- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أبدعوى الجاهلية يا وزير الأوقاف بعد إذ أكرمنا الله بالإسلام؟!
نقلت جريدة المصري اليوم على موقعها الاثنين 2017/3/6م، ما كشف عنه وزير الأوقاف المصري خلال حواره مع الإعلامي عمرو عبد الحميد، مقدم برنامج "رأي عام" والذي يذاع على شاشة «ten»، السبت، عن أن الأوقاف لن تتراجع عن الخطبة الموحدة. وأضاف "جمعة" أن خطبة الجمعة الموحدة جزء من الخطة الدعوية المتكاملة التي تم وضعها بمشاركة علماء نفس واجتماع وسياسيين وإعلاميين، وشدد على أنه من ليس لديه رؤية وطنية فلن نسمح له بصعود المنبر لا بخطبة مكتوبة أو غير مكتوبة، ولن نسمح لأحد أن يتجرأ على الدين أو الوطن.
لا عجب فيما قاله وزير أوقاف في دولة يحكمها رئيس يتبنى رؤية الغرب المحاربة للإسلام ويسعى لاسترضائه بكل السبل والوسائل، فمن الطبيعي أن يكون مساعدوه وبطانته على نفس نهجه في كيدهم للإسلام وحقدهم عليه وعلى حملة دعوته، فنراهم يصدرون القرارات ويسنون القوانين التي يسعون من خلالها إلى التضييق عليهم وتكميم أفواههم حتى لا يصل الحق الذي يحملونه إلى الأمة، محاولين فصلهم عنها، إلا أن الحق يخترق كل الحجب والحواجز ليصل إلى القلوب مهما حاول الكفر ومهما أنفق ليصد عن سبيل الله ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾.
إن الإصرار على الخطبة الموحدة التي تخرج من دوائر المخابرات بخطاب غايته طمس هوية أهل الكنانة المحبين للإسلام وفصلهم عن أمتهم وتركيز النعرات والعصبيات التي نهى الإسلام عنها وذمها وحذر منها، لن تجديكم نفعا بل ستكشف للناس ما ووري من سوأتكم حتى يراكم الناس ويدركوا أنكم لستم منها ولا من جنسها بل اخترتم الانحياز لفسطاط عدوها.
إن الإسلام الذي نزل على رسول الله e لا يعترف بالوطن وحدوده التي تقدسون، وفي دولته تنصهر الأعراق وتزال كل الحدود؛ فأمة الإسلام أمة واحدة بعربها وعجمها وكل أطيافها وألوانها ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾، لا يربط بينها إلا رباط العقيدة التي جمعت بين محمد e وهو عربي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي على غير أنساب بينهم، وهي نفسها التي فرقت بين محمد e وبين عمه أبي لهب رغم رابط النسب وفرقت بينه وبين أبي جهل رغم رابطة الوطنية التي تروجون لها والتي ذمها الإسلام وقبحها وقبح الداعين لها ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾، ثم يقول فيهم نبينا e: «إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية، فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا» وقال حينما تنادى المهاجرون والأنصار: «يا معشر المسلمين! الله، الله.. أبِدَعْوَى الجاهلية، وأنا بين أَظْهُرِكُم، بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمَكُم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألَّف به بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفّارًا؟» وقال: «دعوها فإنها منتنة» أفبعد كل هذا تدعونا إليها يا وزير الأوقاف؟! أنسمع لك أم نسمع لرسول الله e؟! ولما أنزل الله عليه من وحي؟!
يا وزير الأوقاف! لقد كان الأجدر بك أن تدعو الناس إلى ما يدعوهم له الإسلام وتصطف في صفهم عاملا ومطالبا بالحق الذي تعلم ونعلم؛ الخلافة على منهاج النبوة تحكم بالإسلام شاملا كاملا وتطبقه تطبيقا يعيد الحقوق وتجعل لأحكامه الشرعية واقعا عمليا بتطبيقها في واقع الحياة فيدرك الناس مسلمهم وكافرهم ما خسره العالم بغياب الخلافة تلك السنين التي مضت، فيدخل الناس في دين الله أفواجا، فأي خير ستناله حينها وأي درجة ستكون لك عند ربك شتان ما بين الثرى الذي تمكث فيه وتدعو إليه وبين الثريا التي نعمل وندعوك للعمل معنا لها.
يا علماء الأزهر والأوقاف وعلماء الكنانة جميعا! أين أنتم من مثل هذا الخطاب الفج ومن احتكار الإسلام بيد علماء السلاطين وأدعياء العلم؟! هل كان رسول الله e مصريا وطنيا؟! وهل كان الخلفاء والتابعون من سلالة الفراعنة؟! إنكم مسؤولون أمام الله عن صمتكم وسكوتكم على حرماته التي تنتهك وتلك الجرأة عليه وعلى أحكامه ودينه، فبماذا ستجيبون؟!
إن واجبكم أيها العلماء بما علمتم من الكتاب والحكمة أن تقوموا على فكر الناس ووعيهم وأن تقفوا منهم موقف الناصح لهم والمطالب بحقوقهم التي سلبهم الحكام إياها، وأن تكونوا في طليعتهم عاملين لأن تقام فيهم الخلافة على منهاج النبوة تعيد الخير للأرض فينعم بها البشر والشجر والحجر والطير في السماء، هذا ما نرجوه لكم ومنكم وبه تنالون الدرجات العلى التي نسأل الله أن تكون لكم.
إن الإسلام بخطابه موجه للأمة بعمومها بلا تمييز، فلا توجد أحكام خاصة بقطر دون قطر بل إن هذه التقسيمات التي تسمى أوطانا ودولا رسمها الغرب وقدسها الأذناب وطالبونا بتقديسها وهي وهمٌ هُمْ صانعوه وبائعوه وما أنزل الله به من سلطان، تؤلمنا لأنها تذكرنا دوما بتقطيع أوصالنا ونحن على قيد الحياة، ولا تعنينا ولا يجوز أن نقبلها بل يجب أن نعمل على اقتلاعها وتوحيد بلاد الإسلام كلها في الخلافة على منهاج النبوة.
أيها المسلمون عامة وأهل مصر الكنانة خاصة! إن الإسلام ليس حكرا على أحد ولا يوجد فيه ولا يجوز أن يوجد رجال دين أو مؤسسة دينية تحتكر خطابه، وإنما عندنا مجتهدون علماء وفقهاء ومحدثون وهؤلاء ليسوا بمعصومين وكلٌّ يؤخذ منه ويُردّ عليه إلا رسول الله e، فنحن أمة الدليل التي تبحث وتنقي وتتيقن ولا تقبل إلا ما كان صدقا وحقا، فنحن أمة لا تعرف الحق بالرجال وإنما تعرف الحق فتعرف أهله أو هكذا كنا ويجب أن نعود، فدعوكم من هؤلاء الأدعياء يا أهل الكنانة ولا تلتفتوا لهم فهم ساقطون كالنظام المتهاوي الذي يرقعون، وكونوا مع الصادقين منكم ولكم إخوانكم في حزب التحرير من يحملون لكم الخير من نبعه الصافي من لدن رسول الله e، يحملون لكم مشروعا ينجيكم ويحييكم ويعيد أمتكم أمة واحدة يحكمها حاكم واحد ويعيد بلادكم بخيرها لكم ويمنع نهب عدوكم لثرواتها وخيراتها، فلعلها تقام على أيديكم يا أهل الكنانة فيكون لكم السبق والريادة وتكون فيكم السيادة والشرف في الدنيا والآخرة، وإنها والله وحدها ما يصلح حالكم ويحقق طموحكم ويذهب عنكم رجس الحكام وصنائعهم وأدعيائهم، فبادروا عسى الله أن يفتح على أيديكم فتفوزوا فوزا عظيما، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر