الثلاثاء، 22 صَفر 1446هـ| 2024/08/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
النداء قبل الأخير... من حزب التحرير (5) بشائرُ نَزُفُّها ومُعَوِّقاتٌ نُذَلِّلُها بإِذن اللّه

بسم الله الرحمن الرحيم

 

النداء قبل الأخير... من حزب التحرير
(5)
بشائرُ نَزُفُّها ومُعَوِّقاتٌ نُذَلِّلُها بإِذن اللّه


الخوف من الأنظمة الحاكمة في حالة الرغبة بتلبية نداء حزب التحرير ونصرته والخوف من مواجهة السلطة والخوف على الأهل والرحم والرواتب والأرزاق والمعاشات

 


وبعد أن استقر الحال للكافر المستعمر في بلادنا وأنشأ لنا دولاً كرتونية بأنظمة كفر تحكمنا بالطريقة التي يريدها لينهب ثرواتنا وخيراتنا وبالقانون والديمقراطية المزيفة التي صنعها وبأيدي أبناء جلدتنا من الحكام المأجورين الخائنين لله ورسوله وللبلاد والعباد، وأخذت هذه الأنظمة تتحكم في مفاصل حياة الناس جميعها وتتحكم بأرزاقهم وتتدخل بلقمة عيشهم بطريقة تجعلهم يخضعون لها تحت وطأة حاجتهم للعيش بسلام، بعد كل ذلك وأكثر، صارت هذه الدول الحديثة التي أنشأها الكافر في بلادنا هي رأس الحربة بيد المستعمرين الكفار لمكافحة وعي الأمة على حقوقهم؛ سواء أكانت هذه الحقوق متصلة بنمط الحياة التي يرغبون أن يعيشوها أم كانت في المطالبة بحقوقهم في حياة كريمة، وبما أن الدول كل الدول القائمة في العالم هي عدوة للإسلام، ومنها لا بل وعلى رأسها هذه الدول القائمة في بلادنا، فإن مكافحتها لأي إنسان مسلم أو جماعة مسلمة أو تيار مسلم أو حزب إسلامي يتطلع وبطريقة سلمية شوقا لعودة إسلامه إلى واقع الحياة، ليعيش مسلما كما أراد له الله ورسوله، أقول فإن مكافحتها لذلك الفرد أو تلك الجماعة أو الحزب هي على رأس أولويات هذه الدول، تستخدم حيالها كل الوسائل والأساليب والحيل والأحابيل، لكي تثنيه عن مجرد التفكير في ذلك، حتى أصبح هذا يتطلب منها استخدام الحديد والنار لكسر إرادة أصحاب الإرادة الصلبة الذين يجابهون بصمودهم كل تلك الأساليب، فليس هناك فرد أو جماعة أو تيار أو حزب إسلامي إلا وتعرضت له هذه الدولة بمساعدة نخبة صنعتها من كبار الموظفين والضباط العسكريين والشرطيين - كما سنشير لاحقا - لتكون أداة تضرب بها وتمارس كافة أنواع الضغوط لتحول بينه وبين هدفه في التقرب إلى الله بإسلام صحيح يعيد له عزته وكرامته، وما حياة المسلمين خلال القرن العشرين وللآن إلا شاهد على ما نقول في علاقتهم مع هذه الدولة أو تلك إذا هم تطلعوا إلى ذلك الهدف.


ومن أساليب هذه الدول محاربة الناس في أرزاقهم بالتضييق عليهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فحاربوا الموظف في وظيفته وترقيته ومرتبه ورزقه، بعد أن ارتبط عيشه بهذه الوظيفة وذلك الراتب، وحاربوا غيره باستبعاده عن أن يجد فرصته في وظيفة أصلاً وذلك لإبعاده وإخضاعه إلى حفنة من المأجورين من أزلام هذه الدولة أو تلك، أما عن العسكري والشرطي فحدث ولا حرج فرغم حياة الذل والإهانة التي يعيشها أفراد الجيش والشرطة وضعف رواتبهم التي لا تكاد تسد رمق حياتهم فإنهم يخرجون من الخدمة وبرتب ومرتبات صغيرة لا يستطيعون العيش بها حياة كريمة ولا أن يقوموا بأي وظيفة يسترزقون بها، وأما الضباط فإن هناك حداً للرتب لا يتجاوزه الضابط إلا بعد أن يكون قد سلم واستسلم لهم بأنه كحجر على رقعة شطرنج فليس كل ضابط يرقونه إلى رتبة عميد أو لواء، إلا أن يكون من الزمرة المحسوبة على النظام وفساده، والذي يتجاوز هذه الرتبة يغدقون عليه بالامتيازات التي لا يقوى معها أن يقاوم الولاء والطاعة المشوبة بالعبودية والذل والخضوع والخنوع، فتصبح نخبة الوظائف المدنية الكبرى والقيادات العسكرية والشرطية نخبة فاسدة تتسابق في ممارسة الفساد على الناس - إلا من رحم الله - سواء على الموظفين دونهم وأفراد الشرطة والجيش، فالإنسان - على رأيهم - مسحوق مطحون إلا من أشقاه الله بأن وجد طريقا فاسدة توصله إليهم، والعسكري أشقى من الشخص العادي في خدمته حيث الذل والإهانة التي يجدها من الضباط وتعاملهم معه، وكذلك الشرطي فهو أسوأ حالا من الجميع بعيشته في عمله وبين الناس.


كيف لا وهذه الأنظمة التي أقامها الكافر المستعمر تعلم جيداً أن عودة الإسلام إلى واقع الحياة معناها نهايتهم وزوالهم هم وأسيادهم، كيف يمكن لنا أن نتصور أن هذه الأنظمة ستتعامل معنا حجة بحجة أو فكرة بفكرة؟! هذا إن كان هناك أصلا لديهم حجة أو فكر يبيح للإنسان أن يظلم ويستعبد أخاه الإنسان ويحبس عنه حريته ويصادر منه كرامته، لا بل إن التصور الوحيد الوارد في هكذا حالة هو أن تضرب هذه الدول ولأنها عدوه للإسلام والمسلمين بيد من حديد ما دام بقاؤها مرتبطاً ارتباطا وجوديا بوعي الناس أو جهلهم على حقوقهم، وهذا هو الحاصل بالفعل كشاهد آخر على ما نقول، فكل هذا خلق نوعا من الخوف الشديد لدى الناس خوف من هذه الدول البوليسية على أهلهم وأرزاقهم ورواتبهم ومعاشاتهم.


فمن لي بطبيب نفسي يصف لي وصفة سحرية كما يقال فأسقيها للإنسان في بلادنا لعله يستفيق ويشفى مما هو فيه من رعب وخوف من هذه الأنظمة، وصفة تجعله يصحو ليجد أن هذه الأنظمة هي الأحق بالخوف منه، فهي أنظمة النهب والسلب والظلم والظلام والتضليل، أنظمة يكرهها حتى بعض الخونة والمأجورين المنتفعين منها لكثرة فسادها وقبح رائحتها التي ينفر من القرب منها الناس الأسوياء، فكيف للسارق واللص والخائن أن لا يخاف المسروق منه، فهذه طبيعة الحياة ومنطقها أن يخاف السارق ممن يسرقه، فلماذا نخاف نحن من تلك الشرذمة السارقة الناهبة لحقوقنا؟! فهذا هو الوهم بعينه، وقلة الحيلة وضعف الإرادة وحب الحياة ولو كان ثمنها الذل والخنوع، نحب حياة الإنسان حتى لو تنازلنا عن كوننا من أبناء هذا الإنسان الذي له في هذه الحياة حقوق وعليه واجبات، فأي خوف استطاع أن يتمكن من إرادتنا حتى أصبح بعضنا يعيش عيشة البهائم بصورة الإنسان حتى ولو ضحك على نفسه بلبس بذلة ووضع ربطة عنق، أي خوف هذا وكيف نقاومه لتعود لنا إنسانيتا وكرامتنا فنشعر بأننا آدميون من سلالة البشر، من يدلني على طبيب بارع لديه ترياق الحياة الكريمة الحرة الخاصة بالإنسان الذي لا ولن يستطيع أن يعيش إلا إنسانا كريما حراً شجاعا لا يتنازل عن حقه، فهل أنت إنسان تحب الحياة الإنسانية الكريمة الحرة التي تعطيك حقوقك دون منٍّ ولا أذىً؟! وهل أنت إنسان تحب الحياة الإنسانية الكريمة الحرة التي تؤدي فيها واجباتك وأنت مطمئن أنك تعيش وسط أسرتك وتبذل وتعطي وتؤدي واجباتك حيالها لتحسين ظروفها والنهوض بها؟! إذا كنت حقاً كذلك والخوف يتملكك أو لم تكن كذلك أصلاً مع أنك تتمنى عيشة البشر، فاسمع إلى هذه الوصفات التي ربما لو أخذتها في موعدها تغير حالك أو تتقدم بك الحال نحو حياة أكثر رُقياً، اسمع كيف يصفنا رسول الله ﷺ ويصف حالة الوهن التي نعيش فيها ابتداءً وكيف يطمئننا ويدلنا على العلاج.


فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:«يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟! قال: «بَلْ أَنتُمْ يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ المَهَابَةَ مِنكُمْ، وَلَيَقذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهَنَ». فقال قائل: يا رسول الله! وما الوَهَن؟ قال: «حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوتِ».


مع أن الخوفَ من الله تعالى من لوازم الإيمان، أي لا ينفكّ الخوفُ عن الإيمان، وعلى قدر إيمان العبد يكون خوفه من الله، فمن كانه إيمانُه كبيرًا يكون خوفه من الله كبيرًا، والعكس بالعكس، فقِسْ قدرَ إيمانك بمقدار خوفك أخي الحبيب، إذن فالخوف لا يكون إلا من الله تعالى، فإياك أن تكون ممن يخافون من أولياء الشيطان فتخرج بنفسك عن دائرة الإيمان، ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.


فالخوف المحمود هو ما حجزَ العبدَ عن محارم الله تعالى، فالخائف من الله تعالى هو مَنْ يخَافَ أن يُعاقبَه الله تعالى، إمّا في الدنيا، وإمّا في الآخرة، ولهذا قيل: ليس الخائفُ الذي يَبكِي ويمسح عينيه، بل الخائفُ الذي يترك ما يخَافُ أن يُعذَّب عليه، لذلك أوجب الله تعالى على العباد أن يخافوه فقال: ﴿وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾،وقال: ﴿وَإِيَّايَ فارهبون﴾، ومدحَ المؤمنين بالخوف فقال: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ﴾.


ومن أجل طرد هواجس الخوف وأوهامه التي تعشش في النفس، فما عليك إلا أن تتقرب إلى الله بالطاعات وأن تروض النفس على العبادة وأن تتعلم شئون دينك كاملة حتى تنجلي لك الحقائق، فتعرف أن الله هو أحق أن نخشاه فلا نخشى في الدنيا غيره، فنكون في جنب الله في أمن وأمان، فعَنْ أَبِي عَبَّاسٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ النبي ﷺ يَومَاً فَقَالَ: «يَا غُلاَمُ إِنّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحفَظك، احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ، إِذَاَ سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَاَ اسْتَعَنتَ فَاسْتَعِن بِاللهِ، وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك، وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّتِ الصُّحُفُ» [رواه الترمذي] - وفي رواية - غير الترمذي: «اِحفظِ اللهَ تَجٍدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفْكَ في الشّدةِ، وَاعْلَم أن مَا أَخطأكَ لَمْ يَكُن لِيُصيبكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئكَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَربِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً».


وفوق كل ذلك فإن الله سبحانه قد تكفل برزق عباده وتعهد لهم أن لا يموت أحدهم إلا وقد استوفى رزقه الذي كتبه له في هذه الدنيا، فها هو نبينا ﷺ يدعو أصحابه ليخبرهم قائلاً: «هلموا إلي». فأقبلوا إليه فجلسوا، فقال: «هذا رسول رب العالمين؛ جبريل نفث في روعي: أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته».


فعلى ماذا الخوف بعد ذلك وممن نخاف، فكيف نخشى الفقر والجوع وقلة الرزق والله هو الرزاق؟! والله إننا لو فهمنا هذه الحقيقة لخجلنا من أنفسنا أن نخاف أو نخشى غير الله سبحانه وتعالى، ولكن يبدو أننا بحاجة إلى أن نعترف أن العيب فينا وليس في شيء سوانا، فلو تخلصنا من عيوبنا هذه وسلمنا أمرنا إلى صاحب الأمر والنهي سبحانه وتعالى، والله لن يقف في وجهنا أي قوة في الدنيا، ولكن الوهن قد أصابنا ولا بد من العلاج منه، ورحم الله الشافعي الذي رأى فينا بحكمته هذا العيب وشخصه وبلغنا وحذرنا كي لا ننـزلق فيه، ومع ذلك انزلقنا فهل إلى عودة لديننا ونصرة لله ولرسوله من سبيل أيها الأخوة المؤمنون؟!

نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانــا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنبٍ ولو نطق الزمان لنا هجانـا
وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانـا


وها نحن في حزب التحرير توجهنا إليكم بهذا النداء قبل الأخير: نستنصركم فانضموا لمن سبقوكم بنصرتنا، ونمدُّ إليكم أيديَنا فشدوا عليها والحقوا بأهل مَنَعتِنا، فقد أوشك الركبُ أن يسير فشاركونا المسير ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾ ونحن مطمئنون بنصر الله ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

 


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرؤوف بني عطا - أبو حذيفة

 

 

 


 

 

لقراءة الجزء الأول اضـغـط هـنا

 

لقراءة الجزء الثاني اضـغـط هـنا

 

لقراءة الجزء الثالث اضـغـط هـنا

 

لقراءة الجزء الرابع اضـغـط هـنا

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع