الأربعاء، 30 صَفر 1446هـ| 2024/09/04م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

آن أوان الحساب فهبوا يا أمة العُقاب!

 

استوقفتني قصة لإحدى حاملات الدعوة الحرائر في بلاد المغول، قصة حاملة للإسلام تدعو له كل من آمن بالله واليوم الآخر، قصة حرة ثارت الدماء في عروقها ونهضت من غفلتها لتثأر لما يحدث لأمتها، كان جزاؤها أن وقف لها أعداء الدين بالمرصاد، فكالوا لها التهم بمكرهم حتى زجوا بها في السجون، لا لشيء سوى أنها تقول ربي الله وديني الإسلام وقائدي للأبد محمد عليه الصلاة والسلام، إما أن أعيش حرة أو أموت شهيدة. فتساءلت من هي تلك المرأة التي بألف رجل وأكثر؟ إنها حاملة دعوة، وتساءلتُ هل هي وحدها تعاني هكذا محنة؟ كلا، بل الآلاف من حملة الدعوة من شرق الأرض إلى مغربها تحت ضيم أعداء الإسلام، من روسيا إلى مهد الكفر أمريكا، وفي كل بقاع الأرض، سجونهم تعج بحملة الدعوة أصحاب كلمة الحق التي هي أقوى من الرصاص، التي تحرمهم النوم وتجعلهم يتخبطون.

 

حيثما التفتّ تعدّ حملة دعوة في السجون، أو شهداء عند ربهم يرزقون، فهل يعلم باقي المسلمين بهذا؟ وهل سطّر التاريخ أعمالهم؟ أم هل كتبت أسماؤهم على الصحائف؟ نعم عند ربنا الذي لا يضيع أجر عامل ولا يظلم أحدًا. يبقى السؤال: أين أصحاب الشرف والنخوة؟! أين أصحاب القوة والمنعة؟! أين الرجال وأين الأمة من كل هذا؟!

 

إن كان البكاء يحرك الدماء في العروق، فلم يبق أحد إلا بكى ظلمًا، من طفل شريد مفجوع في أهله من بطش ظالم، إلى امرأة تبكي حالها لما حل بها حتى جفت دموعها... وهؤلاء لا يُحصون عددًا في كافة بقاع الأرض، من بورما إلى كشمير، إلى الصين، إلى روسيا، والعراق، والشام، ومصر، وليبيا، إلى أفريقيا كلها... حتى في بلاد الغرب! فقد كثروا وازدادوا، فهل هذا يثير الدماء في العروق ويثير النفير في أصحاب القوة القادرة على التغيير أم لا يكفي؟! فإن كان الأمر يحتاج إلى دماء، فشلالات الدماء قد سالت، حتى غيرت لون الأرض في بلاد المسلمين، فكم طفلًا وكم امرأة وشابا ارتقى إلى ربه على أيدٍ نجسة؟! ألا نشهد ذلك أم ختم على قلوبنا وعميت أبصارنا؟!

 

قد يقول قائل أو متكاسل أو جاهل، لا يغير الله حالنا حتى يبعث إلينا ملائكة من السماء، أو يمطر على أعدائنا حجارة من سجيل، وهذا القول لا يقوله سوى مضبوع أو جبان، لا يعلم من أين تُؤكل الكتف، وما هو مصدر قوتنا، ولماذا نقاتل ونحارب. إن هذا الدين العظيم الذي أنزله الله على سيد الخلق والمرسلين، محمد صلوات ربي وسلامه عليه، لا يستقيم إلا بعمل الرجال المخلصين لله تعالى لرفعة هذا الدين ورفع الظلم عن الأمة. أما لو كان الأمر بالدعاء وانتظار الفرج ونحن نيام، فلن يقوم لهذا الدين كيان، فبعد أن نزل هذا الدين لم تنم أعين الحاقدين عليه.

 

يبقى السؤال: أين الذين بيدهم القوة لقلب الطاولة على رؤوس أعدائنا وأعداء ديننا؟ إنهم بلا شك موجودون ولم نقطع الأمل فيهم، ولم نصل الحد الذي يتمناه أعداؤنا بأن تكون الغلبة والبقاء لأمثالهم. إن هذا الدين سيسود الأرض، مهما فعل العدو وقطع البحار والأراضي للنيل من عزائمنا، فإنهم لن يهدوا جبالاً راسخة مؤمنة بالله ونصره وتمكينه. إن ما يفعلونه بأمتنا وبحملة الدعوة لن يصنع إلا الرجال الرجال، وقد خبروا ذلك في مواطن عديدة، وإن حملة الدعوة شباباً وشابات شعل تحترق لتضيء للأمة طريقها، وقد عاهدوا الله على ذلك.

 

اسمعوا إن بقيت في عقولكم ذرة وعي يا من اتخذتم من حملة الدعوة أعداء لكم، فسجنتموهم وقتلتموهم ونفيتموهم... إن شباب حزب التحرير باقون على طريقهم الذي اتخذوه عن قناعة ووعي، وإن غادرهم واحد فألفٌ غيره سيسدون مكانه، لا يبغون سوى رضا الله. ما أنتم فاعلون بنا لن يغير ما هو محتوم، فنهايتكم ستكون على أيدينا، وما يمارسه عملاؤكم في بلاد المسلمين من قمع وتنكيل بهذه الأمة وشبابها ليس إلا معجل لنهايتكم، فقد عزمنا أمرنا. لا تحسبوا هذا الكلام أضغاث أحلام، بل سترونه رأي العين، ولسوف تحاسبون عما اقترفتم.

 

إن الكفار منذ أن بعث الله تعالى رسولنا eلم يدم لهم سلطان ولا مكانة على هذه البسيطة، وسيظل هكذا حالهم مهما طال الزمان أو قصر، أما أعوانهم من حكام المسلمين فقد أعددنا لهم القصاص الشافي لكل مقهور أو مظلوم أو مُنكّل به، مصيرهم بين يدي حملة الدعوة بلا شك، فهل منهم من يرشد ويتدارك أمره قبل أن لا ينفع الندم ولا تقبل التوبة، فعوا وارشدوا!

 

يا أهل القوة والمنعة! لن أقول لكم الآن دوركم، فقد حان منذ وقت طويل، ويجب عليكم سداد حقوق العباد، فعدّوا العدة واعملوا ما هو مطلوب منكم، وكونوا عند أملنا وثقتنا بكم، لتكفّروا عما قد سلف. الأمة نادتكم وتناديكم فلبوا النداء، وعودوا لحضنها، لتكون لكم غطاء ووقاء ومنجاة من عذاب الله تعالى. لبوا النداء وأعلوا كلمة الحق والشهادة فوق ربوع الأرض كلها.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. ماهر صالح – أمريكا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع