الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

قانون الثراء الحرام في السودان باض الفساد وأفرخ في كنف الإنقاذ

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أعلنت اللجنة الطارئة لتعديل القوانين والتشريعات بالبرلمان، عن فراغها من إجراء التعديلات اللازمة فيما يتعلق بقوانين المراجع العام وهيئة الجمارك والمظالم، وأعلنت عدم إجراء أي تعديل في قانون الثراء الحرام، وأن مادة "التحلل" منصوص عليها في جميع القوانين العالمية.


وكشفت نائب رئيس البرلمان ورئيس اللجنة الطارئة، سامية أحمد محمد، في تصريحات صحفية، عن إيداع القوانين على منضدة البرلمان خلال الأسبوع لضبط الأنظمة. وقالت سامية: "لم نجد خللاً في قانون الثراء، وإن مادة التحلل منصوص عليها في جميع القوانين العالمية"، وأردفت: "لكن المشكلة في التطبيق". (صحيفة السوداني 2014/11/23م).


بنص المادة (15) من قانون الثراء الحرام لسنة 1989م (يعاقب كل شخص يثرى ثراءً حراماً بالسجن لمدة لا تتجاوز عشر سنوات أو غرامة لا تتجاوز ضعف مبلغ المال موضوع الثراء الحرام أو العقوبتين معاً) بهذا النص تم معاقبة رموز النظام المايوي وتم إيداعهم في السجن وذلك عقب انقلاب الإنقاذ، واستبشر الناس بأنْ وداعاً للفساد والمفسدين.. ولكن كما عودتنا الإنقاذ أن القوانين توضع بأهواء البشر وكلٌّ يغني على ليلاه عند التطبيق بل توضع مواد تبطل مواد أخرى وتسهل على المجرم الإفلات من العقوبة ما يوجد تناقضاً مزرياً، فقانون الثراء الحرام هذا جاء فيه الآتي:


نص المادة "13" الفقرة "1" والتي تقرأ (يجوز لكل شخص أثري ثراءً حراماً أو مشبوهاً أو ساعد في الحصول عليه أن يحلل نفسه هو أو زوجه أو أولاده القصر في أي مرحلة قبل فتح الدعوى الجنائية ضده، "2" لأغراض البند "1" يتم التحلل بـ "أ" بردّ المال موضوع الثراء الحرام أو المشبوه وبيان الكيفية التي تم بها الإثراء، أو"ب" ببيان الكيفية التي تم بها الإثراء بالنسبة إلى الشخص الذي ساعد في ذلك).


وأقرب مثال على التطبيق العملي لما سمي بقانون الثراء الحرام ومادة التحلل خاصة أو فقه السترة كما يحلو للبعض تسميته هو ما حدث في جريمة مكتب والي الخرطوم فقد جاء في صحيفة السوداني 2014/4/10 الآتي:


(تسربت معلومات خطيرة جداً في الفترة الماضية؛ بأن موظفين كباراً بمكتب والي الخرطوم؛ قاموا بعمليات تزوير في الأراضي، واستغلوا نفوذهم؛ وربحوا من الاختلاسات حتى وصلت حساباتهم البنكية لأرقام مليارية تضاهي أرصدة كبار رجال الأعمال وأن مجمل المبالغ المختلسة وصلت إلى (450) مليار جنيه؛ وأن نافذين كباراً بحكومة الولاية ظهرت أسماؤهم في هذا الأمر الذي أصبح (قضية الساعة) في مجالس المدينة والأسافير ومواقع التواصل (الاجتماعي)...، وتبين أن القوات الأمنية أوقفت الموظفين المتهمين، على ذمة التحقيقات التي تدور لكشف أبعاد القضية التي أثارت ضجة كبيرة).


وخلافا للمقولة المشهورة (العدالة لا تحقق حتى تُرى وهي تتحقق) ففي السودان العدالة لا تحقق حتى ترى وهي لا تتحقق، تم إطلاق سراحهما (موظفي مكتب الوالي) بعد اختلاسهما مبلغ (17,8) مليار جنيه بعد قبولهما مبدأ التحلل من المال الحرام الشيء الذي أكدته لجنة التحقيق، وقالت إن المتهمين قبلا مبدأ التحلل من المال الحرام حسب قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه المادة (13) بدفعهما المبلغ 17,835000 مليون جنيه شملت استرداد (9) قطع أراضٍ و(5) عربات تم تحويلها باسم حكومة السودان بجانب توريد مبلغ (2,900,000) مليون وتسعمائة ألف جنيه لخزينة الدولة فأصبح القانون مشجعاً للفساد باعتبار أن الجاني تحت حماية القانون.


إن مادة التحلل المنصوص عليها في القوانين العالمية كما تقول نائبة رئيس البرلمان لا تعنينا في شيء فنحن مسلمون نؤمن بأن الإسلام قد بيّن الطريقة الشرعية لمعاقبة من يأخذ مالاً ليس من حقه. جاء في كتاب نظام الإسلام للشيخ العلامة تقي الدين النبهاني (والدليل على حاجة الناس إلى الرسل هو أن إشباع الإنسان لغرائزه وحاجاته العضوية أمر حتمي، وهذا الإشباع إذا سار دون نظام يؤدي إلى الإشباع الخطأ أو الشاذ ويسبب شقاء الإنسان، فلا بد من نظام ينظم غرائز الإنسان وحاجاته العضوية، وهذا النظام لا يأتي من الإنسان، لأن فهمه لتنظيم غرائز الإنسان وحاجاته العضوية عرضة للتفاوت والاختلاف والتناقض والتأثر بالبيئة التي يعيش فيها، فإذا تُرك ذلك له كان النظام عرضة للتفاوت والاختلاف والتناقض وأدى إلى شقاء الإنسان، فلا بد أن يكون النظام من الله تعالى).


وبيّن تعالى أن الحكم بغير ما أنزل الله هو حكم الجاهلية، وأن الإعراض عن حكم الله تعالى سبب لحلول عقابه، وبأسه الذي لا يرد عن القوم الظالمين، يقول سبحانه ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.


إن المشكلة الحقيقية كامنة في عدم تطبيق شرع الله الحنيف وليس التباكي على عدم تطبيق قانون متناقض وضعه البشر فباض الفساد وأفرخ، فإلى متى تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير يا (أصحاب المشروع الحضاري)؟؟

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب / غادة عبد الجبار

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع