الإثنين، 21 صَفر 1446هـ| 2024/08/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بالأمس كان خبيرًا في الإرهاب أما اليوم فمنظمة إرهابية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بالأمس كان خبيرًا في الإرهاب أما اليوم فمنظمة إرهابية

 


كتبت وكالة الأناضول للأنباء بتاريخ 2015/4/29 تحت عنوان: كفاح الكيان الموازي يستمر بإصرار:


أكد مجلس الأمن القومي الذي انعقد برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان استمرار العزم على مكافحة الكيان الموازي والتشكيلات غير الشرعية. وأفاد بيان مكتوب صدر بعد اجتماع مجلس الأمن القومي الدوري في نيسان/أبريل الذي انعقد برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان أن المناقشات التي جرت في الاجتماع الأخير تضمنت التطورات المتعلقة بسلام وأمن الشعب خلال فترة شهرين منذ الاجتماع الأخير الذي عُقد في 26 شباط/فبراير عام 2015 وحتى اليوم. وأعرب البيان عن ضرورة التركيز على التدابير الأمنية في جميع المؤسسات والمنظمات العامة. وقد تم إطلاع أعضاء مجلس الأمن القومي على التفاصيل المتعلقة "بكيان الدولة الموازية". وأضاف البيان "وقد قدمت معلومات تفصيلية بشأن هيكل الدولة الموازية والتشكيلات غير الشرعية والتأكيد على استئناف الكفاح بكل عزم".


إن الصراع بين حكومة حزب العدالة والتنمية وحركة فتح الله غولن كان سابقًا كما هو معلوم يدور في الخفاء، إلا أنه قد بدا واضحًا للغاية في نهاية عام 2013 (17-25 كانون الأول/ديسمبر). وقد تأسس حزب العدالة والتنمية في عام 2001 ومن ثم وصل إلى السلطة في الانتخابات العامة التالية، وقد حظي بدعم غير محدود من أفضل حليف له وهو حركة فتح الله غولن في إعداد كوادره وإقامة الحملات الدعائية، وكان من المفترض أن يقوم بإدارة الأمور في تركيا معه بحيث تكون تركيا أكثر ديمقراطية وأكثر ليبرالية، وبحيث يكون فيها القضاء متميزًا ويكون الحوار موضع ترحيب. في السابق كانت الانقلابات في تركيا هي السائدة، حيث الهيمنة العسكرية تضطهد الأحزاب السياسية وحيث يتم تجاهل إرادة الشعب ولم تكن الديمقراطية موجودة. وفيما مضى كان هناك القانون المطبق في تركيا هو قانون من كان في السلطة. فالقضاء والقضاة كانوا يقررون وفقَ إرادة أصحاب السلطة، ولم يكن الناس باستطاعتهم المطالبة بحقوقهم. وقد كان هناك تعذيب وقمع وإدانة غير قانونية واضطهاد. وبمجيء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة سوى حساباته مع الجميع.


وقد كان أكبر داعم لحزب العدالة والتنمية في هذا الانتقام هو مجموعة فتح الله غولن، فقد كانت ماهرةً في زرع كوادرها سرًا في مؤسسات الدولة. وذلك لأن هذه المجموعة قد أولت اهتمامًا منذ سنواتها الأولى في مجال تدريب وتجنيد الأشخاص في المؤسسات الأكثر تأثيرًا في الدولة. وكانت وزارة مخابرات الشرطة والقضاء على رأس هذه المؤسسات. وكان لجماعة غولن سيطرة شبه كاملة على الشرطة والمؤسسات القضائية وتمسكت بها. ولم يكن هذا هو الحال بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، فلم يكن له جهاز استقطاب خاص به، فالخلفية التي كانت لبعض كبار كوادره هي خلفية وطنية تقليدية، وبعضهم جاء من حزب أوزال "حزب أنافاتان"، والبعض الآخر كانوا من ذوي خلفيات مختلفة.


لذلك كان حزب العدالة والتنمية يتكفل بالدعم الشعبي من خلال حكام مثل أردوغان من ناحية، ومن ناحية أخرى كانت مجموعة غولن تشكل بنيةً عميقةً وسريةً داخل الدولة... وقد شنت الحركتان المتعاونتان حربًا كبيرةً ضد بنية عملاء الإنجليز من القوميين ونفوذهم في الجيش في عام 2008. وقد كان المقصود من هذه الحرب أن تشكل الحلقة الأخيرة في الصراع من أجل تصفية بنية نفوذ بريطانيا تمامًا وتمكين النفوذ الأمريكي من السيطرة سيطرة كاملة. وخلال هذا الصراع شكل حزب العدالة والتنمية وحركة غولن حلفًا واحدًا وسارا معًا. ولكن حقيقة الصراع لا يظهر للناس على أنه صراع أمريكي بريطاني كما بينّا هنا. وإنما كان الناس ينظرون إليه على أنه صراع بين "وصاية مؤيدي الانقلاب وعقلية مؤيدي المجلس العسكري". وقد تم عرض المشهد السياسي على أنه تصفية حساب تاريخية مع أولئك الذين أهملوا الشعب، وقمعوا الناس من خلال قوانين أصحاب السلطة الذين حكموا على الناس بالفقر وتجاهلوا حرياتهم. هذه هي الطريقة التي قدمت بها وسائل الإعلام هذه القضية. وقد قُدم تحالف حزب العدالة والتنمية وجماعة غولن للناس على النحو التالي: في تلك الأيام، معظم الناس نظر إلى المشهد السياسي على أنه عملية ثأر ولم يدركوا أنه كان اتفاقًا بينهما لخدمة المصالح الأمريكية.


إلا أن هذا التحالف انهار في كانون الأول/ديسمبر عام 2013 دون أن تكون هناك إمكانية لإعادته مجددًا. فقد تعارضت المصالح الشخصية والحركية والتجارية، وكشفت عمليات الفساد والرشوة في 17 - 25 كانون الأول/ديسمبر كل شيء. وفجأةً أدركنا أنه لم يختلف شيء في المشهد الحالي عما كان عليه الحال في السابق. والمثير للدهشة أن المسؤولين الجدد فاسدون تمامًا كالمسؤولين السابقين. وفي الحقيقة أنه لم تتم أي عملية خالية من الفساد. فأولئك الذين سرقوا في السابق سرقوا دون أن يقدموا خدمات، ولكن من جاؤوا اليوم يسرقون ويقدمون خدمات.


وفجأة أدركنا أن القانون كان موضوعًا تحت الأقدام. ومن أجل القضاء على نفوذ بريطانيا، جعلت الحكومة مجموعةً واحدةً تحتكر السيطرة على القضاء والشرطة. وفي المقابل قام هؤلاء بالمحاكمة والحكم والظلم والافتراء بغض النظر عن الحقوق والقوانين، وصنعوا مجرمين من خلال تلفيق الأدلة. وبطبيعة الحال، كانوا سابقًا يلقون القبض على أي عصابة إجرامية منظمة موجودة من أجل أن يجعلوا الأمر يبدو وكأنه يسير بشكل سليم. لأنه من المحتمل أن يقوم الكيان القومي بأعمال تزعزع الاستقرار. والعصابات المنظمة تشكل تهديدًا كقنبلة موقوتة. وسيكون من السهل تصفية "نظام الوصاية" بعد تنظيف الساحة.


وهكذا، ووفقًا للاتفاق على مكافحة الإرهاب بين حزب العدالة والتنمية وأمريكا، فقد كان بإمكانهم اضطهاد المسلمين من خلال أتباع جماعتي حزب العدالة والتنمية وحركة غولن. فخلال 12 عامًا من حكمهم قاموا بمحاكمة وسجن آلاف المسلمين بذريعة الإرهاب. فكان التحالف القائم بين جماعتي حزب العدالة والتنمية وحركة غولن يقوم فعليًا بالانتقام من مؤيدي الانقلاب والعقليات المؤيدة للمجلس العسكري. وهذا هو السبب في أن كل الجماعات الإسلامية المحافظة الأخرى بقيت صامتة، لأن كل من يجرؤ على الحديث يستهدف تحت حجة أنه صانع للفساد ويسعى لزعزعة استقرار الواقع على الأرض. فتحول الجميع إلى "الديكتاتورية" في خضم هذا التعاون السحري، حتى الإسلاميين...


وعند أحداث 17 - 25 كانون الأول/ديسمبر أعلن حزب العدالة والتنمية أن جماعة غولن تجاهلت كلمة العدالة في اسم حزب العدالة والتنمية. ولذلك كشفت صفحةً صفحةً كافة الأعمال غير القانونية والمؤامرات التي قامت بها من خلال المؤسسات القضائية والشرطة التي تسيطر عليها. لأنه لو لم يقم حزب العدالة والتنمية بذلك، لقامت جماعة غولن بفضح كل العلاقات القذرة لقادة حزب العدالة والتنمية صفحة صفحة. ونحن طبعًا لا نستطيع أن نقول أن حزب العدالة والتنمية لم يقم بذلك. وأثناء ذلك، وعلى الرغم من أن أمريكا لم تعلن صراحة تأييدها لأي طرف، إلا أنها بسبب الحفاظ على مصالحها الذي يعتبر أمرًا ضروريًا، فقد فضلت أن تحمي النظام، أي دعامته السياسية المتمثل في حزب العدالة والتنمية والحكومة.


ولذلك فلا أحد آخر غير أمريكا من يأخذ بيد أردوغان ويدعمه ضد الجماعة عقب عمليات 17-25 كانون الأول/ديسمبر. ولو أرادت أمريكا إنهاء أردوغان وحزب العدالة والتنمية لاختفوا قبل 17-25 كانون الأول/ديسمبر. ولذلك فاليوم الجماعة التي نظمت كل العمليات حتى كانون الأول/ديسمبر 2013 تحت اسم "الحرب على المنظمات الإرهابية"، وُضعت على القائمة السوداء تحت اسم "كيان موازٍ يهدد الأمن القومي" في اجتماع مجلس الأمن القومي. وبذلك نعت أردوغان وحزب العدالة والتنمية بذريعة الجماعة المئات من المسلمين الأبرياء بالإرهابيين وزجوهم في الأقبية والزنازين حتى وقت قريب جدًا. إن مصطلح "مكافحة الكيان الموازي، والمنظمات غير القانونية الأخرى التي تهدد الأمن القومي" في الأخبار المذكورة أعلاه أمر لافت للنظر. فالجميع يعرف بأن الجماعة لا تهدد أمن الدولة. قد تشكل تهديدًا محتملًا لبعض القادة السياسيين لحزب العدالة والتنمية ولكن الجماعة لم يكن عندها أبدًا الفكرة والأيديولوجية التي من شأنها أن تهدد أمن الدولة. وإن هذا معروف جدًا للولايات المتحدة ومعها أردوغان وحزب العدالة والتنمية. وبالتالي فليست جماعة غولن المقصودة بمسمى المنظمات غير القانونية. بل إن حزب التحرير والحركات الإسلامية الأخرى هي المقصودة من هذا المصطلح. فحزب التحرير لم يتبن أبدًا البنية الجمهورية العلمانية في تركيا، وعوضًا عن ذلك عمل على استبدال دولة الخلافة بهذا النظام الفاسد.


هذا هو السبب الذي يتعرض لأجله أعضاء حزب التحرير لعقوبات شديدة جدًا على يد القضاء في ظل حكم حزب العدالة والتنمية. أعضاء من الجماعة، الذين تعاون معهم حزب العدالة والتنمية من خلال الشرطة والمؤسسات القضائية أصدروا أحكامًا قضائيةً على أعضاء حزب التحرير دون وجه حق. ولو كان حزب العدالة والتنمية مخلصًا صادقًا لكان أعلن عدم قانونية هذه الأحكام الصادرة. ولكان أطلق سراح المعتقلين المسلمين الأبرياء. ولكنه لم ولن يفعل ذلك. فقد أصبح حزب العدالة والتنمية الدولة الآن. وأصبح هذا الحزب ممثلًا للنظام الجمهوري في تركيا. فكما كان حزب مصطفى كمال ممثلًا عن الدولة في عدائه للإسلام والمسلمين، فالآن نظام حزب العدالة والتنمية الذي أسسه أردوغان يمثل الدولة الحالية. والنظام الذي كان بالأمس القريب يعمل على تصفية وإنهاء الوصاية الإنجليزية في البلاد بالتعاون مع رجال جماعة فتح الله غولن، يعمل الآن على تصفية الجماعة ذاتها لتورطها في قضايا فساد ورشوة. وعلى يد من؟ على يد فريق مهيأ ممن يمتلكون نزعة توجيهية في الدولة ومعهم القضاة القوميون والشرطة... وأولئك الذي أُطلق عليهم بالأمس بأنهم خبراء في الإرهاب، يُحاكمون اليوم على أنهم أعضاء في منظمة إرهابية. وفي النهاية، هذه هي الطريقة التي يُحافظ بها على الجمهورية العلمانية. وعاجلًا أم آجلًا سيُلقى أولئك الذين خدموا هذا النظام جانبًا. وغدًا لن يكون مصير حزب العدالة والتنمية وقادته مختلفًا عن مصير أولئك.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود كار

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع