- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2020-04-08
جريدة الراية: كورونا ومعالجات الدولة المدنية في السودان
اتخذت الحكومة الانتقالية خطوات بزعم محاربة فيروس كورونا، أشهرها حظر التجوال؛ حيث أغلقت المحال من الساعة الرابعة عصراً مع استثناءات لبعض المحلات، وفرض حظر كامل للجميع يبدأ عند الساعة السادسة مساء، وحتى السادسة صباحا، ولكن ظلت الدولة عاجزة عن أي خطوات صحية أو اقتصادية لتأمين الناس واطمئنانهم، فارتفعت أسعار السلع والمأكولات بشكل فاحش، وانعدمت سلع أخرى، ولا يزال الناس يقفون صفوفاً طويلة أمام المخابز، حتى ساعات متأخرة من الليل، غير مبالين بحظر التجوال، ولا مرور دوريات الشرطة، وهم في صفوف خبز الرغيف، مما زاد حالة التذمر والامتعاض لدى الناس، هذا فضلا عن صفوف الغاز الطويلة، وأزمة في المواصلات، ليتضح أن الدولة بخطواتها زادت معاناة الناس ولم تؤمنهم، حتى قالت إحدى الأمهات: (إذا خُيرنا بين كورونا والموت جوعا في بيوتنا، حنطلع من أجل لقمة العيش ومرحب بكورونا، لأن كورونا من الله والله قادر يشفينا).
إجابات الأسئلة أدناه تثبت أن الدولة بقراراتها لم يكن همها الأول الناس الذين زاد الضغط عليهم بشكل غير طبيعي، وهذه الأسئلة هي: ما هي الخطوات الصحية والاقتصادية التي تقوم بها الدولة في السودان لمحاربة المرض؟ هل فعلا يوجد أثر للدولة في الأماكن العامة؛ من أسواق ومواقف وطرقات؟ وهل هي تظهر الجدية في حماية الناس وتوعية الناس والقيام بإجراءات احترازية تطمئنك أن الدولة فعلا مهتمة بالموضوع؟!
أليست الحالات المصابة بفيروس كورونا جاءت من خارج السودان؟ فمن المسؤول عن دخول وخروج الناس من البلاد؟ أليس بعض هذه الحالات اكتشفت هكذا مصادفة برغم سماح الدولة لها؟ وهل سيترك الناس أعمالهم ورعاية أولادهم ليحرسوا المطارات والموانئ حتى يطمئن أن الدولة لن يدخلها مصاب آخر؟ هل تُعالج الأمراضُ بالحجر والمراقبة والرعاية واستنفار الكوادر الطبية، والإمكانيات العلاجية، في الأحياء والمدن والقرى، أم بتعطيل الإنتاج وإيقاف عجلة الحياة من زراعة وصناعة وتجارة وغيرها؟ أليست الأمراض سنة كونية، تسير مع سنن الكون وقوانينه فلا هي تعطل الحياة، ولا تقوم الدولة المحترمة بتجويع الناس وحبسهم، ظنا وشكاً أن منهم مرضى ومصابين؟ أليس حظر التجوال مع عدم توفير الاحتياجات الضرورية للناس هو محاربة واضحة لهم وليس لمرض كورونا؟ أليس حظر التجوال سارع في تدمير الاقتصاد وغلاء الأسعار وارتفاع الدولار، وانعدام كثير من السلع الضرورية؟ أليس حظر التجوال ساعد الرأسماليين في احتكار السلع والتلاعب بالأسعار مما شكل ضغطا على أهل البلد؟
بعد الإجابة على هذه الأسئلة، فإن الدولة المحترمة تحتاج إلى فهم وفكر ومنهج لإدارة شؤون البلاد والعباد، وهذا المنهج الأصل أن يكون منسجما مع سنة الكون ومرتبطا بخالقه سبحانه وتعالى؛ الذي فسَّر، وبين، ووضح كل شيء. وهذا لا يمكن أن يكون في الأنظمة الوضعية الديمقراطية التي هي سبب بلاء العالم بتشريعاتها القذرة التي أحلت الشذوذ الجنسي وزواج الأقارب، وشرب المسكرات، وأكل الخبائث، ليبقى العالم كله في هذا الوضع الكارثي... فها هي الدول المدنية العلمانية الديمقراطية تقف عاجزة عن رعاية رعاياها في مثل هذه الكوارث، حتى يقول ترامب عن فيروس كورونا (لم نكن نتوقع هذا العدو)! مما أكد أن دولهم هذه قد قامت فقط على معاداة وقتل المستضعفين من الناس، كما قتلوا المسلمين بالأسلحة النووية والجرثومية في العراق، وإبادة الضعفاء واغتصابهم وسحلهم وسحقهم كما حدث للروهينجا في بورما، والإيغور في الصين، والمسلمين في الهند، والشيشان، وللمسلمين في أفريقيا الوسطى، وغيرها من بلاد العالم، بل منهم من استغل الأزمة ليحقق بها أهدافا أنانية دنيئة، فيهدد الاقتصاد ليتسول بالأزمة ويحقق شروط وتعليمات المؤسسات الاستعمارية؛ صندوق النقد والبنك الدوليين.
إن الحل هو أن تقام دولة على أساس هدي الله وأحكامه وتشريعاته تضع الأمور في نصابها الصحيح وتقيم العدل وتبسط الأمن وترعى شؤون الناس بأحكام الله رب العالمين، فتخلُف النبي e حقيقة في قيادة الناس وإدارة الدولة؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة.
بقلم: الأستاذ محمد جامع (أبو أيمن)
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
المصدر: جريدة الراية