مفاهيـــم خطــرة لضــرب الإســلام المفهوم الأول الدِّيمُقـراطيَّــــــة ُ نِظــَــــامُ كـُـفـْـــــــر
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رَبّ العَالمينْ, والعَاقبَة ُ للمُـتقينْ, وَلا عُدوَانَ إلا َّعَلى الظالِمينْ, وَالصّلاة ُ وَالسّلامُ عَلى أشرَف ِالمُرسَـلينْ, وآلِهِ وَصَحْبـِهِ أجْمَعينْ, وَمْن تـَبـِعَهُ وَسَارَ عَلى دَرْبـِهِ, وَاهتـَدَى بهديـِهِ, وَاستـَنَّ بسُـنّـتِهِ إلى يَوم ِالدّينْ, وَاجْعَـلنا مَعَهُمْ, وَاحْشُرنـَا في زُمرَتـِهمْ, برَحْمَتـِكَ يَا أرْحَمَ الرّاحِمِينْ. أمّا بَعدُ:
قالَ اللهُ تـَعَالى في مُحْـكـَم ِ كِتـَابـِهِ, وَهُوَ أصْدَقُ القائلينْ: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء65
إخوة الإيمان:
بَعْدَ أنْ هَدَمَ الكـَافِـرُ المُسْـتـَعْمِرُ دَولـَة َ الخِلافـَةِ بالتـّعَاوُن ِ مَعَ بَعض ِأبنـَاءِ المُسلِمِينَ الخَوَنة, عَمِلَ عَلى تـَقسِيمِهَا إلى دُوَيلاتٍ هـَزيلة ً صَارَ عَدَدُهَا الآنَ يَفـُوقُ السِّـتينَ دُوَيلـَة, وَوَضَعُوا عَليهَا عُمَلاءَ لـَهُمْ، يُطـَبِّـقـُونَ المَبدَأ الرّأسمَاليَّ الكـَافِـرَ، وَمنهُ الدّيمُـقرَاطِيَّة ُ التي تـُسَوَّقُ الآنَ عَلى أنـَّها المُنقِذة ُ للناس ِ مِنَ القـَمْع ِ وَالبَطش ِ، حتـّى إنَّ بَعْضَ مَنْ يَدَّعُونَ العِلمَ مِنْ عُـلمَاء السّلاطِين ِ وَالحُكـَّام ِ, ألبَسُوهَا لباسَ الشُورَى وَعَـدّوهَا مِنَ الإسْلام.
إنَّ الدّيمُقرَاطِيَّة َ مُصْطلحٌ يُونَانِيٌ يَعنِي حُكـْمَ الشّعْبِ، فالشّعْبُ هُوَ الذي يُشرِّع ُالقوَانينَ وَالأحْـكامَ لِنـَفسِهِ مِنْ خِلال ِ بَرلـَمَانـَاتٍ مُنتـَخـَبَةٍ يُطلـَقُ عَليهَا المَجَالِسُ التـّشْريعِـيَّة ُ. أيْ هـِيَ التي لـَهَا الحَقُ في التـّشْريعْ. فـَمَثلا ً تـُعرَضُ الخَمْرُ عَلى البَرلـَمَانْ, فإنْ صـَّوتت ِ الأغلـَبيّة ُ ((النـِّصْـفُ فـَأكثـَرْ)) بالسَّمَاح ِ لـَهَا فـَتـُصْبحُ صِنـَاعَتـُهَا وَتـِجَارَتـُهَا وَتـَخزينـُهَا وَتـَدَاوَلـُهَا وَشُربُهَا قانونيا ً. وَهَكذا بَقيــَّة ُ التـَّشريعَاتْ.
إخوة الإيمان:
تـَقـُومُ الدّيمُقرَاطِيَّة ُ عَلى أربَعةِ أركانْ, وَهِيَ مَا يُسَمّى بالحريَّات الأربَعْ: حُرِّيـَة ُ العـَقيدَة ِ, وَحُرِّية ُ الرّأي ِ, وَحُرِّية ُ التـَّمَلـُّـكِ والحُرِّية ُ الشّخصيَّـة ُ. وَإليكـُمْ هَذِهِ الحُرِّياتُ بشَيءٍ مِنَ التـَّـوضِيح:
•· أولا ً: حُرِّيَّـــة ُ العَــقيـــــدَة:
وَهِيَ تـَعني أنّـكَ حُرٌّ في أنْ تـَعتـَقِدَ العـَقيدَة َ التي تـَشاءُ, في أيِّ وَقتٍ تـَشَاءْ, فـَلـَكَ أنْ تـُصْبـِحَ مُسلِما ً, وَعندَ الظـُهْر ِ تـَكـُونُ بُوذيّا ً, وفي المَسَاء تـُمْسي يَهُوديّـا ً! عِلـْما ً بأنَّ الرّسُولَ صلى الله عليه وسلم يَقـُولُ: »مَنْ بدَّلَ دِينـَهُ فـَاقــتـُـلـُـوهُ «.
- ثانيا ً: حُرِّيـَّــة ُ الــــــــرَّأي:
وَهِيَ تـَعنِي أنَّـكَ حُرٌ في أنْ تـَقـُولَ الرَّأيَ الذي تـَشـَاءُ, في الوَقتِ الذي تـَشَاءْ, كأنْ تـَسُبَّ الإسلامَ, أو أنْ تـَقدَحَ في شَخص ِ الرّسُول ِعليهِ الصَّلاة ُ وَالسَّلامُ أو ِ الصَّحَابَةِ عَلـَيهـِمْ رضْوَانُ اللهِ تعَالى, وَليسَ كِتـَابُ آيَاتٌ شَيْطانِيَّة ٌ لسَلمَانْ رُشدِي وغيره مما حصل في بلاد الدنمارك مِنكـُمْ ببَعِيدْ.
•· ثالثا ً: حُرِّيــَّــة ُ التـَّـمَـلـــــُّـك:
وَهِيَ تـَعنِي أنَّـكَ حُرٌ في أنْ تـَمْـتـَلِكَ أيَّ شَيءٍ تـَشآءُ, وَلـَو كـَانَ ذلِكَ مُحَرَّما ً في شرْع ِاللهِ, مِثـلَ الخـَمر ِ وَالخِنزير ِ أوحَتـَّى المُخَدِّرَاتِ, كمَا في بَعْض ِ الدُوَل ِ الأورُوبِّيةِ, مِثـلَ: هُولـَندَا, وَبَـلـْجيكا, وَسويسرا.
- رَابعا ً: الحُرِّية ُ الشـَّخصيَّة ُ:
وَهِيَ تـَعنِي أنَّـكَ حُرٌ في أنْ تـَفعَلَ مَا تـَشَآءُ في أيِّ وَقتٍ تـَشَآءْ، أنْ تـَـلبَسَ وَتأكـُـلَ مَا تـَشَاءْ, وأنْ تـُشبـِِعََ جَمِيعَ غَرَائِزكَ كـَيفـَمَا تشاءُ, بـِصَرفِ النـَّظر ِ عَن ِ الحَلال وَالحَرَامْ. فاللواط ُ والسحاقُ مُبـَاحَان ِ في كـَثير ٍمِنَ الدّول ِالغـَربيَّـة.
هَذا هُوَ وَاقعُ الدِّيمُـقرَاطيَّـة. أمّا حُكمُهَا, فإنَّ الإسلامَ مِنْ عقيدتـِهِ أنَّ التـَّـشريعَ حَقٌ لله تعَالى فقط, وَلا يَجُوزُ لِكائِن ٍ مَنْ كـَانَ أنْ يُشرِّع َ, وأنّ المَصَادِرَ التي تـُؤخَذ ُ مِنهَا الأحكامُ الـَّـشرعيَّـة ُ أربعة ٌ فقط وهي: الكتابُ, والسُـنـَّـة ُ, وإجماعُ الصََّحَابَةِ, وَالقِياسُ.
قالَ اللهُ تـَعَالى:{...إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ...}الأنعام57
وقالَ تعالى:{...وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} المائدة44.
أمَّا الحُرِّياتُ الأربعُ التي ذكـَرنـَاهَا آنفا ً فـَهيً غـَيرُ مَوجُودَة ٍ في الإسلام مُطلـَـقا ً, بَـل هُنـَاكَ حُرِّيـَة ٌ وَاحِدَة ٌ تتـَعَلــَّـقُ بالمَعنى المُنـَاقِض ِ للعُبُودِيـَّّة, وَهيَ الحُرِّيـَّة ُ التي تـَحَدَّثَ عَنهَا عُمَرُ بنُ الخـَطابِ رَضيَ اللهُ عنهُ حِينَ قالَ قـَولـَتـَهُ المَشهُورَة: (( مَتى استعبَدتـُمُ النـَّاسَ, وَقدْ وَلـَدَتهُمْ أمَّهَاتـُهُم أحْرَارا ً!)). وَقدْ جَاءَ الإسلامُ لِيُخْرجَ النـَّاسَ مِنْ عِبَادَة ِالعِبَادِ إلى عِبَادَة ِرَبِّ العِبَادْ.
إخوة َ الإيمانِ:
نـَحْنُ وَإيَّاكـُم نـَتـَشَرَّفُ بأنـَّـنـَا عِبَادٌ للهِ, نـَلتـَزمُ بأحكـَامِهِ وَشَرعِهِ, وَقـَدْ أكـْرَمَنـَا الله ُ بهَذا القانـُون ِ الإلهيِّ, الذي يُميِّزُنا عَنْ سَائِر البَشَر. فالمُسلِمُ مُقـَيـَّـدٌ فيمَا يَعْـتـَقِدُ, وَفيمَا يَمْـتـَـلِكُ, وَفيمَا يَقـُولُ, وَفيمَا يَفعَـلُ بالأحْـكام ِالشـَّرْعِيـَّة.
وأمَّا الشُّورَى في الإسلام ِ فـَهيَ تـَخْـتـَـلِفُ اختِلافا ً جَذريّـا ً عَن ِ الدِّيمُـقرَاطيَّـة. وَالشُّورَى هِيَ أخْـذ ُ الرَّأي ِ مُطلقا ً, ولكنْ لا تكونُ إلا في الأمْر ِالمُـبَاح ِ شَرْعا ً.
والشُّورَى هِيَ لتقديم ِ النـُّصْح ِ وَالمَشُورَةِِ للخليفةِ, وَهِيَ أيضا ً لِمُحَاسَبَةِ الخليفةِ على تقصِيرهِ في حَقِّ الرَّعِيَّة أو إساءةِ تطبيق ِ الإسلام ِ ــ إنْ وُجـِدَ ــ وَليسَ مِنْ أجل ِالتشريع.
والشُّورَى غـَيرُ مُلزمَةٍ للخليفةِ إلا َّ مَا كانَ مِنْ قـَبيل ِ((الرَّأي وَالحَرب ِ وَالمَكيدَة ِ)) أي مِنَ الفِكر ِ الذي يَحتاجُ إلى بَحثٍ وَإمعَان ِ نـَظـَرْ, وَمِنَ الأمُور ِ الفنيـَّةِ التي تـَحتـَاجُ إلى خِبرَة ٍ, وَذلكَ كمَا فـَعَـلَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عِندمَا نـَزَلَ عَـلى رَأي الحُبـَابِ بن ِ المُنذر ِفي بَدْر.
وَهكذا يَظهَرُ إخوة الإيمان لنـَا جَـلِـيّا ً أنَّ الدِّيمُـقرَاطِيّة َ نِظامُ كـُـفـر ٍ, يَحرُمُ أخْذ ُهَا, وَالدَّعوَة ُ إليهَا, والتـَّرويجُ لـَهَا, وَأنـَّهَا تـَختـَلفُ عَن ِ الشُّورَى اختِلافا ً كـُـلـِّـيا ً بَـل جذريـَّـا ً.
وختاماً نسأل الله عز وجل أن يفقهنا في ديننا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزدنا علماً نافعا .
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَة ُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.
الأستاذ أبي إبراهيم