الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أيعطش بلد النيلين؟! السودان يعطش صيفاً ويغرق في مياه الأمطار خريفاً!! مفارقة تختزل فشلاً حكومياً لا يحتاج إلى دليل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أيعطش بلد النيلين؟!
السودان يعطش صيفاً ويغرق في مياه الأمطار خريفاً!!
مفارقة تختزل فشلاً حكومياً لا يحتاج إلى دليل

 

 


قليلون فقط هم الذين ربما لا يعرفون أن العاصمة السودانية الخرطوم تقسِمها روافد النيل الرئيسية وهي النيل الأزرق والأبيض إلى ثلاث مدن هي الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان. قليلون أيضا الذين لا يعرفون أن تلك المدن يعاني سكانها من العطش هذه الأيام رغم أن مياه الشرب في السودان ليست جوفية أو بحاجة لسدود تحبس مياه الأمطار حتى ينعم الناس بجرعة ماء. يعطش الناس في السودان صيفاً ويغرقون في مياه الأمطار خريفاً، مفارقة تختزل فشلاً حكومياً لا يحتاج إلى دليل، فموارد البلد الطبيعية لا تجد من يديرها ولا يبدو أن الإنسان في السودان ينتظر شيئا غير ما تجود به الطبيعة.


في أطراف العاصمة المثلثة، الخرطوم، ذات النيلين، تنتشر تجارة المياه الصالحة للشرب بشكل كبير (دلالة على أن المتوفر غير صالح للشرب)، هناك أيضا أفسحت السيارات الطريق لعربات تجرها الدواب تعمل في نقل الماء بين الآبار والمنازل، فالصورة تعيد الشعب إلى ما قبل الثورة الصناعية، بل إلى العصر الحجري.


الحكومة.. قصص الوعود السراب


قبل سنوات أقام الرئيس عمر البشير يوم افتتاح سد مروي "شمال السودان"، وبالتحديد في آذار/مارس 2009م، أقام الدنيا ولم يقعدها ليبث للداخل والخارج بشرى أن زمن الظلام والعطش قد انتهى، فالمشروع سوف ينهي مشاكل الملايين مع انقطاع التيار الكهربائي والإمداد المائي، وأن تعرفة الكهرباء في القطاع السكني سيتم تخفيضها. الآن وبعد مرور كل تلك السنوات لم يتغير شيء، بل إن الحكومة تمسك بخطط جديدة لرفع تعرفة الكهرباء وهي تنتظر فقط اللحظة المناسبة لطرحها، خصوصا وأن الماء والنور هذه الأيام قد باتا حلماً يستدعي الحصول عليهما التظاهر في الشارع والكتابة في الحوائط والأسافير بمختلف منصاتها. وتخلى الشخص في السودان عن تحفظه المعهود على وقع الضغوطات المعيشية اليومية، التي أيقظت حس السخرية اللاذعة.


تصاعدت أزمة نقص مياه الشرب بشكل كبير في عدد من ولايات السودان بما فيها العاصمة الخرطوم، وذلك رغم تأكيد المسؤولين على سعيهم الجاد لحل الأزمة.


وكانت مناطق عدة في السودان قد شهدت احتجاجات على نقص المياه، حيث أكد أناس أنهم يقومون بشراء عبوات مياه شرب كبيرة الحجم يصل سعر الواحدة منها إلى أربعمائة جنيه (حوالي خمسين دولاراً أمريكياً)، جراء انقطاع المياه عنهم لأكثر من عشرة أيام خلال شهر رمضان الفضيل. وتعزو هيئة مياه الشرب بالخرطوم الأزمة إلى التوسع العمراني المتزايد الذي يزيد الضغط على شبكات المياه. وقالت الهيئة في تصريح مكتوب للجزيرة نت: إنها أكملت حفر عدد من الآبار الجوفية في محليات بالعاصمة المثلثة، مؤكدة استمرار الجهود لحفر آبار أخرى لتخفيف معاناة الناس.


وأوضح مدير الهيئة جودة الله عثمان أن حفر هذه الآبار "يأتي ضمن خطة تستهدف حفر أكثر من 52 بئراً خلال العام الجاري". وأكد أن الحكومة تسعى لشراء مولدات كهربائية "للتدخل السريع حال انقطاع التيار الكهربائي عن الآبار والمحطات، وأن تحسينات ستُجرى على الخطوط الناقلة والشبكات في المناطق التي تعاني نقصا في إمدادات المياه".


كما تم رصد ثلاثمائة ألف جنيه (نحو خمسين ألف دولار أمريكي) لمشروعات "الحلول الجذرية" لمياه الشرب بالعاصمة السودانية، وفق مدير الهيئة.


قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: 30]. فكما أن الماء ضروري لكل كائن حي فهو ضروري لوجود الحياة الجماعية واستمرارها، وهو مرفق من مرافق الجماعة، وقد عدّه الإسلام من الملكيات العامة لتمكين جميع أفراد الأمة من الانتفاع به، جاء فى سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي اللَّهُ عنه قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: «ثَلاثٌ لاَ يُمْنَعْنَ: المَاءُ والكَلأُ والنَّارُ». وفى سننه أيضاً عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال رسولُ اللَّهِ ﷺ: «المسلمونَ شُركَاءُ فى ثَلاَثٍ: المَاءُ والنَّارُ والكَلأُ، وثَمَنُهُ حَرَامٌ». وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: رسول الله ﷺ: «ثلاثٌ لا يكلمهم اللهُ يوم القيامة، ولا ينظرُ إليهم، ولا يزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم: رجلٌ على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل...» رواه مسلم.


فالواجب على الدولة أن تحرص على توفير المياه وصونه من التلوث لأنه عامل أساسي وحيوي في بناء الدولة والمجتمع، وقد أدرك المسلمون هذه الأهمية للماء منذ نشوء الدولة الإسلامية. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قَالَ: أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِئْرٌ يُسْتَعْذَبُ مِنْهُ إِلَّا رُومَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، فَيَكُونَ دَلْوُهُ فِيهَا كَدُلِيِّ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ» رواه أحمد ابن حنبل.


إن حل قضية المياه في السودان وفي غيرها يكمن في تطبيق نظام الإسلام؛ فأهل السودان مسلمون والثروة المائية موجودة في المنطقة وهي ملكية عامة للأمة ويجب أن ينتفع جميع أفراد الأمة، فالحديث عن حفر آبار وشراء مولدات هو للتضليل الإعلامي، فالمسؤولون يعلمون أن مياه روافد النيل تكفي لكنهم يريدون أن يبينوا أن الحكومة تتكلف الكثير.


إن الأوضاع السيئة، التي يعيشها المسلمون في السودان وفي غيره من فقر وضعف، لا يرجع إلى قلة الموارد في بلادهم، ولا إلى كثرة عددهم، فبلادهم من أغنى بلاد العالم بثرواتها المعدنية والمائية، وإنما يرجع إلى تخليهم عن الإسلام كنظام حياة، ثم خضوعهم لحكام يطبقون عليهم أنظمة الكفر لكي لا يعودوا إلى سابق عهدهم، أمة موحدة قوية مرهوبة الجانب، يرهبها أعداؤها ويحسبون لها ألف حساب.


فمشكلة المياه مشكلة جزئية وقضية فرعية تصغر أمام القضية المصيرية؛ التي يجب أن يتخذ المسلمون حيالها إجراء واحداً؛ الحياة أو الموت، وهي قضية عودة الإسلام إلى واقع الحياة بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.


فإلى العمل الجاد وبالطريق الشرعي بادروا أيها المسلمون بالتغيير، وهبوا للعمل مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لتوحيد الأمة الإسلامية بقيادة الراعي الذي يرعاها ويوحدها في كيان واحد، ويجمعها على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ويخلّصها من الذئاب الشرسة؛ من دول الكفر ومن عملائهم؛ حكام المسلمين، ويحل مشكلة المياه وغيرها من المشاكل التي نرزح تحتها، ويقودنا إلى حمل الإسلام رسالة هدى ونور إلى العالم لنقوم بالدور الذي أناطه الله سبحانه بنا؛ هداية البشرية ورعاية شؤون العالم بأحكام الإسلام.


﴿ظهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم: 41].

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. ريم جعفر - أم منيب

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع