الأحد، 20 صَفر 1446هـ| 2024/08/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

فولكر يهدد بانهيار السودان

 

أسهب الممثل الخاص للأمم المتحدة فولكر بيرتس، الذي عُيّن لكسر الجمود السياسي في السودان، في تشريح التعقيدات السياسية التي تعتري المشهد الانتقالي السوداني؛ ففي لقاء أجرته صحيفة تاز الألمانية في 2 آذار/مارس 2022م، ونشرته صحيفة الجريدة السودانية في اليوم التالي، أنذر فولكر بأن السودان يتجه نحو الهاوية، بسبب العلاقات المتوترة بين المدنيين والعسكر، وما يجري في هرم السلطة، مبدياً حاجة الأمم المتحدة لخارطة طريق واضحة نحو حكومة مدنية ديمقراطية. فهل نجح الغرب المستعمر في تنفيذ ما يخطط له في السودان؟ وماذا قال فولكر في هذا اللقاء عن الانتقال الديمقراطي؟ وما هي أهمية تصريحاته من الناحية السياسية والمبدئية؟

 

ففي إجابته على سؤال "أين يقف السودان اليوم؟"، أجاب بكل صراحة قائلاً إن السودان "يقف على حافة الهاوية... الاقتصاد في طريقه للانهيار... ولدينا أجزاء من البلاد تسودها تقريبا فوضى سياسية... ولا توجد قدرة حقيقية للدولة... الخدمة المدنية لا تعمل، بالمقابل لدينا احتجاجات مستمرة ضد هذه الأوضاع، تشهد ضحايا مرةً بعد أخرى"، مثل هذه التصريحات ليست بمستحدثة، فقد أعرب فولكر، بحسب موقع الأمم المتحدة في 8 كانون الثاني/يناير 2022م، أي منذ إعلان مبادرته هذه، أعرب عن "قلقه الشديد من أن يؤدي الانسداد السياسي الراهن إلى الانزلاق بالبلاد نحو المزيد من عدم الاستقرار"، فهذا المبعوث الأممي يسكب دموع التماسيح ببكائه على الأوضاع المزرية، ويدّعي حرصه على أهل السودان وأمنهم وثرواتهم، مهددا بانهيار البلاد، فهو يستهدف تمهيد الطريق لاستلام ملف العملية السياسية بكاملها؛ من حيث الخريطة السياسية وأدوات تنفيذها، فهو يعمد إلى إظهار عجز القوى السياسية وعسكر السودان عن حل قضايا بلادهم ليؤكد أهمية وجوده حاكماً للسودان.

 

إن مكائد الغرب المستعمر باتت مكشوفة لأهل السودان، ولا يمكن تغطيتها بغربال، ذلك لأنه هو العدو الحقيقي لهم، فهو يتخفى بأدواته مثل اليونيتامس وغيرها، وصناديق المال الربوية العالمية، ويضع عملاءه من الوسط السياسي المسترزق، وقادة العسكر الذين تدربوا على يد المخابرات الغربية، يضعهم في مقدمة الركب لتنفيذ مكائد الغرب المتعلقة بإضعاف البلاد وتفتيتها، أو عزل أقاليمها بعضها عن بعض، ونهب ثرواتها والتحكم في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.

 

أما قول فولكر: "لكننا بحاجة على الأقل إلى خارطة طريق واضحة نحو حكومة مدنية ديمقراطية"، ففي الدسم سم زعاف، فالغرب المستعمر عموماً، وواشنطن بخاصة، لا يرغبون في أي تحول في بلادنا، إلا بالقدر الذي يحقق مصالحهم، حتى إن صحيفة فورين بوليسي الصادرة في 2022/01/07 انتقدت موقف بايدن من التحول الديمقراطي في السودان، حيث كتب كاميرون هدسون الزميل بمركز أفريقيا التابع للمجلس الأطلسي: "أن هناك فجوة متزايدة بين الالتزام الخطابي المتصاعد لواشنطن الذي كان يتحدث بشاعرية عن دعم الديمقراطية وتعزيزها في السودان وبين سياساتها الفعلية"، وذكر "أن واشنطن اختارت طريق التهدئة بدلا من دعم القوة المكبوتة للجماعات المؤيدة للديمقراطية في البلاد"، واصفاً موقف إدارة بايدن من الحركة الديمقراطية في السودان بأنها لم تحظ بالكثير من الاهتمام. فهذا المبعوث الأممي فولكر مثل غيره من مبعوثي الغرب المستعمر الذين يتجولون في بلاد المسلمين، يجيد المماطلات وتضييع الوقت، وصناعة الفرص، وفي الوقت نفسه يراقب الخناق الاقتصادي الذي تمارسه صناديقهم المالية كصندوق النقد الدولي عبر الحكومات المتصارعة، كل ذلك لتمكين الغرب الكافر من التحكم بالعملية السياسية والاقتصادية بالبلاد، فقد وبخ فولكر المكون المدني الذي يرفض الجلوس للتفاوض مع العسكر، لتهدئة الأوضاع لصالح الغرب المستعمر قائلاً: "لا يمكننا التظاهر بأن من يسيطر على الوضع، ومن بيده السلاح ومصادر السلطة غير موجود"، إن الغرب لا يهمه وجود العسكر أو المدنيين في السلطة، بل يخشى أن تفلت الأمور من يده، بل ترتعد فرائصه من تحركات الأمة لإقامة دولة مبدئية قوية، كدولة الخلافة الراشدة، التي تعيد للمسلمين سيطرتهم على العالم.

 

إن أمريكا رفضت المرشح الفرنسي وقبلت بفولكر الألماني، مبعوثاً للسودان، ليلعب دوراً يمكنه من وضع ميثاق انتقالي تكتبه بعثة الأمم المتحدة أو غيرها من مراكز الدراسات الغربية لاحقاً، بحجة عدم قدرة أهل السودان للتعاون والاتفاق، فقد شكك فولكر في قبول الأطراف لبعضها، وقال بأن "المشكلة أننا نتعامل مع أكثر من مركزيْ قوى، الجيش يمثل إحداها، وهناك الأحزاب السياسية بتوجهاتها الفكرية المختلفة، وهناك المجتمع المدني الذي يرى أن الأحزاب السياسية هذه لا تمثله. ومن ثم تأتي المجموعات المسلحة التي وقعت على اتفاقية جوبا للسلام والتي قد لا تكون مسألة الديمقراطية الأهم بالنسبة لها. ووسط كل هذه الأوضاع يجب علينا أن نجد نقاط التقاء مشتركة". إن فولكر عُين مبعوثاً استعمارياً للسودان ليراعي مصالح الغرب الكافر المستعمر، ويثبت الفكر الرأسمالي العلماني؛ فكرة الحل الوسط في بلاد المسلمين، وعينهم على اتفاقيات سابقة (نيفاشا) وغيرها، صممها الغرب المستعمر فانصاع لها رويبضات السودان، فأشقوا البلاد والعباد.

 

فمصطلحات "نقاط مشتركة"، و"الحل الوسط"، و"محطات الالتقاء" بين الأطراف المتصارعة، هي غربية المنشأ، قال بها أصحابها لما عجزت عقولهم عن تدبر واقع الإنسان وعلاقته بالكون والحياة، فعجزوا عن معرفة حقيقة هذه العلاقة، فولوا فكرهم نحو الترضيات بين الكنيسة والمفكرين، ليكون الفيصل هو مصلحة الكبار ومن بيدهم السلطة فقط. فكون فولكر يهيئ الأجواء ليلزم أهل السودان، الذين هم أمة تعتنق عقيدة واحدة، عقيدة الإسلام العظيم، يلزمهم بالتعامل مع قضاياهم بالمفهوم الغربي الرأسمالي الذي يفصل الدين عن الحياة، هو أمر غير مقبول.

 

إن أهل السودان، مثل إخوانهم في بقية بلاد المسلمين الأخرى ينتفضون ضد تدخلات الغرب المستعمر وأفكاره، فلا حاجة لهم بمساعي فولكر، فهم يملكون عقيدة سياسية تعالج كل أنماط الحياة الاقتصادية والسياسية وكافة شئون الحياة؛ من تطبيب وتعليم، وأحكام الاجتماع والسياسة الخارجية وغيرها، ولا يقبلون بغير القرآن إماماً، ولا يرضون بغير كتاب الله سبحانه قاضياً وحكماً، وفي سبيل ذلك يتقدمهم أبناؤهم في حزب التحرير، الذي يملك مشروعا نهضوياً يتمثل في الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي مر على هدمها 101 سنة، وفي معيتهم دستور من 191 مادة منبثقة عن عقيدة الإسلام العظيم، ويعملون ليل نهار بين الأمة ومعها، ويترقبون نصراً من الله قريباً إن شاء الله.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

يعقوب إبراهيم (أبو إبراهيم) – ولاية السودان

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع