الثلاثاء، 22 صَفر 1446هـ| 2024/08/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
النداء قبل الأخير... من حزب التحرير  (4)  بشائرُ نَزُفُّها ومُعَوِّقاتٌ نُذَلِّلُها بإِذن اللّه

بسم الله الرحمن الرحيم

 

النداء قبل الأخير... من حزب التحرير

(4)

بشائرُ نَزُفُّها ومُعَوِّقاتٌ نُذَلِّلُها بإِذن اللّه

ثالث المعوقات: الدولة الحديثة ودواليبها والديمقراطية وعيوبها المشاهدة بالحس، ونمط الحياة الفاسد الذي تفرضه على الناس وأثرها في بعد أهل الإسلام عن إسلامهم

 


ما هي الدولة الحديثة التي نقصدها هنا؟! وما هي دواليبها وكيف نشأت في بلادنا وما هي عيوب الديمقراطية المشاهدة بالحس وما هو الفساد الذي تفرضه على الناس وكيف تؤثر في إبعاد أهل الإسلام عن إسلامهم؟!!! وكيف يشكل كل ذلك عائقا أمام المسلمين للاستجابة إلى نصرة دينهم؟!! وفيما يلي سنحاول الوقوف على مفردات هذا المعوق بشكل لا يصح معه لمن يقرأنا منصفاً إلا أن يجزم بأن ما نقوله هنا هو الحق، وحقيقته يشهد عليها الواقع الذي نعيش لنضع كل من يقرأ هذه السطور أمام مسئولياته دونما تسويف أو شطط أو إقحام، فنحن لا نكون مسلمين إلا باتباع دين الإسلام الذي جاء به محمد ﷺ وهذا الدين ما جاء لنرتله ترتيلاً فقط، بل جاء لكي يتحمل كل من يؤمن به مسئولياته برجولة وصدق وإخلاص... ولذلك فنحن نسوق لك بين يدي هذا الموضوع بعض الحقائق التي قد نتفق عليها جميعها.


• الحقيقة الأولى: بُعِث نبينا الحبيب ﷺ في العرب، ولم يكن لدى أي قبيلة منهم أو لدى القبائل العربية كلها مجتمعة دولة محددة المعالم من حيث المكان والنظام أو الفكر.


• الحقيقة الثانية: استطاع رسولنا الكريم ﷺ وصحابته رضوان الله عليهم أن يبنوا في العرب دولة أساسها الفكر والعقيدة، سادت كل المناطق العربية وبعض المناطق الأعجمية إن جاز التعبير.


• الحقيقة الثالثة: استمر حكم دولة الإسلام قرابة ثلاثة عشر قرنا حتى تم إسقاطها في الحرب العالمية الأولى وتم إعلان سقوط دولة الخلافة رسميا سنة 1924 على يد مجرم العصر مصطفى كمال.


• الحقيقة الرابعة: وللتاريخ نقول أن دول الكفر كلها مجتمعة لم تكن لتستطيع أن تهزم الدولة الإسلامية لولا العملاء المأجورون من العرب والترك، الذين ساعدوها من الداخل على احتلال البلاد، وهؤلاء العملاء كانت مكافأتهم بأن وضعوهم على رأس السلطة فيما بعد كما سيأتي في الحقيقة الثامنة.


• الحقيقة الخامسة: لم يكن لدى العرب والمسلمين منذ بعثة النبي ﷺ دولة اسمها جمهورية ولا ملكية ولا أي نظام حكم ديمقراطي أو غيره، فكانت كل البلاد تحت حكم دولة الخلافة الإسلامية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى ومن ثم تحت حكم المستعمر الجديد بريطانيا وفرنسا بعد سقوط دولة الخلافة الإسلامية العثمانية 1924م.


• الحقيقة السادسة: قام المحتلون بتقسيم البلاد الإسلامية فيما بينهم إلى بضعة وثلاثين قسماً بموجب معاهدة سايكس بيكو سنة 1916، ومنحت بريطانيا وعد بلفور لليهود ليقيموا كيانهم في فلسطين عام 1917.


• الحقيقة السابعة: كانت صدمة المسلمين بسقوط دولتهم لا توصف، فقامت حركات يقودها أبطال من أبناء الأمة تقاوم المستعمر وتحاربه، استمر بعضها إلى يومنا هذا.


• الحقيقة الثامنة: وفي هذه الأثناء كان الاحتلال يكرس وجوده في بلادنا بقوته العسكرية الموجودة على الأرض وبواسطة ذات العملاء والخونة والمأجورين الذين ساعدوه على إسقاط دولة الإسلام بعد أن نصبهم زعماء على البلاد بعد تقسيمها وتقطيعها فكانوا هم الحكام وهم الوسط السياسي الذي يعاونهم على إدارة البلاد وحكمه لصالحهم سواء أكان في إدارات الحكم أم في الجيش.


وبهذا تأسس ما سمي بالدولة الحديثة في بلادنا وأُنشئت الوزارات وَجِيءَ بهؤلاء المأجورين الخونة الذين هم من أبناء جلدتنا ليكونوا هم السلطة التي تنفذ علينا القوانين التي يراها الكافر المستعمر صالحة له في حكم بلادنا، ومُنحت هذه الدولة الحديثة استقلالاً صوريا لا معنى له، ليضحكوا به على المسلمين بأن الذين يحكمونهم هم من أبناء المسلمين، وصاغوا لكل بلد من بلادنا نظام حكم يختلف عن البلد الآخر ليستتب الأمن لهم بتفريق المسلمين، ودستوراً مختلفاً وأصبح لكل منا جنسية مختلفة... يا لروعة الإنجاز، وأصبح لكل بلد فينا عملةٌ ورقية خاصة بها تحمل صورة الزعيم بعد أن كانت عملتنا هي الذهب، ولكن الأكثر ترويعاً هو ما فعلوه على صعيد كل دولة لوحدها تحت اسم الدولة الحديثة، وهو أنهم بعد أن أوهمونا أن الزعيم فلان هو حاكمنا الملهم وهو المقام العالي الذي لا يجوز الاقتراب منه بكلمة تغثُ باله أو تعكر صفوه، وبعد أن استقر لهم الحال نوعا ما، بعد أن قاموا بشراء كثير من الذمم وصنعوا وسطهم السياسي في كافة المجالات داخل البلد الواحد.


فالحكم على رأسه الزعيم المفدى عندنا والذي يسير حسب أوامر أسياده الذين وضعوه، وكذلك باقي نواحي الحياة من سياسة داخلية وخارجية وتعليم وصحة ومالية وتخطيط وتجارة وصناعة وزراعة وصحافة وإعلام وأوقاف، كلها ممسوكة بأيدي أزلامهم الذين هم أيضاً من أبناء جلدتنا، وهؤلاء يرتبطون بالزعيم شكلاً وانتماءً أحياناً وبالخارج انتماءً ومنهم من لا يحتاج إلى أي ارتباط لا شكلاً ولا انتماءً فهو كالطبل يسيرونه بجهله فقط بحظوته على شرف الاختيار في هذا المنصب أو ذاك حتى ولو كان ممن يلبسون العمائم، فهم مع الزعيم ما دام الزعيم يخدم سيده الذي هو أيضا سيدهم، منظومة من الخونة والمأجورين كجوقة موسيقى، يفهم فيها كاتب الكلمات على العازف على ضابط الإيقاع على المغني فيخرجون معزوفة متجانسة اسمها "كيف ترى الخائن وطنياً وحراً وصاحب قرار"؟، فيضيع المستمع أو يعتزل كل هذا النشاز الذي يفعلون فيخلون لهم الجو تماما للتلاعب بكل شؤون حياتنا، هذه الدولة الحديثة التي وُلِد منها الكثير في بلادنا ما وُجِدت إلا لتكرّس فينا الفرقة والجهل والتخلف على كافة الأصعدة.


فقل لي بالله عليك أيُّ خيرٍ جلبت كل هذه الدول الحديثة في بلادنا غير رهنها للكافر المستعمر ونهب خيراتنا وثراء ذلك الحاكم وزمرته الفاحش وغرق بلادنا في أُتون الفقر والجهل والتخلف، فهل حال مصر اليوم أحسن من حالها قبل مئة سنة؟ وهل الشام حالها اليوم أحسن من حالها قبل مئة سنة؟ أم أن حال تونس صار أفضل، ألا تراهم يقاومون ويناضلون للحصول على حقوقهم في أرضهم ضد تلك العصابة المأجورة، أما تسمعهم يرددون وينو البترول يا سُرَّاق، اسأل أهل البلاد ينبئوك بالخبر اليقين، هذه الدولة الحديثة عبارة عن عصابة من السُرَّاق سرقوا ويسرقون وما زالوا وبالقانون، وتشاء حكمة الله سبحانه وتعالى أن يعريَّ هذه الدولة الحديثة في ثورات بلادنا، فما أن نجحت الثورات بإسقاط رأس النظام في هذه الدولة أو تلك حتى بدأت الثورات المضادة على يد ما يسمى بفلول النظام أو ما سموه الدولة العميقة بالعمل، الأمر الذي أدى إلى كشف بعض الحقائق.


- الدولة العميقة هي الدولة الحديثة التي كانت تحكمنا لصالح الكفار والمستعمرين وينهبون ثرواتنا لهم، ومكافأتهم أن يظلوا فينا الحكام والوزراء والمدراء والجنرالات والبرلمانيون وأصحاب الحظوة، وكلٌ حسب الامتيازات المخصصة له الكفيلة بإتخامه، هذا ولا ننسى أن هناك الكثير من أبناء المسلمين العاملين في هذه الدولة المخلصين لدينهم وأهلهم وبلادهم لكنهم لا يكادون يستطيعون إلى الإصلاح سبيلا، فالمنظومة كلها فاسدة.


- الثورات كشفت عن سوءة الدولة الحديثة بعد سقوط رأس النظام، فقد أشاعوا الفوضى في وجه الناس وغابت الدولة عن الشارع بعد أن أصبحت مطلوبة، لكنها هذه المرة أطلقت السجناء المجرمين ليثيروا الرعب بين الناس، ويقطعوا بعض أسباب الحياة على الناس فيُخلوا البلد من الوقود فجأة ومن الغاز وغيره من بعض المواد الضرورية ليضغطوا على الشعوب، ثم يطالعنا أحد زبانيتهم كأحمد شفيق في مصر ليقول للناس إذا انتخبتموني فسوف يعود الأمن في ساعة، هذا فقط لتعلموا حجم الضرر الواقع علينا مما يسمى بالدولة الحديثة ودواليبها التي غطت كل شئون حياتنا، وكله بالديمقراطية والقانون، فالبرلمان بيدهم يشرّعون ما يشاؤون ليحرسوا وجودهم جاثمين فوق صدورنا، والقضاء بالتالي يصبح بأيديهم ما دام يقضي بموجب القانون الذي يشرعون، والسلطة التنفيذية بأيديهم يتحرك الجندي والشرطي يميناً ويساراً بأمرهم فهو مسلوب الإرادة وبالقانون، وإذا جاءت الديمقراطية والانتخابات برجال من صنف آخر، انقلبوا عليهم وبالقانون، حتى لو اضطروا إلى إلغاء القانون، كما كان يفعل بعض كفار قريش يعملون الصنم من التمر ليعبدوه فإذا ما جاعوا أكلوه، وهذا بالضبط ما حصل مع بعض الإسلاميين المعتدلين الذين ظنوا أنهم سيصلون للحكم بالإسلام عن طريق الديمقراطية، فها هم ما زالوا خارج السلطة الفلسطينية مع أنهم هم الفائزون ديمقراطياً، وها هم يقبعون في سجون الدولة الحديثة أو العميقة في أرض الكنانة مع أنهم هم الفائزون ديمقراطيا في مجلس الشعب ورئاسة البلد، أما زلتم أيها الإخوة في العقيدة لم تلمسوا عيوب الديمقراطية وفسادها في الحكم ونمط الحياة الذي تفرضه على الناس؟ أما زلتم لم تلمسوا كيف تساهم هذه الأنظمة وبالقانون في إبعاد أهل الإسلام عن إسلامهم كلما اقتربوا منه وبالقانون وبالديمقراطية؟ ألم تقضِ محاكم النظام المصري بحل مجلس الشعب بالقانون؟ وهذه هي الديمقراطية.


* صدق أو لا تصدق أنه كان في الأردن رجلٌ اسمه سمير الرفاعي (الجد)، وكان رئيس الوزراء في أوائل الستينات ثم صار ابنه زيد الرفاعي رئيساً للوزراء أيضا في 1973 ثم صار سمير زيد الرفاعي (الحفيد) رئيس الوزراء في الأردن من عام 2009- 2011، فاعتزل أبوه زيد السياسة بعد تكليف ابنه بتشكيل الوزارة، وهذا مثال على حال بعض


دولنا الحديثة، فماذا تفهم من ذلك أيها العربي المسلم المسكين.


* صدق أو لا تصدق أن آخر أيام حكم الرئيس مرسي في مصر بدأ الناس يقتتلون على الغاز والبنزين في المحطات، فيطالعنا الرئيس بخطاب عاطفي ليقول للناس والله نفسي أنزل من سيارتي وأوقف معاكم، فما أن أُطيح بمرسي حتى امتلأت البلاد بالغاز والبنزين وبنفس اليوم، فماذا تفهم من ذلك أيها العربي المسلم المسكين.


ليس المهم ماذا تفهم من ذلك، بل الأهم هو ماذا بعد أن تفهم ذلك، فنحن في حزب التحرير على يقين أنك تشخص الحالة التي نحن فيها وتفهمها جيداً، كما شخصناها لك في النداء قبل الأخير الذي وجهناه لك لتنضم إلى الركب فتسير معه، واعلم أيها الأخ الكريم أن الحرية لا تمنح لأحد منحةً، فهي كالحقوق إذا لم تطالب بها فلن تأتيك إلا وأنت خاضع خانع راكع، وأي حرية وكرامة تلك التي ستأتيني وأنا خاضعٌ راكعٌ خانعٌ... ولذلك فها نحن نفتح لك الباب على مصراعيه لحياة كريمة حرة ترضي رب السماء ورسوله الكريم ﷺ، حياة يحق فيها الحق ويزهق فيها الباطل، حياة نأخذ حقوقنا لأنها حقوقنا لا منّة من أحد ولا كرماً من أحد، حياة يكون رئيسنا فيها كعمر بن الخطاب لا يشبع إلا بعد أن نشبع، فهيا للعمل أيها الأخ المسلم فكل تفاصيل حياتك اليوم سبب وجيه ومباشر لأن تتحرك نحو دينك وتنصره وترفع الظلم عنك وعن أبناء أمتك، ولا تخافن من ذي سلطان ما دمت مع الله وسلطانه باقياً، ولتقاوم بواعث الخوف في نفسك بهذه الآيات الكريمات فالله أولى أن نخافه ونخشاه ونتوكل عليه، فغالبية الخوف الذي نحسه وهم ووهن ناتج عن حب الدنيا وكراهية الموت ولقاء الله، أما الخوف الحقيقي فلا يكون عند المؤمن إلا من الله.


﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرؤوف بني عطا - أبو حذيفة

 

 

 


 

 

 

 

لقراءة الجزء الأول اضـغـط هـنا

 

لقراءة الجزء الثاني اضـغـط هـنا

 

لقراءة الجزء الثالث اضـغـط هـنا

 

لقراءة الجزء الخامس اضـغـط هـنا

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع