- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يا مسلم! اقرأ بعيون رسول الله e لتتعلم ما علّمك الله
عندما تقرأ عن حقوق الإنسان المزعومة في أمريكا وأوروبا الرأسماليتين، أو عندما تنظر إلى واقع المجتمعات الغربية المنحلة وادعائهم التقدم والعصرنة وترى التناقض فهم حطب النار بكفرهم، تدرك أن الغرب قد وضع نظاماً لتدمير الإنسان بتحويل حياته إلى معركة وجود مستمرة حين فرض عليه قوانين وضعية وأنظمة فاشلة مبنية على العلمانية لتظهر جلية في جهل الإنسان في الغرب بدوره في هذه الحياة وسبب وجوده على الأرض. لنأخذ مثلاً دور المرأة ودور الرجل نجد أنها لم تعد واضحة عند الغربيين، فالنظام قد جرّ المرأة إلى دوامة الأزمات الاقتصادية التي هي نتيجة تطبيق المبدأ الرأسمالي وأخرجها جبراً عنها لتترك ملاذها الآمن، بيتها، إلى ساحات العمل لتحصيل لقمة العيش فلم يعد عمل المرأة وتفرغها لأداء أعظم مهمة في الكون خياراً، حين أُجبرت على الانجرار إلى أسواق العرض والطلب والاستهلاك والإرهاق والضغوطات المادية بحجة المساواة بالرجل التي هي مختلفة عنه في الواقع، فالمرأة تحتاج إلى مساعدة الرجل وحمايته لها، وتحتاج إليه ليصون عِرضها وليرعى شؤونها وأن يتكفل بنفقتها، وعلى الرجل، بل وعلى المجتمع والدولة أساساً، أن يعملوا على توفير الأجواء المناسبة للمرأة لتستطيع القيام بواجباتها على أكمل وجه وعلى أن تتحصل على حقوقها الكاملة في الرعاية، ذلك أن المرأة هي بالأساس مربية الأجيال في المجتمعات البشرية، وتعلم جميع الفتيات أن هذا هو دورهن الأساسي في الحياة ويحلمن ومنذ نعومة أظفارهن أن يصبحن زوجات مصونات وأمهات كريمات يحتضن أبناءهن ويربينهن تربية حسنة ليفتخرن بإنجازهن، بالضبط كما يعلم الرجل أن دوره هو القوامة على المرأة ورعايتها وتوفير السكن والمأكل والملبس لها، إن كانت أمه أو أخته أو زوجته أو ابنته، هذه هي حقيقة المرأة والرجل وهذا هو واقع المرأة وواقع الرجل، إلا أن الغرب الكافر تغاضى عن هذه الحقائق وحرم الرجل من دوره الطبيعي كما حرم المرأة من دورها، حيث إنه قد وضع نظاما سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتعليميا لترسيخ نظرته العقيمة التي خلطت بين أدوار المرأة والرجل في الحياة، ووقع الضرر الأكبر على المرأة التي حُرمت من أبسط حقوقها كأنثى.
فمهما كتبوا من حقوق للمرأة أو للرجل أو للإنسان فلن يحيط الكفار علماً بحقوق الإنسان وواجباته الصحيحة والكاملة التي سنّها له الله تعالى خالقه وخالق الكون والحياة، والتي بينها سبحانه في القرآن الكريم والسنة الشريفة، وهي عبارة عن أحكام شرعية خاصة بتنظيم هذه الحقوق والواجبات تنظيماً دقيقاً وفيها العلاج والحلول لجميع مشكلات الحياة. فمن يقرأ في الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال العباد يجدها تُفصّل وتُبيِن الحقوق والواجبات بالنسبة للإنسان عامة في مواضع وبالنسبة للمرأة والرجل خاصة في مواضع أخرى، فتُزيل الغشاوة والضبابية عن دور المرأة ودور الرجل وتُقدم ما يلزم من قوانين ربانية لتُعلِمهم وتعرفهم بكافة حقوقهم وواجباتهم في شتى مجالات الحياة، ولن يطبق هذه القوانين إلا خليفة المسلمين الذي يحكم بالإسلام في الدولة الإسلامية الواحدة التي فرض الله تعالى على الأمة الإسلامية إقامتها، ليحيوا في ظلها حياة إسلامية ترضي الله تعالى وتسير على منهج رسوله e.
إلا أن هذه الدولة الإسلامية التي تطبق شرع الله تعالى غائبة منذ قرابة المائة عام فهي دولة الخلافة التي حكمت العالم بالأحكام الشرعية التي كانت مواد للدستور والقوانين قد هدمت وآن الأوان لتحيا من جديد، لأن المسلمين والمسلمات يعيشون اليوم في ذات المأساة التي يعيشها رجال ونساء الغرب حيث فرضت أمريكا تطبيق هذه القوانين الوضعية على بلاد المسلمين جميعا وبدون استثناء من خلال أنظمة حاكمة عميلة لا تحكم بما أنزل الله، همها أن تخدم مصالح الكفار ونيل رضاهم بإقصاء الشرع وعلمنة الدساتير والقوانين والأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والإعلامية في إطار حربٍ شرسة على الإسلام والمسلمين. فتجد فرقاً شاسعاً بين واقع المسلمين في حبهم للإسلام وحبهم للالتزام بالشرع وبين ما تعلموه في مدارسهم وما وصل إليه نظام حياتهم! وإلا كيف سكت المسلمون كل هذه السنين على هذه الأوضاع المزرية؟! لقد غُيبت عقولهم وتبلد تفكيرهم فأُخرست ألسنتهم، فلقد استولت الأنظمة الجبرية على الحكم بمعية الغرب الاستعماري الكافر لتنشر مرض الرأسمالية وقوانينها الوضعية فرهنت رقاب المسلمين لأعداء الله جل وعلا ورسوله e، وعملوا على انهيار الاقتصاد ونهب الثروات، وانهار النظام الاجتماعي حين اختلط الرجل والمرأة بدون التقيد بالأحكام الشرعية وانتشر الفساد، وحققوا ذلك من خلال علمنة نظام التعليم وإقصاء الإسلام عن المناهج في المدارس في كل المراحل ونجحوا في سرقة عقول أبناء المسلمين والتشويش عليها في سن مبكرة لإيجاد شخصيات مهزوزة مهزومة حتى لا تنتفض الأمة ولا تنهض من غفوتها لإقامة خلافتها وإحياء عصرها الذهبي مرة أخرى! أضف إلى ذلك الضخ الإعلامي الذي يروج للغرب ونظمه المنحلة!
ولذلك على المسلم أن يدرك أنه ضحية هذه المؤامرات الخبيثة وأن يواجهها بالرجوع إلى الإسلام وتعلمه من جديد، وأن يتحصل على أكبر قدر من الثقافة الإسلامية الصحيحة لتنقية أفكاره ومفاهيمه، فالعلم والتعلم على أساس العقيدة الإسلامية النقية والوعي السياسي بما يدور حوله من قضايا أمته هو النور الذي يجب أن يتبعه للخروج من الظلام والعمل وفقا لذلك العلم وهو المطلوب، فتعلم يا مسلم واقرأ وقس ووازن الأمور على أساس العقيدة الإسلامية لتنير بصيرتك وتدرك أن العمل لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بقوة وإصرار هو الحل الوحيد وهو المخرج فنظام الحكم بما أنزل الله هو أساس الدولة التي ستطبق سائر الأنظمة وهي التي ستضمن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وهي التي ستغير واقع الإنسان الذي أفسده الغرب الرأسمالي الفاشل، فلا تكن مجرد ضحية ولا تقبل بالثقافة العلمانية الغربية التي تشربت بها غصباً عنك، بل واجه هذه الهجمة الثقافية الفكرية بأخذ العلم الشرعي الصحيح عن المخلصين العاملين للتغيير.
إن نظام الإسلام منظومة متكاملة، ومبدأ الإسلام يشمل العقيدة الإسلامية التي انبثقت عنها جميع الأنظمة المذكورة سلفاً، تعمل جميعها مع بعضها البعض لتنتج مجتمعات مستقيمة مطمئنة ومكتفية جاهزة للإبداع وحاضرة للاختراع والتقدم بالعلم والعلماء، بالضبط كأجهزة جسم الإنسان؛ فالإحساس بالنظر والتذوق واللمس، واستخدام العقل وعملية التفكير والإدراك والسلوك والنفسية عند الإنسان والميول والغرائز، وعمل الجهاز التنفسي والعصبي والدوري والهضمي وجهاز المناعة والعضلات والحركة، كل هذه الأجهزة تعمل في تناسق لتضمن صحة الجسد وعافيته لتمكنه من التفكير وعقل الأمور وإدراك سبب وجوده في هذه الحياة، ليتعلم ما يحتاج إليه ليسير في الحياة الدنيا الفانية وفي الدار الآخرة الخالدة، ولتبين له صحة الطريق من خطئه، فما هو هذا الطريق إن لم يكن في طاعة الله عز وجل والحياة حياة إسلامية إن كان فردا أو مجتمعا أو دولة، فالنظام الاقتصادي في الإسلام يجب أن يطبق معه النظام الاجتماعي في الإسلام ونظام التعليم في الإسلام لن يكتمل إلا إن كان للدولة جهاز إعلام ينشر أفكار ومفاهيم الإسلام وكل هذه الأنظمة لن تحيا في واقع حياة الناس إلا بإقامة نظام الحكم في الإسلام! فالسياسة في الإسلام هي عقله وقلبه لأنها رعاية شؤون البشر بالأحكام الشرعية؛ أي بالدساتير والقوانين الربانية وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير بتطبيق أنظمة الإسلام ونشره في ربوع العالم أجمع، هكذا جعل الله الإسلام طراز عيش متميز ليس له مثيل وأسلوب حياة يقنع عقل المرأة والرجل ويتوافق مع فطرتهما وواقعهما. لكن كيف لنا أن نربي شخصيات إسلامية معافاة ومستقيمة ومدركة لدورها في الحياة، رجلاً كان أو امرأة، حتى يقوما بأوامر الله تعالى وبتطبيق الإسلام كاملا إن لم ينخرطا في نظام تعليمي يقوم على أساس العقيدة الإسلامية حتى يتعلما ما يلزم لإعدادهما للحياة الدنيا وللآخرة ولإرضاء الله عز وجل؟!
وحتى نعطي أمثلة على مواد للدستور الرباني نقتبس من دستور دولة الخلافة الذي أعده حزب التحرير وعرضه على الأمة لمناقشته، وتظهر المواد التنسيق بين الأنظمة المتكاملة لتبين الحقوق والواجبات على الأفراد وعلى الدولة بما يرضي الله، وهذا ما تفتقده الأمة اليوم لأنها ببساطة لم تتعلمه:
نظام الحكم:
المادة 26 - لكل مسلم بالغ عاقل رجلاً كان أو امرأة الحق في انتخاب الخليفة وفي بيعته، ولا حق لغير المسلمين في ذلك.
النظام الاقتصادي:
المادة 125 - يجب أن يُضْمَنَ إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد فرداً فرداً إشباعاً كلياً. وأن يُضْمَنَ تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية على أرفع مستوى مستطاع.
النظـام الاجتمـاعي:
المادة 114 - تُعْطى المرأة ما يُعْطى الرجل من الحقوق، ويُفْرَضُ عليها ما يُفْرَضُ عليه من الواجبات إلا ما خصها الإسلام به، أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية، فلها الحق في أن تزاول التجارة والزراعة والصناعة وأن تتولى العقود والمعاملات. وأن تملك كل أنواع الملك. وأن تنمي أموالها بنفسها وبغيرها، وأن تباشر جميع شؤون الحياة بنفسها.
النظام التعليمي
المادة 170 - أساس منهج التعليم: يجب أن يكون الأساس الذي يقوم عليه منهج التعليم هو العقيدة الإسلامية، فتوضع مواد الدراسة وطرق التدريس جميعها على الوجه الذي لا يحدث أي خروج في التعليم عن هذا الأساس.
المادة 171 - سياسة التعليم: سياسة التعليم هي تكوين العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، فتوضع جميع مواد الدراسة التي يراد تدريسها على أساس هذه السياسة.
المادة 172 - الغاية من التعليم: الغاية من التعليم هي إيجاد الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة. فتجعل طرق التعليم على الوجه الذي يحقق هذه الغاية وتمنع كل طريقة تؤدي لغير هذه الغاية.
فهل قرأت عن هذه المعلومات من قبل؟ وهل بحثت عن صحتها وقمت بواجبك الشرعي تجاه ما قرأت؟ ألا تتساءل عن آلية استنباطها من القرآن والسنة؟ هل تعرف ما هي حقوقك الشرعية وما هي واجباتك كفرد أو أمة أو مجتمع أو دولة؟! وقارن هذه المواد يا مسلم بالقوانين الوضعية التي يعاني جميع المسلمين في كل يوم من مشكلاتها وتعقيداتها ومن ظلمها الشديد فأصبحنا أمة جاهلة بدينها ومتخلفة، افتقرنا لحد الجوع والعوز وسُلبت أراضينا وقتّلونا وشردونا حين ابتعدنا عن إسلامنا وحين تركنا محاسبة الرويبضات الطغاة على الحكم بغير ما أنزل الله، فقط لأننا لم نتعلم ولم نقرأ ولم ننقب بل وقعنا في فخ التعليم العلماني وقبلنا بتشويه الإسلام وتاريخه واستسلمنا للواقع الفاسد ودرنا في فلك الغرب ونظامه المتهتك! فاقرأ وافتح عينيك وأنر بصيرتك!
وإني أسألكم يا أمة اقرأ يا أمة محمد! أيعقل أن تعلموا عن الغرب وتاريخه وتطوره أكثر مما تعرفون عن الإسلام وتاريخه وحضارته التي حكمت العالم لآلاف السنين؟! ألا تتوقون لإحياء عصر الخلافة وعصر الإسلام الذهبي لاستعادة الأمجاد والريادة ونشر نور الإسلام والعلم والنهوض بالبشرية نهضة فكرية؟! اقرأ وتعلم لتنهض بالإسلام وترتقي وانفض عنك غبار التبعية والسطحية وانتقد ما تعلمته حتى الآن وقسه بمقياس العقيدة الإسلامية.
قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ [القلم: 1-8].
اقرأ لتتعلم ما علمك الله عز وجل.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة محمد حمدي – ولاية السودان