الأحد، 05 رجب 1446هـ| 2025/01/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

هل نجح الغرب الكافر في طمس عقول المسلمين؟

 

 

 

سعى الغرب الكافر، وعمل جاهداً على زعزعة أفكار المسلمين، وفي سبيل ذلك وضع خططا خبيثة، لحرف عقولهم، وظل سنين يحاربهم بقتلهم وتشريدهم، وإثارة الفتن والنعرات بينهم. ورغم عظم المؤامرة، لكن بحمد الله سبحانه وتعالى لا تزال الأمة بخير، وتأكد أن المسلمين أقوياء في دينهم. ولما أدرك الغرب الكافر أن قتل المسلمين لا يبعدهم عن دينهم، بل يزيدهم قوة، أضاف وسائل وأساليب أخرى واستهدف بها مصدر قوتهم، وهي العقيدة الإسلامية، فحاول إحداث خلل بغزو العقول بالأفكار الغريبة عن الإسلام، فسار على النهج الآتي:

 

أولا: معلوم أن هناك صلة وثيقة بين الغزو الفكري والغزو العسكري، فكلاها يهدف إلى إبعاد المسلمين عن دينهم، والغزو الفكري هو الذي ساعد الغرب على احتلال بلاد المسلمين وإذلالهم ونهب خيراتهم كما يقول لويس التاسع ملك فرنسا، بعد أن وقع في الأسر، وبقي سجينا في المنصورة إذ قال: "إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده، فقد هُزمتم أمامهم في معركة السلاح، ولكن حاربوهم في عقيدتهم فهي مكمن القوة فيهم".

 

أما غلادستون رئيس وزراء بريطانيا الأسبق فقال: "لن تحقق أوروبا شيئا من غاياتها أبدا في العرب إلا إذا سلبتهم سلطان القرآن، أخرجوا سر هذا الكتاب من بينهم تتحطم أمامكم جميع السدود"، فاجتهدوا كل الاجتهاد لتدمير ركيزة المسلمين. قالت د. سهير أحمد السكري، اختصاصية اللغويات بجامعة جورج تاون: "قد آمن المستعمرون الإنجليز والفرنسيون بأن المعركة مع المسلمين يجب أن تبدأ من المدرسة بتدمير التعليم الديني وذلك بنشر المدارس الأجنبية بالبلدان العربية ومحاربة اللغة العربية". وبموجب هذا أوجدوا دويلات ضرار لم تتبن القرآن دستوراً لها، مثلما ورد في المادة الأولى من مشروع دستور دولة الخلافة لحزب التحرير: "العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية".

 

ثانيا: زرع الغرب الكافر الشك في نفوس المسلمين عن أحكام الإسلام، بل محى أهم أحكام الإسلام من مناهج التعليم، وبالأخص أفكار الحكم والاقتصاد، فترك المسلمون أفكارهم القيمة ليتبنوا مكانها الأفكار الغربية الباطلة، التي جعلتهم ينساقون وراء أنظمة الغرب، ينادون بها، ويطيعونه الطاعة العمياء.

 

ثالثا: إعادة السيطرة العسكرية وصناعة عملاء في بلاد المسلمين، وهذا الأمر يتحقق بأمرين:

 

1- الاحتلال العسكري المباشر، فكان احتلال أمريكا ودول الناتو لأفغانستان عام 2001، واحتلال أمريكا للعراق عام 2003، وكانت كشفا لردة فعل حكام البلاد الإسلامية، فتبين للغرب أن المسلمين متفرقون أشتاتا، وساعد هذا على حرف الثورات التي قامت في بلاد المسلمين.

 

2- الاحتلال غير المباشر بأن جعلوا حكام البلاد تابعين لهم، لا يخرجون عن إرادتهم ولا عن طوعهم، وقد حدث هذا بعد خروج المحتل لكنه أبقى نفوذه وعملاءه.

 

رابعا: السيطرة الاقتصادية على بلاد المسلمين التي تزخر بثروات ضخمة سال لها لعاب الدول الغربية قديما وحديثا ما جعلها تحاول جاهدة استغلال هذه الموارد.

 

فمثلا حضور ثلاثة وفود روسية دفعة واحدة في بورتسودان، ففي 24 كانون الأول/ديسمبر 2024م أوردت المندرة نيوز: "أكد د. جبريل إبراهيم وزير المالية خلال لقائه بالسفير الروسي المفوض فوق العادة، Mr. Andrei Chernovol، استعداد حكومة السودان لإقامة علاقات تعاون استراتيجي في المجال الاقتصادي... من جانبه، كشف السفير الروسي عن ترتيبات رسمية لزيارة ثلاثة وفود من رجال أعمال الغرفة التجارية الروسية إلى السودان خلال الفترة المقبلة، والتنسيق مع الجهات الحكومية السودانية لتوقيع اتفاقيات في مجالات الطاقة، والموانئ، والكهرباء. وأكد السفير اهتمام الجانب الروسي بالاستثمار في مجالات البنى التحتية، مطالباً بتحديد خارطة لأولويات السودان تراعي توازن تطوير المجالات المستهدفة".

 

ثم عمد الغرب الكافر إلى تركيز نظامه الاقتصادي القائم على الظلم ونهب الثروات في بلاد المسلمين، فجرفونا نحو الربا فأصبحت كل البنوك تتعامل به، فأدخلوا المسلمين في حرب من الله تعالى ورسوله ﷺ، ووقعنا فيما حذر منه رسول الله ﷺ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَأْكُلُونَ الرِّبَا، فَمَنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ» أو كما قال أحدهم "إن هذه السياسة الخبيثة الربوية هي لاسترقاق البلاد والعباد والهيمنة عليها بتسميات أخف وقعاً مثل سياسة التصحيح الاقتصادي بدل اسمها الحقيقي تسريع الانهيار الاقتصادي، كما أبدلوا اسم الربا ووضعوا مكانه اسما أخف وقعاً قالوا عنه فائدة".

 

خامسا: إبعاد المسلمين عن مصدر أساسي في فهم القرآن؛ اللغة العربية لغة القرآن الكريم. مرّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على قوم يسيئون الرمي فقرّعهم فقالوا: "نحن متعلمين"، فقال: "لَلحْنُكُمْ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ سُوء رَمْيِكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «رَحِمَ اللهُ امْرأً أَصْلَحَ مِنْ لِسَانِهِ»".

 

فالقرآن عربي اللغة لا يفهم إلا بها، فمن أراد أن تستقيم عقيدته ويفهم أحكام الشرع على علم، فليتقن لغته وليتفقه في دينه كما علمنا رسول الله ﷺ وأصحابه، وكما سار رضوان الله عليهم على سنته فكانوا من الفائزين.

 

فالإسلام ليس دين استعمار، ولا تعبيد الناس للأطماع الاقتصادية، ولا غيرها من أهواء الغرب الكافر الاستعمارية، بل هو رسالة الرحمة، فكانت الفتوحات الإسلامية واجبة على دولة المسلمين الخلافة، لتبليغ الإسلام للناس، لذلك لم تكن الفتوحات من أجل استغلال الشعوب واستعمارها، وامتصاص خيرات البلاد، إنما كانت من أجل شيء واحد هو حمل الدعوة الإسلامية إلى أهلها، لإنقاذهم مما هم فيه من حياة ضنك وشقاء.

 

إن الواجب على المسلمين هو أن يستأنفوا الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وأن لا يتهاونوا في ذلك فيحق المحق عليهم، فمن ابتغى غير القرآن دستوراً ومرجعاً فله معيشة ضنكا، فما العزة إلا بالإسلام.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زهراء داود – ولاية السودان (بورتسودان)

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع