الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
التصحيح الفكري يكون على أساس فكرة الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

التصحيح الفكري يكون على أساس فكرة الإسلام

عصام البشير: مجمع الفقه الإسلامي وضع مشروع الرعاية والتصحيح الفكري

 

 

 

كشف مجمع الفقه الإسلامي عن وضع مشروع الرعاية والتصحيح الفكري، الذي تبنته رئاسة الجمهورية، لوضع حد للتطرف الفكري وسط الشباب. وقال الدكتور/ عصام البشير؛ رئيس مجمع الفقه الإسلامي في تصريحات محدودة على هامش مشاركته في ندوة التطرف الديني وسط الشباب الأسباب والحلول، التي نظمها مجلس الشباب العربي والأفريقي والسفارة الأمريكية بالخرطوم بقاعة الصداقة، يوم السبت 2015/08/08م (إن مجمع الفقه يعمل بالمنهج الوقائي لمحاصرة الظاهرة وذلك بالتعاون مع الجامعات والرعاية الاجتماعية والخطاب الدعوي. مع توفير العدل الاجتماعي والحريات الدينية).


وحول انضمام سودانيين لتنظيم الدولة، قال إن نسبة ضئيلة من الشباب غرر بهم. وأشار إلى الجهود التي بذلها المجمع في محاورة خلية الدندر وإقناعهم بالعدول عن آرائهم، الأمر الذي أسهم في إطلاق سراحهم.


إلى ذلك حمل عصام البشير في تعقيبه على الندوة، الحركة الإسلامية في السودان مسئولية التقصير في ضعف العمل الاجتماعي لانشغالها بالعمل السياسي، وتركها لبرامج التربية والعمل الاجتماعي وطالبها بضرورة تصحيح المسار، وملء الفراغ الذي تسببت فيه، باعتبار أن الطبيعة لا تقبل الفراغ.


ودعا الحكام العرب والمسلمين إلى تهيئة المناخ الصحي؛ القائم على احترام كرامة الإنسان، والاتفاق على رؤية كلية، لتقديم معالجات لظاهرة التطرف الديني وسط الشباب. كما دعا الغرب إلى التخلي عن مبدأ ازدواجية المعايير، ورعاية الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وطالب في هذا الخصوص بسن تشريع دولي يحرم الإساءة للرموز الدينية وللأديان. ودعا الشباب إلى تعلم فقه إحياء النفوس، وتعلم فقه التعايش وحوار الحضارات، لا صراعها، وتوجيه طاقاتهم للعمل والتعمير، وأن يكونوا سفراء رحمة. وتطرق إلى الفهم الخاطئ للدين والجهاد، وطرح جملة من المعالجات من شأنها أن تسهم في الحد من الظاهرة وفي مقدمتها المناهج التعليمية ودور الأسرة. على حد قوله (سونا 2015/8/8م).


إن مثل هذا المشروع، وغيره من المشاريع، يقف وراءها بلا شك دول الغرب؛ التي تسعى إلى ترسيخ مفهوم الحوار والتعايش بين الأديان، وهو يؤكد ما جاء في كتيب "مفاهيم خطرة لضرب الإسلام وتركيز الحضارة الغربية" الذي أصدره حزب التحرير سنة 1998م حيث ورد فيه: "وبعد أن فشل الغربيون الكفار في إبعاد المسلمين عن عقيدتهم، عن طريق المبشرين والمستشرقين، والمؤلفات الثقافية، والتضليل الفكري والسياسي والإعلامي، لجأوا إلى الجهات الرسمية في دولهم وفي دول عملائهم، وبدأوا يعقدون المؤتمرات والندوات، ويشكلون فرق العمل المشتركة، ويؤسسون مراكز الدراسات في بلادهم وبلاد المسلمين،... وعمدوا إلى استعمال مصطلحات وألفاظ عامة براقة، تدل على معان غير محددة، من أجل التضليل والخداع، مثل: التجديد، والانفتاح على العالم، والحضارة الإنسانية والمعارف العالمية، وضرورة التعايش السلمي، ونبذ التعصب والتطرف، والعولمة، وغيرها...".


إن مجمع الفقه، المفروض به أن يكون رائداً في الدفاع عن الحق ونصرته، وفي الدعوة إلى الإسلام وأحكامه، أما اليوم فقد أصبح أداة في يد الحكام أو بالأرجح في يد سيدتهم أمريكا، تحاول بها تدجين المسلمين وإنتاج أنموذج يقبل التعايش مع الغرب ويقبل بأفكاره دون غضاضة.


ولعل هذا هو ما دعاهم الآن إلى إنشاء هذا المشروع؛ ليكون أداة ضمن أدواتهم، لصياغة إسلام جديد يرضى عنه الغرب ويقبل به، وكأن التعايش مع الغرب وقبوله صار من مقاصد الشريعة التي يدعي هؤلاء أنهم يسعون للحفاظ عليها، فهو يركز على مفهوم السلم والتعايش، وأن الأمة لم تعد تتحمل حالة الاقتتال وحدَّة الاحتراب بين مكوناتها، وتأكيدهم على ضرورة الامتثال إلى نصوص الشرع الداعية إلى إقرار السلم، وتأصيل مفهوم السلم وشن الحرب على الإسلام، وتثبيت منظومة السلم فقهاً وقيماً ومفاهيم وقواعد وثقافة، متغافلين عن الأصل الذي يصلح حال الأمة، والذي كان ينبغي أن يكون اجتماعهم من أجله، لكونهم علماء، وهو إعادة جسد الأمة ولحمته في كيان واحد؛ هو خلافة راشدة على منهاج النبوة، تنهي حالة الاقتتال بين أبناء الأمة، وتعيد سلاحها لها، وتوجهه نحو عدو الأمة، بدلاً من التعايش معه ومسالمته، سلام الذل والخنوع، فهذا دور الأمة وهذا واجبها، فنحن أمة حاملة رسالة، تجاهد في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، فينبغي التركيز على مفاهيم الجهاد، وسير المجاهدين؛ التي تبعث العزة في نفوس أبناء الأمة، ليقوموا بما أوجبه الله عليهم من حمل للإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد كما أمر رب العباد.


أما هذا المشروع وغيره من المشاريع التي كثرت في الأمة هذه الأيام، وحازت على رضا الغرب الكافر ودعمه ورعايته، فدوره هو فصل المسلمين عن عقيدتهم، والحيلولة بينهم وبين أن تصبح أساساً لتفكيرهم، بل دورها تركيز أفكار الغرب ومفاهيمه وثقافته على أنها أفكار إسلامية، أو لا تخالف الإسلام، وأنها من مقاصد الشريعة حسب زعمهم. ورغم علمهم أن مقاصد الشريعة لا يحميها ولا يصونها ولا يضمنها إلا تطبيق الإسلام كاملاً شاملاً غير منقوص، وأن هذا التطبيق يستحيل أن يكون إلا في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فكيف بربكم تضمن هذه المقاصد أنظمة قمعية متسلطة مغتصبة للسلطان من الأمة، وتحكمها بغير أحكام الإسلام، يرسخ أمثال هؤلاء العلماء لطاعتهم وإقرار حكمهم المخالف للشرع كله وليس مقاصده فقط والذي لا يحقن دماء المسلمين بل يزيد اقتتالهم ويفرق جماعتهم ويضعف بيضتهم.


ما الذي تحتاجه الأمة لتنهض ويستمر نهوضها، هل تحتاج إلى تلك المشاريع؟ إن الأمة لا تحتاج إلى تلك المشاريع التي تنصب نفسها وصية على الأمة وعلى دينها، فليس في الإسلام مؤسسات دينية ولا كهنوتية ولا رجال دين، والإسلام منع تلك المفاهيم، وحاربها، وحارب كل ما يؤسس لها، كما أن الأمة لا تحتاجها وإنما تحتاج إلى حزب مبدئي يحمل الإسلام بفكرته وطريقته، متجسدا في أفراده، على أن يسعى هذا الحزب المبدئي إلى استئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، تقر العدل والسلم والأمن على أساس الإسلام، لا على أساس أفكار الغرب وثقافته وقوانينه الدولية، وتجعل من العقيدة الإسلامية أساسا لتفكير الناس ومن أحكامه الشرعية حلولا لمشكلات حياتهم، وتنقي العقيدة مما علق بها من أفكار ليست من الإسلام وتعيدها نقية صافية كما نزلت على رسول الله ﷺ، ولعل هذا ما كنا ننتظره من هؤلاء العلماء وغيرهم وأمثالهم، كنا ننتظر منهم الدعوة لإقامة الخلافة وحث الأمة على العمل لها واحتضان العاملين لها ودفع أهل القوة والمنعة من أبناء الأمة إلى نصرتهم وتسليمهم زمام الأمور ليحكموا بالإسلام، لا أن يقضوا أوقاتهم في أحياء باريس المختلفة مرددين أن الإسلام دين السلام وكأن المسلمين ليسوا هم من يتعرض للقتل والتهجير على أيدي الغرب وعملائه في بلادنا، بل هم من يعيشون غير آمنين في العالم والسبب طمع الغرب وحقده على الإسلام والمسلمين. فالإرهاب هم صانعوه وهم أمّه وأبوه، فهل من الحكمة أن تكونوا أداة في محاربة ما يسمى بـ (الإرهاب الإسلامي)، في حين تصمتون صمت أهل القبور على الإرهاب الغربي الحقيقي في بلادنا؟ واضعين أيديكم فى يد العدو مصافحين متآمرين على أمتكم مدعين العمل بالإسلام وتتغافلون عما قاله الإسلام فى التعامل مع أعداء الله ألا تعلمون أن رسول الله ﷺ رفض المساومة على الدين رفضا قاطعا دون مواربة عندما طلب منه كفار مكة أن يلمس صنمهم اللات مجرد لمس ليدخلوا في دينه وينصبوه عليهم حاكماً، فنزل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا * إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾، بلى والله إنكم تعلمون لكنكم لا تعملون لقطع حيل الكفار بل أصبحتم حبالاً لحيله الواهية، وإن أمة الخير ستلد أمثال العز بن عبد السلام وأحمد بن حنبل والشافعي وغيرهم، الذين يناصحون الحكام ولو تعرضوا لأذاهم، وسيعادون من حادّ الله ورسوله من الكفار والمنافقين.


هذا وإن كان واجب كل الأمة، لكنه أوجب على العلماء بخاصة، لأنهم أعرف الناس بحلال الله وحرامه، واجبهم أن ينفضوا أيديهم من هؤلاء الحكام، وأن يصطفوا مع الأمة في ظل ما تموج به من ثورات هي في واقعها ثورات على سلطان الغرب؛ المتمثل في وكلائه من هؤلاء الحكام، ثورات لن يحقق طموحها إلا الإسلام الذي يقضي على هيمنة الغرب ونهبه لثروات الأمة، فسارع الغرب إلى إنشاء كيانات لمحاولة ترويض الشعوب الثائرة وتدجين عقيدتها، فتأنس للغرب وأفكاره ورأسماليته المتوحشة، ولكن الأمة الآن وقد ثارت ثورتها وهبت من سباتها لن تستكين حتى ترى مولودها الجديد، عسير المخاض، والذي سيكون وبالاً على الغرب وأذنابه مؤذنا بزوال هيمنته على بلاد الإسلام وغيرها، ومبشرا بالخير للعالم كله بخلافة راشدة على منهاج النبوة، يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

 

 


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ريم جعفر - أم منيب

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع