الثلاثاء، 22 صَفر 1446هـ| 2024/08/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
"حزب التحرير" فصل الخطاب وموقف أهل الرأي والكتاب والإعلاميين والنخبة إشكالية فهم أم هي استعارة لأفكار قريش؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

"حزب التحرير" فصل الخطاب وموقف أهل الرأي والكتاب والإعلاميين والنخبة
إشكالية فهم أم هي استعارة لأفكار قريش؟

 

 


إننا في حزب التحرير نعلم تماما ونعترف أيضًا أن الخطاب الذي نستخدمه في دعوتنا التي نحملها لأمتنا الإسلامية هو "خطابٌ فصلٌ" في شكله ومضمونه، ذلك أننا حزب سياسي أخذ على عاتقه أن ينهض بالأمة الإسلامية نهضة صحيحة على أساس الإسلام، أو بعبارة أخرى لأننا حزب سياسي أخذ على عاتقه أن يقوم ببناء دولة الإسلام الثانية بنفس الطريقة التي حددها لنا الإسلام والتي بيَّنها لنا رسولنا الكريم ﷺ في بناء الدولة الإسلامية الأولى.


ولو سأل أحدهم هل يكفي أن تكونوا حزبًا سياسيًا يعمل على بناء دولة الخلافة الإسلامية، هل يكفي ذلك لكي يكون خطابكم هو فصل الخطاب بشكله ومضمونه؟!!
أقول نعم هذا يكفي، لا بل إن ذلك من ضرورات العمل لبناء دولة الخلافة الإسلامية التي نريدها على منهاج النبوة، خطابٌ فصلٌ في شكله ومضمونه، خطابٌ واضحٌ صادقٌ جريءٌ، فلا مهادنة ولا مداهنة ولا تساهل ولا تفريط، خطابٌ لا يداجي من بيدهم الأمور ولا يجاملهم ولا يعبأ بعادات الناس وتقاليدهم، بل يجب أن يكونَ لونُ خطابنا ناصعَ البياضِ بوضوحه وصدقه والتزامه بطريقة رسولنا الكريم ﷺ، خطاب مذاقُه إسلامي الطعمِ ونكهته يعرفها المسلمون، كل المسلمين من شكله ومضمونه، فتُقِرُّه عقولهم بتصديقها لمضمونه أنه هو ذات الخطاب الذي استخدمه رسولنا الكريم ﷺ مع أهل قريش وغيرهم وهو يبني دولته، وتطمئن قلوب المسلمين إلى أن مضمون هذا الخطاب هو المضمون الوحيد الذي يحتوى على البرنامج العملي الوحيد الذي يوصلهم إلى ما وصل إليه رسولهم الكريم ﷺ، فأقام دولته في المدينة المنورة، وذلك لأننا ندرك أن أمتنا عاشت وما زالت تعيش في ظلمات تجهيل مقصود متعمد بإسلامها حالكة السواد.


وفوق ذلك فهذا الخطاب ليس اختياريًا بالنسبة لنا أو لغيرنا من أبناء أمتنا، بل هو فرض علينا ما دمنا قد نذرنا أنفسنا لهذا العمل العظيم وهو بناء دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، لأنه لا يجوز لنا أن نقول أو نفعل أو نتحرك إلا كما أراد لنا الإسلام أن نقول ونفعل ونتحرك ونحن نسير حاملين أعباء هذا العمل، لأننا ببساطة شديدة جدًا نقوم ببناء دولة أساسها كلام الله الذي أنزله على محمد ﷺ، واقتداءً بسنة محمد ﷺ التي شرحت لنا كيف نعيش الإسلام كنظام حياة، فقد شرح لنا كيف نصلي وكيف نزكي وكيف نصوم وكيف نحج وكيف نقيم دين الله في الأرض، وكيف يتعامل الحاكم منا مع المحكوم فينا وكيف يتعامل المسلمون مع بعضهم ومع غيرهم وكيف تكون علاقاتنا السياسية الدولية وعلى أي أساس، فيعيش الناس بأحكام الشرع في كل شؤون حياتهم إخوةً متحابين يسعى بذمتهم أدناهم، مطمئنين إلى أنهم يعيشون لينالوا رضوان الله في هذه الحياة الدنيا، وهذا لا يتأتى إلا بالسمع والطاعة لأوامر الله ورسوله.


وبالتالي فنحن ملزمون بخطابٍ فصلٍ يستند إلى كلام الله ورسوله ﷺ، فبناء دولة الإسلام وحكم الناس بشريعة الإسلام بالنسبة لنا وللمسلمين فرضٌ علينا كفرض الصلاة والزكاة والصوم والحج، لا بل إننا نرى أن الحكم بما أنزل الله فرض أهم من كل ما سواه من الفرائض، لأن كل الفرائض تقوم إذا قام الحكم بما أنزل الله، ولكن الحكم بما أنزل الله لا يقوم بكثرة صلاةٍ أو كثرة صيام أو حج وإن كانت كلها فرائض على المسلمين، فإقامة الحكم بما أنزل الله هو عمل سياسي تعبديٌّ لا بد للأمة من أن تقوم به لترضي ربها.


وحزب التحرير عندما أخذ على عاتقه كحزب سياسي أن يعمل على استئناف الحياة الإسلامية عن طريق بناء دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة يدرك أن عمله هذا هو عمل سياسي فحسب، فهو لا يدعو المسلمين للصلاة أو حفط القرآن أو التخلق بأخلاق الإسلام فحسب؛ ذلك لأنهم مسلمون يُصلون ويحفظون القرآن ويتخلقون بأخلاق الإسلام ولكن واقع حياتهم واقع غير إسلامي، ولذلك فهو يدعو المسلمين إلى العمل لاستلام السلطان ليضعوا الإسلام موضع التطبيق في كل شؤون الحياة، فيكون الشارع كما أراد له الإسلام أن يكون، وكذلك المدرسة والجامعة وكافة إدارات الدولة، وبالتالي فحزب التحرير يفهم السياسة على أنها رعاية لشؤون الناس داخليًا وخارجيًا وفق أحكام الإسلام، وبهذا المعنى تجدنا نهتم كثيرًا ونميز بين ما هو من الإسلام فنقره وما هو من غير الإسلام فنرده على أنه لا يجوز الأخذ به، مثال على ذلك نظام الحكم، فنحن نعتقد أن الديمقراطية ليست من الإسلام في شيء وليست هي نظام الشورى كما يروج لها بعض من يُدْعَوْنَ "بالإسلاميين المعتدلين"، بل إن الشورى ليست نظام حكم على الإطلاق، بل هي أسلوب من أساليب إدارة الشؤون في نظام الحكم الإسلامي، فنظام الحكم الإسلامي هو فقط نظام الخلافة، كما حدده لنا رسول الله ﷺ في حديثه، عن أبي هُريرة رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله ﷺ: «كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهُمُ الأنبياء، كُلما هلك نبي خلفهُ نبيٌّ، وإنهُ لا نبيَّ بعدي، وسيكون بعدي خُلفاء فيكثُرون». قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: «أوفوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم، فإن الله سائلهم عما استرعاهُم» متفق عليه.


وبعد أيها الإخوة: يا أهل الرأي وأصحاب الأقلام الإعلامية من كتاب وصحفيين، ويا من تُصَنَّفُون على أنكم نخبة مجتمعاتنا، ويا كل مسلم مهتم بأمر المسلمين، أيها الغيورون على أمتهم وإسلامهم، إننا في حزب التحرير نناشدكم بالله ولله: هل قرأتم أو سمعتم أن محمدًا ﷺ هادن قريشاً أو داهنهم أو مالأهم أو نافقهم للوصول إلى حكم فيهم، أم أنه جاء برسالة الإسلام متحديًا سافرًا مؤمنًا بالحق الذي يدعو إليه يتحدى الدنيا بأكملها دون أي حساب لعادات أو تقاليد أو أديان أو عقائد أو حكام، فقد بادأ قريشًا فذكر آلهتم وعابها وتحداهم في معتقداتهم وسفهها وهو فرد أعزل لا عدة معه ولا عتاد ولا سلاح عنده سوى إيمانه العميق بالله وبإلإسلام الذي يدعو إليه؟! أليس هذا ما حصل مع محمد ﷺ وهو يعمل على تغيير واقع مكة ليصبح واقعًا إسلاميًا، فإذا كان الجواب: "نعم"، فأين يبقى الإشكال في فهم دعوتنا ونحن نقوم بذات الدعوة ونسير ذات السير ونريد الوصول إلى ذات الهدف؟! أين يستشكل عليكم فهم خطابنا وقد التزمنا به خطابًا واضحًا لا يعطي إلا المعنى الذي نريد؛ وهو قيام كيان للمسلمين ببناء دولة الخلافة الإسلامية الراشدة؟! بل لماذا يصر البعض على أن يقرأنا كما يقرأ أي حزب سياسي علماني موجود في الساحة، ولمصلحة من يتم ذلك؟! رغم كل هذا الوضوح في خطابنا؟! ونحن في حزب التحرير عندما نقول خطابنا نعني به كل ما أصدره ويصدره الحزب من كتب أو نشرات أو تحليلات... على مواقعه الرسمية، وعندما نقول خطابنا فإننا نعني مشروعنا الكامل لنهضة أمتنا الإسلامية حسب ما أوصلنا إليه اجتهادنا الشرعي، وعندما نقول مشروعنا الكامل نعني به برنامجنا العملي لبناء دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة وتطبيق أحكام الشرع في البلاد الإسلامية، فقد أعددنا المشروع الفكري النظري كفكرة وطريقة لقيام دولة الإسلام ولكيفية الحكم بالإسلام في جميع مجالات الحياة، وأفردنا لكل جانب منها كتابا نشرح فيه تفصيلات هذه الناحية وكيفية التعامل مع الواقع حال قيام الدولة، وكل ذلك وفق الأحكام الشرعية، ولم نغادر جانبًا من جوانب الحياة إلا وفصلنا فيه كيف ستتعامل معه دولة الخلافة، فمن كتاب نظام الإسلام الذي يتضمن مسائل العقيدة والقيادة الفكرية وكيفية حمل الدعوة، إلى كتاب أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة الذي يتضمن تفصيلًا لشكل الدولة وأجهزتها بجميع أركانها، إلى كتاب النظام الاقتصادي الذي يتضمن شرحًا مفصلًا لكيفية التعامل مع المال جلبًا وإنفاقًا وتحديد موارد الدولة، وحق الأمة في هذه الموارد وشكل الأموال في دولة الخلافة، إلى كتاب النظام الاجتماعي الذي يتضمن تفصيلًا لشكل العلاقة بين الرجل والمرأة في شرع الله، إلى كتاب مقدمة الدستور أو الأسباب الموجبة له الذي يتضمن 191 مادة تُفصِّل القواعد والقوانين التي ستقوم دولة الخلافة بتبنيها وتطبيقها في واقع حياة الناس، دستور مستنبط شرعيًا من أدلته الشرعية، إسلامي وحسب وليس فيه حرف واحد من خارج الإسلام، دستور ينظم العلاقات جميعها في كافة شؤون الحياة، من نظام الحكم إلى النظام الاقتصادي إلى النظام الاجتماعي إلى النظام التعليمي، وشكل المدارس بمراحلها الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية، إلى السياسة الداخلية والخارجية، دستور ينظم هيكل الجيش من أميره إلى أدنى رتبة فيه، وهيكل الشرطة والطريقة التي تتعامل بها مع الناس على أساس شرعي،كل ذلك وغيره مفصلًا تفصيلًا يسهل عليك أن تقرأه وتفهمه، ومشروع دولتنا ودستورها مبني في استنباطه على قوة الدليل الشرعي.


خطأ جسيم أن تقرأونا كأي حزب علماني في الساحة، فنحن حزب أساسه الإسلام، ولا وجود لحزب سياسي قائم على أساس إسلامي صرف غيره في العالم كله، أما الأحزاب العلمانية الموجودة في الساحه فهي من مستلزمات ما يسمونها اللعبة الديمقراطية يرخصون لها ويحجزون لها المقاعد في برلماناتهم فقط ليعطوا الشكل الديمقراطي لنظام الحكم، يؤسسونها وينفقون عليها ثم يسمونها معارضة، أما نحن في حزب التحرير فلا نعترف أصلاً بهذه الأنظمة ابتداءً ولا بديمقراطيتها الفاسدة.


وحزب التحرير لم يتأسس ليصل للحكم فقط، كما تفعل الأحزاب السياسية التي ترون في الساحة، بل تأسس حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، فتكنس كل هذه الأنظمة العفنة كنسًا غير مأسوف عليها وعلى رجالها، وننظف بيت أمتنا منها تمامًا، فكيف لنا أن نتعامل معها بأي شكل؟ فمهمتنا فضح مؤامراتهم وكشف عيوبهم وتعريتهم أمام أمتنا الإسلامية.


وبعدُ ثانيةٌ: يا أهل الرأي وأصحاب الأقلام الإعلامية من كتاب وصحفيين، ويا من تصنفون على أنكم نخبة مجتمعاتنا، ويا كل مسلم مهتم بأمر المسلمين، أيها الغيورون على أمتهم وإسلامهم: لسنا في حزب التحرير السبب في أن أمتنا الإسلامية وقعت في غياهب الجهل جراء بعدها عن الإسلام أو إبعاد الإسلام عنها، ولكننا نعمل ليل نهار لنكون السبب الرئيسي بعد توفيق الله لحل هذه المشكلة التي تعاني منها أمتنا الإسلامية، ولذلك جدنا لا نكل ولا نمل من أن نكرر ونذكر ونحمل دعوتنا لهم بأن أفيقوا يرحمكم الله؛ فأنتم فريسة للأمم رغم كثرتكم وما ذلك إلا بسبب غياب دولتكم، ونحن نصل الليل بالنهار بالعمل على ضخ الدم الإسلامي النقي في شرايين أبناء أمتنا ليصطفوا جميعًا معنا في خندق واحد نحو إقامة صرح العزة والكرامة دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، وللعلم فقد قلنا كل شيء في كل مكان وكتبنا متوفرة لمن يريد أن يقرأنا، فبزيارة واحدة لمواقعنا الرسمية على شبكة الإنترنت تجدون كل ذلك، إضافة إلى نشاطاتنا الكثيرة والمختلفة في كافة البلاد الإسلامية والعديد من البلاد غير الإسلامية، وأنتم يا أهل الرأي والكتاب والنخبة أولى الناس بقراءتها كي تستطيعوا تشخيص واقعنا وواقع أمتنا بإنصاف ولو بشكل أكاديمي فالأمانة العلمية تقتضي هذا يرحمكم الله، ذلك أننا نلحظ أن كثيراً منكم يرجموننا ويتهموننا بأفكار ليست من أفكارنا لا من قريب ولا من بعيد.


وبعد الأخيرة أيها الإخوة فقد قلت كل هذا بعد أن قرأت مقالًا للأستاذ مصطفى زهران وجدته مفكك الأوصال من ناحية قراءته وتحليله كمتابع على ما يبدو لنشاطات حزب التحرير، حيث يدعي زهران أن خلافة تنظيم الدولة تدفع بحزب التحرير الإسلامي للواجهة "مرة أخرى" كما يقول، مدللًا على ذلك بحدثين قام بهما الحزب: الحدث الأول هو المؤتمر الحاشد الذي عقده الحزب بجميع ولاياته في مدينة اسطنبول، والحدث الثاني على حد قوله هو استئناف إصدار جريدة حزب التحرير الرسمية "الراية" في الأردن، ولعل الكاتب وإن كان متابعًا لنشاطات حزب التحرير لم تصله أخبار مؤتمرات الخلافة التي يعقدها حزب التحرير في كثير من البلاد وقبل ظهور تنظيم الدولة، كما تذهب بالكاتب الكريم ظنونٌ لا نعرف لها أساسًا من أن هناك انفراجًا في المناخ السياسي تلوح ملامحه في الأردن بسبب صدور الجريدة وفي تركيا بسبب عقد المؤتمر، ظنًا منه أن الحزب يأخذ الترخيص من هذه الأنظمة، وتأبى الأحداث إلا أن تثبت عكس هذا المعنى وفي ذات البلدين فتقوم أجهزة الأمن في الأردن وفي تركيا باعتقال شباب حزب التحرير بجريرة الدعوة للخلافة والانتماء لحزب التحرير، فيقول الكاتب "ومن تركيا إلى الأردن، كان الحدث الثاني بإفساح السلطات الأردنية المجال للحزب باستئناف إصدار العدد الخامس عشر من جريدته السياسية الأسبوعة "الراية" بعد انقطاع دام لعقود". إلا أن الكاتب لم يدلل أو يستشهد بتصريح رسمي للسلطات الأردنية حول هذا الأمر، فما هو مصدر هذه المعلومات للكاتب الذي نربأ به أن يقدم المعلومات بلا سند أو دليل، وهذا يجعلنا نتساءل إذا لم تكن معلومات الأستاذ الكريم صحيحة، فلمصلحة من تُساقُ هذه المعاني وتلوى أعناق الحقائق هكذا؟! ثم لا يفوتنا أن نذكر الكاتب بأن حزب التحرير في تونس يصدر جريدة اسمها "التحرير" تصدر أسبوعيًا وتوزع في الأكشاك، ناهيك عن المؤتمرات الحاشدة التي عقدت في تونس ولبنان والسودان وقبلها في الأردن وإندونيسيا إضافة إلى الكثير من الحملات الإعلامية التي تقوم بها المكاتب الإعلامية للحزب، فلماذا لم يتوقف عندها بشيء من التحليل والتأمل؟! ما هكذا تقرأ الأخبار وتحُلل يا أستاذ مصطفى، وليس بهذه الطريقة تقرأ أخبار حزب التحرير وعلاقته مع الأنظمة القائمة، فنحن الخصم اللدود لكل هذه الأنظمة، لأنها لا تحكّم فينا شرع الله، وهذه الأنظمة هي أدوات الغرب الكافر التي يحول بها بين أمتنا الإسلامية وبين تطبيقها لشرع الله فهذه الأنظمة إذن هي عدوة لله ورسوله وبالتالي فهي عدو لنا، ونحن بالنسبة لها في عين العاصفة على الدوام وهي بالنسبة لنا واقع يجب تغييره وكنسه فقد أزكمت أنوف المسلمين من رائحتها وغدًا ستراهم يكنسونها إلى حيث تستحق، وإن غدًا لناظره لقريب، أم أنك تضنّ على حزب التحرير بالذات أن يعيش في أجواء انفراج فرضها وعي أمتنا حيث ثارت من تونس حتى العراق مرورًا بليبيا ومصر وسوريا وغيرها، إنه انفراج في كل بلاد المسلمين فرضه المسلمون وليس انفراجاً منحته الأنظمة هنا أو هناك، فهل بعد هذا الوضوح يبقى مجال لما يسميه الكاتب بالانفراجة مع هذه الأنظمة الكافرة الغاصبة لسلطان الأمة بمساعدة الكافر المستعمر؟!.


وإذا كنا نأخذ بعض كلام الكاتب على محمل النصيحة حيث يحذرنا أن هذه الدول مشغولة مرحليًا بتنظيم الدولة، وما أن تفرغ منها حتى تتفرغ لنا، أقول إذا كنا نأخذ كلامه على محمل النصيحة فهل يتسع صدر الكاتب أن نزجي له ولكل كتاب أمتنا الإسلامية بعض النصائح؛ ذلك أننا لا نريد لهم إلا أن يكونوا في صف أمتهم يدافعون عنها بما تيسر لديهم من الوسائل والسبل، أما نحن في حزب التحرير فإننا نقرأ الأحداث قراءة سياسية شرعية واعية لمآلاتها ولا تخفى علينا الحيل والأحابيل والمؤامرات السياسية التي يحوكها الكافر المستعمر بأدواته الموجودة في بلادنا وعلى رأسها أنظمة الحكم الكافرة التي نصبها علينا، فلا خوف علينا ما دمنا لله نسعى وبه نجابه وعليه نتوكل، ولكن الخوف كل الخوف على أمتنا من أن تنطلي عليها كل هذه المؤامرات والحيل لتكريس أنظمة الكفر هذه في بلادنا، وإليكم أيها الإخوة بعض النصائح فالدين النصيحة لله ورسوله وللمؤمنين.


• ليكن عنوان نقلكم ونقلنا وتحليلكم وتحليلنا للأخبار نقلًا أمينا مهما كانت الظروف.


• لنقرأ بهدوء أي فكر نود أن نتناوله بالتحليل أو الانتقاد أو التأييد "ابتداءً".


• وفي شأن الإسلام السياسي؛ فإن من البدهيات اللازمة لمن يريد أن يكتب في شأن الإسلام السياسي ناصحًا أو معارضًا، أو من يريد أن يعمل في السياسة من منظور الإسلام أن يقرأ القرآن الكريم وأن يقرأ سيرة رسولنا محمد ﷺ لأنها مفسرة للطريقة العملية السياسية في الوصول إلى بناء دولة الإسلام، وهنا نشير إلى أن حزب التحرير قد تناول سيرة رسولنا الكريم ﷺ بقراءة سياسية في كتاب اسمه "الدولة الإسلامية" تناول فيه كيف بنى رسولنا الكريم ﷺ الدولة في المدينة ثم كيف أن هذه الدولة ضعفت واستطاع الكافر المستعمر أن يهدمها، ثم كيف نعمل لإعادة بناء دولة الإسلام من جديد.


• نحن نرحب بالنقد، ولكن على من يريد أن ينتقدنا أن يقرأنا أولًا، فلا تدري فلربما يقرأنا أحدهم فيتفق معنا فيزول سبب الانتقاد، أما إن لم تزل عنده الأسباب الموجبة لانتقادنا أو معارضتنا، فلماذا لا نجلس بهدوء وروية ونقلب الأمور حسبما تقتضيه المسائل.


• كما نحب أن نوجه عناية كل من يتعرض لنا بالنقد والمعارضة إلى ضرورة التقرب منا قراءة واتصالًا إن كان جادًا في نصحه ومعارضته وباحثًا مهتمًا بالحقيقة محبًا لأهله وأمته وراغبًا في تغيير حالها لتعيش كريمة بين الأمم.


• وأخيرًا نعود لنكرر لا تقرأونا على أننا مجرد حزب سياسي من هذه الأحزاب العلمانية العاملة على الساحة، نحن حزب تكتل أعضاؤه على مبدأ، هذا المبدأ هو عقيدتنا الإسلامية التي انبثق عنها النظام الكامل الشامل لمعالجة كل شؤون الإنسان أينما كان وفي أي وقت، فنحن لا نسعى للوصول للحكم في هذه الأنظمة الكافرة بل نسعى لبناء دولة ونظام حكم آخر على منهاج النبوة كما وعدنا رسولنا الكريم ﷺ.


وبهذا نرجو أن نكون قد فصلنا أكثر في "خطابنا الفصل" لكي يزول اللبس عند أبناء أمتنا ممن لا نحب أن نراهم إلا مصطفين في صف أمتهم مدافعين عنها وعن قضاياها، أردناها لكم بهذا الوضوح كي تنصفونا فالعدل والإنصاف خير كله حتى لو تراجع أو تنازل الواحد منا عن موقفه أو رأيه، وأردناها للتذكير والنصيحة لعل وعسى كما قال سبحانه وتعالى: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾، اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى، اللهم إليك نلجأ وبك نستغيث، اللهم كن لإخواننا الذي يتصدرون الرأي من كتاب وأهل رأي وإعلاميين عونا، اللهم أرهم وأرنا معهم الحق حقًا وارزقنا جميعًا اتباعه وأرهم وأرنا معهم الباطل باطلًا وارزقنا جميعا اجتنابه اللهم آمين.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرؤوف بني عطا "أبو حذيفة"

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع