الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
ما هكذا يُدَافَعُ عن المرأة: وحدها أحكام ربّها هي التي أنصفتها!!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

ما هكذا يُدَافَعُ عن المرأة: وحدها أحكام ربّها هي التي أنصفتها!!

 

 


محاولات عديدة ومتنوعة لترويض هذه الأمة العريقة التي أقضت مضاجع الغرب وأقلقته قرونا طويلة فكان إخراجها عن الطريق وتغريبها عن مفاهيم الإسلام النقية الصافية وإدخال مفاهيم غريبة غربية من أبرز مساعيه التي كللت بالنجاح فهاجم الإسلام وزوّر تاريخه ودلّس أفكاره.


لقد آتت فكرة التغريب أكلها لضرب الإسلام وغزو بلاد المسلمين ثقافيا حتى يقام السد المنيع بين المسلم ودينه ويرى فيه نقصاً عن مواكبة العصر ومسايرة التقدم والرقي فتتجه أنظاره نحو الغرب لاقتفاء أثره والسير على نهجه في جميع نواحي الحياة فينفصل بذلك عن دينه ويحيا حياة على النمط الغربي وحسب مفاهيمه، فإذا كان ذلك... صار الإسلام عقيدة روحية فحسب ولا مكان لنظامه فيتمكّن الغرب من السيطرة عليه آنذاك وهزمه "لنبدأ حرب الكلمة فهي وحدها القادرة على تمكيننا من هزيمة المسلمين" لويس التاسع.


لقد تأكد الغرب أن لا ولوج لهذا الحصن إلا بفصل نظام الإسلام عن عقيدته وإلغاء مفاهيمه من الحياة، يقول المستشرق المبشر (لورنس براون): "ولكن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام وفي قوته على التوسع والإخضاع وفي حيويته إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوروبي".


سعي حثيث وعمل دءوب قام به الغرب للنيل من الإسلام حتى يسود مبدؤه الرأسمالي ويتسنم قيادة العالم وسيادته فلمّع الشعارات ونمّق المفاهيم وقدّمها زهورا لا تحمل سوى الأشواك الجارحة والتي سببت الآلام والمتاعب لكل من تعاطاها وسار على خطاها.


لطالما ركّز الغرب اهتمامه على المرأة المسلمة لما تلعبه من دور مهم في بناء الأسرة وفي تربية الأجيال، ولعل اجتياحه لبلاد المسلمين بعد سقوط دولتهم وفقدانهم لإمامهم - جُنَّتِهم - ساهم مساهمة بالغة في تركيز مفاهيمه وتمريرها لتحلّ محلّ المفاهيم الإسلامية التي عاش بها المسلمون قرونا عديدة فكانوا بفضلها أسيادا قادة يحفظون للإنسان كرامته وآدميته ويحفون المرأة بكل عناية وحماية فتجيّش للذود عنها الجيوش وتحطّم من أجلها العروش.


لقد تفطّن إلى أنّ الطريق سيكون أسهل للولوج إلى البلاد الإسلامية وضرب المفاهيم فيها إن هو توجه إلى المرأة وحاول صرفها عن أحكام دينها وتشكيكها في صلاحية شريعتها...


شجّع الغرب العديد من الجمعيات ودعمها ماديا حتى تمكّن من تكوين أصوات له تنادي بأفكار دخيلة على مفاهيم الأمة وتشجع المرأة على الخروج عن أحكام دينها ووظف لذلك الإعلام وخاصة المكتوب الذي صار يدافع عن المرأة المسلمة فصور "درية شفيق" زعيمة حزب بنت النيل على أنها داعية رائدة لتحرير المرأة المصرية من أغلال الإسلام وتقاليده.


إنّ رفع شعار تحرير المرأة هو سلاح آخر يستخدمه الغرب في هجمته الشرسة على الإسلام وشريعته حتى تتفتت الخلية الأولى ومنها تزيد الأمة تمزقا وتشتتا وقد صارت عليلة مريضة ضعيفة بعد سقوط دولتها وحصنها المنيع.


وما زالت مطالب الحركات النسائية قائمة تنادي بما نادت به منذ قيامها فقد ركزت على الدعوة إلى السفور وخلع الحجاب من خلال الدعوات كدعوات قاسم أمين ومن خلال المؤلفات التي كتبت للهجوم على هذا الحكم الشرعي والرد على كل من يدافع عنه. فها هي نظيرة زين الدين تؤلف كتاب "السفور والحجاب" تدّعي فيه أنّ الحجاب ليس من أحكام الإسلام فتلقى استنكارا من الشيخ مصطفى الغلاييني وتردّ عليه بكتاب آخر "الفتاة والشيوخ" تدافع فيه عن السفور وتدعو إلى اختلاط الجنسين...


لم يقتصر العمل على ضرب الأحكام الشرعية وحكم الحجاب تحديدا على الجانب النظري بل تعداه للناحية العملية فقامت هدى شعراوي بمسرحية خلع الحجاب في مصر ونزعت عنبرة سلام في لبنان حجابها...


صاحبت الدعوة إلى السفور دعوة أخرى إلى تعليم المرأة وهي تعتبر أن لا سبيل للمرأة غير التعليم حتى تتحصل على حقوقها وتدافع عن نفسها فبه تحقق ذاتها واستقلاليتها وتؤمن مستقبلها... حتى إنها صارت ملزمة بالإنفاق مثل الرجل حسب ما جادت به عليها الاتفاقيات والقوانين والمواثيق لتحسب نفسها فازت فوزا عظيما وقد باءت بالخسران المبين: خسرت حياة الكرامة والعز التي يُلزَم فيها الرجل شرعا بالإنفاق عليها وعلى أولادها.


لقد تزعمت "هدى شعراوي" هذه الدعوة المنادية بضرورة عمل المرأة فأكدت أن لا فائدة من علم بلا عمل وأن المرأة المتعلمة إن لم تعمل ذهب علمها هباء منثورا.


كانت هدى شعراوي ورفيقتها زينب محمد مراد أوّل من نزع الحجاب وذلك بعد عودتهما من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما أيدتهما درية شفيق التي رفعت دعوة التحرر من أغلال الإسلام وتقاليده المكبلة للمرأة - على حد زعمها - والقائمة تطول في ذكر من وُظّفْن لضرب أحكام الإسلام المتعلقة بالمرأة خاصة كأمينة السعيد وسهير القلماوي ونوال السعداوي التي لا زالت إلى اليوم لا تتوانى عن نشر أفكارها الهدامة الساعية من ورائها إلى صرف المرأة عن دينها وإفسادها وهو ما يؤدي حتما وبالضرورة إلى إفساد المجتمع.


متعددة ومتنوعة هي الأساليب التي انتهجها الغرب في التعامل مع المرأة أو كما أطلق عليها "قضية تحرير المرأة" حيث جعلها شغله الشاغل وصارت محط نظره واهتمامه لعلمه "إنّ رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوروبا" (محمد طلعت حرب)


إنّ سقوط دولة الخلافة بعد ضعف "الرجل المريض" ساعد الغرب على تمرير أفكاره بسلاسة ممزوجة بمكر ودهاء كبيرين إذ روّج لأفكار جديدة أوهم الناس أنها الدواء الشافي فقام أعوانه المضبوعون بهذا الدور، فنادى رفاعة الطهطاوي بالحرية بعد عودته من فرنسا وطالب بجعل الشريعة الإسلامية على غرار القوانين الغربية وركز على المرأة وتعليمها ومنع تعدد الزوجات واختلاط الجنسين...


حرب طويلٌ مداها شنها الغرب على الإسلام وما زال أعوانه لا يتوانون عن تكريسها فالعلمانيون لا يدخرون نفوذا سياسيا ولا منبرا إعلاميا إلا وظّفوه لذلك وللحديث عن المرأة والتركيز عليها فكانت على رأس قائمة اهتماماته، فحاول تسليط الضوء على مفاهيم إسلامية للتشكيك فيها ولجعل المرأة تنفر منها وتعتبرها مهينة لها غير صالحة في زمنها هذا...


...رغم كل هذه المحاولات لا زال الغرب يبحث عن نتائج أفضل لتُخرِج المرأة المسلمة عن أحكام دينها فأسّس الجمعيات النسوية الضاربة لمفاهيم الإسلام وشجّعها علنا تحت شعار الحريات كـ"جمعية فيمن" التي تدّعي أنّها تدافع عن المرأة وهي في الواقع تهينها وتنظر إليها نظرة دونية لا ترقى عن الحيوانية.


لا زال يضخّ الأموال الطائلة حتى تحيد المرأة المسلمة عن الأحكام الشرعية وتشك في إنصافها لها فتراه بجمعياته ومنظماته يجوب بلاد المسلمين يتنقّل من بلد إلى آخر ليعلّم نساءه الحرية والكرامة وليرقى بهنّ - كما يروّج لذلك - وهو يمرّر أفكاره ومفاهيمه الهدّامة.


لقد بان جليا ما يخطّط له الغرب للنيل من الأمة بوسائل متنوعة ولكن ما يملأ القلب كمدا ما نراه من أبناء الأمة الذين يعملون مع عدوّها وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا يكرّرون مفاهيم الغرب الهدامة ويحسبون أنهم متمسكون بمفاهيمهم... فهل هو الجهل أم العمالة في إحدى صورها؟؟؟


تخرج علينا كاتبة متحجبة تدّعي من جهة أنها تدافع عن المرأة المسلمة الملتزمة بحجابها التي سلبها حجابها أنوثتها فمنعها من التمتع بهذه الأنوثة ومن الإحساس بجمال جسدها، ومن جهة أخرى تنفي فكرة أن تنزع حجابها فهي مقتنعة به فرضا. وهي إن طرحت هذه المسألة، فإنّها فقط لتعبّر عما يختلج في صدر المسلمة وعما تحسّ به من كبت لمشاعرها كأنثى تتباهى بجمالها أمام المرآة وترغب في أن تظهره للجميع ولكن الحجاب يحول دون ذلك.


تناقض في الطرح وضبابية في الفهم فكيف تعيش المرأة المسلمة الملتزمة هذا؟ كيف للمسلمة أن تعيش ازدواجية تجعلها تظهر عكس ما تبطن؟ كيف تعتبر الحجاب فرضا من خالقها وفي الآن نفسه قيدا وكبتا؟


إنّ هذه الدراسة دراسة لا تختلف في محتواها عما قدمته أخريات غير محجبات فزاوية النظر واحدة وهي التعامل مع المرأة كأنثى لا كإنسان خلقه ربه ليعبده ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ فالحجاب حكم شرعي لا قيداً أبدياً للمرأة المسلمة فرضه الله عليها شأنه شأن الأحكام الأخرى التي بتطبيقها تستقيم الحياة وتحيا المرأة حياة العز والهناء كما يرضى لها ربها وخالقها.


فهي تقوم به طائعة مسلمة راضية وإن حدّثتها نفسها بأمر فعليها أن تضعه في ميزان الحلال والحرام فتدرك ما عليها فعله وما عليها اجتنابه حتى تسعد برضوان ربها، يقول عليه أفضل الصلاة والسلام «لا يؤمن أحدكم حتىّ يكون هواه تبعا لما جئت به».


ما خفي على هذه الأديبة أنّ المسلمة مهما حدّثتها نفسها فإنها لن تسمع لها وتسعى جاهدة للتغلب عليها وترويضها حسب ما شرّعه ربها، وإن فعلت ذلك فبناء عن قناعتها بأنّ فيه كل الخير والسعادة وعليها أن تكيّف سلوكها وهواها حسب أحكام ربها يقينا بصلاحها.


هذا ما على المسلمة البحث عنه - إرضاء ربها وطاعته - أما أن تتحدث هذه الكاتبة بلسان المرأة المسلمة فتدّعي أنّها تعبّر عما يراودها من مشاعر أنثوية ومن شعور بقمعها فنقول لها كما قلنا سابقا لكاتبة أخرى علمانية تزعّمت حركة الدفاع عن المرأة عبر مؤلفاتها المسرفة في الهجوم على أحكام الإسلام: "لم تمثلي جدتي ولا أمي ولن تمثليني وابنتي!"


أتوجه إليك أيتها الأديبة: أما كان الأجدر أن تَسُني قلمك للبحث في مشاعر المرأة المسلمة وهي تغتصب في سجون الطغاة؟.. وهي تفقد زوجها وابنها وأباها وأخاها في غياهب السجون؟... وهي ترى العباد والبلاد جثثا وركاما تحت البراميل المتفجرة والأرجاء يملؤها الدمار.؟.. وهي ترى فلذات كبدها يموتون جوعا تحت الحصار؟... وهي ترى أهلها يحرقون أحياء أو يموتون وسط البحار... هل جفّ حبر قلمك وتحجّر قلبك وإحساسك أمام كل هذا؟! أم أنّ "قضية المرأة" موضوع مربح يجنى منه المال والشهرة وهذا ما لا تحققه جوانب الطرح الأخرى؟!


ما هكذا تُطرَح القضايا وما هكذا تُحَلّ الأمورُ وما هكذا تُنصَف المرأةُ! وحده خالقها هو الذي أنصفها بشريعته العادلة وبها وحدها تحيا عزيزة مكرمة!!

 

 


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زينة الصامت

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع