الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الإسلاموفوبيا صناعة غربية خوفاً من دولة الخلافة القادمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الإسلاموفوبيا صناعة غربية خوفاً من دولة الخلافة القادمة

 

 

في عام 2009 انتشر خبر مقتل مروة الشربيني في ألمانيا أثناء وجودها في محكمة استئناف لدعوى رفعتها على ألماني قام بالتهجم عليها ومحاولة نزع حجابها، والجميع يذكر كيف صُدِم العالم بوحشيته وهو يطعنها 18 طعنة في أماكن متفرقة من جسدها خلال 3 دقائق لتودي بحياتها وسط صمت رجال الشرطة وعجز زوجها عن الدفاع عنها. اكتفت وزارة الخارجية المصرية حينها بالتنديد حيث أصر وزير الخارجية على أنه خطأ فردي لن يمر دون عقاب الحكومة الألمانية له!


في مشهد آخر نقلت صحيفة "تايم فري برس" الأمريكية صورة لأحد مسلمي أمريكا في خبر عن مطالبة البنتاغون للمدنيين بالوقوف على الحياد في وقت تتنامى فيه المخاطر على حياة المسلمين بعد حادثة مقتل جنود المارينز الشهر الجاري. حيث تنقل الصورة مشهداً لاحتجاج المسلمين أمام مبنى الفدرالية يحمل لافتة كُتب عليها "العدالة للمسلمين الأمريكيين، أوقفوا الإسلاموفوبيا، أوقفوا الحقد على الإسلام أوقفوا روبرت دوغارت" وكان المذكور قد أدين بقتل مسلمين في إسلامبرغ. في وقت تتصاعد فيه الهجمات على المساجد من قبل متطرفين.


فمنذ حادثة الحادي عشر من سبتمبر والهجمات العنيفة ضد المسلمين في بلاد الغرب مستمرة، ترتفع تارة وتنخفض أخرى في وتيرة تشي بأن هذا العداء المحموم ليس مجرد أعمال فردية، أو خلافات شخصية بين مسلم وآخر في بلادٍ أرخص ما فيها دماء المسلمين. يُذكر أن هذه الهجمات بدأت تأخذ منحىً أكثر تطرفاً حيث تشتد حدَّتها بشكل ملحوظ، ولا يغيب عنَّا حادثة مقتل ضياء بركات وزوجته يسر وشقيقتها رزان صالحة في أمريكا نهاية العام المنصرم في الحادثة الشهيرة في تشابل هيل؛ الحادثة التي صمَّ عنها الإعلام الأمريكي أعينه وآذانه لولا وجود تويتر كما دوَّنت مشاعل مير في صحيفة الإندبندنت البريطانية في حينه معلقة على تجاهل الإعلام للحادثة الفاجعة حيث كتبت: "السؤال هنا ليس هو أن وسائل الإعلام الرئيسية قد قامت بتغطية الحادثة كما فعلت في نهاية الأمر، ولكن السؤال هو: هل كانت ستهتم وتغطيها إذا لم يقم تويتر بفضحها علنا على هذا الصمت؟ وقالت الكاتبة "أنا أعمل في وسائل الإعلام، ولكنني لم أسمع بالقصة إلا عندما دخلت إلى تويتر ورأيت الهاشتاغ (#ChapelHillShooting)، غرد في جميع أنحاء العالم ويقرع وسائل الإعلام لتجاهل احتمال أنها كان يمكن أن تكون جريمة كراهية".


وفي هذا الصدد أكّد المرصد الوطني لمناهضة العداء ضد المسلمين في فرنسا أنّ "ظاهرة الكراهية ضد المسلمين داخل المجتمع الفرنسي تتزايد يومًا بعد آخر"، مشيرًا إلى أنّ "عدد حالات العنف في حق المسلمين بسبب ديانتهم قد ارتفع بشكل غير مسبوق في مختلف المدن الفرنسية خلال الأشهر الماضية من السنة الجارية 2015". كما كشف تقرير "الجمعية المناهضة للإسلاموفوبيا في فرنسا (CIFA)"، بداية الشهر الجاري، عن أنّ "الاعتداءات التي استهدفت المسلمين في فرنسا، ارتفعت في النصف الأول من العام الجاري 2015، بنسبة 23.5%، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية".


هذه الظاهرة التي انتشرت كالنار في الهشيم وجابت شوارع الغرب قاطبة من ألمانيا إلى فرنسا والسويد والنمسا وبريطانيا وأمريكا وإسبانيا - رغم أننا لو سألنا معظم هؤلاء الذي يرون في الإسلام خطراً عليهم عما يعرفون عن الإسلام لأجابوا بالجهل - هي نتيجة طبيعية لما يُمارس من تضليل وتشويه وتهويل وقلب للصور في الإعلام الغربي على الإسلام وأهله بنعته بالإرهاب ودين التطرف.. بل يصل الأمر إلى تصويره دين ظلم وإجحاف بحق المستضعفين كالنساء والأطفال والأقليات، وتصوير النصرانية أو غير دين بأنه دين الرحمة والتسامح في قلبٍ واضح للحقائق والصور بشكل يستجدي عاطفة الإنسان الغربي ليدفعه إلى الحقد على هذا الدين العنيف الذي انتشر - حسب المزاعم الغربية - بحد السيف ويقوم على سفك الدماء ومحاربة الآخر حرباً شعواء، والزواج بالصغيرات لأجل المتعة بل وتعداد الزوجات بشكل يهين المرأة.. الخ من الأكاذيب التي تُضخّ بشكل مهول كل يوم للإنسان الغربي بتعبئةٍ آلية دون أي ذرة من الإنصاف أو التجرد أو الحيادية المزعومة حتى عبر الآلة الإعلامية الضخمة، وأحزاب علمانية متطرفةٍ حاقدة ترى في الإسلام خطراً عليها كما خفافيش الظلام تخشى الخروج للنور، وصمتٍ مطبق من حكومات تدَّعي الديمقراطية والنزاهة وتخوض حروباً لامتصاص خيرات المسلمين تحت ستار نقل الحضارة والتمدن والحريات إليهم! كلُّ هذا تحت غمامة على الأعين والقلوب تجاه فهم الإسلام ورؤيته من منظور حيادي منصف. يقول المفكر الأمريكي (جون اسبوسيتو) الذي حاول رصد هذا العداء: "لقد أصبح الأمر بمثابة فرض غشاوة من الجهل على رؤية الغرب للإسلام وللحضارة الإسلامية، وأصبحت الصورة النمطية عن المسلم أكثر أريحية عند رجال المراكز البحثية، فهو في كلمة واحدة "الإرهابي"، وهو ما يغني رجال البحث والدرس عن التفكير العميق لاستجلاء حقائق الأمور والدوافع الأصلية وراء ظواهر الإرهاب".


أحزاب مثل الحزب الديمقراطي السويدي الذي يرفع قادته شعارات تحذر من "انتحار الثقافة السويدية" وتطالب بخفض معدلات اللجوء والهجرة إلى السويد بنسبة 90%.. أو أن تنشر صفحة داعمة للحزب اليميني المتطرف في السويد على موقع التواصل فيسبوك دعوات لإحراق المساجد، حيث ينشر أحدهم "لماذا لم تحترق المساجد، كان عليكم تنفيذ عملكم بدقة فائقة"، في حين كتب غيره "أحرقوا كل المساجد"، وحركة "بيغيدا"، وهي اختصار لشعار "أوروبيون وطنيون مناهضون لأسلمة الغرب" التي تجوب شوارع ألمانيا في مظاهرات ضخمة مناهضة للمسلمين ووجودهم في الغرب، حيث قال الفرع الإسباني للحركة في أول تغريدة له إنه "لا يوجد للإسلام مكان في المجتمعات الحرة والديمقراطية مثل أوروبا".. تمثل هذه الأحزاب داعماً ومحركاً للغوغاء المتطرفين الذين يقومون بحرق المساجد ونزع الحجاب عن رؤوس المسلمات أو قتلهن، وشتم الرسول محمد ﷺ كما حصل في مجلة شارلي إيبدو، بحقد رهيب ينافي ما يُظهر الإعلام الغربي به المجتمعات الرأسمالية من تسامح وسلام وتقبل للآخر، وما تجتهد فيه الحكومات الوكيلة عن الأنظمة الغربية من الدعوة للحوار الثقافي بين الأديان والتسامح والإخاء ومساواة الإسلام بغيره!


أجل حرية التعبير في المجتمعات الغربية مقدسة ولا يمكن المساس بها لكنهم ينكرون تقديس المسلمين لشعائرهم، ولا يرون فيها حقاً ومطلباً يجب الحرص على عدم إيذاء المسلمين لأجله، كما تقول قوانينهم على الأقل! إنَّ هذه الهجمات المتطرفة والحقد الذي تزرعه الآلة السياسية الغربية كنتيجة لخوفها من الإسلام القادم الذي بدأ يفك قيوده ويستعد لاستعادة موقعه المتصدر لقيادة الكوكب نحو الأمان في ظل شريعة الرحمن تكشف التناقض الذي تحياه العلمانية ويعانيه العلمانيون في مرضهم العضال "الخوف من الإسلام"، فأعمال القتل التي يكون ضحيتها مسلمين هي أعمال فردية، تذهب أدراج الرياح، أمَّا إن كان القاتل مسلماً كما في أعمال تنظيم الدولة - هذا إن لم يكن خلفها مخطط غربي - أو في حادثة شارلي إيبدو حيث انتقم المسلمون لكرامة رسول الله فتقوم دنياهم ولا تقعد بسياسييها وإعلامييها ورجال أمنها بل ورؤساء الدول والمتنفذين شتماً للإسلام وتنكيلاً بـ"تطرفه وعدائيته" فهناك تعبئة عامة ضد الإسلام، على كافة المستويات وكمثال نورد التصريح الذي نقل على لسان ملكة الدنمارك (مارجريت الثانية) والذي قالت فيه: "إن الإسلام يمثل تهديداً على المستويين العالمي والمحلي"، وحثت حكومتها إلى "عدم إظهار التسامح تجاه الأقلية المسلمة"، أجواء مشحونة تظهر للواجهة ومقولات عن انتشار الإسلام بحد السيف وأنه دين العنف وسفك الدماء، في أحاديث مغرضة تلوي أعناق النصوص وتخفي الحقائق بل تظهرها مبتورة منقوصة لتأليب العامة على الإسلام، في صورة مشابهة لمن يقرأ قوله سبحانه ﴿يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقْرَبُوا ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: 43] أمام العامة البسطاء فيقف عند "الصلاة" فيظنُّون ذلك مدعاة لتركهم الصلاة، ويعزز قوله بـ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون: 4] تاركاً الآية التالية لها الواجب قراءتها معها دون فصل بينهما ﴿ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 5].


هذه الظاهرة تؤكد مرةً أخرى على الحاجة الملحة لوجود دولةٍ جامعة للمسلمين في الدنيا كما عبَّر عنها ابن خلدون وهي دولة الخلافة، التي تطبق أحكام الإسلام جمعاء في الداخل بصورة مشرقة تجعل الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، وتحمله للخارج بالدعوة والجهاد فتزيل كل عائق أمام وصول الإسلام للشعوب الأخرى بكل الوسائل المتاحة من إعلام رسمي وشعبي للمسلمين، فتتجلَّى الأفهام لدى الغربيين عن حقيقة الإسلام ونور الإسلام وعدله، فيظهر زيف الرأسمالية وكذب الساسة الغربيين على شعوبهم، فيدخل الإسلام كل بيت كما بشَّر رسول الله ﷺ ، فعن تميم الدَّاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «ليَبْلُغن هذا الأمر ما بلغ اللَّيل والنَّهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخله اللهُ هذا الدِّين، بِعِزِّ عَزِيزٍ أو بِذُلِّ ذَليلٍ، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر وأهله».


نسأل الله سبحانه أن يكون ذلك قريباً فيكفّ أيدي الذين ظلموا عن خير أمة، إنه أكرم مسؤول وخير مجيب الدعاء.

 

 


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم : بيان جمال

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع