الاعلام يخترق أكثر الأماكن خصوصية
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
طالعتنا وسائل الاعلام الفضائية والأرضية العربية على مدى العامين الماضيين او يزيد بموجة جديدة من نمط جديد من البث الإعلامي الخاص بما يسمى الدراما ، ونخص بالذكر التركية منها. وللوقوف على هذا الأمر فقد نشرت مؤخرا مجلة النيورك تايمز مقالاً بعنوان "أثر الدراما التركية في الإعلام العربي" , تناول فيه مدى الشهرة والشعبية للمسلسلات التركية بين شعوب العالم العربي المسلم و أثرها عليهم, وكيف ان القنوات تتسابق لعرض المسلسلات التركية حتى وصل الى الاحتكار والسعي الى اخذ الريادة والحصرية في بث تلك المسلسلات. خاصة أن هذه المسلسلات تجدها تحاكي مواضيع تقليدية مثل الحب والقتل والتآمر والعلاقات الأسرية ، وايضا تستخدم اسماء ولهجة عربية للممثلين من اجل محاكاة واقع الشعوب العربية . وأظهر التقرير أن هناك الكثير من العرب المسلمين رجالاً ونساء من الشباب مفتونون بهذا النوع من الدراما الجديد على مجتمعاتهم.
إن هذه المسلسلات تعرض قصصاً مشوقة للمشاهدين ، مثل قصة المرأة الفقيرة الأقل تعليماً وصاحبة الطموح بحيث يوجد نوعاً من التعاطف العام معها بسبب حالها ولا ننسى في نهاية المسلسل الطويل الممل أن الحلم يتحقق بالحصول على المال والمكانة الاجتماعية والحب المفقود. هذا من حيث دور النساء ، أما الممثلون الرجال فدورهم في معظم المسلسلات لا يخرج عن الأدوار التقليدية التي عفى عنها الزمن وهو المليئ بالأنانية وحب الذات والحصول على كل شئ بكل الوسائل. ولا ننسى النقاط الرئيسية التي تسلط عليها هذه المسلسلات مثل الاختلاط بين الجنسين في كافة الأماكن الخاصة والعامة وجعلها مقبولة ومستساغة عند المشاهدين. ونلاحظ أيضا اتخاذ اسلوب شركات هوليوود مثل انتاج مسلسلات على نمط السندريلا لنشرها ايضا بين الاطفال .و لا ننسى الأثر البالغ لتلك المسلسلات على الحياة الزوجية مما أدى الى ضرر كبير في المجتمع والعلاقات الاجتماعية بسبب من ينشر من أفكار. ومن الملاحظ انه في الأعوام الماضية كان هناك دوراً للمسلسلات الأجنبية منها الأمريكية واللاتينية , لكن على مدار ثلاثين عاماً او اكثر لم تنجح في عملها ، لذلك توجه الأمر الى المسلسلات التركية من أجل انجاز ما فشل به الآخرون. فقد فشلت الأسماء الاجنبية و طراز الحياة الغربي في نقل الأفكار والمفاهيم الغربية الى الجماهير العربية بسبب غربتها عن واقعهم .
فقد كانت تلك المسلسلات تستخدم الدوبلاج في الصوت بحيث تفقد التشويق عند المشاهدين، اما المسلسلات التركية فهي تستخدم لهجات قريبة الى قلوب المشاهدين منها السورية ، وأيضاً كما ذكرنا فإنها تستخدم أسماء مسلمين و تحاكي واقع المشاهدين. وحسب العديد من الدراسات التي أُجريت على نجاح الإعلام التركي في جذب المشاهدين العرب المسلمين فقد استطاعت اختراق المجتمعات المحافظة في العالم العربي.
ونلخص أسباب هذا النجاح إلى عدة أمور منها :
أولا: أن تركيا بلد مسلم ويحمل تاريخ الدولة الاسلامية ، وحال الناس متعاطفون ومتضامنون مع بعضهم البعض و يشعرون بنوع من الانتماء في جميع انحاء العالم.
ثانيا : يستخدم الإعلام التركي مسائل لها احترام عند المسلمين مثل القتل من أجل الشرف. مما يجعلها تلقى احتراماً عند المشاهدين وتجذبهم وتسرق قلوبهم.
ثالثا: الدور السياسي الذي تلعبه تركيا في العالم يجعل المشاهدين يجلونها ويحترمون ما يأتي من عندها.
هذه الأمور غيض من فيض من مخالب تستخدمها وسائل الاعلام لنشر ما تريد من أبسط الامور الى اعلاها من خلال القدرة على اختراق اكثر الاماكن خصوصية وهو بيت المسلم. وكل هذا من أجل نشر الأفكار الغريبة عن المجتمعات وتلويثهم بالمفاهيم المغلوطة عن الحياة والعلاقات الاجتماعية ونشر الرذيلة بين أفراد المجتمع بحيث تصبح مقبولة وغير مستهجنة في واقعهم و مفاهيمهم. مثل جعل الطلاق شيئاً مقبولاً بل مطلوباً ومحبباً ، والتحرش الجنسي شئ ليس من الرذيلة. ولهذا كان لمثل هذه اللأفكار وغيرها أثر في مجتمعاتنا بحيث وجد حالات انتحار و حالات اغتصاب ،وايضا تفكك في العلاقات الاسرية، وهذا كله ناتج عن الأثر الذي تحدثه مثل هذه الوسائل الخبيثة على مجتمعاتنا.
وهنا يجب أن نسأل كيف يمكننا أن نسمح لأنفسنا بقبول مثل هذه الأفكار؟ ؟ كيف يمكن أن نقبل الانتقال من الأعلى الى الأدنى؟ ان مجتمعاتنا وشبابنا هم الهدف الذي يريد الغرب تدميره وتسميمه ببطء من أجل قتل القوة الحقيقية في داخله لأجل التغيير والنهضة .بحيث أصبح هذا الهدف الشغل الشاغل لهم ، ويستخدمون كافة الوسائل من أجل تحقيقه ، فشاشات التلفاز موجودة في كل بيت. و يحاول الغرب بكل الوسائل تدمير جيل كامل وتجريده من القيم والأخلاق والمفاهيم الصحيحة و استبدالها بالانحلال والتفكك الأخلاقي وفساد المفاهيم عن الحياة ، ولكن كيف لنا ان نقبل استبدال هذه المعايير الربانية التي جاء بها نبينا.
فعلى تركيا أن تعود الى رشدها في إعلامها والعودة الى الأصل الذي كانت عليه ناشرة للإسلام وليست مسوقة للرذيلة وأفكار الغرب الفاسدة .و لا ننسى قول الله تعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
سورة النور، آية 19
كتبته للإذاعة
الأخت منال بدر