الجمعة، 25 صَفر 1446هـ| 2024/08/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
هل أصبح قرآن ربنا عاراً نتوارى منه؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

هل أصبح قرآن ربنا عاراً نتوارى منه؟!

 

نشر عدد من المواقع الإلكترونية في 01/07/2016 خبر إقدام وزارة التربية الوطنية بالمغرب، بحذف سورة الفتح من مقررات دراسية لمادة "التربية الإسلامية" لمستوى الثالث الإعدادي، وتعويضها بسورة الحشر، وهو الحذف الذى تم تبريره بكون سورة الفتح تضم آيات الجهاد، فيما سورة الحشر مليئة بآيات "التزكية". وكانت الوزارة نفسها قد راسلت لجان التأليف المدرسي وناشري الكتب المدرسية منذ بداية شهر حزيران/يونيو الماضي وطلبت منهم تغيير اسم مادة "التربية الإسلامية" وتعويضه باسم "التربية الدينية". وقالت الوزارة إن هذا التغيير يأتي بمناسبة إجراء مراجعة مناهج ومقررات هذه المادة في "اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية".

 

واعتبر سعيد لكحل (أحد كبار الحاقدين على حركات الإسلام السياسي) في تصريح لموقع هسبريس، أن هذا التغيير في مقررات التربية الدينية أمر مطلوب وإيجابي من ناحيتين؛ الأولى أن تسمية المادة بالتربية الدينية تتماشى مع الدستور الذي يقر بأن الدولة تكفل ممارسة المواطنين من مختلف الديانات لشعائرهم، ما يعني الإقرار بتعدد الديانات في المغرب، كما أن من مزايا هذا التغيير المحدث في مناهج التعليم الديني أن يجعل التلاميذ منفتحين على الديانات السماوية الأخرى، غير نافرين منها، ويدركون أن الإسلام ليس هو الدين الوحيد السائد في المغرب.

 

أما الناحية الثانية، يضيف لكحل، فتكمن في حذف كل ما يمجد الجهاد ويحرض عليه، ومن "شأن هذا التغيير أن يرقى بوعي التلاميذ إلى أن احترام معتقدات الآخرين من صميم الدين وحقوق الإنسان بعيداً عن ثقافة الكراهية وازدراء الأديان"، مبرزاً أن مفهوم التربية الدينية أكثر شمولية وانفتاحاً من مفهوم التربية الإسلامية الذي يحيل فقط على الإسلام.

 

ها هي حلقة أخرى من حلقات التآمر على الإسلام تطفو على السطح أمام أعيننا، وهي حلقة ضمن حلقات عديدة بدأ التخطيط لها منذ عقود، منذ أدرك الغرب أنه لم يبق في ساحة المواجهة معه، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانهزام الفكر الشيوعي، إلا المبدأ الإسلامي، وأدرك أن الحرب مع الإسلام ليست فقط في ساحات المعارك ووسط زخات الرصاص وأصوات القنابل، ولكن المعركة الحقيقية هي معركة الأفكار والعقائد، لأن التجربة أثبتت أن الهزيمة العسكرية وحدها لا تكسر عزيمة الأمة الإسلامية، ووحدها الهزيمة الفكرية تجعل الأمة تقبل الهيمنة الغربية وتستكين لواقعها المذل.

 

تسارعت معركة الأفكار بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر وما تلاها من هجمات متفرقة في شتى أنحاء العالم، وأمرت أمريكا دول العالم الإسلامي بتبني قوانين مكافحة الإرهاب بالصيغة الأمريكية، بعد أن أوجدت الأجواء التي تجعل الإرهاب محصوراً في العمليات التي تنسب إلى مسلمين، وأصبح كل مسلم، خصوصاً إن كان ملتزماً أو مجرد ملتحٍ، متهماً بالإرهاب حتى يثبت العكس. كما أمرت أمريكا خَدَمَها في العالم الإسلامي بإطلاق مشاريع "إصلاح" التعليم لتهذيب الخطاب الديني وحذف كل ما يمكن أن يزعج الغرب، وبالخصوص أحكام الجهاد وأحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأحكام المتعلقة بنظام الحكم في الإسلام.

 

وقد استجاب الحكام في البلاد الإسلامية بدون استثناء للمطالب الأمريكية، فعدلوا قوانينهم الجنائية لتبني قوانين مكافحة الإرهاب، وأنشأوا الفرق الأمنية المتخصصة في تعقب أنشطة الحركات الإسلامية والتنكيل بهم قتلاً وأسراً وتعذيباً، كما أطلقوا ما أسموه عمليات إصلاح المناهج التعليمية وتجفيف المنابع.

 

وهنا في المغرب، سار الأمر كذلك وفق أهواء الغرب بل فوق ما يتمنون، حتى أصبح المغرب مثالاً يحتذى، وقبلة تستنير بها الدول فيما يسمونه محاربة التطرف، ففي الشق الأمني، أصبحت الأجهزة الأمنية المغربية ذات باعٍ طويلٍ في تعقب الجهاديين وتقديم المعلومات عنهم والتنسيق مع معظم أجهزة المخابرات العالمية، أما في الشق الفكري، فقد أصبحت التجربة المغربية في تشجيع التصوف لضرب حركات الإسلام السياسي محط إعجاب أمريكا إلى درجة أنها طلبت من باقي دول العالم الإسلامي استنساخ التجربة، كما أصبح المغرب محطة لتكوين مئات الأئمة "المعتدلين" الذين يتم نشرهم في دول إفريقيا وفي أوروبا. نشرت المجلة الأمريكية نصف الشهرية "ناشيونال إنتريست"، في 2014/09/23، أن "القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أضحت "نموذجاً" يحتذى في مجال إصلاح الحقل الديني، لكونها حصَّنت المغرب ضد التطرف الديني". والكل يذكر الأمريكي الذي عينه وزير الأوقاف والشئون الإسلامية أحمد التوفيق في 2007 مديرًا أكاديميًّا لدار الحديث الحسنية ومشرفاً على إصلاح مناهج التعليم بدار الحديث الحسنية حيث صرَّح حينها عدد من الأساتذة المدرسين أنه يراد للمؤسسة أن تتحول إلى "مؤسسة لدراسة الكهنوت، وجعل الوحي الإسلامي مجرد فكر يوضع جنباً إلى جنب مع المعتقد اليهودي والبوذي والمسيحي، كما يتم تدريس سيرة محمد - عليه الصلاة السلام - إلى جانب بعض الشخصيات العالمية مثل بوذا، إضافةً إلى أن المراجع التي تم اعتمادها لتعليم الطلبة اللغة الفرنسية والإنجليزية تضم صورًا فاضحةً لا تحترم أهداف المؤسسة".

 

هذا هو الإطار الذي يجب أن توضع فيه هذه الخطوة الإضافية، إطار محاربة أي حكم من أحكام الإسلام يشتمّ فيه الدعوة إلى عزة الإسلام أو الجهاد أو المفاصلة مع الكفار، كي يصنعوا لنا دينا جديداً ينتقون فيه من النصوص والأحكام ما يوافق أهواءهم ولا يزعج أسيادهم. فالأمر أكبر من تعويض سورة بأخرى، ولكنه مسخ مقصود لديننا بدأ اليوم بتعويض سورة وغداً سيصل إلى ما هو أعظم، وهو ما أشار إليه لكحل حين قال إن "التغيير يجب أن يرقى بوعي التلاميذ إلى أن احترام معتقدات الآخرين من صميم الدين وحقوق الإنسان بعيداً عن ثقافة الكراهية وازدراء الأديان"، فأحكام الإسلام أصبحت مصنفة في نظر القائمين على التعليم ضمن "ثقافة الكراهية وازدراء الأديان"، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذباً.

 

إن الأمر ليس نزوة لوزير التعليم ولا خطوة أحادية من جانبه ولكنه جزء من خطة سائرة منذ زمن ويبدو أنه يراد تسريعها، فقد صدرت الأوامر بذلك إلى وزيري التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية من الملك شخصياً أثناء أشغال مجلس الوزراء الذي انعقد في 2016/2/6 بضرورة مراجعة مناهج وبرامج مقررات تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق، في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعية إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.

 

 

أيها المسلمون، يا أهل المغرب،

 

لن نلوم الإسلاميين الذين يترأسون الحكومة والتي ترتكب باسمها هذه الكبائر لأننا حفظنا منطقهم التبريري عن ظهر قلب، فسيقولون إن وزارة التعليم لا تتبعهم وأنهم لا يملكون عليها سلطاناً، كما لو أن الوزارات التي تتبع لهم قد أصبحت واحة لتطبيق أحكام الشرع! ولكننا نتوجه إليكم أنتم يا أهل المغرب، يا معدن النخوة والعز والإسلام، أترضون أن يصبح قرآن ربكم عاراً يُـتوارى منه، فيُغيـَّب بعضه إرضاء للكفار؟ أترضون أن يصبح وحي ربكم بضاعة ينتقي منها الرويبضات ما يوافق أهواء الكفار؟ ألم تقرؤوا قوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 85]؟!

 

إن القبول بالتدرج كمنهج للإصلاح قد استغل لتسويق القبول بالأمر الواقع واستمرار الفساد والمظالم، وبدل أن يكون التدرج تصاعدياً لتطبيق أحكام الشرع كما أوهموا الناس، ها نحن نراه يمضي تنازلياً لتمرير الابتعاد عن الإسلام وأحكامه شيئاً فشيئاً، وتسويغ القبول بأفكار العلمانية والإلحاد؛ تارة بدعوى أنها لا تخالف الإسلام، وتارة بدعوى مسايرة الواقع وتجنب الاصطدام مع القوى المسيطرة.

 

أيها المسلمون، يا أهل المغرب،

 

أرأيتم أين أوصلنا حكامنا؟ فبدل أن نتيه فخراً بديننا وبدل أن نتطاول اعتزازاً بالانتماء إلى أمة الإسلام أمة الوحي، وبدل أن نكون نحن في موقع الهجوم نهاجم عقائد الكفر الباطلة ونبين فسادها وندعو الناس إلى نبذ ما عندهم من أفكار ضالة منحرفة واعتناق الإسلام... أصبحنا نتوارى من الناس بقرآننا ونعوض سورة بأخرى ونخفي آيات الجهاد حتى لا نخدش مشاعر الكفار المرهفة!! أبعد هذا الذل ذل؟

 

إن الطريق لتغيير هذا الواقع واضح، وهو الطريق الذي سلكه رسول الله ﷺ في دعوته منذ نزل عليه الوحي إلى أن أقام صرح أعظم دولة عرفها التاريخ في المدينة، وهو الطريق الذي ما فتئ حزب التحرير يدعو المسلمين في العالم إليه. فانفضوا أيديكم عن تجار المناصب والمقاعد والكراسي وضعوا أيديكم في أيدينا حتى نعيد الأمر إلى نصابه ونعيدها خلافة راشدة على منهاج النبوة، تُقعد القرآن مكانه الذي ارتضاه له رب العزة، نوراً تستضيء به البشرية، وهدياً ربانياً يرفع عنها الضنك والشقاء.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد عبد الله

 

3 تعليقات

  • Khadija
    Khadija الأحد، 10 تموز/يوليو 2016م 00:49 تعليق

    بوركتم

  • ام عبدالله
    ام عبدالله السبت، 09 تموز/يوليو 2016م 20:52 تعليق

    بارك الله فيكم

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 09 تموز/يوليو 2016م 18:57 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع