الإثنين، 21 صَفر 1446هـ| 2024/08/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾

﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾

بسم الله الرحمن الرحيم

فضحت وكالات أنباء ألمانية تورط المخابرات الألمانية "BND" في مساعدة وكالة الأمن القومي "NSA" الأمريكية في التجسس على الحكومة الفرنسية، بما في ذلك تعقب مراسلات لشخصيات بارزة في وزارة الخارجية، والتنصت على القصر الرئاسي، وكذلك البرلمان الأوروبي في بروكسل لم يسلم من التجسس. وجاء هذا الفضح بناءً على تحقيق داخلي وتقرير مرافق أعده فريق عمل من داخل المخابرات الألمانية، ويشير التقرير في فقرة خاصة إلى "التجسس الاقتصادي" لمصلحة الولايات المتحدة.
وتتجه أصابع الاتهام إلى وزير الخارجية الأسبق دو ميسير، وكذلك يطال الاتهام المستشارة الألمانية ميركل. وقد أبدى رؤوس أحزاب المعارضة في ألمانيا عزمهم على التحقيق بعمق في هذه القضية، وعن تشكيل لجنة محاسبة، وطلبوا أن يمثل أمامها كل من وزير الخارجية الأسبق والمستشارة الحالية، اللذين بدورهما نفيا أي علم لهما بالموضوع.
والجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يُكشف فيها عن تورط الولايات المتحدة في عمليات تجسس على حكومات أوروبا وعلى اقتصادها. وعن تورط أكثر من طرف أوروبي في ذلك، فقد كشفت تقارير سابقة تورط إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا في مثل هذه الأعمال. ولم تسلم هذه الدول نفسها من عمليات مماثلة، بل تعدى الأمر أن تساعد بريطانيا أمريكا في التجسس على رعاياها في الداخل والخارج.
وفي أنظمة مفتوحة نسبيًا مثل ألمانيا وبريطانيا، حيث تتربص المعارضة بالحزب الحاكم، وتسعى جاهدةً إلى إقصائه عن الحكم، فإن إمكانية الكشف عن هكذا أعمال متيسرة. أما في بلدان يغلب عليها الانغلاق كدول اسكندينافيا، أو يغلب عليها طابع الفساد كإيطاليا وإسبانيا، فإن تقصي مثل هذه الممارسات أمر صعب.
والحقيقة كما جاء على لسان القلة من المحللين السياسيين في ألمانيا، فإن "الكل يتجسس على الكل". وهذا أمر طبيعي في النظام الرأسمالي النفعي، الذي يقدم القيمة المادية والمنفعة على كل القيم.
قال تعالى: ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾. صدق قول الله تعالى فيهم، تحسبهم في صورتهم مجتمعين على الألفة والمحبة، أما قلوبهم فهي شتى؛ لأن كل واحد منهم يسعى إلى تحقيق مصالحه ويهتم بما ينفعه ولو على حساب "صديقه" أو حليفه، مما يجعل بينهم عداوةً داخليةً شديدةً، وهذا كما قال المفسرون تشجيع للمؤمنين على التصدي لهم وعدم الخوف من تجمعهم، وإن بدا عظيمًا.
إن دولة الخلافة على منهاج النبوة آتية لا محالة، ذلك أن الله تعالى لا يخلف وعده، وستقوم بإذن الله في مثل هذه الأجواء، وستهدد مصالحهم مجتمعين، وسوف يقومون بعقد التحالفات والتكتلات ضدها، ولكن هذه التحالفات والتكتلات لا بد أن تكون هشة، فعلى ساسة دولة الخلافة الواعين أن يستغلوا الظرف، وألا يخشوا هذا التجمع، بل يعمدوا إلى تفريقه عن طريق اللعب بورقة المصالح الخاصة، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية الرأسمالية المتلاحقة التي تضربهم يمنةً ويسرةً، والتي لا يجدون لها حلًا سوى في نهب ثروات بلاد المسلمين وعن طريق أدواتهم فيها. وعسى الله أن يدبر لأمة الخير من أمرها رشدًا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد عقرباوي

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع