الثلاثاء، 22 صَفر 1446هـ| 2024/08/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
المستعمرون يستغلون خطر تنظيم الدولة كأداة لتثبيت نفوذهم في آسيا الوسطى

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المستعمرون يستغلون خطر تنظيم الدولة كأداة لتثبيت نفوذهم في آسيا الوسطى

(مترجم)

 

 

في الآونة الأخيرة نسمع كثيراً في وسائل الإعلام أخباراً مفادها أن تنظيم الدولة يخطط للهجوم على دول آسيا الوسطى. وبالنظرة الأولية والسطحية نظن ذلك لأن الكثير من أبناء آسيا الوسطى التحقوا للقتال في صفوف المجاهدين في سوريا ومنهم من انضم إلى تنظيم الدولة.


وبعضهم يظهر على الفيديو موجهاَ خطاباً لدولته مهددا إياها بالعودة بسلاحه والانتقام من نظامها المجرم. والأنظمة الحاكمة تضخم هذه الأخبار وتبالغ في أعداد مقاتلي التنظيم وتذكر دائماَ بالمسافرين لسوريا من أجل القتال وعددهم: كازاخستان 150، قرغيزيا 100، أوزبيكستان 500، طاجيكستان 200، تركمانستان 360،... وهذه الأعداد دائما في ازدياد مضطرد بمعدل عشرين شخص.


إن أنظمة دول آسيا الوسطى ترعب شعوبها بأخبار من مثل "في صراع دموي بين حركة طالبان الأصولية ومقاتلي تنظيم الدولة في أفغانستان قتل عشرون شخصاُ في مكان فرح ليلة 2015/5/25م" و"طاجيكستان وتركمانستان تشددان الرقابة على حدودهما مع أفغانستان والتي سيطرت طالبان على جزء منها، ولكن مقاتلي طالبان لا يشكلون خطراً على دول آسيا الوسطى بعكس تنظيم الدولة الذي لا يخفي تهديده للعالم كله"...


إن وسائل الإعلام منذ عهد ليس ببعيد ما انفكت تذكر بتهديد وخطر بعض الحركات على آسيا الوسطى مثل طالبان، الحركة الإسلامية الأوزبيكية، حزب تركستان الإسلامي، اتحاد الجهاد الإسلامي،... واليوم خطر تنظيم الدولة.


إن الدعاية الملتوية لتنظيم الدولة اليوم كما كانت من قبل لطالبان، والحركة الإسلامية الأوزبكية، وحزب تركستان الإسلامي، واتحاد الجهاد الإسلامي... ما هي إلا تصريح للأنظمة لضرب المسلمين بيد من حديد في آسيا الوسطى وبمسوغ آخر.


ففي قرغيزيا يلاحظ زيادة عدد الشباب المعتقلين من حزب التحرير يوما بعد يوم، وفي أوزبيكستان وطاجيكستان تلاحق المحجبات في الشوارع مع الاستمرار في الاعتقالات لحملة الدعوة والملتحين.


ومع أن هذا الهجوم الشرس على المسلمين جاء للحيلولة دون نهضتهم، إلا أنه يعتبر مدخلا للمستعمرين لتثبيت نفوذهم في المنطقة، بعد أن أصبحت مكانا للصراع الدولي بين الغرب بزعامة أمريكا وبين روسيا.


والكرملن يستغل أعمال تنظيم الدولة لخدمة أهدافه؛ ففي وسائل الإعلام تظهر مقالات وبرامج تلفزيونية تحذر من خطر التنظيم على آسيا الوسطى وروسيا، ولهذا تحاول روسيا ممارسة الحماية العسكرية والأمنية في المنطقة وتقوم بتدريبات ومساعدات عسكرية لكل من طاجيكستان وقرغيزستان وكازاخستان.


فقد صرحت أفيستا "التدريبات العسكرية المشتركة لسرعة التدخل، وتوقيع اتفاقية تعاون مشترك، التي انتهت في 2015/5/19م في ميدان الحرب في جنوب طاجيكستان وقد شارك فيها 2500 جندي من الدول الأعضاء و20 طائرة حربية و30 طائرة نفاثة و200 من المعدات الثقيلة".


كما أعلنت صحافة السكرتارية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي فلادمير زين الدين "عقد عبد الرحيم كاخارنا رئيس قسم سكرتارية الاستشارات الأمنية في 2015/5/20م في مدينة خودجاندي في طاجيكستان للاتفاق حول الأمن الجماعي ودار الحديث حول الأمن والسلم الدوليين والوضع في أفغانستان وهجرة المواطنين للقتال إلى جانب المنظمات الإرهابية".


