الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

فلسطين كانت ولا زالت من الهزات العنيفة التي يجب أن توقظ حسّنا وفكرنا

 

 

 

 

لا تزال فلسطين حاضرة في قلوب المسلمين منذ أن قدسها الله وباركها؛ وما حدث ويحدث على أراضيها منذ أمد وإلى يومنا هذا؛ أمور تحتاج حقا وقوفا جادا على جذور المأساة وأسبابها ليعيَ المسلمون بما هو في أعناقهم تجاه إخوة العقيدة وتجاه المقدسات.

 

 

لا يكاد يمر يوم دون أن يكون في شريط الأخبار المعروضة عن الأرض المغتصبة أنباء القتل والاعتقالات والاعتداءات على الأقصى وحرائره؛ تتفاوت ردود أفعالنا بعد سماع تلك الأنباء بين متألم ودامع وداع ومتجاهل وغيره ولكن من منا انطبعت في ذهنه الأشلاء والجثث حتى انشغل بالتفكير في سبب تلك المعاناة؟؟ من منا هزته بعنف صرخات الثكالى وأنين الأطفال وصوت قصف يهود فأصغى سمعه وأخذ يبحث في كيفية نصرة أولئك المستضعفين؟؟ من منّا فكر وقدر ثم فكر وقدر فهداه الله لما سيغير الحال ويزيل الاحتلال؟؟

 

 

لقد عاش المسلمون في فلسطين أمورا يشيب منها الولدان، مآسي تمزق القلوب وتميت النفوس غيظا وكمدا كان لزاما على كل مسلم معرفة قدر منها والتفكير في ما سببها وفي ما ينهيها؛ لأنّ قضية فلسطين قضية إسلامية لا تقتصر على أهل البلد بل تتعداهم لكل المسلمين؛ لقوله r «من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم» وقوله «المسلمون أمة واحدة من دون الناس» وقوله «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».

 

 

كان لزاما معرفة جرائم يهود والوقوف على المآسي لتكون وقودا يغذي حِسّنا وفكرنا علّ حجم المعاناة ومشاعر الألم والمرارة والخشية من أن يكون شهداء الأرض المباركة بل كل أهلها خصماءنا يوم القيامة؛ علّ ذلك كله يجعل الدماء تغلي في العروق فتصح العزائم وتنهض الهمم فتتجه مشاعرنا وأفكارنا في درب واحد على عين وبصيرة؛ الدرب الذي يفضي إلى التحرير ونزع الخنجر المسموم من صدر أمتنا.

 

 

بدأت القضية منذ عام 1917 حين احتلّ الإنجليز بعد الحرب العالمية الأولى وإثر انهزام الخلافة العثمانية أرضنا المقدسة فأعملوا فيها السفك والقتل؛ تلا ذلك تسليمها للصهاينة الملاعين على طبق من ذهب بإعطائهم وعد بلفور المشؤوم وتسهيل الهجرة لهم. إذ بدأت وفود يهود حينها تأتي من شتات الأرض لتحتل بلادنا بضوء أخضر من بريطانيا التي ضمنت لهم ذلك بكثير من الإجراءات، أيضا بقرار التقسيم الصادر عن هيئة الأمم عام 1947 الذي قسم الأرض بين أصحابها وبين مغتصبيها!!

 

 

وما كان ليهود ليدخلوا فلسطين ويحتلوها أبدا لولا نجاح بريطانيا وعملائها في هزم الخلافة والقضاء عليها، فحتى في العهد العثماني حين كانت تعرف الدولة بالرجل المريض استطاع الخليفة عبد الحميد أن يضع حدا لأطماع الصهيونية، ولعل التاريخ لن ينسى جوابه لهرتزل رغم المشاكل السياسية والمالية والعسكرية التي كانت تواجهه قائلا "انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية. ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون. إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة".

 

 

صدق رحمه الله فلم يمض طويل وقتٍ على هدم الخلافة وزيادة تمركز أرذل خلق الله في فلسطين حتى أعلنوا عن قيام كيانهم المسخ في 15/05/1948!!

 

 

وبدأت تبعا لذلك فصول جديدة للمأساة حفرت بعمق في التاريخ لفداحتها وشناعتها "نكبة 48" التي قتل فيها أكثر من 15.000 شهيد وتمّ فيها تدمير أكثر من 531 قرية ومدينة فلسطينية تم تطهيرها عرقيا ودكها بالكامل!! أكثر من 50 مذبحة "موثقة" وقعت بحق أصحاب الأرض في ذلك العام كما تم تهجير أكثر من 780 ألف منهم فباتوا من اللاجئين المعوزين!! مصاب جلل حقا ألمّ بإخواننا في فلسطين عام 1948 بسبب الاحتلال الغاشم الذي مارس كل أنواع التعذيب والقتل والقصف بغية إفراغ البلاد من أهلها بإبادتهم أو تهجيرهم لتخلو له!!

 

 

ومنذ ذلك الحين بدأت عقود التقتيل للصغار والكبار وما زالت مستمرة لليوم؛ مجزرة صبرا وشاتيلا، مذبحة جنين، وغيرها المئات والمئات من عمليات الاجتياح والإعدام والقصف التي لا تخلف سوى جثث تملأ الشوارع ودماء تسيل أنهارا ودمارا ما بعده دمار، ناهيك عن التضييق في العيش والأسر والجوع وتدنيس الأقصى وغيره... ونحن نرى اليوم تمادي يهود في غيهم وحصدهم لأرواح الشباب والشابات بكل دم بارد منذ بداية ما عرفت بانتفاضة السكاكين.

 

 

إنّ الأيادي الآثمة التي تقتل وتغتصب وتسرق وتدمر في الأرض المباركة؛ حثالة من البشر هم أرذل خلق الله وأجبنهم؛ لم يتمادوا في عدوانهم إلا بسبب تواطؤ حكام المسلمين وخاصة دول الجوار التي تفرض طوق أمان حولهم؛ أيضا تماديهم بسبب الدعم اللامحدود من الدول الغربية التي زرعتهم وأنشأتهم ورعتهم وما زالت تمدهم بأسباب البقاء.

 

 

إنّ فلسطين كانت دوما درة في تاريخ المسلمين كانت محط أنظارهم ومركز ثقل لديهم؛ فتحها عمر رضي الله عنه وحررها صلاح الدين وشهدت معارك كثيرة بين المسلمين وغيرهم؛ كلما اعتدى عليها عدو طال الزمان أو قصر إلاّ ودُحر واسترجعت خالصة نقية من كل دنس. أرض مرتبطة بالإسلام برباط وثيق منذ أسري بنبينا محمد r من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ولذلك كانت وما زالت مكانتها عميقة في الصدور. لذلك كله مهما طغى يهود وتجبروا فسيأتي يوم يدحرون فيه بإذن الل،ه وهذا لن يكون إلا بتوحد الأمة وعودتها سيرتها الأولى؛ أمة تحيا بالإسلام والإسلام، يقودها إمام عادل يقاتل من ورائه ويتقى به للقضاء على الكفر والظلم والشر. ذلك درب التحرير الذي يجب على المسلمين السير فيه بخطى ثابتة واثقة بوعد الله وبشرى رسوله فالعاقبة حتما للمتقين.

 

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر. فيقول الحجر والشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله».

فعجل يا الله بذلك وأقر أعين المسلمين بدحر اليهود الملاعين وعودة الأرض المباركة خالصة لديارهم مطهرة من رجسهم يا أرحم الراحمين.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

هاجر اليعقوبي - تونس

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع