الثلاثاء، 22 صَفر 1446هـ| 2024/08/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
هل يواجه مسلمو أوروبا مصير اليهود في القرن العشرين أم مصير المسلمين في القرن الخامس عشر في محاكم التفتيش الإسبانية؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هل يواجه مسلمو أوروبا مصير اليهود في القرن العشرين أم مصير المسلمين في القرن الخامس عشر في محاكم التفتيش الإسبانية؟

 


"هل يجري إعداد المسلمين في أوروبا مثل اليهود؟ يبدو ذلك، المسلمون هم العدو الأول للدول الأوروبية الحديثة، والتوراتية، وهم كبش فداء للمشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في أوروبا... وبالربط بين حال يهود أوروبا في القرن العشرين والمسلمين الأوروبيين في القرن الواحد والعشرين، نجد أنفسنا نتساءل عما إذا كان التاريخ على وشك أن يعيد نفسه."] الدكتور كريغ كونسيدين[.


شيء مرعب يختمر في معقل الحرية والديمقراطية (أوروبا)، فقد أصبحت هجرة المسلمين إليها مقلقة، ولا يهم ما إذا كان المسلمون من رعايا الدول الأوروبية أم من المهاجرين إليها، فقد أصبحت المعاملة التي يتلقونها سيئة.


ونذكر هنا مثالين هما صورة مصغرة "للإسلام فوبيا" في العواصم الأوروبية. الأول في فرنسا، حيث لا تتم معاقبة الفتيات في المدارس الإسلامية لارتدائهن الحجاب أو الجلباب فقط، بل تتم معاقبتهن لارتدائهن التنانير الطويلة! فكيف لتنورة طويلة وهي قطعة من القماش ومنتشرة على نطاق واسع بين العديد من غير المسلمين في فرنسا أن تعتبر رمزا للدين الإسلامي؟ إلا أن يكون ذلك خارجا عن حدود العقل الرشيد. والمثال الثاني هو المعاملة الفظيعة للمسلمين المهاجرين، ففي الآونة الأخيرة، وفي هانوفر، تم تصوير ضابط شرطة ألماني يقوم بإجبار أحد المهاجرين الأفغان على أكل لحم الخنزير الفاسد، وهذا يذكرنا بما أشار إليه بعض السياسيين في فرنسا العام الماضي.


على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، توترت المواقف الأوروبية تجاه الإسلام والمسلمين بشكل هائل، فقد ورد في تقرير صدر عن مركز غالوب تحت عنوان "الخوف من الإسلام: فهم المشاعر المعادية للمسلمين في الغرب" ما يلي: "لقد كانت الإسلام فوبيا موجودة قبل هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001م، ولكن زادت وتيرتها خلال العقد الماضي... وفي المجتمعات الغربية الرئيسية هناك وجهات نظر سلبية تجاه المسلمين وتمييز ضدهم، حيث سكانها يعتقدون بأنه لا يوجد ولاء عند المسلمين للدول التي يقيمون فيها، ويعربون عن التحيز ضدهم، ويتجنبون مجاورتهم، وهذه بعض أعراض الخوف من الإسلام الموجود عند الغرب... إن مجرد وجود الخوف من الإسلام شيء بحاجة لمعالجة، وقد وصل إلى درجة أن يفصح الأفراد عن كرههم للإسلام والمسلمين في تجمعاتهم".


ونظرا لمستوى كراهية الإسلام عند الأوروبيين، فلا يُستغرب أن نجد حظرا للمآذن والمساجد وحظرا للحجاب في الأماكن العامة، والتجسس على المسلمين دون مراعاة للقوانين، وتكميما للأفواه، وإلغاء ما يسمى حق المواطنة، وهذه التدابير تنفّذ بشكل روتيني في مدن أوروبية عديدة. لكن بالنسبة لبعض الحكومات الأوروبية، فإن التدابير الصارمة التي تتخذها تصل إلى مستوى فرض الشكل الذي تريد أن تكون عليه الجالية الإسلامية، فحكومة كاميرون مثلا تريد أن تضع تشريعات لاختبار مدى تطرف أطفال المسلمين، بل وللسيطرة عليهم ووضعهم تحت الرعاية الاجتماعية.


وعلى هذه الخلفية من النقد اللاذع والهستيريا، فإنه ليس من غير المألوف أن تجد وجهات نظر متطرفة بين السكان الأصليين في أوروبا. فعلى سبيل المثال، السياسيون مثل خيرت فيلدرز ومارين لوبان دأبا على مقارنة المسلمين بالنازيين، ومارين لوبان (ابنة جان ماري) قارنت صلاة مسلمي فرنسا خارج المساجد بالاحتلال النازي لفرنسا، وقالت متحدثة في تجمع في ليون عام 2010م: "بالنسبة لأولئك الذين يتحدثون كثيرا عن الحرب العالمية الثانية، فإن كان ذلك احتلالا، فيمكننا تسمية صلاة المسلمين في الشوارع بالاحتلال أيضا"، وكثيرا ما انتقد خيرت فيلدرز (زعيم اليمين المتطرف من حزب الحرية الهولندي) الإسلام، وكانت تصريحاته نابية ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن، وبصرف النظر عن السياسيين الأوروبيين، فقد لعبت وسائل الإعلام الأوروبية دورا محوريا في تشكيل مواقف السكان الأصليين ضد الإسلام. والحديث اليومي عن الخوف من الإسلام يتخلله في كثير من الأحيان نقدٌ لاذع وشديد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مثل الرسوم الدنماركية، وأحداث شارلي إيبدو التي حصلت في وقت سابق من هذا العام، والتي كانت الأكثر دراماتيكية. لقد كان واضحا أن أوروبا تعمل على تشويه صورة الإسلام عن قصد، وقد أدى ذلك إلى الزجّ بالعديد من المعتقلين في السجون، مثل أحداث ثلاثينات القرن الماضي، عندما تم اضطهاد اليهود فيما يسمى بالهوليكوست في عدة دول أوروبية لكونهم يهوداً.


عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع المسلمين في أوروبا، فإن هناك حقبة أخرى من التاريخ الأوروبي ربما تصف بدقة أكثر الاتجاه الذي تتوجه نحوه أوروبا الآن. ففي ظل حكم الملك فرديناند والملكة إيزابيلا في القرن الخامس عشر، أقيمت محاكم التفتيش الإسبانية الشهيرة، وكانت تخير المسلمين بين القتل أو النفي أو التحول إلى الكاثوليكية، وللتحقق من آخر خيار، كان المحققون يتجولون حول منازل المسلمين ويفحصون ويفتشون حتى القمامة للتأكد من استهلاك المسلمين للحم الخنزير في وجبات الطعام.


لأوروبا تاريخ طويل في إبادة الحضارات وتنفيذ مجازر على نطاق واسع، من محاكم التفتيش الإسبانية، إلى فظائع الأنكا، والهنود الحمر، والأزتيك، وهذه فقط بعض الأمثلة وليست لحصر التاريخ الدنيء للاستعمار الأوروبي. ووعد أهل أفريقيا والهند وآسيا والشرق الأوسط... وغيرها بالحرية سرعان ما تبخر وحل محله الحكم الاستعماري، وبدلا من إظهار الندم تجاه مثل هذه الأعمال الوحشية، تفتخر أوروبا بإنجازاتها هذه!


لم تعامل الخلافة الإسلامية في الماضي البشرية بمثل هذه الهمجية قط، فالسلطان بايزيد الثاني مد يده لليهود الذين طردوا من إسبانيا (السفارديم). ولم تنشر الخلافة الإسلام بالقوة ولم تدمر الحضارات، فعندما انتشر الإسلام في مصر، اعتنق الكثير من النصارى الأقباط الإسلام، ولا يزال عددهم يقرب من 7 ملايين نسمة، وبالمثل فإنه عندما فتح المسلمون الهند، لم يرغموا السكان على اعتناق الإسلام، والهندوس اليوم يبلغ عددهم أكثر من 750 مليون هندوسي.


مسلمو أوروبا يواجهون مستقبلا مجهولا، ومع ذلك، فإنه بدلا من البقاء متفرجين أو خائفين من نقاش فكرة الاستيعاب الأوروبي، يجب على المسلمين العمل الجاد لفضح المحاولات الأوروبية السابقة في استيعاب الرعايا غير الأوروبيين وإجبارهم على طريقة العيش الأوروبية.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع