قانتاتٌ حافظاتٌ مقدمة حقوق المرأة...نظرة الشرع للمرأة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مُستمِعِينَا مُستمِعِي إذاعةِ المكتبِ الإعلاميِّ لحزبِ التَّحريرِ ،، السَّلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ تعالى وبَرَكاتُه , يتَجدَدُ لِقاؤُنا الأسبوعِيُ مَعكُمْ في سِلسِلَةِ حَلقاتِ قانتاتٌ حافظاتٌ . وَهذهِ السِلسِلَةُ نَعْرِضُهَا عَلَيْكُمْ مُستَمِعينَا الكرام حيَثُ نَتَعَرَّفُ مِنْ خِلالِها على نَظْرَةِ الشَّرْعِ لِلْمَرأَةِ وَنُبَيِنُ فيِها ما أَوْجَبَهُ الشَّرعُ مِن حُقوقٍ لها وَما فَرَضَهُ عَلَيها مِن واجِباتٍ ، وقَدْ تَحَدَّثْنا سابِقا عن بعضِ واجِباتِ المرأةِ وَسَنَأْتي الآنَ لِبيانِ حُقُوقِها ولكِنْ كانَ حَرِيّاً بنا أولاً أنْ نقِفَ وِقْفَةً نَرى مَنْ هِيَ هذهِ المرأةُ التي نتحدثُ عنها وما نَظرةُ الشرعِ لها ...
لَقَدْ رَفَعَ الإسْلامُ مَكانَةَ المرأةِ، وأكْرَمَها بِما لمْ يُكْرِمْها بِهِ دينٌ سِواه؛ فَكانَتِ المَرأةُ الأمَ والابْنَةَ والزَّوجَةَ والرَّحِمَ، فَجَعَلَ لَها وَلِياً يَتَوَلَى شُؤونَ حَياتِها مِنْ أَبٍ أوْ أخٍ أوْ زَوجٍ أوِ ابْنٍ فَكَانَ لا بُدَ مِنْ رِعَايَتِهَا خَيْرَ رِعَايَةٍ ومِنَ الإنْفاقِ عَلَيها بَلْ وَجَعَلَ الأمْرَ على سبَيلِ الإلزامِ لا التَّخْيير في حَقِّ الرَّجُلِ .
فَكانَ عَلى الرَّجُلِ العَمَلُ خارِجَ البَيْتِ لِتَأْمينِ وتَوْفيرِ المَأْكَلِ وَالمَلْبَسِ وَالمَسْكَنِ لِهذهِ المَرأَةِ التي كَرَّمَها الشَّرْعُ وَجَعَلَها العِرْضَ الذي يَجِبُ أنْ يُصانَ فَالنِّساءُ في الإسلامِ شَقَائِقُ الرِّجالِ، وَخَيْرُ الرِّجالِ خَيْرُهُمْ لِأَهْلِهِ؛ فَالبِنْتُ الصَّغيرَةُ فِي طُفُولَتِها لَها حُقُوقٌ كَثيرَةٌ ، وَقَدْ كَرَّمَهَا الإسْلامُ أَيَّمَا تَكْرِيمٍ عِنْدَ ظُهُورِهِ ، فَاعْتَبَرَهَا هِبَةَ اللهِ لِلإنْسَانِ كَالذَّكَرِ وَجَبَ اسْتِقْبَالَ مِيلادِهَا بِالْفَرَحِ وَالتَّرْحِيبِ وَحُسْنَ الاسْتِقْبَالِ لِمُعْجِزَةِ اللهِ الذي لا يَمْلِكُ غَيْرُهُ تَصْوِيرَ مَا في الأَرْحَامِ أُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ وَلا يَمْلِكُ غَيْرُهُ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ وَمَا يَمْلِكُ غَيْرُهُ أَنْ يَجْعَلَ مِنَ النُّطْفَةِ السَّاذَجَةِ إنْسَاناً سَوِيّاً، فَكُلُ هذا مَدْعَاةٌ لِلفَرَحِ وَالسُّرُورِ عِنْدَ قُدُومِ المَوْلودِ دُونَ النَّظَرِ إلى نَوْعِهِ وَجِنْسِهِ . وَقَدْ كَانَ مِنْ هَوَانِ النَّفْسِ الإنْسانِيَّةِ في الجاهِلِيَةِ أنِ انْتَشَرَتْ عَادَةُ وَأْدِ البَنَاتِ خَوْفَ العَارِ أوِ الفَقْرِ ، وَحَكَى القُرآنُ عَنْ هذهِ العَادَةِ ما يُسَجِلُ هذهِ الشَّناعَةَ على الجاهِلِيَةِ، قالَ تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} (التكوير8-9) فَجَاءَ الإسْلامُ لِيَرْفَعَ الْعَرَبَ مِنْ وَهْدَتِهَا بَلْ وَيَرْفَعَ الْبَشَرِيَةَ كُلَّهَا
حَيْثُ كانَ الوَأْدُ يَتِمُ في صُورَةٍ قاسِيَةٍ إذْ كانتِ الْبِنْتُ تُدْفَنُ وَهِيَ حَيَةٌ، بَلْ وَكانوا يفعلون هذا بِشَتَّى الطُّرُقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ كانَ إذا وُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ تَرَكَهَا حَتَى تَكُونَ في السَّادِسَةِ مِنْ عُمُرِهَا ثُمَّ يَقُولَ لأمِّها: طَيِّبِيها وَزَيِّنِيها حَتى أَذْهَبَ بِها إلى أحْمَائِها! وقدْ حَفَرَ لَها بِئْراً في الصَّحْراءِ، فَيَبْلُغَ بِها البِئْرَ فَيَقُولَ لَها: أُنْظُري فيها، ثُمَّ يَدْفَعَهَا دَفْعاً وَيُهِيلَ التُّرابَ عَلَيْها! وَكانَ بَعْضُهُمْ إذا جاءَ المَخَاضُ للوالِدَةِ جَلَسَتْ فَوْقَ حُفْرَةٍ مَحْفُورَةٍ فإذا كانَ المولودُ أُنْثى رَمَتْها فيها وَرَدَمَتْها وَإنْ كانَ ذَكَراً قامَتْ بِهِ معها. وَبَعْضُهُمْ كانَ إذا نَوَى ألا يَئِدَ الوَليدَةَ أَمْسَكَهَا مَهينَةً إلى أنْ تَقْدِرَ على الرَعْيِ، فَيُلْبِسَهَا جُبَةً مِنْ صوفٍ أو شَعْرٍ وَيُرْسِلَها في البَادِيَةِ تَرْعَى لَهُ إِبِلَهُ ! فَجاءَ الإسلامُ وَكَرَّمَ هذهِ الابْنَةَ وَجَعَلَ لَها حُقوقاً رَغْمَ صِغَرِ سِنِهَا ، فَجَعَلَ لَها الحَقَّ بِالعَيْشِ بَلْ جَعَلَ لَها حَقاً بالرَّضَاعِ، والرِعَايَةِ، وإحْسَانِ التَّرْبِيَةِ، وَهِيَ في ذلكَ الوَقْتِ قُرَةُ العَيْنِ، وَثَمَرَةُ الفُؤادِ لِوالِدَيْها وَإخْوانِها.بَلْ نَجِدُ أنَّ الأحاديثَ النَّبَوِيَةَ جَاءَتْ لِتَحُثَّ على البَناتِ وَتجَعْلَ البَيْتَ الذي لا يُوجَدُ فيه فَتاةٌ وَكَأنَّهُ بِدونِ نور .
عَنِ ابْنِ عَبَاسَ قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ: مَنْ وُلِدَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا يَعْني الذُّكُورَ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ .
وَإذا كَبُرَتْ فَهِيَ المُعَزَّزَةُ المُكَرَّمَةُ، التِّي يَغَارُ عَلَيْهَا وَلِيُّها، وَيَحُوطُهَا بِرِعَايَتِهِ، فَلا يَرْضَى أنْ تَمْتَدَّ إلَيْهَا أَيْدٍ بِسُوءٍ، وَلا ألْسِنَةٌ بِأَذَى، وَلا أَعْيُنٌ بِخِيَانَةٍ في حينِ أنَّها كانتْ في الجاهِلِيَةِ لا قيِمَةَ لها حَيْثُ كانتْ إذا كَبُرَتْ وَتَزَوَّجَتْ وَمَاتَ زَوْجُهَا جَاءَ وَلِيُّهُ فَأَلْقَى عَلَيْها ثَوْبَهُ .. فَيَمْنَعُهَا مِنَ النَّاسِ ، فَلا يَتَزَوَّجُها أَحَدٌ ، فإنْ أَعْجَبَتْهُ تَزَوَّجَهَا ، لا عِبْرَةَ بِرَغْبَتِهَا هِيَ وَلا إرادَتِها، وَإنْ لَمْ تُعْجِبْهُ حَبَسَها حَتى تَمُوتَ فَيَرِثَهَا ، أو تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَالٍ ، فَالحَمْدُ للهِ عَلى نِعْمَةِ الإسْلامِ الذي جَاءَ لِيَرْفَعَ النَّظْرَةَ إلَيْهَا.
فَإذا المرأةُ تَزَوَّجَتْ كانَ ذلِكَ بِكَلِمَةِ اللهِ وَميثَاقِهِ الغَليظِ؛ فَتَكُونُ في بَيْتِ الزَّوْجِ بِأَعَزِّ جِوارٍ، وَأَمْنَعِ ذِمَارِ، وَواجِبٌ عَلى زَوْجِها إكْرَامُها، والإحْسَانُ إلَيْها، وَكَفُّ الأَذَى عَنْهَا .وَإذا كانَتْ أمًّا كانَ بِرُّها مَقْترناً بِحَقِّ اللهِ تعالى، وَعُقُوقُهَا والإسَاءَةُ إليها مقروناً بالشِّرْكِ بِاللهِ وَالفَسَادِ في الأَرْضِ. وَإذا كانَتْ أُخْتاً فَهِيَ التِّي أُمِرَ المُسْلِمُ بِصِلَتِها، وَإِكْرامِها، وَالغيرَةِ عَلَيْها عَنْ أَنَسَ قالَ : قالَ رَسولُ اللهِ صلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم : مَنْ كانَ لَهُ ابْنَتَانِ أوْ أُخْتانِ فَأَحْسَنَ إلَيْهِما ما صَحِبَتاهُ كُنْتُ أنا وَهُوَ في الجَنَّةِ كَهاتَيْنِ يَعْني السَّبابَةَ وَالوُسْطى .
عنْ أبي سَعيدِ الخُدْرِي أنَّ رَسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ قالَ : لا يَكُونُ لأحَدِكُمْ ثَلاثُ بَنَاتٍ أوْ ثَلاثُ أَخَوَاتٍ فَيُحْسِنُ إلَيْهِنَّ إلا دَخَلَ الجَنَّةَ .. وَإذا كانَتْ خَالَةً كانتْ بِمَنْزِلَةِ الأمِّ في البِرِّ وَالصِّلَةِ. كانتْ جَدَّةً، أوْ كَبيرَةً في السِّنِ زَادَتْ قيمَتُها لَدَى أَوْلادِها، وَأَحْفادِها، وَجَميعِ أَقارِبِها؛ فَلا يَكَادُ يُرَدُّ لَها طَلَبٌ، وَلا يُسَفَّهُ لًها رَأْيٌ. وَإنْ كانَتْ إحْدَى مَحارِمِهِ سَواءَ يَرِثُها أمْ لا وَجَبَ عَلَيْهِ وَصْلُها وَإحْسَانُ صِلَةِ الرَّحِمِ بِها دَلالَةً عًلى مَبْلَغِ مَا شَرَعَهُ اللهُ مِنَ الصِّلَةِ والوُدِّ بَيْنَ الجَمَاعَةِ الإسْلامِيَّةِ، في صِلَةِ الأقارِبِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْض، وَالتَّعاوُنِ بَيْنَهُم. وإذا كانت أجْنَبِيَّةً عَنِ الرَّجُلَ لا يُدْنيهَا قَرابَةً أوْ جِواراً كانَ عليه حَقُّ الإسلامِ العامُ مِنْ كَفِّ الأذَى، وَغَضِ البَصَرِ وَنَحْوَ ذلك.هذهِ هِيَ المرأةُ في الإسلامِ، وهذهِ نَظْرَةُ الشَّرْعِ لها نَظْرَةُ إكْرامٍ وَتَكْريمٍ وَمَوَدَةٍ وَرَحْمَةٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا بَعْضَ حُقوقِ المرأةِ المُتَعَلِقَةِ بِهذهِ النَّظْرَةِ، وَسَنَأْتِي عَلى ذِكْرِ حُقُوقِ المرأةِ في الإسلامِ سَواءَ أكانتْ ماديةً أمْ مَعْنَوِيَةً بشيءٍ من التفصيل ، في الحَلقَةِ القادِمَةِ بِإِذْنِ الله.
نَتْرُكُكُمْ في رِعايةِ اللهِ وَحِفْظِهِ، وَإلى مَوعِدٍ آخَرَ الأسْبوعَ القادِمَ ، مَعَ سِلسِلَةِ حَلَقاتِ قانِتاتٌ حافظاتٌ ، نَلْقاكُمْ عَلى خَيْرٍ بِإِذْنِ الله.
والسَّلامُ عَليكُم وَرَحْمَةُ اللهِ تعالى وَبَرَكاتُه
أم سدين