الجمعة، 27 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات
بيوتهم من زجاج... فليتوقفوا عن رمي بيوت اللاجئين بالحجارة!

بسم الله الرحمن الرحيم

  بيوتهم من زجاج... فليتوقفوا عن رمي بيوت اللاجئين بالحجارة!

  

ما زالت تداعيات حادثة التحرش في مدينة كولونيا الألمانية ليلة رأس السنة تلقي بظلالها على وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وعلى ألسنة الساسة الأوروبيين - خاصة أعضاء تيارات اليمين المتطرف - الذين اتخذوها ذريعة لمهاجمة اللاجئين، الذين وُضعوا في دائرة الاشتباه بمجرد الإعلان عن الحادثة، فتعالت الأصوات مطالبة بحماية المجتمعات الغربية خاصة النساء من "خطر اللاجئين"، ومطالِبة بوقف استقبالهم في بلادهم، بل إن الأمر وصل بالنائب الهولندي المناهض للإسلام، خيرت فيلدرز إلى الدعوة لحجز اللاجئين المسلمين الذكور في مراكز إيواء لحماية الهولنديات من التحرش. وعلى إثر هذه الحادثة أيضاً قررت النرويج أن تلقن اللاجئين "آداب التعامل مع المرأة" لكبح التحرش على حد وصفهم وذلك من خلال عقد دورات تثقيفية، ومن ثم توالت ردود الأفعال والتصريحات حول الحادثة، وصارت فكرة اندماج اللاجئين في المجتمعات الغربية تطرح بقوة، ولعل أبرز التصريحات حول موضوع الاندماج، هي تصريحات كاميرون رئيس الوزراء البريطاني حول الاندماج واللغة، وقد وجه كاميرون حديثه بشكل خاص للمرأة المسلمة "تعلمي لغتنا أو فارحلي عن أرضنا"، حيث قال إن بريطانيا ستتخذ إجراءات لطرد النساء المسلمات من بريطانيا في حالة عدم تعلمهن اللغة الإنجليزية في غضون عامين ونصف، علاوة على ضرورة التزامهن بخلع ‏النقاب في الأماكن التي تستلزم سياسة الزي الموحد مثل المدارس والمحاكم القضائية، تحت ذريعة أن هذه الخطوات قد تساعد في مكافحة اعتناق ‏الأفكار المتشددة والتطرف.

 

 

لقد قامت وسائل الإعلام وأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا بتضخيم الحدث وتصوير اللاجئين على أنهم خطر يهدد المجتمعات الغربية، بل ومارست التضليل كعادتها لاستمالة الرأي العام والتأثير على المتعاطفين مع اللاجئين والداعين لفتح بلادهم أمام اللاجئين - خاصة السوريين -، فقد شنت صحف ومواقع مقربة من اليمين المتطرف في أوروبا حملة تشويه واسعة ضد لاجئي سوريا في ألمانيا والسويد عبر اتهامهم بالتحرش في احتفالات رأس السنة، معتمدة في ذلك على صور كاذبة وملفقة انتشرت بكثافة على مواقع التواصل وقدمت للجمهور على أنها من وقائع تحرش اللاجئين بفتيات ألمانيات وسويديات، وبعد التحري والتحقق حول مصادر تلك الصور - التي تصدّرت عناوين بعض الصحف والمواقع الإلكترونية - في أوروبا، تبين أنها صور تعود لأحداث سابقة في دول أخرى وقد تم نشرها قبل سنوات، ولا صلة لهذه الصور باللاجئين!

 

ويبدو أن حملات التشويه هذه ضد اللاجئين قد نجحت في حشد أنصار جدد لمعسكر معاداة اللاجئين، حيث أظهر استطلاع أجرته مجموعة "دويتشلاند تريند" بألمانيا أن الألمان أصبحوا أكثر خوفا من اللاجئين، وأقل ثقة في المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي سهلت دخولهم، بعد اعتداءات التحرش المزعومة.

 

إن من يتابع هذه الضجة التي أثيرت حول حادثة ليلة رأس السنة، يظن أنها المرة الأولى التي يحدث فيها اعتداء على النساء في ألمانيا أو في غيرها من الدول الأوروبية، وأن اللاجئين هم الخطر الذي يهدد المجتمعات الغربية وأن نساء أوروبا في خطر ويجب حمايتهن من اللاجئين، ولكن الحقيقة أن هناك العديد من الحوادث المشابهة، بل والأكثر سوءًا تعرضت لها النساء في المجتمعات الغربية، فهذه المجتمعات تسود فيها العلاقات المحرمة، وينتشر فيها الفساد والانحلال الخلقي، وتعاني فيها النساء من العنف والاضطهاد، فقد كشف تقرير للاتحاد الأوروبي صدر عام 2014 بأن ثلث النساء في دول الاتحاد - أي حوالي 62 مليون سيدة - تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي منذ عمر الخامسة عشرة. وتوصل التقرير إلى أن واحدة من بين كل عشر سيدات تعرضت لصورة من العنف الجنسي منذ سن الخامسة عشرة، وأن واحدة من بين كل عشرين تعرضت للاغتصاب، وكانت الدول التي شهدت أعلى نسب من العنف ضد النساء هي الدنمارك بنسبة 52%، وفنلندا بنسبة 47%، والسويد بنسبة 46%. ولو بحثنا عن الإحصائيات والنسب لوجدنا أرقاماً مخيفة حول هذا الموضوع.

 

فالعنف والاضطهاد والاعتداء على النساء في المجتمعات الغربية موجود قبل لجوء هؤلاء المهاجرين لبلادهم. وإننا هنا لا ننفي أن يكون من بين اللاجئين أناس من ضعاف النفوس ذوو أخلاق سيئة يقدمون على ارتكاب مثل هذه الأعمال، ولكن ما نريد قوله هو لماذا يتم تعميم الأمر على جميع اللاجئين؟ ولماذا تمت المسارعة لإلصاق التهمة بالمهاجرين قبل انتهاء التحقيقات؟ ولماذا لا يتم التعامل مع المذنبين بشكل فردي، فيحاكموا ويعاقبوا على ما فعلوا؟

 

ومن المفارقات العجيبة في هذا المجال هو النفاق والازدواجية التي يتعامل بها الغرب في هذه المسائل، فانتهاكهم لأعراض النساء المسلمات في البوسنة والعراق وأفغانستان ومناطق أخرى ليس بجريمة، وكذلك الاعتداء على النساء المسلمات (مهاجرات وغير مهاجرات) في بلادهم ليس بجريمة أيضاً، أما ما حصل في كولونيا الألمانية ليلة رأس السنة فهو برأيهم جريمة كبرى!

 

إنهم يستغلون كل حدث لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، ويحاولون إظهار الإسلام على أنه يضطهد المرأة ويشجع العنف ضدها، فرئيس الوزراء الهولندي مارك روتي يدعي أن هؤلاء اللاجئين يحملون قيما معينة، ألا وهي قيم الإسلام، وهذه القيم هي التي تسمح لهم أن يسلكوا سلوكيات غير لائقة، فهو يتهم الإسلام بأنه سبب تلك الأحداث، وكذلك وزيرة الأسرة الألمانية السابقة كريسيانا شرودر دعت - على صفحتها على تويتر - "لكسر المحرمات بالنقاش حول العنف ضد النساء المشروع بالثقافة المسلمة". وغيرها من التصريحات لسياسيين وناشطين شنوا هجوماً على الإسلام والمسلمين على إثر هذه الحادثة. إذاً فالأمر واضح: محاربة الإسلام وتصيد الفرص لتشويهه وإدانته، فأخطاء الأفراد تُنسب للمبدأ، وأفعال مجموعة من اللاجئين لا تتجاوز العشرين تُعمم على اللاجئين ومن ثم تصبح أداة طعن في الإسلام!

 

وقد تصاعدت الاعتداءات والمضايقات على المسلمين في الغرب نتيجة حملات التشويه المتعمد ضدهم، وأصابهم داء العنصرية والتمييز المنتشر في الدول الغربية، فأصبح ارتداء الحجاب أو النقاب وإطلاق اللحى سبباً للاعتداء على المسلمين ومهاجمتهم، لقد أصبح المسلمون في الغرب بين خياريين؛ إما أن يقبلوا بالقيم والأفكار الغربية ويتعايشوا معها رغم مخالفتها لعقيدتهم، فيصبحوا جزءاً من هذه المجتمعات ويندمجوا فيها، وإما أن يصنفوا بأنهم إرهابيون ومتطرفون، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي الذي وجه تحذيرا للاجئين بقوله: "إن مَن يأتي إلى هذا البلد عليه أن يكيف نفسه وفق مثلنا وقيمنا؛ وهذه المثل والقيم ستبقى كما هي دون تغيير ولن نساوم عليها".

 

يتهمون أحكام الإسلام بأنها تشجع على العنف ضد المرأة، وأن الثقافة والقيم التي يحملها اللاجئون المسلمون تشجع على مثل هذه الأعمال، مع أن الإسلام حرص على تصحيح نظرة الرجل للمرأة والمرأة للرجل فجعل النظرة نظرة إلى التعاون والعيش المشترك، وحال بين أن تتحول هذه النظرة إلى نظرة ذكورة وأنوثة إلا حين التفكير بالزواج، كما أنه حرص على الحيلولة دون وجود أجواء وعوامل إثارة النظرة الجنسية في المجتمع. وشرع مجموعة من الأحكام من شأنها أن تضمن ذلك وتحقق العفة والطهارة في المجتمع، كغض البصر ووجوب ستر العورة ومنع الخلوة وغيرها من الأحكام، هذا عدا عن تكريم الإسلام للمرأة من مهدها حتى مماتها من خلال التشريع والتنفيذ من قبل الدولة (ولا يتسع المقام هنا للتفصيل في هذا المجال). فأحكام الإسلام هي من صانت المرأة وحفظت لها حقوقها، وإن وجد بين المسلمين من ينظر للمرأة نظرة دونية، أو يرتكب مثل هذه الأفعال المشينة فسببه هو بُعد هؤلاء عن الإسلام وعدم التزامهم بأحكامه، بل وتأثرهم بالمفاهيم الرأسمالية.

 

هذا هو الإسلام الذي يحاولون تشويه صورته، بينما حضارتهم نظرت إلى المرأة نظرة تقوم على اعتبارها جزءاً مادياً نفعياً، لا يُنظر إليها إلا كسلعة تجارية، أو موضعٍ لإشباع شهوة. فجعلوا نظرة الرجل إلى المرأة ونظرة المرأة إلى الرجل نظرة جنسية بحتة، مما أدى إلى ظهور مشكلات اجتماعية خطيرة وكثيرة في الغرب، حتى صار التفكك الأسري سمة من سمات المجتمعات الرأسمالية، وانتشر الفحش والفجور وغابت العفة والطهارة عن المجتمع فأصبحت الإحصائيات تتحدث عن عشرات حالات الاغتصاب وآلاف حالات الزنا و"الخيانة الزوجية" في الدقيقة الواحدة.

 

وفي مفارقة عجيبة تثبت فساد نظرتهم للمرأة، وفساد معالجاتهم لمشاكلها، أنه في أعقاب حادثة كولونيا قامت السلطات في بعض الدول الأوروبية بتوزيع منشورات مصوّرة تشرح فيها للاجئين لماذا لا يجدر بهم الاعتداء على النساء، فيما أصدر وزير الداخلية النمساوي "دليل سلوكيات" يتضمّن رسماً لرجل يضرب امرأة - وقد شُطِب بواسطة علامة حمراء كبيرة في إشارة إلى أنه سلوك غير مقبول - وفي المقابل احتوى الدليل على صورة لأشخاص شاذين جنسياً يتبادلون القبل مع علامة تؤشّر إلى أنه سلوك مقبول. فأي عقلانية هذه التي تحرم التحرش وتبيح الشذوذ تحت باب حماية النساء؟!

 

فليعيدوا النظر في قوانينهم وأفكارهم المنبثقة عن مبدئهم والتي سببت لهم وللنساء بشكل خاص الشقاء والتعاسة، وليبحثوا عن حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه بلادهم وتهدد مجتمعاتهم وتشكل خطراً عليها، فنظامهم الرأسمالي وما انبثق عنه من أفكار كالحريات هو السبب في حدوث أحداث مثل حادثة كولونيا وليس وجود اللاجئين في بلادهم. فالتحرش والعنف والاضطهاد للنساء وغيرها من المشاكل التي تعاني منها المرأة لم تنتج إلا في ظل الرأسمالية وتحت حكمها التي اكتوى بنارها أهلها قبل غيرهم.

 

ولن يخلص البشرية من الرأسمالية وشرورها إلا تطبيق أحكام الإسلام عملياً في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهي أحكام من عند اللطيف الخبير، العالم بما يصلح للناس، ويحقق لهم السعادة والطمأنينة.

 

﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ

 

  

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 أختكم براءة مناصرة

 

2 تعليقات

  • noor aleslam
    noor aleslam الخميس، 28 كانون الثاني/يناير 2016م 23:12 تعليق

    إنهم يستغلون كل حدث لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، ويحاولون إظهار الإسلام على أنه يضطهد المرأة ويشجع العنف ضدها -

  • امل عودة
    امل عودة الأربعاء، 27 كانون الثاني/يناير 2016م 23:02 تعليق

    بارك الله بكم ونفع بكم الامه....اللهم عجل لنا دولة الاسلام التي فيها ملاذ الامه

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع