- الموافق
- 2 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
القيم التي يجب تحقيقها في سلوك الأطفال
حتى ينشأ الأبناء نشأة سوية لا بد أن تتحقق في سلوكهم أربع قيم بشكل متوازن فلا تطغى قيمة على قيمة ولا تمحى قيمة لأجل قيمة أخرى، بل لا بد أن تتحقق في سلوكهم جميعا وهي:
1- القيمة الروحية: تتحقق القيمة الروحية في سلوك الأبناء بربطهم منذ الصغر بالعقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية من عبادات وأخلاق وملبوسات ومطعومات ومعاملات.
- استحباب الأذان والإقامة في أذن الطفل عند الولادة فيؤذن في الأذن اليمنى وتقام الصلاة في الأذن اليسرى، لما روى ابن السني عن الحسين بن علي عن النبي e: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى، وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى، لَمْ يَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ»
- تعليمه شيئا من الدعاء عند طعامه وشرابه وقضاء حاجته.
- تعليمه شيئًا من القرآن حتى يتمكن من أداء الصلاة في سن السابعة لقول الرسول e «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» (رواه أحمد)، وعلى الوالدين اتباع الأساليب والوسائل المحببة للأطفال حتى يعودوهم على الصلاة والصيام منذ سن مبكرة، لأن هذه العبادات تحتاج إلى تدريب منذ الصغر، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يعودون أبناءهم على الصيام، وإذا بكى أحدهم من الجوع أعطوه بعض الدمى ليلعب بها لتلهيه عن طلب الطعام.
- تعليمه شيئا من سيرة النبي e وصفاته، يقول أحد الصحابة: (كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن).
- كما ينبغي تربية الأولاد على مراقبة الله في أفعالهم وتصرفاتهم والخوف منه وطاعته والبعد عن نواهيه.
2- القيمة الإنسانية: لقد أوجد الله في الإنسان غريزة النوع، وهي خاصية في الإنسان تدفعه للمحافظة على بقاء النوع الإنساني، ومن مظاهر هذه الغريزة عواطف الأبوة والبنوة والأمومة، ولولا هذه العواطف لانقرض الجنس البشري، ولما صبر الوالدان على رعاية أبنائهما، ولما قاما بكفالتهم وتربيتهم والسهر عليهم في مرضهم والنظر في مصالحهم. قال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: 46] وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74]، مقابل هذه العواطف الجياشة التي تحمي الأطفال وتساعدهم في حياتهم، طلب من الأولاد محبة والديهم ومعرفة حقهم واحترامهم ببرهم وطاعتهم والإحسان إليهم والقيام على خدمتهم في الكبر، قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24].
ومن القيم الإنسانية أيضا أن تحسن إلى الجيران والأصدقاء والمقربين خاصة والناس عامة وأن تتعاون معهم وتساعد في قضاء حوائجهم، قال e: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (رواه مسلم)،
3- القيمة الخلقية: الأخلاق هي صفة ملازمة للشخص وسجية فيه ويجب أن يربى الأولاد منذ الصغر على الصدق والأمانة والاستقامة والوفاء وتنقية اللسان من السباب والشتائم والكلام البذيء، وأن يربى الأطفال على الترفع عن الدنايا وكل ما يحط من المروءة، وأن يتعلم الطفل كيف يتحكم في ذاته وفي مشاعره بحيث يفصل بين الإحساس وردة الفعل المباشرة بالتفكير، فإذا سبه أحد أو شتمه لا يندفع فورا إلى الرد عليه والانتقام منه، بل يهدأ ويمسك نفسه ويتحكم فيها ويمنعها من الاسترسال بغضبها، عن أبي هريرة t أن رسول الله e قال: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» (رواه البخاري ومسلم)، وعلى المربي أن يكون قدوة في ذلك فلا يكذب على أطفاله بحجة إسكاتهم عن البكاء أو ترغيبهم في أمر ما، أو تسكين غضبهم لأنهم يتعلمون منه الكذب ويقلدونه. روى أبو داود والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ t، قال: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ e عَلَى أُمِّي وَأَنَا غُلامٌ، فَأَدْبَرْتُ خَارِجًا، فَنَادَتْنِي أُمِّي: يَا عَبْدَ اللَّهِ، تَعَالَ هَاكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ e: «مَاذَا تُعْطِيهِ؟»، قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، قَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةً».
4- القيمة المادية: وتشكل القيم المادية النواحي الصحية والجسدية والتعليمية والاقتصادية وإعداد الأولاد للعمل في المستقبل، سواء في المهن الأكاديمية أو المهنية، لذا وجب على المربين الاهتمام بهذه الأمور جميعا.
سلم القيم: اختلف الناس في تحديد أولويات القيم التي يجب تحقيقها، فإذا ما تعارضت قيمة مع أخرى وكان الوقت لا يتسع إلا لتحقيق قيمة واحدة، فما هو المحك الذي يجب الرجوع إليه في تحديد القيمة المطلوب تحقيقها. إن هذا الأمر لا يصح أن يترك للعقل البشري لأنه يتأثر بالبيئة والظروف ولأنه يحمل مواصفات الإنسان من العجز والنقص والاحتياج وأسلم طريقة لتحديد الأولويات في القيم هو الرجوع إلى الإسلام الذي أنزله الله على الناس وهو رب خبير بالنفوس عليم بما يحتاجون إليه ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]
والإسلام لم يجعل سلم القيم بترتيب جامد لا يتغير فربما طلب تحقيق قيمة إنسانية على حساب قيمة روحية فمثلا إذا كانت الأم تصلي وابنها واقف قريب من مصدر النار فإذا انتظرت حتى تكمل صلاتها وتبعده عن مصدر الخطر، فربما قضي على الولد أو أصابه مكروه، لذا عليها فورا ترك الصلاة وإبعاد الولد عن مصدر الخطر.
وربما قدمت القيمة المادية على القيمة الروحية، فقد روي أن عمر بن الخطاب مر على جماعة في المسجد يعبدون الله في غير وقت الصلاة، وفي وقت ذهاب الناس إلى أعمالهم، فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، فضربهم بالعصا وقال لهم: بل أنتم المتواكلون، لقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
لكن في الأعم الأغلب فإن القيمة الروحية مقدمة على القيم المادية، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9]، بل إن القيمة الروحية مقدمة على القيمة الإنسانية إضافة إلى القيمة المادية، قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24]
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نجاح السباتين – ولاية الأردن
وسائط
2 تعليقات
-
(حتى ينشأ الأبناء نشأة سوية لا بد أن تتحقق في سلوكهم "أربع" قيم...) هذا ما ذكر في بداية المقال، لكن ما تم الحديث عنه ثلاثة قيم فقط، فأين القيمة المادية من سلوك الأطفال؟
-
جزاكم الله خيرا و بارك جهودكم