الأحد، 20 صَفر 1446هـ| 2024/08/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

جيوش الأمة الإسلامية، أمل الأمة الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم


للشعوب طبيعة، وللجيوش طبيعة، وللحكم طبيعة، وللأفراد طبيعة، ولكلٍّ طرائق لتغيير أحوالها ومسالكها، فالشعوب على العموم تتقلب تقلب القدر على النار، يسودها رأي عام حول أمور معينة، تصوغه وسائل الإعلام، ورجال السياسة، والأحزاب، ونمط العيش، ولا تمتاز الشعوب بمعرفة دقائق الأمور، وإنما تحركها مشاعرها أكثر مما تحركها الأفكار، فترى مثلا أن الشعوب التي اعتادت مشاهدة التلفاز والسهر على الفضائيات، ومتابعة من سيفوز في مسابقات الغناء، ويبرز لها الإعلام شخصيات تافهة من مغنين وراقصات، تجد هذه الشعوب نفسها حين تشتد أوار الحروب، وتقصف دولة يهود غزة، أو تستعر جبهة القتال وتقف الأمة عند مفترق الطرق تجدها تهجر ما ألفته من عيش، ويصبح لها ذوقٌ آخر، ورأيٌ آخر في الأمور، ونقاشات تأخذ منحى آخر، فإن تغير شكل الدولة، وتغير نمط العيش، فإنها تسير في الواقع الجديد وكأنها عاشت فيه ألف عام، فالشعوب إذن تتقلب تقلب القدر، ونمط عيشها تشكله الحكومات وإعلامها، لذلك كانت مهمة تغيير نمط العيش من خلال تغير الفكر طريقا شاقا طويلا، ولكنه حين يقع يفضي لنتائج طويلة الأمد، ولتغيير حقيقي يقلب المفاهيم والمقاييس والقناعات قلبا شاملا.


والحكم له طبيعة، فهو كما قيل: عقيم، له سطوة على من يحكم تدفعه ليفعل كل ما يستطيع للحفاظ عليه، فيقتل حين يهدد أحد ملكه، ويتآمر حين يجد في التآمر طريقا لحفظ الملك، ولا يغير من طبيعة الملك إلا أن يكون الحاكم إما آمرا بأمر الرعية نصبته هي، وسيّجت الملك بمؤسسات تحفظ الملك من تجبر الملك أو الحاكم، أو حاكما يحكم بعقيدة معينة سيّجت الملك والحكم بسياج من ضوابط تمنعه من الاستبداد، لذلك كان تغير واقع الحكم والملك من واقع الاستبداد لواقع العدل والحكم بالحق تبعا لتسييجه بسياج من امتداد طبيعي في الأمة وامتداد طبيعي في عقيدتها.


والأفراد لهم طبيعة تحكم تصرفاتهم، فقد يغلب عليهم الهوى، وحفظ المصالح، ولا يغير من واقعهم إلا سياج العقيدة تحرس تصرفاتهم، وتسير سلوكهم وتغير مفاهيمهم، وتنهض بهم.


وأما الجيوش، فإن لها طبيعة عسكرية قوامها الطاعة، والتدرج في الرتب العسكرية، والأصل أن تكون الجيوش سياجا يحرس الأمة، وسياجا يحرس الحكم الذي هو علاقة بين الأمة وبين حاكمها.


الأصل في الدولة أنها كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي لدى الأمة، وأن تكون العلاقة بين الحكومة وبين الشعب هي علاقة طبيعية، يكون الحكم امتدادا لسلطان الشعب، أي الكيان المجتمعي، فيجتمع الناس على من يحكمهم ويكون جنس القوانين التي تضبط هذه العلاقة فيما بينهم وبين الحكومة وبينهم وبين بعض، من جنس عقيدتهم، فتكون العلاقة طبيعية، ولأن من أحوال الناس أن ضبط هذه العلاقة أي ضبط السلطة بحاجة للقوة، كانت الحاجة للجيوش وللشرطة لتكون سياجا حاميا لذلك الكيان التنفيذي لحسن تنفيذ القوانين داخل المجتمع، ولحماية الدولة بشقيها: كيانها التنفيذي وكيانها المجتمعي ضد الاعتداءات الخارجية، لحفظ الدولة ولبسط الأمن.


والعلاقة غير الطبيعية تقوم بأن يغتصب الحاكم السلطان من الأمة فيتسلط عليها، ويسلط عليها الجيوش والشرطة لتثبت أركان الحكم ويثبت أركان حكم لا امتداد له في الأمة، فتسوء أحوال الناس وتكون الدولة قلقة لا تلبث أن تنهار بضعف القوة التي تفرض تلك السلطة.


إن حال الجيوش العربية اليوم هو الحال الثاني، حال الآلة التي تتسلط بها الحكومات المغتصبة لسلطان الأمة على الأمة، فتجدها تخرج متى ما أراد لها حكامها أن تخرج، وتحجم متى ما فرض عليها الحكام أن تحجم، فحين تجد الجحيم ينصب على رءوس أهل غزة، وأهل الشام، وحين تُغتصَب حرائر الشام وحرائر البوسنة والهرسك، وحين تجتاح جيوش الغزاة أرض العراق وأرض أفغانستان، فإما أن تشاركها الجيوش تلك الجرائم، أو أنها تختبئ في ثكناتها وكأن الأمر لا يعنيها!!


وها نحن نرى الجيوش تتحرك، فتضرب في اليمن حين رأت تلك الحكومات أن خطرا يتهدد عروشها، وتضرب في الشام تنفيذا لأوامر السيد الأمريكي، ورأيناها من قبل تشارك في الحرب ضد العراق وتهيئ الدعم اللوجستي والعسكري للجيوش لغزو الأمة في عقر دارها، وتبني لها القواعد العسكرية وتمعن في الخيانات، فالجيوش إذن تتحرك بإمرة ثلة من الخونة من الحكام أو من قادة تلك الجيوش.


وطبيعة الجيوش تقوم على الطاعة العمياء، وعلى التدرج في سلك الرتب العسكرية، ولطالما تغير وقع عمل تلك الجيوش بتغير أحد الطرفين: إما بتغير الحاكم أو بتغير القادة العسكريين، وتبقى الجيوش هي الجيوش، فإذا تغير الحاكم أو القادة بغيرهم من أهل الصلاح صلح حال تلك الجيوش وكانت أسلحتها وقوتها للأمة لا عليها.


إذن، فالأمل معقود بأن تتمكن الأمة من خلع حكامها وتضع في الجيوش قادة من جنس الأمة، وجنس عقيدتها، والأمل معقود في كثير من المرؤوسين من تلك الجيوش من الضباط أهل الصلاح أن ينقلبوا على قادتهم الضالعين في الخيانة والعمالة، فتنقلب الجيوش بانقلاب حال قادتها.


والجند في تلك الجيوش إنما هم من أبناء الأمة، حالهم كحال غيرهم من أبناء الأمة؛ منهم الصالح ومنهم الطالح، وهذا الجيش السوري، ما أن شبت الثورة في الشام عن الطوق، حتى بادرت فرق وفرق وجند وجند بالانشقاق والانحياز للأمة، ومقاتلة حكامهم، فأناروا بفعلهم ذلك مشاعل الأمل في الأمة، وكانوا جديرين بأن يكونوا قدوة لغيرهم في الجيوش الأخرى فينحازوا لأمتهم.


وفي معركة الكرامة، لم يطع بعض القادة الملك حسين المتآمر على البلاد والعباد، فصبروا وانتصروا، وضربوا مثالا للأمة في أن جيوشها قادرة على النصر على عدوها حين تخلص الطاعة لربها لا لمن عصوه من عبيده.


فالأمل الحقيقي معقود بهذه الجيوش، فهي معين القوة، ومنبعها، وهي القادرة على مقاتلة الأعداء قتال الند، حين قاتلت الشعوب قتال الأفراد، فتحصل الغلبة للأمة، وإن فلسطين لن يحررها إلا الجيوش، وإن أمريكا لن يطردها إلا الجيوش، فلتعقد الأمة الصلة بينها وبين جيوشها ولتأخذ القبائل والعشائر على أبنائها من أفراد الجيوش الولاء لله ولرسوله ولدعوته لتكون لها ردءا لا عدوا، ولتعط الجيوش النصرة للدعوة المخلصة لله ولرسوله حتى تعيد سيرة الأنصار فينتصر الدين بهم،

﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ثائر سلامة - كندا


 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع