- الموافق
- 2 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
التعليم في السودان:
نظرة رأسمالية، ومشكلات عصية، ووضع مأسأوي!!
تناقلت وسائل الإعلام نجاح تجربة "المدارس الصديقة للأطفال" التي تبنتها منظمة اليونسيف في تقليل نسبة التسرب من المدارس بين أطفال ولاية كسلا شرق السودان، ويفتقد أكثر من ثلاثة ملايين طفل في سن الدراسة (5 - 13 سنة) حق التعليم في السودان وفقا لتقرير وزارة التربية والتعليم ومنظمة اليونسيف (الحياة: 2015/9/16).
ووفق الدراسة التي أعدتها الحكومة بدعم من اليونسيف ويونسكو فإن أكثر من 3 ملايين طفل تتراوح أعمارهم بين 5-13 سنة هم خارج المدرسة ويشمل الرقم 490673 طفلا في عمر التعليم قبل المدرسي (5 سنوات) و1965068 طفلا في عمر الالتحاق بالتعليم الأساسي (6 إلى 11 سنة) و641587 في عمر الالتحاق بالحلقة الأخيرة من التعليم الأساسي (12-13 سنة).
(الحياة: 2015/9/16).
أما ولاية الخرطوم فتدعم التعليم بـ1% فقط من موازنتها ويستكمل الآباء 99% من النفقات لأن دعم الدولة للتعليم لا يتجاوز 3% بينما الإنفاق على التعليم وفقا للمعايير الدولية يجب أن يكون 16-18% من الموازنة.
والتسرُّب المدرسي يختلف من بلد إلى آخر حسب سياسة التعليم في البلد نفسه، ففي بعض الدول يعني التسرب "ترك التلميذ للمدرسة قبل إنهاء الصف السادس الابتدائي". فيما يشمل في دول أخرى "كل تلميذ ترك المدرسة قبل إكمال المرحلة المتوسطة". وتذهب بعض الدول في أنه ينطبق على "كل تلميذ ترك المدرسة قبل إكمال المرحلة الثانوية". علماً بأنَّ هناك عدداً من الدول لم توثِّق أنظمتها التعليمية مفهوم التسرُّب المدرسي. ولقد عرَّفت اليونيسيف التسرُّب عام 1992م بـ"عدم التحاق الأطفال الذين هم بعمر التعليم بالمدرسة أو تركها دون إكمال المرحلة التعليمية التي يدرس بها بنجاح، سواء أكان ذلك برغبتهم أم نتيجة لعوامل أخرى، وكذلك عدم المواظبة على الدوام لعام أو أكثر".
وظاهرة التسرُّب المدرسي في السُّـودان، هي وجود عدد من الطلاب خارج أسوار مدارسهم المختلفة، والذي (أي هذا الوجود خارج أسوار المدرسة) قد يمتد إلى نهاية الدوام المدرسي، أو قد يكون مؤقتاً وذلك بالتأخر عن دخول المدرسة صباحاً، ثم تحيُّن فرصة خروج زملائهم لتناول وجبة الإفطار بعد النصف أو الثلث الأول من اليوم الدراسي ليدخلوا معهم بعد ذلك، أو العكس، أي الانتظام في الدوام المدرسي صباحاً، ثم (الهروب) من المدرسة عند أول سانحة.
وللتسرُّب أسباب كثيرة منها افتقار مناهج التعليم للرغبة والتشويق، بجانب نقص الكتاب المدرسي، وقسوة العقاب، والفقر، وغياب الوالدين أو انفصالهما عن بعضهما، خاصة مع ظروف الحرب والنزوح التي أدت للتفكك الأسري. والتسرُّب يؤدِّي بلا شك إلى وقوع هؤلاء الطلاب في براثن الجريمة، ويضع أقدامهم في أولى درجاتها، فالطالب الذي يتسرَّب من المدرسة، يكون نهباً لأصدقاء السوء ومتسكِّعي الطريق ومعتادي الإجرام، فيبدأ بممارسة ما يمارسون من سرقة وإدمان التدخين والمخدِّرات والمسكرات، بل وحتى الوقوع في الرذيلة بأنواعها المختلفة، وارتكاب الفاحشة في أقسى صورها، يمكن أن يمثِّلا تجربة جريئة لهذا الطالب المتسرِّب، ولا يجد مانعاً أو غضاضةً في خوض غمارهما طالما أنَّه أصبح حراً طليقاً يفعل ما يشاء دون رقيبٍ أو حسيب.
وظاهرة تسرب الأطفال من التعليم الأساسي أفرزت جملة من المشاكل طفت على سطح المجتمع أبرزها التسول، والتشرد، وعمالة الأطفال. ويقع على كاهل المؤسسات التربوية دور حيوي يتمثل في ضرورة وضع استراتيجيات وخطط تعليمية تركز علي هذه الشريحة من الأطفال المتسربين حيث أثبتت الإحصائيات أن أعدادهم مهولة، حيث بلغت نسبة التسرب من المدارس (35%).
والبيئة المدرسية السيئة وكثرة المواد من أسباب نفور التلاميذ من التعليم، ووصل فقر المدارس في بعض الولايات الدرك الأسفل في هذا الجانب، باتت تفتقر لإجلاس المعلمين، ناهيك عن التلاميذ، وإلى جانب عدم توفر مراحيض في بعض المدارس، فضلا عن الاكتظاظ حيث تصل نسبة الزيادة السلبية (100%) ما يؤدي إلى جلوس التلاميذ على الأرض في كثير من المدارس، كما أن بعض المدارس تجد صعوبة في توفير مياه الشرب الصالحة، إلى جانب عدم توفر الكتاب المدرسي في كثير من المدارس لدرجة اشتراك كل (10) تلاميذ في كتاب واحد. وعدد الكتب لتلميذ بمرحلة الأساس الذي يتجاوز 20 كتابا، علما بأن التلميذ بتركيبته البدنية لا يستطيع حمل حقيبة بها هذا العدد من الكتب، ولا يوجد جدول ثابت للتلميذ للحصص اليومية بالرغم من ذلك يلزمونه بإحضار كل الكتب، إن هذه المشكلة ليست خاصة بالتلميذ وقدرته على حمل الكتب فقط، بل مشكلة قد تؤدي إلى عدم تعليم الطفل الترتيب والتنظيم لإعداد دروسه، ويؤثر على السلسلة الفقرية للطفل، كل ذلك يؤدي إلى تعليم غير جيد النوعية.
وقد أصبح التعليم عبئا بالنسبة للناس الذين حرموا أطفالهم من الذهاب إلى المدارس حتى لا يضعوا أنفسهم في دائرة الحلم الجميل الذى ثبت الواقع زيفه وهو أن التعليم طريق واضح كي يرتقي الابن ليكون أفضل من الأب في فرص العمل. والدستور السوداني الوضعي ينص على إلزامية ومجانية التعليم في مرحلة الأساس لأي طفل بلغ هذه المرحلة، يوافقه القانون والمواثيق الدولية لحقوق الطفل، فالتعليم حق للجميع والدستور السوداني يتماشي مع القوانين والمواثيق الدولية ولكن هذا الكلام على الورق فقط ولم ينفذ، أي أننا ندفع الكثير لكي يتعلم أبناؤنا، فالتعليم تجارة بطبيعة الحال ما دام النظام المطبق نظاما رأسماليا علمانيا.
يقوم التعليم في أية أمة أساسًا على وجهة النظر التي تتبناها لإيجاد الشخصية التي تصبو إليها، فنجد أن الغرب يصبو إلى السيطرة على العالم وتكريس التعليم في بلادنا لصالحه فجعله في بلاد المسلمين بما في ذلك السودان طبقًا لوجهة نظره ليسهل السيطرة عليها، فكان أداة للسياسة الاستعمارية؛ التي تفصل المسلمين عن عقيدتهم، وتحول دون نهضتهم وتقدمهم، وتعزز المفاهيم العلمانية والليبرالية وغيرها من المفاهيم التي تفرض وجهة نظر دخيلة على البلاد.
وليس من الغريب في كل مرة أن يشهد شاهد من أهلها بفساد أو بطلان النظام العلماني بكل فروعه وأجزائه ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ وأن يدعو رواده إلى وجوب إصلاح المنظومة التربوية، بل هو إقرار بالفشل وتسريب عدد كبير من الطلاب فلا توجد فائدة في التعليم حاليا، أما في المستقبل فالبطالة هي مصير هذا النظام كغيره جعل من أبنائنا كائنات مخبرية يضعونهم طبق عوامل وظروف غير ظروفها الأصلية ليجربوا عليهم ما خططه الأجنبي...
إن ما يرسم في سياسة التعليم يراد به إبعاد الإسلام عن الحياة العملية وجعله موضوعًا أكاديميا يتبع طرقًا غير صحيحة للتدريس، ونتائجه وبال على الأمة بجعله حفظًا بدلا من التركيز على بناء المفاهيم، وكيف يكون الأمر يراد به خيرًا وهو نظام تعليمي جاء به العدو لبلاد المسلمين؟!
بالإضافة إلى أن النظام في السودان سار على مخطط الإنجليز في تقسيم أهل السودان على أُسسٍ قبليةٍ، وجهويةٍ، وعنصرية فهذه القبليات تدرس في المناهج فيستشهدون بحب النبي e لمكة على هذه الوطنية، مما أدى إلى تهتك النسيج المجتمعي، وانتشار النعرات القبلية الجاهلية، وهذا ساعد بدوره على تأجيج الحروب في أطراف البلاد، ومن ثم تكتل الناس وترابطوا على هذه الأسس القبيحة، وإنه من المعلوم بداهة أنه لا القبلية، ولا الوطنية، ولا غيرهما من الروابط المنحطة؛ التي تنشأ بين الناس كلما انحط الفكر، تجعل الأساس الذي يربط بين المسلمين. فالرابطة الصحيحة هي تلك الرابطة التي تربط الناس بخالقهم؛ فتحدد لهم الحقوق والواجبات، وعلى أساسها يكون الترابط، وعلى أساسها تقوم دولتهم، وتتوحد أمتهم... هذه الرابطة التي تم تمييعها في وثيقة الحوار الوطني العلماني وتنفيذ ذلك من خلال مناهج التعليم.
إن النظام الرأسمالي وإملاءات أعداء الأمة في وضع مناهج تتلاءم مع حرب الغرب، أفرز واقعا لا ينم عن رعاية مخلصة لأبناء الأمة الذين يعانون من ضعف وخبث هذه المناهج القميئة، فهي تزيف التاريخ، وتمسخ الأذواق وتلوي الألسن وتحجم العقل عن الإدراك.
ونحن في حزب التحرير نعرض على الأمة مشروع دستور مصدره الشرع كاملا وجاهزا للتطبيق، ونملك من الوعي والحرص ما مكننا من وضع سياسة للتعليم في مشروع دستور دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والتي يعمل من أجل إقامتها ورفعة هذه الأمة ومكانتها على رأس كل الأمم، وأبرز ما فيها:
- يتكون نظام التعليم في دولة الخلافة من مجموعة الأحكام الشرعية والقوانين الإدارية المتعلقة بالتعليم المنهجي. فالأحكام الشرعية المتعلقة بالتعليم تنبثق عن العقيدة الإسلامية ولها أدلتها الشرعية، مثل محتوى مواد التدريس والفصل بين الطلبة الذكور والإناث، وبالنسبة للقوانين الإدارية في التعليم قال الحزب: "هي الوسائل والأساليب المباحة التي يراها وليُّ الأمر ناجعة في تنفيذ النظام وتحقيق الغاية منه، وهي أمور دنيوية قابلة للتطوير والتغيير بما يتناسب وتنفيذ الأحكام الشرعية المتعلقة بالتعليم وبالحاجات الأساسية للأمة، كما يمكن أخذها مما توصلت له الأمم الأخرى من تجارب وخبرات وأبحاث مُباحة."
وعن سياسة التعليم في دولة الخلافة قال الحزب: "التعليم هو تكوين العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، فتوضع جميع مواد الدراسة التي يراد تدريسها على أساس هذه السياسة، وغايتها إيجاد الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة".
فعلى جميع المسلمين، من معلمين وطلاب أن يكونوا مخلصين لهذا النظام الذي ارتضاه الله سبحانه وأنزله على رسوله e في شؤون الحكم والاقتصاد والاجتماع والتربية والصحة وفق أحكامه سبحانه تحت ظل دولته، دولة الخلافة على منهاج النبوة، التي قال الحزب أنها سترعاكم حق الرعاية وتذود عنكم وتصون أعراضكم وتحفظ دماءكم وأموالكم في عيش كريم فيه العزة والكرامة والطمأنينة، لتحظوا برضا الله وتنعموا بنعيمه في الدنيا والآخرة.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ريم جعفر – أم منيب
2 تعليقات
-
بارك الله فيكم وسدد خطاكم
-
اللهم سدد خطى حزب التحرير واجعل اللهم أفئدة الناس تهوي إليه ولين اللهم قلوب من بيدهم القوة لنصرة دعوته