الإثنين، 28 صَفر 1446هـ| 2024/09/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2018-03-07

 

جريدة الراية: حركة النهضة والانزلاقات الخطيرة

 

 

 

كشف عضو المكتب السياسى لحركة النهضة عماد الخميري في تصريح لموقع "الجريدة" التونسي، الاثنين، 19 شباط/فبراير الماضي، أنه سيتم ترشيح التونسي اليهودي، سيمون سلامة، على رأس إحدى قوائمها في ولاية المنستير معقل المقبور الحبيب بورقيبة، وذلك في الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 6 أيار/مايو القادم. وأضاف الخميري أن هذا الترشيح يعتبر أمرا عاديا في الحركة باعتبار أنها "حزب وطني منفتح على كل التونسيين"، مشيرا إلى أن "الدستور يفتح المجال للتونسيين مهما كانت ديانتهم". كما لم يستبعد أن تقدم النهضة على ترشيح يهود آخرين في المحطات الانتخابية المقبلة خاصة منها التشريعية.

 

وقد شكّلت هذه الخطوة مفاجأة في الوسط السياسي والشعبي التونسي، في حين استقبلته الجالية اليهودية في تونس بارتياح كبير. حيث نقل الإعلامي التونسي منذر بالضيافي عن اليهودي جاكوب بيريز، قوله: "كنت معارضا في الأول لكن تبين الآن أن هذا الحزب (النهضة) ممكن أن نمر معه لاكتساب حقنا الكامل في المواطنة". وفي حوار خاص مع الجزيرة نت أكد المرشح سيمون سلامة أن اقتناعه بمدنية حركة النهضة وفصلها نشاطها السياسي عن الدعوي؛ شجعه للقبول بفكرة الانضمام إلى قائمتها الانتخابية.

 

وقد تزامنت هذه الخطوة مع اعتراض حركة النهضة، وعلى أعلى مستوى على قانون تجريم التطبيع مع كيان يهود، الذي قدمه ثلة من النواب للمصادقة عليه من طرف مجلس النواب.

 

ومع أن حركة النهضة تصنف على أنها حركة إسلامية إلا أنه لا يمكن فهم هذه الخطوات على أنها تندرج في إطار فقه الموازنات الذي درجت عليه الحركة منذ تأسيسها في تبرير مخالفاتها الصريحة لأحكام الإسلام، فهذا التمشي قد تخلت عنه الحركة بشكل رسمي في مؤتمرها العاشر، عندما قال زعيمها الشيخ راشد الغنوشي "نخرج من الإسلام السياسي لندخل في الديمقراطية المُسْلمة. نحن مسلمون ديمقراطيون ولا نعرّف أنفسنا بأننا (جزء من) الإسلام السياسي". أي قطع الصلة مع كل ما يمت للإسلام في الحياة السياسية.

 

وبما أن الجالية اليهودية في تونس لا تتجاوز الألف نسمة ويتركز معظمها في جزيرة جربة، فإن ترشيح سلامة لا يمكن أن يكون من أجل استقطاب يهود أو قاعدتهم الشعبية غير الموجودة أصلا.

 

ما يعني أن ترشيح النهضة ليهودي تونسي في الانتخابات البلدية وعزمها على إشراكهم في الانتخابات النيابية القادمة ليس إلا رسالة إلى الخارج للحصول على رضا الغرب، بعدما تراءى لها أن اللاعب الدولي هو المتحكم في الساحة الداخلية، وأن المشهد السياسي مفروض من الخارج ومن أراد أن يصل للحكم فلا بد له من الحصول على الرضا الغربي، وما التقاء الشيخين بالمسئول الكبير في باريس ليفصل بينهما قبيل انتخابات 2014، وليرسم المشهد السياسي الذي نعيشه ضمن مسرحية التوافقات وضمن عنصر المسرحية الأهم: حياة ديمقراطية تعددية، إلا دليل على ذلك.

 

وطبعا كانت مخرجات المؤتمر العاشر سنة 2016 بفصل الدَّعويّ عن السياسي موجهة بشكل أساسي للاعب الدولي، الذي كان مركزا على ما سيفرزه المؤتمر، وللسبب نفسه تجنب الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ذكر فلسطين في معرض كلمته التي نوه فيها ببلدان عربية وإسلامية وبقضاياها، في خطوة تبلورت فيما بعد في شكل مواقف وأفعال تجلت في أعلى مستوى بالتصدي لتجريم التطبيع مع كيان يهود، واستقر التبرير خاصة فيما عبر عنه نائب رئيس الحركة علي العريض في حوار على جريدة الشروق بأن البلاد في ظروف صعبة وهي ضعيفة والتجريم سيزيد في انهيارها.

 

من هنا ندرك إلى أين تتجه بوصلة حركة النهضة، فهي قد قطعت صلتها مع الإسلام السياسي، ولم تتحرك ضد قرار السبسي في مسألة المساواة في الميراث أو السماح للمرأة المسلمة من الزواج بكافر، وعارضت قانون تجريم التطبيع مع كيان يهود، بل وتغازل هذا الكيان المسخ بترشيح يهود تونس في الانتخابات البلدية وربما التشريعية في وقت لاحق. وبالمقابل تقدم نفسها للغرب كحزب مدني حداثي وكتلميذ مطيع له.

 

إن القبول بهذه السياسة هو دون أدنى شك ترويج للاصطفاف في طابور الأمم الخاضعة للهيمنة الغربية وهي جريمة من أعظم الجرائم التي تعزز هيمنة دول الكفر على بلادنا. وإن نظرة إلى ما آلت إليه الثورة في تونس بعد 7 سنوات من انطلاقها يؤكد أن رهن التغيير بالإرادة الغربية أو على الأقل برضاه يعيد البلاد بعد الثورة إلى ما كانت عليه قبلها.

 

لذلك فإننا نهيب بإخواننا المخلصين في قواعد حركة النهضة الذين شاركونا النضال والسجون والتعذيب والمنافي زمن بورقيبة وبن علي أن يربأوا بأنفسهم عن هذا الطريق الذي سيوردهم موارد الهلاك، ونقول لهم إن حمل الدعوة والذود عن الإسلام، والعمل لإعادته إلى معترك الحياة هو من أعظم واجبات الإسلام، وعلى هذا فإننا ندعوهم للرجوع إلى المرجعية الإسلامية الصحيحة حتى يخرجوا من الفخ الغربي، ندعوهم أن يعودوا إلى رشدهم بتحكيم شرع ربهم، ونذكرهم بقوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.

 

كما ندعوهم أن يلتفوا حول حزب التحرير وهو الحزب الإسلامي العالمي الوحيد الذي لم يتغير منذ نشأته ولم يتنازل عن ثوابت الإسلام ولم يرفع شعارا غير شعارات الإسلام والذي يسير في الطريق الصحيح الموصل إلى استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج الرسول الأعظم e، ومن خلال عدم القبول بأي شكل من الأشكال بالحلول الجزئية من منطلق شرعي يحرم التدرج بالأحكام الشرعية تحت أي ظرف من الظروف، والذي بقي يحمل النهج نفسه منذ أن تأسس على يد الشيخ العلامة تقي الدين النبهاني رحمه الله ولم ينزلق كغيره من الأحزاب والجماعات الإسلامية بمستنقع الحلول الجزئية والدخول في دهاليز البرلمانات والمجالس التشريعية ومن ثم الدخول في أنظمة الحكم العلمانية والمشاركة فيها. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾.

 

بقلم: الأستاذ الدكتور الأسعد العجيلي

 

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع