الخميس، 23 رجب 1446هـ| 2025/01/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

قراءة في الواقع السياسي لبلادنا الإسلامية

 

 

 

إن أغلب من يقدمون أنفسهم كزعماء سياسيين، وحصولهم على هذه الرمزية الكاذبة لم يصلوا لسدة الحكم بسبب تاريخهم السياسي، وبممارساتهم السياسية، وإنما بفرض الإرادات الخارجية، ومدى تعاونهم مع من جاء بهم، لذلك لا غرابة حين تجد غياب مفهوم السيادة وتطبيقها، والمطالبة بها في جميع بلادنا الإسلامية اليوم، فمن يرهن القرارات السيادية لبلده لإرادات دولة أخرى، ويجعل مصالحها أولوية على مصالح بلده لا يشعر بمعنى السيادة الحقيقية، ولا بأثرها على الناس، فالناظر اليوم إلى بلادنا عامة يرى أن حالها لا يختلف، فأغلبها متشابهة (أعني السيادة)، لأن الذي يصل إلى سدة الحكم عليه أن يتنازل عن سيادته وكرامته، وسيادة بلده، ليضعها في أروقه هيئة الأمم لتشكلها كيف تشاء، لذلك فلا غرابة حين ترى اللادولة تتصرف باعتبارها صاحبة السيادة وليست الدولة.

 

إن أمريكا التي دمرت أغلب شعوب العالم بغطرستها وهيمنتها على النظام الدولي، استطاعت أن تمزق العراق، وتقضي على نسيجه المجتمعي من خلال وجود طبقة حاكمة، ديدنها تحقيق مصالح الغرب وإدامة سطوته على رقاب أبناء البلد، من خلال ربطها باتفاقيات مفخخة بذرائع شتى هدفها تبرير وجود القوات الأجنبية في البلد، واستطاعت أمريكا إلى الآن أن تؤسس في العراق ما تريد، واستطاعت أن تجعلها بوابة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة.

 

إن العالم كله يعلم كيف استطاعت أمريكا أن تحتل العراق بحجج واهية، من صناعة مخابراتها، واحتلته بدون أن يكون هناك قرار دولي، وأنها ضربت بالقانون الدولي المزعوم عرض الحائط، وهذا هو ديدنها؛ الكذب، وخداع الشعوب، فهي ما زالت تمرر كذبتها هذه على شعوب المنطقة بمساندة طواغيت خونة يساعدونها في مخططاتها الشيطانية، والغرب يعلم أنها محض افتراءات لتبرير التدخل.

 

فغزوها للعراق واحتلاله لم يكن بسبب امتلاكه أسلحة دمار شامل كما يزعمون، أو بسبب النظام الدكتاتوري كما روجت لهذه الكذبة، بل إن السبب كما أسلفنا من ضمن أهداف كثيرة من أهمها تغيير شكل المنطقة تماشياً مع المصلحة الأمريكية، فلقد حطمت بهذا الاحتلال قدرات العراق، وحولته إلى دولة تدور في حلقات فارغة مكتظة بأزمات متتالية، لم تجد إلى الآن مخرجا لها، فها هي ما إن تخرج من أزمة حتى تقع في أخرى.

 

ربما يكون احتلالها للعراق قد فتح لها أبواب تغيرات كثيرة في المنطقة حسب ما تقتضيه مصلحتها، وهذا ما هو حاصل فعلاً اليوم في ظل أجواء المتغير الدولي الحالي. وهنا قد يتبادر إلى أذهاننا سؤال: هل نجحت أمريكا في مخططاتها الشيطانية؟ والجواب: قد يكون من السابق لأوانه الإجابة على هذا السؤال في ظل الأوضاع الحالية، وتشابك المصالح، سواء بين الدول العالمية أو الإقليمية، أو دول المنطقة العربية التي طالها الربيع العربي، والذي حولته أمريكا وغيرها إلى شتاء رمادي.

 

وتبقى الحقيقة التي لا مناص منها أن أمريكا بغزوها للعراق، قد تعرضت لخسائر مادية كبيرة جدا بفضل مقاومة العراقيين لها، ونعود ونسأل: هل نجحت أمريكا في استراتيجيتها هذه؟ والجواب: ربما نجحت في تخريب دول مهمة، وربما نجحت في الصراع بين يهود والعرب، لكن لم تستطع تغيير وعي الشعوب الإسلامية التي ستنتفض يوما ما لتلفظ حكامها الذين سلطهم المستعمر المجرم على رقابها، لتستعيد مجدها الذي طال انتظاره، وهذا الأمر متروك لجميع المسلمين المتطلعين إلى حياة العزة والكرامة، وإلى مدى ارتباطهم بعقيدتهم التي لا تسمح لكرامتهم أن تمتهن في ظل أي قوى دولية مهما كانت، ليبقى حلم مطلب كل الحالمين بعيش كريم، ودولة خالية من أي قوات أجنبية، هو حلم كل مسلم غيور على دينه وأمته.

 

نقول وبالله التوفيق لكل من جاء مع المحتل، إن أمريكا لا تهمها سوى مصلحتها، وإن ما حدث ويحدث مع الأكراد في سوريا (قسد)، إذ انسحبت وتخلت عنهم، وتركتهم يواجهون مصيرهم بين تركيا ويهود، لذلك أقول: أيها المسلمون لا تنخدعوا بكذبة وجود الأمريكان من أجل مصالحكم، أو للقضاء على المليشيات، أو النفوذ الإقليمي (الإيراني). فأمريكا كغيرها من الدول الاستعمارية لا تبحث إلا عن مصالحها، وكذلك هي لا تريد لأي بلد تدخل فيه أن يستعيد عافيته ليحافظ على شعبه، فهذه كلها افتراءات ليس لها واقع.

 

فهذا العراق استطاعت أن تمزقه، وأن توجد فيه طغمة حاكمة نهبته، ومزقته للمحافظة على مصالحها، وهذه الطغمة هي التي تربطه بالمستعمر باتفاقيات شيطانية، وحجج واهية، هدفها تبرير وجود قواتها وزيادة عددها. فهي تستثمر تمدد فصائل الحشد الشعبي في العراق، الذي تدعمه طهران، كعودة للمطالبة بحماية مكونات البلد من خطر المليشيات، حتى تكون هناك رغبة شعبية للمطالبة بالإقليم لضمان السنّة، بعدما ضمن الأكراد وأسسوا موطئ قدم، وفي وسط هذا المشهد سيبقى الحكم الأمريكي متوسط ملعبه متخذاً من وجوده العسكري داخل العراق مكاناً يخطط من خلاله لتمزيق الأمة.

 

لذا يبقى وجود أمريكا مرهوناً بالاتفاقيات التي تنص بصريح العبارة على موافقة العراق على بقاء قواتها داخل العراق، وهذه الحجة تستخدمها واشنطن للتلاعب في بنودها من أجل أن تدخل البلاد ولا تخرج منها.

 

أيها المسلمون المستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها، إن ما تعانونه من ظلم، وبطش وحرمان، هو نتيجة طبيعية سببها إقصاؤنا نظامنا الإسلامي الذي جاء به الرسول ﷺ من عند الله سبحانه، وخضوعنا لشرائع وقوانين الغرب، وهذه لعمري نتيجة طبيعية للذين يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير. فنظامنا الإسلامي الذي عرفته البشرية، وشاهدت عدله، وعاشت في كنفه، وصان الحقوق كان مرهوب الجانب يخافه الكفار ويخشونه، لذلك كان المسلم يعيش في ظل هذا النظام عزيزاً مكرماً آمناً.

 

لذلك يجب علينا أن نرفض أي تدخل، أو وجود للقوات الأجنبية في بلادنا الإسلامية جميعها، وأن لا نرضى بغير تحكيم شرع الله الذي ارتضاه لنا جل جلاله، وأن نعلنها مدوية لا نخشى إلا الله، أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأن العبودية لله خالصة له وحده لا شريك له قولاً وفعلاً لنكسب الدنيا والآخرة، ولينجز الله تعالى وعده لنا، ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع