- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
من للعالم أجمع غير الخلافة منقذا
بالنظر إلى التاريخ الإنساني على هذه الأرض، وتقلب الأزمان والحضارات والدول، نلاحظ أن التغييرات التي عمت الأرض في المئة عام الأخيرة تفوق التغيرات التي حصلت منذ بداية التاريخ. والحديث هنا ليس عن التغيرات المادية التي قلبت العالم في القرن الأخير فقط وإنما عن تغييرات شملت الفكر والدين والسياسة والاقتصاد وحتى الأخلاق والمعاملات. فبعد أن كان البشر لقرون طويلة يعيشون على الزراعة والحرف اليدوية البسيطة عجّت أرجاؤه بمصانع ضخمة، وآلات تكنولوجية حديثة تغني عن مئات العاملين. وحل التعامل بالأوراق النقدية محل الذهب والفضة والمعادن التي تعامل بها الناس في كل العالم تقريبا لقرون طويلة، بل إن عمليات البيع والشراء أصبحت تتم عبر بطاقات بنكية دون لمس الأموال.
لكن الكارثة الحقيقية كانت بتغير الفكر والمعتقد، فبعد أن عاش العالم منذ خلق الإنسان على فطرته التي خلقه الله عليها متدينا يعتنق الدين ويطبق تعاليمه انقلب العالم ليصبح أغلب سكانه بلا دين ولا تدين. والكلام هنا ليس عن الإسلام والمسلمين فحسب؛ وإنما عن الدول الغربية التي كانت متمثلة بالدول الأوروبية والتي عاشت أزمانا طويلة تحت حكم الكنيسة التي تفرض تعاليمها على الناس ولو بالدجل والظلم والشدة. وبعد هذا الانقلاب الديني انقلبت الأخلاق والآداب والثقافة والفكر. وولدت العلمانية والديمقراطية من رحم الظلم والقهر والاستبداد، لتتمرد على كل ما هو قديم.
لقد انبهر العالم بالنظام الجديد، فالكل فيه حر يفعل ما يريد لا سلطة لأحد على أحد. فلا سلطة للكنيسة ولا للاب ولا للأم ولا حتى للخالق في هذا العالم الجديد. والقانون فيه لحفظ الحريات فقط. لقد تلقف العالم الأوروبي ومن بعده الأمريكي هذا المبدأ وعملوا على تبنيه والدعوة إليه مستخدمين كل الوسائل المتاحة من إعلام ومناهج مدرسية وجامعية، وإن اضطر الأمر استخدموا السلاح والحروب ليجبروا العالم على تطبيق مبدئهم الداعي إلى الحريات بالقوة في مفارقة عجيبة، حتى وصل الأمر للمسلمين في بلادهم. نعم، بلادهم؛ فالمسلمون في العصر الحديث لم تعد لهم دولة واحدة تجمعهم، ولم تعد أحكام الشريعة الإسلامية تطبق عليهم، تغيرت حياتهم وتغيرت ثقافتهم بل تغير حتى لباسهم ونمط عيشهم.
لكن السؤال المحير هنا لماذا؟!
لماذا تخلى المسلمون عن فكرهم الرباني ومفاهيمهم واعتنقوا فكر الغرب وطالبوا بتطبيقه؟ وإن لم يكونوا جميعا لكن تلك الفئة المضبوعة بالفكر الغربي والثقافة الغربية انتشرت بكثرة، حتى انطبق عليهم حديث رسولنا الكريم ﷺ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ». بل أصبح وجود المسلم الملتزم في بعض المدن الإسلامية الكبرى غرابة وتشددا وأصبح يجاهد مجاهدة للعيش بعيدا عن المعاصي والآثام، فانطبق عليه قوله عليه الصلاة والسلام: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ».
ونعود هنا للسؤال مرة أخرى ولكن بطريقة أخرى: ما الذي حققته الرأسمالية العلمانية الديمقراطية للمسلمين وللعالم ولم يحققه الإسلام؟! أي هل عاش الناس في ظل العلمانية حياة البهجة والسرور والسعادة والطمأنينة والأمن والأمان ورغد العيش؟!
والواقع أن الإجابة هي: لا، لم تحقق الأنظمة الحديثة السعادة للناس ولا سيما للمسلمين، لكن انبهار المسلمين بهذه الثقافة كان لأن تلك الأنظمة مارست كل وسائل الخداع والتجميل لتحسين صورة الغرب. ونقلت للمسلمين صورة تفيد بأن الإنسان في الغرب يعيش حياة رفاهية وحريات دون الحديث عن معاناة الناس والنتائج السلبية لهذا الانفتاح ولتلك الحريات. ولتقريب الصورة أكثر نستعرض بعض الأمثلة من الحياة الاجتماعية الأمريكية لنتعرف على نتائج تطبيق الديمقراطية:
في تقرير للمراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض يقول: إن عدد النساء اللاتي يقيم معها الرجل الأمريكي علاقات جنسية هو سبع نساء. وإن 29% من الرجال أقاموا علاقات مع أكثر من 15 امرأة. وطبعا معظم هذه العلاقات هي علاقات زنا، وبالطبع ينشأ عن تلك العلاقات حمل وإنجاب والمرأة مخيرة في حالة الحمل ما بين الإجهاض أو تحمل مسؤولية الطفل لوحدها.
ففي أمريكا هناك 10.4 مليون أسرة تعيلها الأم دون أب، وفي أمريكا نفسها يقتل بالإجهاض أكثر من مليون طفل سنويا. وكنتيجة طبيعية لانتشار الفواحش انتشرت الأمراض الجنسية، ففي أمريكا أيضا 65 مليون شخص يعانون من أمراض جنسية لا يمكن شفاؤها. وبالرغم من أن الزنا لا يعتبر جريمة والعلاقات كثيرة من كلا الزوجين لكن ذلك كله لم يمنعهم من اقتراف جريمة الاغتصاب، كيف لا ونساؤهم تخرج شبه عاريات في مشهد مثير لرجال لا يعرفون غضاً للبصر ولا حلالاً ولا حراماً؟! ففي أمريكا يتم اغتصاب 683 ألف امرأة سنويا، أي بمعدل 78 امرأة كل ساعة مع العلم أن 16% فقط من حالات الاغتصاب يتم التبليغ عنها رسميا. أما عن القتل فتقتل في أمريكا 1320 امرأة سنويا أغلبهن على يد أصدقائهن أو أزواجهن. وبحسب الدراسة التي أجراها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2020 فإن أمريكا الوسطى تعد أخطر مناطق للعيش حيث تبلغ عدد جرائم القتل في بعض البؤر الساخنة 62.1 حالة قتل من بين كل 100 ألف حالة وفاة.
هذا غيض من فيض والحديث عن إحصائيات السوء بكل القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا ينتهي. فعن أي رفاهية وأي طمأنينة وأي أمن يتحدثون؟! هم شعوب تعاني بأغلبيتها ضنك العيش كغيرهم في هذا الزمان، وهم بحاجة لمن ينقذهم من جحيم الرأسمالية كحاجة المسلمين لكنهم لا يعرفون بديلا. فالخيارات عندهم إما العلمانية الديمقراطية وإما الاستبداد والنازية!
لكن الشذوذ الفكري حقيقة لدى المسلمين الذين يطالبون بتطبيق الديمقراطية والعلمانية وهم لديهم البديل الذي تخلوا عنه ورفضوه رغم ما حققه لهم من عز وكرامة وشموخ لمدة 13 قرنا. لم نعرف فيها معنى الانتحار أو الاغتصاب أو الرذيلة. ثلاثة عشر قرنا من الآداب والأخلاق والفضائل على المستوى الاجتماعي، وقصور ومساجد فخمة وآثار باقية تدل على الترف الاقتصادي، وتوسع مستمر لحدود الدولة ما يدل على القوة السياسية والعسكرية.
فأي نظام يحقق الأمن والأمان والطمأنينة كما حققه نظام الإسلام؟! فخليفة المسلمين عمر كان يسأل عن احتياجات نساء المجاهدين ويلبيها بنفسه. والمسلمون زمن الرسول شنوا حربا على يهود لأن فردا منهم تجرأ وكشف عورة امرأة مسلمة. فالمرأة عندنا عرض يجب أن يصان لا سلعة يتم استغلالها لزيادة المبيعات! فمن للعالم أجمع غير نظام الخلافة منقذا؟!
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رانية شفيق – الأرض المباركة (فلسطين)