- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا أقل ما يمكنني أن أقدمه من أجلها
قابلتها صدفة بلا موعد مسبق... كنت في لقاء مع بعض الصديقات وجاءت برفقة إحدى الأخوات... في تعريفها عن نفسها قالت: اسمي آسيا من تركستان الشرقية... هزني التعريف، لم أتوقع مقابلة أخت من هناك... تداعت إلى ذهني مآسي إخواننا وأخواتنا هناك بينما انهمرت الدموع من عيني وانتابني انفعال شديد وأنا استمع لقصتها.
بدأتْ بالقول: قال لي أهلي... أنت ترين أننا هنا مثل قطيع الأغنام التي تنتظر الذبح.... فإن استطعتِ أن تهاجري فانجي بحياتك، فهم يقبعون في معسكرات الصين بسبب تمسكهم بدينهم الإسلام وحملهم لدعوته.
وتابعت: استمعتُ لنصائحهم وغادرت بلادي... وقد مضت أربع سنوات ونصف وأنا بعيدة عن أهلي... ومنذ مغادرتي لم أسمع من أهلي ولا سمعت عنهم أي خبر... فالصين تعتم على أخبارهم ولا تسمح لهم بالتواصل مع أهلهم.
كانت وصيتهم لي قبل أن أغادر، أوصلي سلامنا لإخواننا المسلمين وأوصلي لهم حالنا ومعاناتنا. وفي نهاية قصتها طلبت الدعاء لأهلها وسائر أبناء شعبها الإيغور بأن يفرج الله عنهم.
كم هو طلب زهيد... هل أمّة المليار ونصف لا تملك إلا الدعاء... ولا ينتظر منها أبناؤها المعذبون أكثر من الدعاء؟! أإلى هذا الحد وصل بنا الهوان؟!!!
كم كان حظك وافراً يا عمرو بن سالم؛ فقد فزعتَ إلى رسول الله r وهو على رأس دولة عزيزة كريمة... قصصت عليه شكواك فبادرك قائلا: نُصرتَ يا عمرو بن سالم... وفي فترة قصيرة كان فتح مكة وانتصر رسول الله r للمظلوم من الظالم وحلفائه، انتصر لخزاعة من بني بكر وحلفائهم قريش.
بعدها بوقت قصير تستنجد امرأة مسلمة نيل من كرامتها في سوق يهود من بني قينقاع فسيّر لها الرسول جيشا لم يرجع إلا بعد إجلاء بني قينقاع الذين تجرؤوا على عرض المسلمين.
أما تلك المرأة القرشية التي استجارت بالمعتصم، فالكل سمع قصتها ووصلته أنباء نصرته لها، إذ قد استنصرت بخليفة المسلمين وقائد جيوشهم المهيبة، ويا لحسن حظها إذ قاد لها الخليفة جيشا جرارا تتقدمه مئة ناقة بلقاء، فحررها وانتقم ممن أهانها وأهدر كرامتها.
عاد الحاجب المنصور بن أبي عامر أمير الأندلس يوما من الجهاد بعد أن حقق النصر كعادته على الأسبان، عاد إلى قرطبة ووافق رجوعه صلاة عيد الأضحى والناس في المصلى يكبرون ويهللون، وقبل أن ينزل من على صهوة جواده، اعترضت طريقه امرأة عجوز، وقالت له بحسرة: يا منصور كل الناس مسرور إلا أنا، قال المنصور: وما ذاك؟، قالت: ولدي أسير عند الصليبيين في حصن رباح، فإذا بالوالي التقي والبطل العظيم الذي يعلم قدر المسئولية الملقاة على عاتقه تجاه أمة الإسلام، والذب عن حياض الأمة والدين، إذا به يلوي عنق فرسه مباشرة وينادي في جيشه ألا ينزل أحد من على فرسه، ثم ينطلق متوجهاً إلى حصن رباح ويجبر الأعداء على إطلاق سراح أسرى المسلمين ومنهم ولد العجوز... لم يهنأ له مقام حتى أعاد البسمة للمرأة ويدعها تشارك باقي المسلمين فرحة العيد.
هذه القصص غيض من فيض حال المسلمين حين كانت لهم دولة تشملهم برعايتها وتحيطهم بحمايتها؛ دولة الخلافة التي نفتقدها اليوم، فهي وهي وفقط الدرع الأمين والحصن الحصين لكل مسلمي العالم وهي أمل إخوتنا الإيغور...
فمن غيرها سيرسل لحكام الصين الكافرة يهددهم بتمريغ وجوههم في التراب إن هم لم يفرجوا عن أبنائها الإيغور ولم يكفوا عنهم...؟ من غيرها سيجرؤ على تحدي العالم كله من أجل كرامة شيخ مسن يرغَم على الإفطار في رمضان أو امرأة عفيفة ترغم على خلع حجابها أو طفل مسلم ينتزع من والديه ليربى على الفكر الشيوعي...؟ من غيرها ستشعل الحرب الضروس من أجل دمعة تذرف من عين أم أو زوجة أو ابنة، أو رجل يائس لا يملك سوى ذرف الدموع وإرسال رسالة إلى إخوته المسلمين يطلب منهم أن يدعو له الله أن يفرج كربه؟...
إخواننا الإيغور يتعرضون للاحتجاز في المعسكرات ويخضعون لحملات ممنهجة من الصين المستعمرة، من أجل إخضاع مسلمي تركستان الشرقية الإيغور، ومنعهم من المطالبة بالاستقلال عن الصين الشيوعية ونظامها الكافر... تريدهم الصين خانعين مستسلمين يسبحون بحمد النظام الشيوعي. لكنها لم تنجح في ترويضهم... ولما عرفت أن قوتهم مستمدة من دينهم الحكيم وعقيدتهم اليقينية... عملت لهم برنامجا يستهدف غسل أدمغتهم ووضعهم في ظروف تنسيهم عقيدتهم وأحكام دينهم وهو ما تسميه الصين بمعسكرات التلقين السياسي أو إعادة التأهيل... تحت ذريعة محاربة (الإرهاب) و(التطرف الديني).
لقد سنت لهم القوانين التي تمنعهم من الصلاة، وقامت بإرغامهم على الإفطار في رمضان ومنع الأكل الحلال وإرغامهم على أكل لحم الخنزير وشرب الخمر وخلع لباس العفة ولبس لباس الفسق والفجور... فمنعت لبس الحجاب ومنعت خياطته أو بيعه... وكل من لا يذعن لقوانينها ترسله لمعسكرات التأهيل هذه وتخضعه لبرامجها المجرمة وتنفذ عليهم قوانينها بالقوة بممارسة أقسى أنواع التعذيب والإرهاب، حتى إن البعض يتمنى الموت للتخلص من هذا الشقاء. وشعارها في هذه المعسكرات هو أنها: "تعلم كمدرسة، وتدار مثل جيش، وتحرس مثل سجن"!
ورغم منع كل وسائل التواصل بين هذه المعسكرات والعالم الخارجي إلا أن أنباءها تتسرب ولكن لا أحد يخطو خطوة لإنقاذ هؤلاء القوم المظلومين، فلا أردوغان حفيد العثمانيين! ولا سلمان خادم الحرمين! ولا عبد الله حفيد آل البيت!... ولا حتى محمد السادس الذي يدعي أنه أمير المؤمنين!... وكيف يهب هؤلاء لنجدة المسلمين وهم أول من يحاربهم ويقف في وجه عودة رمز عزتهم ومبعث قوتهم!... نعم، ألا يقف حكامنا الخونة في وجه حملة الدعوة لإقامة الخلافة...؟!
كم إن حظكم قليل يا إخوتي الإيغور إذ تأتي محنتكم في غياب الخلافة الحامية الراعية... فإن لم يسمع صوتكم قائد صنديد أخو سعد وأسيد فيهب لقلب عروش الظالمين ويعيد للخلافة مجدها التليد فستطول معاناتكم... لكن الأمل بالله كبير أن يفتح قلوب ضباطنا ويزيل الوهن من قلوبهم فيعيدوا لنا الخلافة لتعود لنا أيام العز من جديد... ويتحرر المسلمون جميعا وينفضوا عن كاهلهم أيام الذل والهوان فيعودوا خير أمة أخرجت للناس.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسماء الجعبة