنسى الناس حب الدنيا والتشاغل بها عن طاعة الله عز وجل وعبادته حق العبادة. فجاءت وتوالت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ومنها هذا الحديث الشريف الذي بين أيدينا اليوم، لتذكرنا بما نسينا ولتولد قوة دافعة تزيد قلبنا طمأنينة وتوجهنا إلى ترك الدنيا والزهد فيها ابتغاء لما عند الله من رضى في الدنيا ونعيم في الآخرة.
ونختم بقوله تعالى{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينِ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآب } سائلين المولى عز وجل أن لا يجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .