- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أهل الكنانة! اغسلوا عار تطاول حكامكم العملاء على نبيكم ودينكم
تروي لنا سورة المجادلة عن امرأة من الأنصار هي خولة بنت ثعلبة صحابية جليلة من الصحابيات الصابرات وزوجة لابن عمها أوس بن الصامت، وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه وضجر ولمم، واللّمم نوع من الجنون، وكان ضعيف البصر، فدخل على خولة يوماً فراجعته بشيءٍ، فغضب عليها وقال لها: "أنت عليَّ كظهر أمي" وكان ذلك القول في الجاهلية طلاقاً، وقيل كان الظِّهار في الجاهلية أشد الطّلاق وأحرم الحرام، وكان الرجل إذا ظاهر من امرأته لم يرجع أبداً، وكان ظهار أوس من خولة أول ظهار في الإسلام، ثم راودها أوس عن نفسها، فقالت له: كلا لا تصل إليَّ وقد قلتَ ما قلت حتى أسأل رسول الله ﷺ، فأسقط في يده، وقال لها: ما أراك إلا قد حَرُمْتِ عليَّ، انطلقي إلى رسول الله ﷺ فاسأليه، فذهبت خولة إلى رسول الله ﷺ وقصّت عليه قصتها مع أوس، فقال لها رسول الله ﷺ: «ما أمرنا بشيءٍ من أمرك، ما أراك إلا قد حرمت عليه» فقالت: يا رسول الله، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر الطلاق، وإنه أبو ولدي وأحبّ الناس إليَّ، فقال لها: «حَرُمت عليه» فقالت: أشكو إلى الله فاقتي وتركي بغير أحد، وقد كبرت سني ودقّ عظمي، ثم قالت: يا رسول الله إن أوساً تزوجني وأنا ذات مال وأهل، فلما أكل مالي، وذهب شبابي، ونفضت بطني، وتفرَّق أهلي، ظاهر مني، فما زادها رسول الله ﷺ على قوله: «ما أراك إلا قد حرمت عليه» فبكت وصاحت: أشكو إلى الله فقري ووحدتي وصبية صغاراً، إن ضمهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليَّ جاعوا، ثم أخذت خولة ترفع رأسها إلى السماء، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها وكانت قد شهدت حوار خولة مع رسول الله ﷺ: فبكيت وبكى من كان في البيت رحمة لها ورقّة عليها، فبينما فرغت عائشة من تمشيط شق رأس رسول الله ﷺ وأخذت تمشط الآخر، أنزل الله عليه قوله: ﴿قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّه يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
هذه هي حقيقة الواقعة وحقيقة المرأة التي يدّعي الرئيس المصري خلال خطابه في حفل تكريم أمهات الشهداء 2017/3/23م أنها لامرأة اشتكت رسول الله ﷺ لله وأن القانون الإلهي تغير لأجلها ولأجل شكواها مستكملا بذلك مسيرته في ثورته الدينية متطاولا على رسول الله ﷺ، وكأني به يريد أن يقول إن نبيكم أخطأ أيها المسلمون وأشاح وجهه عن المرأة ولم ينظر شكواها فاشتكته لربكم الذي غير القوانين لينصف المرأة، مدعيا أن (القانون أو الحكم السائد وقتها كان بتفريق الرجل عن زوجته إذا نطق اليمين، إلا أن المرأة تصدت بفطرتها وللحفاظ على أبنائها وأسرتها لهذا الحكم، واشتكت الرسول ﷺ إلى الله، وأن الله رد عليها بأن أنزل الوحي على الرسول ﷺ بآية: "قد سمع الله قول التي تجادلك وتشتكي إلى الله")، علما أن الظهار عن العرب كما أسلفنا هو طلاق بل ومن أشد أنواع الطلاق، هذا واقعه عند العرب الذين نزل عليهم القرآن ولم يكن قد نزل فيه حكم خاص حتى هذه الواقعة التي هي أول ظهار في الإسلام، وكما نعلم أن القرآن كان يتنزل على رسول الله ﷺ منجما أي لكل واقعة بحكمها الذي يناسبها ورسول الله ﷺ لا ينطق عن الهوى إنما هو رسول من الله يبلغ رسالته ولا يعصيه ولا يشيح وجهه عن سائل وقد جادلته في زوجها وحاله وحالها، وأجابها على اعتبار اللفظ عند العرب وكونه من ألفاظ الطلاق حتى أنزل الله قرآنا يتلى وحكما يبين الأمر ويضبطه إلى يوم الدين، والمرأة ما شكته لله وإنما شكت لله حالها وحال أولادها، وما تطاولت عليه ﷺ وإنما كانت تعرف له قدره وهي من الصحابيات الفضليات.
وإذا كانت القوانين تتغير أيها الرئيس فمن الذي يغيرها؟! هل اجتمع الصحابة وطالبوا الرسول ﷺ بتغييرها؟! وهل غيرها النبي ﷺ من تلقاء نفسه؟! هل قام النبي ﷺ بثورة دينية؟!
أيها الرئيس! لقد شهد عليك لسانك فكما قلت أنت الذي غير القانون هو الله فأنزل فيها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة ولم نر الصحابة يجتمعون ليضعوا فيما بينهم قانونا جديدا بشأن هذه المرأة ولا بأي شأن آخر من شئون حياتهم، ولم نر من رسول الله ﷺ قولا يخالف ما يأتيه من وحي الله عز وجل، بل نجده يتوقف على ما أتاه من قرآن يفسره بلسان العرب الذين نزل فيهم وعليهم القرآن، فأين أنت منهم ومنه؟! هم سمعوا لله وأطاعوا ونزلوا على شرعه وأحكامه وما طبقوا غيرها في حياتهم، فأين أنت من هذه الأحكام وتطبيقها؟!
يا أهل الكنانة! إن رئيسكم لم يكتف باستمراره في ثورته على دينكم واحتكاره للخطاب الديني الذي يوجه لكم حتى لا يخرج عما يريد أن يوصله إليكم بل يتطاول على نبيكم مستخفا ومستهينا بكم غير عابئ بغضبكم، فلو علم منكم غضبة لله ورسوله ﷺ تزلزل أركان حكمه وتقوض سلطانه لما تجرأ على نبيكم ولما سعى إلى تشويه دينكم، ولما تبنى رؤية عدوكم التي تصف دينكم بالإرهاب وتخوّله قتلَكم، فاخلعوا عنكم هذا العار وانفضوا أيديَكم من حاكم خائن لله ورسوله ﷺ أوكل أمره لعدوكم، واحتضنوا إسلامكم الذي يحييكم ويعيد لكم عزتكم وكرامتكم، وقِفوا لله وقفة لا ترجعوا عنها حتى تقام فيكم الخلافة على منهاج النبوة؛ تحكم فيكم بالإسلام شاملا كاملا كما ارتضاه الله لكم وأتمه عليكم نعمة منه وفضلا.
أيها الرئيس! إن الإسلام الذي أنزله الله على نبيه ﷺ هو منهج حياة كامل، فيه من الأحكام ما يكفل لمصر والأمة بل والعالم أجمع العيش في رخاء ورغد عيش شريطة تطبيقه كاملا شاملا في دولة الخلافة على منهاج النبوة تعرفها أنت ومن خلفك وتعرف من يحملون الدعوة إليها وتعرفون أنها الحق المحض الذي سيزيل الرأسمالية وباطلها وسلطانها وسيقضي حتما على نهبها لثرواتنا وهيمنتها على خيراتنا ومقدراتنا، وما نعتكم الإسلام بالإرهاب إلا لمحاولة كبح جماحه وتأخير قيام دولته التي آن أوانها وأطل زمانها والتي بالفعل ترهبكم وتقض مضاجع سادتكم في البيت الأبيض.
أيها الرئيس! إننا نبشركم أنها قائمة بإذن الله وقد أصبحت الأمة كلها تراها رأي العين، فكفاكم انفصالا عنها واصطفافا في صف عدوها موغلين في دمها، ولا زال في يدكم قرار يغير وجهتكم عسى الله أن يقبل منكم فيغفر لكم به ما قد سلف بتوبة نصوح صادقة يتبعها نصرة لله ورسوله ﷺ ودينه وتسليم الأمر للمخلصين من أبناء الأمة حزب التحرير الذين تعرفونهم وتدركون جاهزيتهم للحكم بالإسلام من فورهم، وتقيموها معهم خلافة على منهاج النبوة تعيد للأمة سلطانها وتزيل الحدود التي تفصل شرقها عن غربها وتحفظ عليها دماءها وأعراضها وثرواتها وتنهي عقود الذل والتبعية للغرب، فيا سعدكم حينها إن فعلتم، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر