السبت، 04 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2019-04-03

 

جريدة الراية:

ثورات الجزائر المتجددة

بين مؤامرات الحكام ومطالب المسلمين

 

 

لقد جن جنون النظام في الجزائر بسبب الهزيمة الساحقة التي مني بها الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني)؛ في انتخابات البلديات سنة 1990؛ فوضع قسما من رموز الجبهة في السجون، وقام بتعديلات على قوانين الانتخابات. ورغم المضايقات التي قام بها الحزب الحاكم ضد جبهة الإنقاذ، ورغم التدخلات لصالحه في قوانين الانتخاب، إلا أن الحركة دخلت الانتخابات التشريعية سنة 1991 وفازت بـ 188 مقعدا من أصل 232 مقعدا؛ في حين إن الحزب الحاكم لم يحصل إلا على 12 مقعدا، فجن جنون القوى الغربية وخاصة فرنسا؛ حيث صرح رئيسها فرانسوا ميتران في ذلك الوقت قائلا: (إذا نجح ووصل الأصوليون إلى حكم الجزائر؛ فسوف أتدخل عسكرياً؛ كما تدخل بوش في بنما)... وقد تدخل الجيش الجزائري بإيعاز وتعاونٍ مع الغرب خاصة فرنسا، وألغى نتائج الانتخابات، واعتبر جبهة الإنقاذ جماعة محظورة، وأعلن حرباً مسعورة على الدعاة المسلمين والمؤيدين لهم؛ وكان أسوأ ما في هذه الحرب ما قام به النظام من حملات منظمة؛ بالتعاون مع قوى مسلحة خارجية غربية (فرنسية)؛ بحملات قتل وتصفيات باسم الناشطين المسلمين؛ خاصة أنصار ومؤيدي جبهة الإنقاذ.. وقد كان النظام يلصق هذه الأعمال بالناشطين المسلمين؛ رغم أن كثيرا من الوقائع كانت مفضوحة ومعروفة عند الناس؛ بأن المسلمين لا يقومون بمثل هذه الأعمال، وقد اتضح الأمر، وكشفت الحقائق عندما قام ضباط في الجيش الجزائري بفضح جرائم النظام؛ وكان أبرز هؤلاء الضباط حبيب سويدية؛ حيث ألف كتابا بهذا الخصوص سماه "الحرب القذرة".

 

إن مسألة التآمر على الثورات، وتضليلها سواء أكان في الجزائر، أم في غيرها هو أمر معروف ومشهور ومكشوف في كل العالم الإسلامي. فثورة التحرر الجزائري من عبودية الفرنسيين في بدايات القرن الماضي وأواسطه؛ كانت ذات طابع إسلامي، وكانت الروح القتالية فيها أيضا روحا إسلامية؛ تطمح في الجهاد والاستشهاد، ومقاتلة الكافر المغتصب والتحرر منه. وبعد أن تحررت الجزائر تحايل الكفار الفرنسيون مع بعض القادة ممن نسبوا أنفسهم للثورة والثوار، فقاموا بقلب الموازين، وقطف الثمرة المغموسة بدماء الشهداء الأبرار، بطريقة تخالف فكر الناس وطريقة عيشهم، ثم قاموا بتطبيق القوانين الغربية، بدل الشريعة الإسلامية.

 

واليوم يحاول الاستعمار مرة أخرى قلب الموازين، والتآمر على هذه الثورة العارمة، الرافضة لرموز الاستعمار وللأحزاب المرتبطة به. وإن الناظر في أعمال الحكومة، ومن يقف وراءها من أحزاب علمانية؛ يرى أنها تقوم بالأعمال التالية لإقصاء الإسلام السياسي والجماعات التي تدعو له، ومن يؤيدهم من مخلصين:

 

1- إبراز التيارات الوطنية خاصة الحزب الحاكم، أو الأحزاب اليسارية، في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وفي الوقت نفسه طمس وإقصاء الأحزاب الإسلامية المخلصة، أو الرموز القيادية فيها؛ مع أن هذه الرموز لها تأييد واسع، ورأي عام لأنها تحمل المشروع الإسلامي السياسي.

 

2- إبراز بعض التيارات الإسلامية؛ التي تنادي بالحريات والانفتاح والوسطية؛ على منهج حركة النهضة التونسية؛ وذلك لطمس الأحزاب الإسلامية المخلصة وطمس الدعاة والعلماء المخلصين.

 

3- وصم الإسلام السياسي؛ بأنه (إرهاب) سياسي، وأنه جرّ على الجزائر أعواما سوداء، ولا نريد أن نعود إليها مرة أخرى؛ وذلك من أجل إبقاء موضوع التغيير ضمن دائرة مغلقة؛ هي الدائرة العلمانية، التابعة للغرب أو الحزب الحاكم.

 

4- التخطي عن أسباب الفساد الحقيقية في الجزائر وإلهاء الناس بعمليات انتخابات جديدة؛ يستثنى منها الأحزاب المتطرفة والإسلام السياسي؛ على اعتبار أن الغرب لا يريده، وأنه يجلب على الجزائر العزلة والإقصاء من المجتمع الدولي.

 

5- طرح موضوع المشاركة المؤقتة؛ بإدخال بعض الأحزاب في الحكومة؛ عن طريق مهزلة انتخابات جديدة؛ وذلك بتكرار السيناريو الذي حصل في مصر، ولكن بشكل أوسع وإبقاء أجهزة الجيش والتحكم كما هي، وإبقاء جذور الفساد، حتى إذا استقرت الأمور أعادوا الوضع السياسي رويدا رويدا؛ كما جرى في تونس.

 

وفي الختام نقول: بأن التغيير الحقيقي سواء في الجزائر أو مصر أو تونس أو غيرها لا يكون بالمشاركة لرموز الفساد. ولا يكون بإبقاء القوى العسكرية المتحكمة كما هي؛ متربعة على رأس سلم الأمن والسياسة. ولا بإبقاء الدستور علمانيا ظالما فاسدا؛ لأن كل الدساتير التي لا تستند للإسلام هي ظالمة وفاسدة، ولا بالدخول في انتخابات تحت مظلة القوى العميلة، وإضفاء الشرعية على وجودها بطريقة ملتوية خبيثة ماكرة.

 

إن التغيير الحقيقي يكون أولا بخلع أسباب الفساد والظلم؛ وأولها الزمرة السياسية؛ التي زرعها الاستعمار على رقاب الناس، وبخلع الدستور العلماني الظالم المخالف لدين الناس وطريقة عيشهم، ووضع الدستور الإسلامي موضع التطبيق. وهذا يحتاج إلى الالتفاف حول المخلصين من أبناء الأمة، وخلع كل من سواهم من قوى عميلة وأوساط سياسية باعت نفسها للغرب الكافر.

 

وإننا من هذا المنبر الإسلامي المخلص (جريدة الراية)، نناشد أهلنا وإخواننا في الجزائر فنقول: لا تقبلوا عن الإسلام بديلا سواء بالمشاركة أو المحاصصة أو غير ذلك. ولا تقبلوا ببقاء رموز النظام؛ متربعين على رقابكم؛ سواء في المؤسسة السياسية أو المدنية أو العسكرية. وارفعوا صوتكم عاليا لتغيير الدستور الفاسد الظالم، ولطريقة الانتخاب المنبثقة منه والتي صاغتها أيدي الظلم سنة 1991 لإقصاء المسلمين وإقصاء الإسلام السياسي، واجعلوا عملكم هو لله عز وجل، ومن أجل تطبيق الإسلام، وخذوا الدروس والعبر من غيركم من ثورات، فإنه «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ»؛ كما قال e.

 

نسأله تعالى أن يكرم المسلمين في الجزائر، وفي كل بلاد المسلمين بخلع الفساد وأسبابه أولا، وبحكم الإسلام العادل القويم المستقيم عما قريب.

 

بقلم: الأستاذ حمد طبيب – بيت المقدس

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع