الخاتمة
لذلك يجب على الحزب أن يكون واعياً على الاستعمار، وعلى الطرق التي يسلكها، وعلى الأساليب التي يستعملها، وأن يكشفها للناس، وأن يجعل الأمة كلها واعية على الكافر المستعمر، وعلى طرقه وأساليبه. كما يجب على الحزب أن يعلم أنه - وهو في نقطة الانطلاق - يبدأ في مواجهة هذا الاستعمار، لأن الحزب سيخاطب الناس، ويتبنى مصالحهم، ويكشف خطط الاستعمار. وفي هذه الحالة لا يقف الاستعمار مكتوف الأيدي، ولا سيما عند كشف خططه. ولذلك تحصل حينئذ نقطة الاحتكاك المباشر مع الكافر المستعمر، وربما أدت هذه إلى محاولته الاصطدام مع الحزب، إلا أنه وقد هيأ نفسه لأن يجعل المسلمين يصطدمون مع بعضهم، واتخذ ذلك خطته، فسيجعل فئات من المواطنين يصطدمون مع الحزب وسيدأب على هذه الخطة. وسوف لا يواجه الحزب إلا في حال يأسه، وإلا حين يصبح يقاتل في آخر الخنادق التي يملكها، ويحمل آخر سلاح لديه. ولذلك كان على الحزب أن يتجنب الاصطدام مع المواطنين مطلقاً، وأن يجعل اصطدام الاستعمار مع الأمة جميعها، لا مع الحزب وحده، ولذلك كان لزاماً على الحزب أن يجعل الأمة كلها هي الحزب، وأن يصهرها بالإسلام، وأن يجعل ثقتها المطلقة بالحزب، وأن يركز طاعتها الواعية له، وأن تكون قيادتها له، وللمبدأ الذي يحمل دعوته، وهو الإسلام. وبذلك تسير الأمة صفاً واحداً عن وعي وإدراك، وفي قوة واندفاع، كالإعصار الجارف. وتكون المعركة الحقيقية بين الأمة بل بين سائر المواطنين، وبين الاستعمار، حتى يزال كل أثر له.
وهذا التحويل للمعركة من معركة بين الحزب والاستعمار، إلى معركة بين الاستعمار والمواطنين حتمية وطبيعية. وهي تحتم على الحزب أن يكشف للأمة العداء اللئيم الذي يحمله عدوها المستعمر لها والمؤامرات الخبيثة التي يعقدها ضدها، والدسائس الفظيعة التي يحوكها لها، لإذلالها ثم إفنائها والقضاء على مبدئها.
وبذلك تكون الأمة قد حملت بمجموعها مع الحزب مهمة حمل الدعوة الإسلامية، واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية، وأزالت من طريقها كل ما يقف حاجزاً دون ذلك.
|