ففي منظمة معاهدة الأمن الجماعي يدخل كلٌ من روسيا وروسيا البيضاء وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، وأما قوات التدخل السريع فقد أنشئت في 2009م وقوامها 22 ألف شخص.


والفرقة 201 من القاعدة الحربية الروسية وجيش طاجيكستان قاموا بالتدرب على الحرب التكتيكية باستخدام النيران في منطقة قورنا باداخشانسكي، ونقلت الأخبار عن غرفة العمليات المركزية مشاركة 100 آلية عسكرية و500 عسكري ودمرت 180 هدفاً مفترضاً وشاركت المروحيات mi8 وmi24 التابعة لجبهة الأورالbbc pbo في عمليات التغطية الجوية والاستطلاع وشاركت كذلك طائرات بدون طيار من نوع "قرنات، زاستانا، فوربوست".


وقد تم إعداد 700 مختص في طاجيكستان للمشاركة بعد الاتفاق على دخول القاعدة 201 العسكرية الروسية على أراضيها، منهم التقنيون والفنيون وسائقو الدبابات t72، bmp-2، btr-80، وقادة ومرشدون.


من كل ما سبق، الكل يسأل نفسه هل يستطيع تنظيم الدولة نقل الصراع إلى آسيا الوسطى؟


للإجابة يلزم النظر بعمق واستنارة:


أولاً- إذا نظرنا في تاريخ التنظيم نتذكر بسرعة الآتي:


١- أن تنظيم الدولة جماعة تمارس العمل المادي. وفتح جبهة جديدة بعيدة عن مركزه يتطلب وجود فكرة وطريقة لديه، وللآن فالمسلمون في سوريا والعراق وخارجهما لا يوجد عندهم تصور واضح عن برنامجه، ماذا يريد؟ وكيف يمكن تحقيق رؤيته على الأرض؟ وللوصول لآسيا الوسطى لا يكفي القول عندنا القرآن والسنة، لأن طغاة آسيا الوسطى وعلماءهم أيضا يقولون عندنا القرآن والسنة. إذن فما الفرق؟ وماذا سيجلب معه التنظيم لشعوب آسيا الوسطى؟


٢- حتى اليوم لم يبايع التنظيم العلماء المعتبرون وأهل الحل والعقد وكذلك مجاهدو الشام وغيرها ولا حركات آسيا الوسطى الإسلامية وهي لا تقر بشرعية ما يمارس التنظيم بإعلانه الخلافة زورا. فعلى أي أساس سيأتون لآسيا الوسطى؟ فبدل محاربة الأنظمة المجرمة سيحاربون الحركات الإسلامية، كما هو الحال في سوريا.


٣- لم نسمع أي تصريح من زعامات التنظيم عن نيته التمدد إلى آسيا الوسطى، وبهذا يبقى في جزء من العراق وجزء من سوريا هزيلين، ومع أنه يتمدد فقط في الأماكن السنية دون الشيعية أو الكردية في العراق. فإذا كان التنظيم لا يريد التمدد على كل العراق وسوريا فكيف بآسيا الوسطى، ربما يريدون البقاء في هذه المناطق فقط كطالبان داخل حدود أفغانستان.


بقي احتمال أن المستعمرين يضخمون خطر هذا التنظيم لأمرين:


أولاً- يريد الغرب بذلك تقوية نفوذه في آسيا الوسطى تحت ذريعة تنظيم الدولة كما حدث في العراق وأفغانستان.


ثانياً- روسيا تحاول منع دخول الغرب إلى دول آسيا الوسطى.


أما الغرب فكما أسلفنا، وواضح مما يحدث في قرغيزيا ومحاولة السياسيين الموالين له من اضطهاد المسلمين، وزيادة احتقان الشارع على النظام لكي تسنح الفرصة لإحداث ثورة عارمة تطيح النظام الحالي واستبدال نظام موالٍ للغرب به، فهذا أسلوب استخدمه الغرب في عامي 2005م و2010م.


أما روسيا فإن خطر التنظيم يؤدي إلى تغلغلها وتقوية نفوذها في آسيا الوسطى وللضغط على أوزبيكستان وحدودها إذا ما رفضت الانصياع لأمرها، وقد يشعل الكرملن حربا بها كتلك التي أشعلها في أوكرانيا، ويؤكد هذا المناورات المشتركة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي وقوات التدخل السريع المشتركة في آسيا الوسطى.


وصرح أحد سياسي الكرملن "إن أوزبيكستان لا تشارك قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي وقوات التدخل السريع المشتركة وداعش خطر على الجميع...".


وصرح الصحفي الروسي المتخصص في شؤون آسيا الوسطى أركادي دوبنوف "تدريبات قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي وقوات التدخل السريع المشتركة مرتبطة بالهجمات الإرهابية في أفغانستان، فإذا كانت قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي وقوات التدخل السريع الشتركة مسؤولة عن أمن الدول الأعضاء فلا بد من اختبار جاهزيتها لذلك لا تدخل قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي وقوات التدخل السريع المشتركة إلا بعد طلب رسمي من الضحية ونتوقع أن تكون طاجيكستان أولها، وأعتقد أن طالبان البشتوني العرق لا يشكل خطرا خارج حدود أفغانستان".


وفي مقالة نشرت في 2015/5/15م في جريدة فلاست كز تحت عنوان "العدو على الباب، في آسيا الوسطى يتم التحضير لحرب كبيرة ضد داعش وطالبان" تدريبات منظمة معاهدة الأمن الجماعي ليست عبثا، في طاجيكستان فمنذ أكثر من نصف شهر في شمال أفغانستان لوحظ محاولة عددٍ من المسلحين اختراق الحدود مع طاجيكستان" وقالت فيستا "أنه في حال دخول مسلحين من طالبان وداعش إلى أراضي تركمانستان فمن المتوقع جدا أن يدخلوا أراضي أوزبيكستان والقيام بأعمال تخريبية ودليل ذلك رفع الأعلام السود لتنظيم الدولة في بعض مناطق أوزبيكستان" وذكرت الوكالة العالمية فرغانة أنه في إحدى قرى طشقند خيساراك "وزعت نشرات عليها أعلام سود وتهديدات لرجالات الدولة، وقيل إن أعلام تنظيم الدولة علقت على مدرسة رقم 8 في مدينة أنجريني وعثر على نشرات تطالب الطالبات بلبس الحجاب، وتهديدات بنسف المدرسة".


لربما هذا من صناعة روسيا لتبرير تدخلها في الشؤون الأوزبيكية، وقد كانت ردة فعل الحكومة الأوزبيكية قاسية فطوقت المكان وزجت بعشرات المسلمين في السجون.


فالطاغية كريموف لم يتنبه لذلك، وللحيطة قامت بعض الشخصيات الرسمية والسياسيين في آسيا الوسطى ومنهم في أوزبيكستان بالمطالبة بالتعاون الدولي لمحاربة الإرهاب فأسرعت أوروبا مهرولة بمنظمة أوروبا للأمن والتعاون بتمويل العمل الذي أحضر 80 شخصية من اللجان العلمية في البرلمان وأعضاء من أجهزة الأمن ومن المجتمع الأوزبكي ومن قسم مكافحة الجريمة والمخدرات في آسيا الوسطى التابعين للأمم المتحدة.


أوزبيكستان خرجت من منظمة معاهدة الأمن الجماعي في 2012م، وهي لا تشارك في المناورات الحالية مع روسيا، بل طلبت المساعدة من الغرب ولم تطلبه من روسيا أو الكرملن.


في تضخيم لخطر تنظيم الدولة تستعمل روسيا طاجيكستان. ففي وسائل الإعلام نشرت معلومة تقول "إن الطاجيك يقاتلون في صفوف داعش في سوريا" ونشر قبل ذلك أن العقيد في الشرطة حليموف انضم لصفوف التنظيم وخرج بفيديو يقول فيه "سنحرر طاجيكستان وسنأتي بالخلافة"، وجاء أيضاً أنه تلقى تدريبه في أمريكا، واتهم أمريكا بمحاربة الإسلام والمسلمين ووعدها بالقصاص، ودعا إخوانه الطاجيك في روسيا إلى أن يكونوا عباداً لله لا عبيداً للروس وطالبهم بالهجرة للدولة والجهاد.


فهذا يعطي روسيا المبرر لزيادة سيطرتها على المنطقة، وليس من المستبعد أن تفتعل روسيا صراعاَ على الحدود بين طاجيكستان وأفغانستان والذي يمتد بدوره لأوزبيكستان ليبرر لروسيا إحضار قواتها ووضع قواعد عسكرية لها في أوزبيكستان لحفظ الأمن في المنطقة على حد زعمها، وبهذا ترغم أوزبيكستان على السير في ركابها وضمن سياساتها.


وبهذا يمكن القول أن خطر تنظيم الدولة المختلق في آسيا الوسطى ما هو إلا أداة لتركيز نفوذ المستعمرين وإحكام سيطرتهم على أرضنا.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع