الخميس، 26 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
لمن الولاء اليوم؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 لمن الولاء اليوم؟

 


المشهد في المخيلة من مضايا السورية، بلدة من بلدات ريف دمشق، حيث الحصار مضروب عليها منذ أكثر من خمسة أشهر إضافة للبرد القارس مع حلول الشتاء.


أم محمد عجوز من القرية تعيش مع أبنائها الثمانية حياة مأساوية فُقد فيها الطعام تصف حالتهم بالقول: "نحن هنا في سجن كبير، لا نستطيع الدخول ولا الخروج، وأي محاولة للتسلل خارج البلدة بحثا عن الطعام تعني الموت المحتم، كما حصل للعديد من شباب البلدة".


المشهد الآخر لسيارةٍ عرضت صورتها صفحات الثورة السورية على فيس بوك كُتب عليها "للبيع مقابل 10 كيلو من الأرز، أو 5 من الحليب!"


مشهدان يعبران عن الحياة في مناطق الشام المحاصرة، لكن مضايا ليست وحدها. فابتلاء أهل الشام شديدٌ بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات. فغارات الروس التي شُنَّت صباح اليوم على حوران متزامنةً مع غارات شنتها قوات النظام في ريفي حلب ودمشق أدَّت لارتقاء شهداء من النساء والأطفال.


تمضي الأيام والسنوات وثورة الشام مستمرة: دخلت الأحلاف الدولية وشُكِّلت اللجان والمجالس المحلية لوأد الثورة أو سرقتها، وكان التجويع والقتل والتعذيب في السجون أداة ضغطٍ على أهل الشام للقبول بالحلول السياسية التي تُصنع على عين أمريكا وتحت إشرافها في مطابخ السعودية وتركيا. مثل اتفاق جنيف وفينا والرياض حيث الدعوات الباطلة الآثمة لمفاوضة النظام والحوار معه لأجل مرحلة انتقالية، يشارك فيها بشار القاتل. هدنة تتلوها هُدنة، والدماء تسيل وأهل الشام صابرون ثابتون.


حمص من قبل والزبداني والفوعة وغيرها الكثير. والأحلاف الدولية ترعى النظام وهم في كل مرة ﴿أَوَكُلَّمَا عَـٰهَدُوا۟ عَهْدًۭا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٌۭ مِّنْهُم ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 100] فأهل الصليب أعلنوها حرباً صليبية وباركها رجال كهنوتهم، وهم كما قال فيهم ربُّ العزة ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِى مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةًۭ ۚ وَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُعْتَدُونَ﴾ [التوبة: 10].


المشهد الثالث لغادة وهي أخت من سوريا اعتقلت مع أطفالها السبعة في تركيا. حيث كانت أسرة غادة (36 عاما) المكونة من سبعة أفراد من مدينة حلب في شمال سوريا بين مجموعة من اللاجئين الذين اعتقلتهم الشرطة قبل أسبوعين وأرسلوا إلى مركز احتجاز في الشطر الآسيوي من المدينة حيث أمضوا عدة أيام تحت حراسة الشرطة تحيط بهم أسوار عالية فوقها أسلاك شائكة.


وقالت غادة وهي تجلس مع أطفالها في شقتهم بالدور السفلي في إحدى الضواحي الفقيرة في اسطنبول حيث تعيش الآن مع أسرة أخرى بعد الإفراج عنهم بمساعدة أصدقاء "كأننا كنا مجرمين".. هذا في وقت تنفي فيه الحكومة التركية الأمر بينما قال مسؤول حكومي كبير لرويترز مشترطا عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع سياسيا إنه يجري نقل اللاجئين الذين تربطهم صلات بعصابات إجرامية إلى مخيم في منطقة دوزيجي بمحافظة عثمانية في جنوب تركيا حيث تقيد حركتهم للحفاظ على النظام العام. (رويترز 2015/12/28)


استجار أهل الشام من جحيم القتل في الداخل فلم يجدوا إلا رمضاء حدود سايكس بيكو. والعالم كله مشدوهٌ من حالهم لا يتحرك من هول المُصاب إلا استجابةً لجهاز التحكم "رموت كنترول" الأمريكي!


كأن حركات المعارضة فقدت البوصلة وهي تذهب بمحض إرادتها للرياض فتقرر التفاوض مع القاتل، وكأن أولئك المتعلقين بحبال الرويبضات في العالم الإسلامي لم تُزِل دماء الأطفال الغشاوة عن أعينهم فلم يبصروا خيوط اللعبة وأمريكا تحرك الحكام كالدمى، فلم يرَوا بأساً في اللجوء إليها على حين غفلة! وهل بقي للغفلة من وقت، وهل يبقى بعد كل هذا الوقت من عذر؟


مأساة الشام من خلفها منحة تراها أعين المبصرين العقلاء، الذين يَرون حِكمة الله وخيرته في كل تأخيرٍ، ويستجلبون معيته ونصره في كل قطرة دمٍ تروي ثرى الشام. فعدم حصول النصر كشف الكثير من الوجوه، أسقط الكثير من الأقنعة وعرَّى حكاماً صوَّرهم الإعلام أبطالاً. أتُرى سينكشف الدور التُّركي لو حصل النصر؟ مهلكة قبول الثوار بالهدن السابقة مع النظام كيف كانت ستنكشف لولا الدماء التي سالت بفعل يد الغدر الآثمة التي قصفت المدنيين العُزَّل بعد خروجهم وتجمعهم في المناطق التي تم الاتفاق عليها من قبل؟ لكن ألم يكتفِ القادة في حركات المعارضة من سيل الدماء التي أريقت ليكتشفوا أنَّ الأوان قد آن لننفض الأيادي من هذه اللعبة؟


ألا تكفي السنوات العجاف التي مرَّت ليرى أهل القوة الحاجة المُلِحة للوحدة في ظل نظام سياسيٍّ شرعي، يزيل الأنظمة الراعية للمصالح الغربية في المنطقة، ويقيم نظامَ الخلافة الراشدة فتكون على منهاج النبوة كما يُراد لها أن تكون؟


ألا تكفي الدماء التي تسيل لينظر قادة حركات القتال في الداخل السوري لحجم المؤامرة على مشروع الخلافة فينصروه وينحازوا للعاملين له، فتنقلب الطاولة على رؤوس المتآمرين ويُرَد السحر على الساحر؟ هل يجب أن تسيل دماء المسلمين في كل مرة ليدرك القادرون على التغيير أهمية موقفهم، ووزنهم في عملية التغيير وضرورة المفاصلة لا المهادنة؟


أيجب تكرار مأساة البوسنة والهرسك، الباقية في تاريخنا بعيد هدم الخلافة العثمانية كجرح لا يلتئم أبداً؟ الحرب الصليبية تعيد نفسها فأين من يردُّ الصاع لأبناء الصليب صاعين، أين من يُجيب ذاك الحاقد الواقف على قبر صلاح الدين يستصرخه هازئاً "ها قد عُدنا يا صلاح الدين" بـ "ها قد عُدنا ألف صلاحٍ"؟


هذه الأيام وهذه السنوات مرحلة عسيرة صعبة. فالأيام حبلى والجنين عهداً راشداً، لكنَّ الولادة قيصرية والأعداء كثرٌ يتكالبون في عقر دارنا تكالب الأكلة إلى قصعتها، وإنَّ التاريخ يُكتب الآن: فإما صفحاتٌ بيضاء ناصعة في نصرة هذا الدين، وحماية مشروعه الحضاري للبشرية "الخلافةُ الراشدة الثانية" حيث الولاء لله والحياة لإعزاز دين الله؛ أو سودُ الصفحات ولعناتٌ من الله والملائكة والناس أجمعين بخذلان الأمة وتضييع الأمانة والانحياز لفسطاط النفاق والشقاق حيث الولاء للأجنبي لا لله.


وإنَّ هذا الدين يعلو ولا يُعلى عليه فالحق أبلج والباطل لجلج، وإن هذه الأمة منصورةٌ لا محالةً: حتماً لا ظنَّاً. ولا نصر إلا لمن نصره الله، ومعيةُ الله مع العاملين الصادقين المخبتين المتمسكين بحبل الله لا بحبائل الغرب. والسؤال ليس أينتصر الدين؟ بل "أين أنا حين تعلو راية هذا الدين؟"..


ولا زال المجال مفتوحاً والميدان هو البرهان على كلِّ العاملين في أرض الشام وغيرها ليثبتوا ولاءهم لله سبحانه وينخلعوا من المنظومة الدولية ويخلعوا يدهم من طاعة حكام الضرار الذين يطيعون السيد الأبيض في السراء والضراء وحين البأس، ولا يتوَّلون الذين آمنوا. وعقد العزم وتجديده على العمل لإقامة الإسلام بإقامة دولته، بالانضمام للعاملين لاستئناف الحياة الإسلامية ممن وقَّع على ميثاق الشرف الذي قدَّمه حزب التحرير لإقامة الخلافة في سوريا، ونُصرة هذه الدعوة من أهل القوة في الخارج ممن حمل السلاح لحماية بلاد الإسلام فإذ به يحمي أعداء الإسلام وأمته في أمس الحاجة إليه!


﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَٰسِقُونَ﴾ [الحديد: 16] بلى والله قد آن.. فهل من نُصرة للحق؟ وهل من غضبة عُمريَّةٍ تنسي شياطين الإنس وساوسهم بإجهاض وليد الأمة المنتظر؟


﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ تُوبُوٓا۟ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةًۭ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّـَٔاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ يَوْمَ لَا يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِىَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُ﴾ [ التحريم: 8]

 


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير


أختكم بيان جمال

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع