- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكرى محاولات فتح القسطنطينية تقضي على الهزيمة النفسية
إن الهزيمة النفسية التي سيطرت على المسلمين في هذا الزمان، وإحساسهم العميق بضعفهم وهوانهم، واستحالة عودة خلافتهم ما هو إلا عمل دؤوب من الغرب الكافر سعى فيه لهدم معاول النهضة في نفوسهم، وروح الإسلام العظيم من حياتهم، حتى لا تقوم لهم قائمةٌ تعيد مجدهم وعزهم من جديد، وتزيل عروشاً تحكم الناس بالنار والحديد.
وإننا في هذه الأيام تمر علينا ذكرى حدث من أبرز وأكبر وقائع التاريخ على الصعيدين العالمي والإسلامي، وهو ذكرى فتح القسطنطينية الذي هدمت به الإمبراطورية البيزنطية، والتي كانت المحرك الأول للتهديد الصليبي، فكان هذا الحدث فاصلاً بين تاريخ العصور الوسطى والعصور الحديثة، به سقط الحصن الذي حمى أوروبا لأكثر من ألف سنة، وبه تحطم الجدار الأوروبي أمام زحف المسلمين وتوغلهم باتجاه أوروبا.
لقد بادر المسلمون لفتح القسطنطينية وضحّوا، وحاولوا مراراً وتكراراً بجد وبإخلاص، وما كان ذلك إلا سعياً منهم لتحقيق بشارة رسول الله e التي قال فيها: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ»، وحرصاً منهم على أن يكونوا أصحاب تلك البشارة؛ لم تثنهم تلك المحاولات العديدة التي فشلوا فيها عن معاودة الكرة، يقيناً منهم بتحقق بشارة رسول الله e يوماً ما، لم يتقاعسوا، ولم تنهزم نفوسهم، بل كانت محاولاتهم على مرّ القرون عديدة، بدأت في عهد الخلافة الأموية؛ حيث أرسل الخليفة معاوية بن أبي سفيان حملتين ضخمتين؛ الأولى برية، والثانية عزز فيها القوة البحرية، وكانت المحاولة الثالثة زمن الخليفة سليمان بن عبد الملك، إلا أنها كلها لم تثمر عن فتح هذه المدينة، تبع ذلك عدة محاولات أخرى كان منها محاولة للخليفة هارون الرشيد في عهد الخلافة العباسية، ثم خمدت هذه المحاولات الإسلامية بضعة قرون نتيجة لانقسام الدولة العباسية، وللنكبات التي تعرض لها المشرق الإسلامي جرّاء الحملات الصليبية والاجتياح المغولي، إلا أنها عادت وانتعشت من جديد مع بداية العهد العثماني على يد السلطان بايزيد الأول الذي كاد أن يفلح في فتحها لولا الاجتياح المغولي الذي اضطره لفك الحصار والتوجه لمواجهته، ثم محاولة الأمير العثماني موسى جلبي التي انتهت بالقبض عليه وقتله، وأما آخر المحاولات قبل فتحها على يد السلطان محمد الفاتح، فقد كانت لأبيه السلطان مراد الثاني الذي اجتهد في حصارها كذلك، ولكنّه لم يوفق لفتحها.
لقد كانت محاولات عديدة جندت جيوشاً عظيمة، وكلفت أموالاً طائلة، وأرواحاً زكية كثيرة، لم يكتب لها النجاح بفتح هذا المعقل البيزنطي الحصين، إلا من انتصارات جانبية وفتوحاتٍ أخرى لمدن وحصونٍ قصرت الإمبراطورية البيزنطية على مدينة القسطنطينية وضواحيها.
أيها المسلمون: ليس المراد بذكر المحاولات مجرد السّرد لأحداثها؛ وإنما المقصود أخذ العظة والعبرة من هذه الهمم العالية، المؤمنة بربها، المصدقة بشرى نبيها e، فتجدّوا وتخلصوا في عملكم، وتحسنوا الظن بربكم، وتترقبوا تحقق بشرى نبيكم r، وهي عودة خلافتكم. قال عزّ من قائل سبحانه: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نور الهدى محمد
#فتح_القسطنطينية
#القسطنطينية
وسائط
1 تعليق
-
بارك الله جهودكم الطيبة زنفع بكم