الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2021-05-05

 

جريدة الراية: فاجعة حريق مستشفى ابن الخطيب لن تكون الأخيرة

ما دامت الطغم العميلة الفاسدة تحكم العراق

 

 

إن حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد والمخصص لمرضى كورونا والذي أسفر عن مقتل 82 شخصا وإصابة 110 آخرين حسب ما أعلنت وزارة الداخلية العراقية، ليست الفاجعة الأولى ولن تكون الأخيرة، فهذه الحادثة وأمثالها الكثير تتكرر في هذا البلد الغني بثرواته في ظل حكومة فاسدة هي أبعد ما تكون عن معنى الرعاية، فكثيرا ما تشهد مؤسسات الدولة وخاصة الخدمية منها، بين الحين والآخر حرائق كبيرة يذهب ضحيتها العشرات، وليس حريق الشورجة ببعيد، وعادة ما تبرر هذه الحرائق بوجود تماس كهربائي، ويتم إغلاق التحقيق، وإلى الآن لم يشهد أهل العراق محاسبة فاسد واحد، بل الأدهى من ذلك والأمر هو توظيف هذه المآسي للمصالح الشخصية، وقد قست قلوبهم فهي كالحجارة بل أشد قسوة، فتراهم يهرولون ويتزاحمون لاستغلال أوجاع الناس والمتاجرة بدمائهم، فقام الكثير منهم باستغلال الكارثة للحسابات الانتخابية وتسقيط بعضهم لبعض غير مكترثين بأوجاع الناس وآلامهم!

 

فمنذ هدم الخلافة عام 1924م توالت على هذا البلد أنظمة وحكومات عميلة فاسدة، ولكن لم يشهد العراق أفسد ولا أجرم من هذه الطغمة التي تسلطت على رقاب الناس منذ احتلال البلد عام 2003م وإلى الآن، طغمة أوغلت في قتل الناس وأذاقتهم لباس الجوع والخوف، فالكل خائف من العصابات المجرمة المتفلتة والتي باتت تسيطر على الملف الاقتصادي والأمني وجميعها لها غطاء سياسي، فنُهبت الأموال وجاع الناس وتفشى الفقر وزادت البطالة، وجميع المؤسسات الخدمية متهالكة، فلا مدارس ولا مستشفيات ولا طرق ولا خدمات، واليوم والبلد يعيش هذا المرض الذي اجتاح العالم والكل مستنفر، فإنك ترى المريض في بلد الثروات يفضل الحصول على أسطوانات أكسجين لتلقي العلاج في المنزل، بدلاً من الذهاب إلى المستشفيات.

 

لأجل ذلك فإن الحكومة العراقية تتحمل المسؤولية كاملة أمام الله ثم أمام الناس عن كل هذه الكوارث، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما وعى مقولة رسول الله ﷺ ووضعها نصب عينه كان يخرج إلى أطراف المدينة بعد صلاة الفجر ويمر بكوخ صغير ويدخل به لساعات، ثم ينصرف لبيته وعندما عرف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن داخل هذا الكوخ امرأة عجوز لا تقوى على الحراك، كما أنها عمياء العينين، وأن خليفة المسلمين يأتي كل صباح وينظف البيت ويكنسه ويعد لها الطعام، قال قولته المشهورة "لقد أتعبت كل الخلفاء من بعدك يا أبا بكر".

 

ثم يأتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بعده ويقوم بوظيفة العسس بنفسه لأنه أدرك أن الله سائله عما استرعاه، وقد أخرج الطبري في تاريخه، من طريق ابن وهب قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: "وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ، لَوْ أَنَّ جَمَلا هَلَكَ ضَيَاعاً بِشَطِّ الْفُرَاتِ، خَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهُ عَنْهُ آلَ الْخَطَّابِ".

 

نعم هكذا كان الخلفاء الراشدون وهم بشر مثلنا ليسوا بملائكة ولا أنبياء ولكنهم خافوا الله فيما استرعاهم به فكانوا حجة على من بعدهم.

 

وقد بين الرسول ﷺ أحوال أئمة المسلمين، فعن عوف بن مالك عن رسول الله ﷺ قال: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» رواه مسلم، وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقُولُ في بيتي هَذَا: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» رواه مسلم، وقوله ﷺ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ علَيهِ الجَنَّةَ» متفقٌ عليه.

 

كل هذه النصوص وهذه التحذيرات وضعها حكام زماننا وراء ظهورهم، فلا يمنعهم صراخ المظلومين ولا تردعهم مخافة الله، فهم غرباء عن الأمة، ولا يمتّون لها بصلة، حكام كما وصفهم الرسول الكريم ﷺ لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس.

 

أيها المسلمون في العراق: إن الحل لكل معاناتكم هو بمعالجة سبب المرض، لا أعراضه، إن الحل هو إزالة حالة التناقض بين ما تؤمنون به كأمة، وبين ما تعيشونه ويطبق عليكم من أنظمة، فلا بد من العمل لإعادة بناء الأمة والدولة على أساس عقيدتها، ولا بد من التغيير الجذري، أما محاولات الإصلاح المتكررة التي تقوم بها الحكومة أو ينادي بها الناس، فهي محاولة نفخ الروح في جثة متفسخة، محاولة إيجاد حكومة متماسكة لا أمة ودولة، فهي محاولة تجميل لوليد مشوه فاقد للحكمة والعقل، والواجب على الأمة وأد هذا الوليد وولادة آخر من رحم الأمة تحتضنه وتدافع عنه كدفاع الأنصار عن رسول الله ﷺ ونصرتهم للإسلام، فعندها وعندها فقط تنال الأمة حقوقها وتَنعم في عيشها وتُحفظ أموالها وتُصان أعراضها.

 

نسأله تعالى الفرج والنصر والتمكين في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة.

 

بقلم: الأستاذ مازن الدباغ – ولاية العراق

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع