حاكم مغوار وجيش جرار وقادة عظام
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ها قد انقضى شهر الصيام، مر علينا كضيف خفيف الظل كما في المائة عام الماضية. فأين رمضان من الانتصارات التي كانت تزلزل الأرض وتخرج الناس من الظلمات إلى النور؟ أليس هذا هو الشهر نفسه الذي فرّق بين الحق والباطل، وجعل للحق كيانًا يُهاب ويعتد به؟ أليس هو الشهر نفسه الذي طُهّرت فيه أشرف وأقدس بقعة على وجه الأرض؟ أليس هو الشهر نفسه الذي انتقم فيه المسلمون من همجية المغول وغطرستهم في عين جالوت؟ نعم هو الشهر ذاته الذي كان لنا فيه صولات وجولات، كان لنا فيه قول وفعل، كان لنا فيه رجال وقادة، لكن هل كانت انتصاراتنا وبطولاتنا في هذا الشهر مرتبطة بالشهر أم برجال أم بكلا الأمرين؟
حاكم مغوار وجيش جرار وقادة عظام
ها قد انقضى شهر الصيام، مر علينا كضيف خفيف الظل كما في المائة عام الماضية. فأين رمضان من الانتصارات التي كانت تزلزل الأرض وتخرج الناس من الظلمات إلى النور؟ أليس هذا هو الشهر نفسه الذي فرّق بين الحق والباطل، وجعل للحق كيانًا يُهاب ويعتد به؟ أليس هو الشهر نفسه الذي طُهّرت فيه أشرف وأقدس بقعة على وجه الأرض؟ أليس هو الشهر نفسه الذي انتقم فيه المسلمون من همجية المغول وغطرستهم في عين جالوت؟ نعم هو الشهر ذاته الذي كان لنا فيه صولات وجولات، كان لنا فيه قول وفعل، كان لنا فيه رجال وقادة، لكن هل كانت انتصاراتنا وبطولاتنا في هذا الشهر مرتبطة بالشهر أم برجال أم بكلا الأمرين؟
لقد كان هذا الشهر الكريم شهر الانتصارات العظيمة الفاصلة في تاريخ المسلمين، وكان له بريق يخطف الأبصار، وكان الغرب الكافر كله يعد له ألف حساب، ففيه كانت تُخط الخطط من أجل رفع كلمة الله ورايته خفاقة فوق الرؤوس بعد إسلامها، ونتمسك به ليس لأننا نمتنع عن الطعام والشراب فحسب، بل لبركة حبس الشياطين، وفيه كان يظهر رجال، وأي رجال، باعوا دنياهم من أجل الآخرة، رجالٌ عاهدوا الله ألا تغمض لهم عين وفي هذا الأرض مكان غير منار بنور الإسلام، من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، والذين كفروا هي السفلى. هؤلاء الرجال قد غرس الله سبحانه وتعالى في قلوبهم حبه وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب الشهادة في سبيله، هؤلاء كانوا وقد وجدوا في شهر رمضان في الماضي، لكن هل يزال هذا الشهر شهر الرجال الذي صدقوا ما عاهدوا الله عليه؟
نعم إن شهر رمضان هذا هو الشهر نفسه في الماضي، وهذه الأمة التي أنجبت أولئك الرجال هي الأمة نفسها، لكن حتى يعود هذا الشهر شهر الانتصارات والجهاد يجب أن يكون هناك مجاهدون يقاتلون تحت رايات الجهاد وراء قادة مخلصين، فكل هذه الأمور مرتبطة ببعضها البعض، فلا جهاد من غير مجاهدين وقادة لهم.
وحتى يتحقق النصر والفتوحات يجب أن تحرر البلاد من أيادي الكافرين وتعود إلى حظيرة الإسلام، وحتى تعود إلى حظيرة الإسلام يجب أن يكون للإسلام كيان يحمي المسلمين ممن عاداهم. قد يتساءل المرء كيف لهذه الأمور أن ترتبط ببعضها البعض، الجواب أسهل مما يمكن أن يكون، ولا يحتاج سوى إلى إعادة النظر في شهر رمضان عندما كان شهر انتصارات وفتوحات.
لهذا وحتى يعود رمضان كما كان، يجب أن تعود كل الأمور المرتبطة بالفتوحات والانتصارات. فيجب أن يوجد جيش يكون عمله الجهاد حتى يفتح البلاد ويحارب الكفر وأعوانه ويحوّل الظلام إلى نور. وليس هذا فحسب، بل يجب أن يقود هذا الجيش قائد عظيم، أمثال القادة العظام الذين كتبوا أسماءهم بماء الذهب بانتصاراتهم في هذا الشهر الكريم. وأخيرًا يجب أن يوجد لهذه الأمة حاكم مسلم، يحكم بكتاب الله وسنة نبيه، ويحذو حذو النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين من بعده.
إنّ الأمة التي أنجبت الأبطال أمثال محمد الفاتح، وصلاح الدين، والظاهر بيبرس، لا تزال قادرة على الإنجاب، وفيها من الحياة ما يجعلها تنجب أمثالهم حتى قيام الساعة، فهي ستظل خير أمة كما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين.
لهذا فإن ما ينقص شهر رمضان حتى يعود كما كان ثلاثة أمور رئيسية: حاكم مغوار، وجيشٌ جرار، وقادة عظام. وهذه الأمور لا يصعب تحقيقها في هذه الأمة الولّادة، والجيوش والقادة الأبطال موجودون في الأمة، لكن ينقصهم الحاكم المغوار. فبلاد المسلمين تزخر بشباب وجنود ومقاتلين شجعان مخلصين لدين الله، ولا يحتاجون سوى إلى حاكم يقاتلون من ورائه ويتقون به. والقادة العظام فهم بحمد الله منا وفينا، ولا ينقصهم سوى أن يفتح الله قلوبهم لنا في حزب التحرير، وينصروا عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فيعيدوا سيرة الأوائل، ويسطروا أسماءهم في صفحات التاريخ. وعندئذٍ سيعود لهذا الشهر رونقه وعظمته، ويعود كما كان شهر انتصارات وفتوحات.
اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وقلوب القادة المسلمين، وهيئ لنا حاكمًا يحكم بكتابك وسنة نبيك.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ماهر صالح