تعيين إمام علي رحمان رئيسًا جديدًا لطاجيكستان
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
معلومات حول البلد:
طاجيكستان هي دولة من دول آسيا الوسطى، بلغ عدد سكانها سنة 2013م حوالي ثمانية ملايين نسمة، ومساحتها 142 ألف كيلو متر مربع، يحدها من الشرق إقليم تركستان الشرقية، ومن الشمال قرغيزيا، ومن الغرب والشمال أوزبكستان، ومن الجنوب أفغانستان. ونظام الحكم فيها جمهوري رئاسي، يحكمها منذ عام 1994م الرئيس إمام علي رحمان.
أجريت آخر انتخابات رئاسية في طاجيكستان في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2013م، وقد كانت هذه الانتخابات مسرحية جديدة من مسرحيات الانتخابات الرئاسية في طاجيكستان، تقاسم المشاركون فيها تمثيل الأدوار، وقد تجهزت السلطات بجدية لهذه المسرحية لمدة سنتين، ونستطيع أن نقسم هذه الفترة إلى عدة مراحل:
في المرحلة الأولى منعت السلطات إجراء تعديلات على قانون الانتخابات، ومن أجل تحقيق هذه الغاية اعترضت السلطات باسم الحزب الشعبي الديمقراطي الذي هو الحزب الحاكم في طاجيكستان اعتماد إدخال بعض التعديلات على قانون الانتخابات، ومن أجل عدم إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية الأخرى للمشاركة في الانتخابات الرئاسية فقد أنشأت السلطات ظروفا مناسبة للتزوير في نتائج الانتخابات.
المرحلة الثانية كانت إلغاء حقوق مواطني طاجيكستان المغتربين، فوفق معلومات دائرة الهجرة الفدرالية الروسية يوجد حوالي 1.2 مليون من المغتربين الطاجيك في روسيا. بذلت سلطة رعاية المغتربين الكاذبة كل جهدها لمنعهم من المشاركة في جمع التوقيعات لصالح المرشحين لرئاسة الجمهورية. وبالتالي أمنت السلطات نفسها تجاه جزء لا بأس به من رعاياها الذين هم خارج سيطرتها. وبعد ذلك بدأت السلطات بمرحلة مهمة جدا الهدف منها منع مرشحي المعارضة من المشاركة في الانتخابات. حيث اشترطت جمع 210 ألف توقيع لتسجيل المرشح في الانتخابات بحجة أنها نسبة 5% من إجمالي عدد الناخبين. في حين أن الـ 5% من عدد الناخبين في ذلك الوقت لم تكن 210 ألف كما ادعت الحكومة بل كانت 201750. وإضافة إلى ذلك فقد وضعت العراقيل أمام حركة اتحاد العمال المتحدة طاجيكستان في جميع مدن ومديريات البلاد. وفي هذه العملية أشركت حتى ضباط وزارة الداخلية. ونتيجة لذلك فشلت مرشحة اللقاء المشترك المعارضة التي جمعت 202 ألف توقيع اللازمة لصالحها، ولهذا السبب لم تسجل من قبل اللجنة المركزية للانتخابات والاستفتاءات.
وفي المقابل ساعدت السلطات المرشحين من الأحزاب المؤيدة للحكومة الحالية بكل الوسائل لجمع التوقيعات، ونتيجة لذلك جمع كل منهم ظلما 210 ألف توقيع في غضون أيام قليلة. ومع ذلك لم يحلم المرشحون من هذه الأحزاب بمنافسة رحمان على كرسي الرئاسة، بل كانوا يكيلون المديح له، وكأنهم ليسوا مرشحين للرئاسة، وإنما رجال دعاية للرئيس رحمان.
والمدهش في الأمر أن كلاًّ من هؤلاء المرشحين لم يحصل حتى على الـ 5% من أصوات الناخبين في الوقت الذي أكدت فيه لجنة الانتخابات مشاركة 93% من الناخبين في الانتخابات! أو ربما في يوم الانتخابات غير أنصار هؤلاء المرشحين آراءهم وصوتوا لصالح "الرئيس المناسب"؟! عموما فإن نتائج الانتخابات أكدت حصول التزوير في جمع التوقيعات وفي العملية الانتخابية. وكما أصبح من الواضح وقوع انتهاكات أثناء الانتخابات، مثل إجبار الناخبين على التصويت لرحمان من خلال زيارة البيوت مع الجرار وإغراء الناس بالولائم وإرشاد الناخبين لترشح الرئيس في يوم الانتخابات والتصويت لشخص واحد بدل عدة أشخاص. هكذا انتهكت السلطة الطاجيكية دستورها الذي أعلنته أعلى قيمة بأفعالها.
وكذلك وفق المسح التي أجرته الوكالة الروسية "اوزوداغون" فإن 66% ممن يحق لهم الانتخاب شاركوا في الانتخابات الرئاسية في 6 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2013. وقال أن 9.4% من الذين شاركوا في الانتخابات صوتوا لصالح رحمان وحوالي 8% من الناخبين صوتوا لصالح آخرين وأقر 15% منهم أنهم لم ينتخبوا أحدا من المرشحين. ويقول رحمات الله زوئيروف - رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي طاجيكستان أن الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية لا تزيد نسبتهم عن ثلث عدد الناخبين في البلاد أي أقل من 33%. في 15 تشرين الثاني/نوفمبر قدم زوئيروف الحقائق والحجج ضد قرار اللجنة المركزية للانتخاب والاستفتاءات للمحكمة العليا لجمهورية طاجيكستان. وقال في بيانه "إننا نقدم جميع الحجج والأدلة وغيرها من المواد إلى المحكمة العليا في البلاد. وطبعا أنا أدرك تماما ما سوف يكون عليه قرار المحكمة العليا لجمهورية طاجيكستان. ومع ذلك ينادي الحزب الاشتراكي الديمقراطي طاجيكستان ضد قرار لجنة الانتخابات والاستفتاءات من أجل إظهار ما هو واقع واستقلال القضاء في طاجيكستان ولأننا نرى أن لجنة الانتخابات والمحكمة العليا لجمهورية طاجيكستان بحاجة للتحضير حيث لم تتخذ قرارا محرجا آخر يجلب العار ليس لأنفسهم فقط بل ولبلادهم أيضا." (catoday.org от 12 ноября 2013)
ومن جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أن هذا الحدث كان تعيينا وليس انتخابات؛ لذلك بغض النظر عن ادعاءات الحكومة وأوهام وكالات الأنباء فإننا نعلم جميعا أن طاجيكستان ليست دولة ذات سيادة حقا ولا تعتمد قرارات التعيين والعزل للأشخاص في الحكومة الطاجيكية بأصوات أبناء شعبها ولكن بإرادة القوى العظمى وفي المقام الأول روسيا. ودليل ذلك هو قول عبد الملك عبد الله جانوف رئيس وزراء طاجيكستان السابق في الفترة بين 1992-1993 في المقابلة الإذاعية مع راديو "اوزودي" حينما سئل كيف ومن قبل من تم تعيين رحمان في السلطة في الدورة السادسة عشرة للمجلس الأعلى لجمهورية طاجيكستان في خوجاند، حيث قال:
"لا أعلم لم يخبروني شيئا عن الاتفاقية مع رحمان بشأن تعيينه المؤقت في السلطة، وفي ذلك الوقت لم تكن المبادرة في أيدي الشمال أو في أيدي الآخرين وإنما كانت في أيدي أشخاص من خارج البلد كما هي الآن" (راديو "اوزودي" 19.11.2013)
وفي نفس المقابلة رد عبد الملك عبد الله جونوف على سؤال آخر حول الانتخابات الرئاسية في العام 1994 التي تم فيها ترشيحه لمنصب الرئاسة قائلا: "أنا أعلم أنني فزت في جميع المدن والمناطق في الجمهورية وفي تلك الليلة كنت على الهاتف مع سفيري روسيا والولايات المتحدة وهنآني على الفوز، ولكن في اليوم التالي أعلن رحمان نفسه الفائز. ألمحت لي كل من روسيا وأوزبكستان اللتين كانتا الضامنتين الرسميتين للانتخابات أنني لم أحتج لبعض الوقت، وأيضا قالا هذا سوف يكون موضوع منفصل للحديث. ولكن أنا الرجل الذي أعطى غالبية الطاجيك أصواتهم له." (راديو "اوزودي")
إن رد فعل الدول الكبرى والمنظمات الدولية على الانتخابات الرئاسية بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 في طاجيكستان وتهاني رؤساء تلك الدول للرئيس رحمان بإعادة انتخابه للرئاسة أيضا يثبت الكلام أعلاه، كذلك مدح سيرجي ليبيديف رئيس وفد المراقبين من رابطة الدول المستقلة للعملية الانتخابية بقوله:
"جرت الانتخابات في طاجيكستان مع الامتثال الكامل للدستور والقوانين الطاجيكية الأخرى، لقد احترمت الحكومة حق المواطنين في حرية التعبير، ولم تكن هناك أي مناطق أو مواضع مغلقة أمامنا كمراقبين خلال العملية الانتخابية". (9.11.1013 - Regnum.ru)
من المعروف أن رابطة الدول المستقلة هي منظمة تتكون من أغلبية دول الاتحاد السوفيتي البائد وتقع تحت تأثير روسيا. وهذا التقييم للانتخابات الطاجيكية هو تقييم روسيا. وعلاوة على ذلك فإن تهنئة بوتين لرحمان ب"نصره" في الانتخابات لهي دليل آخر على ما أسلفناه.
جاء في تصريح البيت الأبيض: "نرحب بالتقدم الذي حققته طاجيكستان في تحسين العملية الانتخابية. يسرنا إعطاء الحكومة فرصة المشاركة للمنظمات الدولية كمراقبين في جميع أنحاء البلاد." (euronews.com، 7.11.2013)
وتشير تهنئة كل من وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري ورئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي للرئيس رحمان إلى أنهم يعترفون "بديمقراطية" الانتخابات الرئاسية في طاجيكستان. وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة التهنئة معربا عن أمله في مزيد من تعميق العلاقات بين طاجيكستان والصين: "تدل نتيجة الانتخابات الرئاسية في بلدكم على تأييد جميع الناس للسياسة الداخلية والخارجية في طاجيكستان". وقال جيمس اباثوراي مساعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي في آسيا الوسطى والقوقاز في رسالة التهنئة: "آمل أن يستمر الحوار والتعاون بين منظمة حلف شمال الأطلسي وطاجيكستان. وترحب منظمة حلف شمال الأطلسي بلقائكم في مدينة بروكسل"؛ لذلك ألم تكن هذه الإجراءات التي قام بها رحمان استيلاءً على السلطة؟ وتعديله القوانين لصالحه وتزوير نتائج الانتخابات بدعم من رجاله في الداخل وتحت حماية الرعاة من الخارج. في حين أنه يعتبر نفسه رجل القانون، بينما الشعب الطاجيكي لا يعترف به زعيما له.
ألم تكن تسمية العملية الماضية من قبل السلطات الطاجيكية وزعماء الدول والمنظمات الدولية بالانتخابات إهانة للشعب الطاجيكي وسخرية منه؟ مع أن رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي زايروف ذكر مرارا وتكرارا أن رئاسة رحمان غير شرعية لأنه بحسب قانون الانتخابات لا يستطيع أي شخص الترشح للرئاسة ثلاث مرات على التوالي. في حين أن هذه هي المرة الرابعة على التوالي التي يشارك فيها رحمان في الانتخابات من خلال إدخال التعديلات والإضافات إلى القوانين اللازمة لذلك. وقد أصبحت كل السلطات تتركز في يد رحمان في الوقت الحالي. فعلى سبيل المثال موافقة أو رفض البرلمان الطاجيكي الذي هو الهيئة التشريعية للجمهورية على أية قوانين أو أحكام تشريعية أخرى تكون بتعليمات من الرئيس أي تعتمد تلقائيا كل قوانين أو وثائق مقدمة من قبل الرئيس. ومهمة "ممثلي الشعب" الذين يشاركون في جلسات البرلمان ومعظمهم من الحزب الشعبي الديمقراطي الحاكم هي ضغط الأزرار وهم جالسون على الكراسي الناعمة.
علما أن الشعب الطاجيكي لا يعرف معظم هؤلاء "الممثلين" الذين يفترض أنهم يمثلونه في البرلمان. ويمكننا أيضا القول أنه في جميع الحالات لا يدرك معظمهم جوهر القوانين التي يعتمدونها. وبالتالي فلا عجب أن يشتهر البرلمان الطاجيكي باسم "برلمان النائمين". ووفقا للقانون أيضا فإن رحمان هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة لجمهورية طاجيكستان. وهذا يعني أن رئيس وزراء الجمهورية لا يستطيع اتخاذ القرارات بشكل مستقل دون علمه.
وإذا كان الأمر كذلك فإلى متى سنرضى بهذا الذل والقهر والبلطجة؟ ألا يكفي كل هذا الظلم والقهر لنخرج من حالة الصمت والتقاعس التي نعيشها؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ قَالُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» [رواه مسلم]
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير