المنظمات غير الحكومية ودورها في فلسطين
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد:
تعود نشأة المنظمات غير الحكومية - أو ما تسمى بمؤسسات المجتمع المدني وأحيانا بالمؤسسات الأهلية - في الغرب إلى زمن النهضة الأوروبية، زمن الصراع بين الكنيسة والشعب وبين الملوك الأباطرة والشعب، فقد حكم الملوك الشعب الأوروبي فترة طويلة من الزمن آخذين الشرعية من الكنيسة، واتسمت هذه الفترة بالانحطاط والتخلف والجور، الأمر الذي دعا إلى البحث عن بديل لا دخل للدولة به (كسلطة سياسية)، ولا للكنيسة أيضاً (كسلطة دينية)، من أجل القيام بدور الرعاية للناس، ثم بتأثير العولمة وبتبني الأمم المتحدة لثقافة الحاجة إلى مؤسسات (غير خاضعة للحكومة وأهدافها غير ربحية كما يقولون)، انتقلت تلك الثقافة منذ أكثر من عقدين من الزمن إلى البلاد العربية والإسلامية،مع وجود إختلاف في طبيعة عملها في الغرب أو في بلادنا.
وبالتدقيق في أهدافها وبرامج أعمالها يتبين أنها أسلوب من أساليب حرب الأفكار وأن الدور الذي تلعبه هو دور مشبوه وخطير، إنها تقدم خدمة للبرامج السياسية والإقتصادية والإجتماعية للغرب الكافرالمموّل لتلك المنظمات والذي يستميت في العمل للحيلولة دون عودة الإسلام إلى واقع الحياة.
ومما يدل على ذلك:
-- ما ورد في كتاب "العالم الإسلامي بعد 11/9 الصادر عن مؤسسات البحث الأمريكي فقد أوصى أن تقوم المؤسسات باستقطاب الشباب لإبعادهم عن الدين وعن الجماعات الإسلامية، أليست هذه الأهداف أهداف سياسية تصرف الأمة عن التفكير بمشروعها النهضوي !!! ؟
-- وكذلك المفوضية الثلاثية: وهي أهم منظمة غير حكومية في العالم تضم أكثر من (350) شخصاً من صُنّاع القرار السياسي والإقتصادي والثقافي كرجال الأعمال والإعلاميين والأكاديميين والسياسيين والنقابيين وممثلي المنظمات غير الحكومية الأخرى، وهؤلاء من ثلاث قارات (أمريكا وأوروبا وشرق آسيا) وتتصل بشبكة من المؤسسات المانحة كمؤسسة روكفلر ومؤسسة فورد وغيرها، وتضع توجهات وبرامج على مستوىً عالمي وتحولها إلى سياسات فعلية على الأرض وإلى رأي عام، عبر ملياراتها ومشاريعها الثقافية وغير الثقافية وكل ذلك مُوَجَّهٌ إلى المُتَلقين للتمويل الأجنبي، رغم أنهم يُصِرّون بأن تمويلهم يأتي بدون شروط .
--وأيضاً تبني الأمم المتحدة لثقافة المنظمات غير الحكومية والترويج لها وعقد المؤتمرات المتتالية الهادفة إلى عولمة الحياة الإجتماعية بالمفهوم الغربي الإباحي، ففي عام 1979م عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إتفاقية (سيداو) وهي أخطر إتفاقية متعلقة بقضايا المرأة وأكثرها مخالفة للإسلام حيث تعتبر أن من أبرز أشكال التمييز ضد المرأة هو الدين، وفي عام 1995م عقد في بكين المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، والذي أثار ضجة كبيرة عليه لمخالفته للفطرة والشريعة الإسلامية، لكن هذه الضجة لم تؤثر طويلا فقد عقد مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة (المساواة والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين) في نيويورك والذي من أبرز أهدافه إلغاء جميع التحفظات التي قُدِّمَت على توصيات مؤتمر المرأة الرابع ببكين .
لقد ركزت المنظمات في بداية وجودها على تقديم خدمات الرعاية للفقراء من توفيرٍ للحاجات الأساسية والصحة والتعليم، وتقديمٍ للمساعدات عند حدوث كوارث طبيعية كالفيضانات والمجاعات والحروب وما ينتج عنها من أعداد كبيرة من اللاجئين، وقد كان التمويل يتم من التبرعات الخاصة والأسر الراعية لهذه المنظمات، وعلى مرّ الزمن ازدادت هذه المنظمات بكثرة وتنوعت أدوارها وبرامجها وأنشطتها، فأصبحت تهتم بقضايا أخرى كالبيئة والعدالة الإجتماعية والمرأة والشباب والطفل وحقوق الإنسان والديمقراطية والعنف ------ الخ، ولكن تلك المنظمات لم تبق محصورة محلياً فقط وإنما أصبحت منظمات دولية ضخمة ذات نفوذ كبير وبتمويل متوسط مثل منظمة العفو الدولية والتي تعمل في (162) دولة وتمتلك معلومات عن هذه الدول وهي جاهزة لمن يطلبها، ومنظمات عالمية أكبر كمنظمة السلام الأخضر والتي تقدر ميزانيتها بحوالي (400) مليون دولار سنوياً.
هذه المنظمات، ولو أن مراكزها الأساسية في دولها وأماكن نشأتها إلا أن لها فروع في دول عديدة ومنها فلسطين، مثل مؤسسة الشرق الأدنى والتي تأسست في بداية القرن العشرين ومقرها الرئيسي في نيويورك والإقليمي في القاهرة وتعمل في أرمينيا وجيبوتي وأرتيريا وأثيوبيا ومالي والأردن ومصر والمغرب والسودان واليمن وافتتحت مكتبها في فلسطين عام (2000)م .
وكذلك منظمة التنمية الأمريكية لها فروع في العراق ومصر وصربيا والبوسنة وأنشأت فرع لها في فلسطين وبالتحديد في جبل الزيتون في القدس عام (1980)م وهي تعنى بالتنمية الدولية للديمقراطية.
إن هذه المنظمات، خاصة ذات النشاط الدولي ما هي إلا إحدى آليات الهيمنة الرأسمالية تعمل إلى جانب المؤسسات الدولية الرسمية - كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية -على تطبيق وتنفيذ برامج عولمية .
وبحسب دليل المنظمات غير الحكومية في الضفة الغربية لعام (2006)م فإن عددها يساوي (715) منظمة وبالتأكيد فإن العدد قد ازداد في الأربع سنوات الأخيرة، فقد أشار مدير عام مركز تطوير المؤسسات الأهلية الفلسطينية "غسان كسابرة" في مقال له بتاريخ 7/2/2010م إلى وجود حوالي (1500) مؤسسة أهلية إضافة إلى العديد من التي تمّ تسجيلها حديثا.
أما تمويل هذه المنظمات فإنها تعتمد على المساعدات الخارجية حيث تصل نسبة هذه العائدات إلى 78%، وتشير التقارير إلى أن المساعدات الخارجية للمنظمات الفلسطينية غير الحكومية لعام (2008)م بلغت (257) مليون دولار أمريكي، فمن بين الجهات المانحة الدول الأوروبية سواء كمجموعة أو كدول فردية وهي تعتبر أكبر جهة مانحة حيث توفر حوالي 70% من مجموع التمويل المخصص لهذه المنظمات، كما تقدم الولايات المتحدة الأمريكية ما نسبته فقط 5% من التمويل والباقي الضئيل يأتي من الدول العربية .
بعد هذا العرض المختصر جدا أخواتي نريد التركيز على ما يهمنا كنساء نعيش في فلسطين، على مراكز نسوية منتشرة تعمل ليل نهار دون كلل أو ملل على شريحة كبيرة من النساء المنتسبات لهذه المراكز والمشارِكات لبرامجها، من أجل اختراقها وإفساد عقولها ، ومن بين هذه المراكز :
-
جمعية النهضة النسائية في رام الله .
-
مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي وله أربع فروع في رام الله - بيت حنينا- الخليل- القدس (البلدة القديمة) .
-
إتحاد لجان العمل الصحي :مركز نضال لتعزيز وتنمية المجتمع في القدس (البلدة القديمة) .
-
مركز السرايا لخدمة المجتمع في القدس ( عقبة السرايا).
-
جمعية تنظيم وحماية الأسرة الفلسطينية ولها ست فروع في الضفة وغزة .
-
المركز الفلسطيني للإرشاد وله عدة فروع في القدس وبيت حنينا ورام الله وجنين ونابلس .
-
برج اللقلق المجتمعي في القدس (باب حطة) .
-
مؤسسة العناية الأهلية في واد الجوز والتي تقدم خدمات تأهيل منهجي للشابات من عمر (16-22) وهي أخطر مرحلة في حياة الفتيات .
هذه بعض الأمثلة وغيرها كثير كثير لا يتسع الوقت لسردها وتبيان أهدافها المعلنة والمخفية، فقد لوحظ أن هذه المراكز عادة ما تبدأ مشوارها ببرامج ترفيهية لا فكرية وأحيانا يلحقها توزيع مواد غذائية وحاجات أخرى على الأسر المحتاجة والأيتام، وإذا ما اطمأنت النساء إليها وأصبحن يرتدن المكان كشفت هذه المراكز الخبيثة عن خططها الماكرة وبدأت تبث سمومها في عقول نسائنا بالتزامن مع البرامج والدورات الرياضية واللياقة والطبخ والأشغال اليدوية التي تُدِرُ ربحا على النساء.
وكثيراً ما يلحق بالمراكز روضات أطفال ودورات مساعدة لدراستهم ومخيمات صيفية وأماكن لهو وترفيه، كل ذلك تشجيعا للمرأة على الحضور إلى المركز وهي مطمئنة على أطفالها .
ومن الأساليب الماكرة إعطاء الموظفات العاملات في هذه المراكز رواتب عالية من أجل استقطابهن للعمل معهم، كذلك لوحظ أسلوب إعطاء هذه المراكز المظهر الإسلامي عن طريق توظيف النساء المحجبات والرجال الملتحين والذين تظهر عليهم علامات الورع والتقوى وممن يقرأون القرآن، يريدون بذلك إيجاد وجه إسلامي ليجلب الثقة بهم، كما لم يغب عن بعضها فتح دورات لتدريس مادة تجويد القرآن وحفظه مستعينين بالداعيات لإعطاء محاضرات دينية، وكل ذلك الهدف منه طبعاً استدراج نساء الأمة، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا أردنا أن نبين واقع المحاضرات التي تقدم في تلك المؤسسات والمراكز وما يتم فيها من مناقشات فسوف نؤكد على أن هذه المناقشات غالباً ما تكون فضحاً لأسرار البيوت وفضحاً للأبناء والأزواج وما يفعلوه مع نسائهم وما إلى ذلك من أمورٍ شدد الإسلام على المحافظة على سريتها عدم إخراجها خارج بيت الزوجية خوفاً من إشاعة المنكرات والفواحش وهتك الأسرار، هذا فضلاً عن الحلول السيئة التي يعطونها للنساء غير الراضيات عن حياتهن وعلاقاتهن العائلية مثل أن رفع قضية على الزوج أمر طبيعي، وأن الأصل أن تدور نقاشات جنسية موسعة بين الأم وأبنائها وبين المعلمة وطالباتها لتوعيتهن وتحذيرهن ومساعدتهن في كيفية الحفاظ على أنفسهن من الإعتداءات الجنسية حتى من أقرب الأقرباء لهن.
ومحاضرات ودروس في مساواة المرأة بالرجل وأن أعمالها في البيت آتية من العادات والتقاليد التي فرضها المجتمع متجاهلين أنه فرض فرضه الله سبحانه وتعالى عليها، لا بل إنهم يعطونها محاضرات في التعريف بحقوقها وكيفية الحصول عليها وما الذي ينص عليه النظام القضائي الفلسطيني والنظام القضائي الإسرائيلي للرجوع إلى أي منهما حين الحاجة، خاصة حينما يتعرضن للعنف الأسري والإعتداءات الجنسية حسب إدعائهم، كما أنهم يركزون كثيرا في محاضراتهم على مساويء وخطورة الزواج المبكر وما ينتج عنه من ضياع حقوق وإقامة مشروع عائلة دعائمه ضعيفة لا يمكن لها أن تستمر وإن استمرت ونتج عنها وجود أبناء فسيكونون ضعيفي البنية الجسدية والعقلية، كل هذا التضليل وهم متأكدون علمياً أن الزواج المتأخر هو الذي قد ينتج عنه أبناء مشوهون أو غير قويي البنية الجسدية .
أخواتي كما قلنا في البداية إن هذه المنظمات وما تخفيه من أهداف وما تقوم به من برامج لا تخدم إلا ذلك المَُمَوِّل الذي يسعى لإفساد الأمة الإسلامية ويزعزع كيانها ويفكك الأواصر المجتمعية ليزداد تفرق أفرادها وتشرذمهم ليحول ذلك دون وحدتها ونهضتها وعودة دولتها الإسلامية المتمثلة بالخلافة الإسلامية ، جعلنا الله وإياكن من شهودها قريبا بإذن الله .
اللهم أعنا على بذل الوسع في فضح هذه المنظمات والعمل على إنكار ما تدعو إليه من منكرات عظيمة لتُسَدَّ عليها السبل ويُرَد كيدها إلى نحرها .
اللهم آمين
كتبته للإذاعة
الأخت راضية